أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-12-2017
4832
التاريخ: 15-3-2016
15594
التاريخ: 14-3-2016
5992
التاريخ: 16-3-2016
2345
|
نظراً لخطورة إجراء تحليل البصمة الوراثية ، وما يحمله من مساس بالحياة الخاصة أو بالشرف والكرامة في اغلب حالاته ، فقد سعت الدول إلى تنظيم عمل المؤسسات الصحية المختصة بإجراء الفحوصات الوراثية الخاصة بتحليل البصمة الوراثية ، وفي مقدمة هذه الدول الولايات المتحدة الأمريكية التي قامت بإنشاء مؤسسات صحية خاصة بإجراء هذه الفحوصات ونظمت عملها ، وهذا ما عملت به هيأة الكونغرس لتقويم التكنولوجيا المشكلة عام 1990 ، فقد وضعت هذه الهيأة نمطين متميزين من المعايير هما : المعايير التقنية ، التي تتضمن إنشاء المختبرات التي يجري الفحص الوراثي فيها والقواعد التي على أساسها تجري المقارنة بين العينات المأخوذة من الحامض النووي (DNA) والمجال الذي يستعان فيه بأجهزة الكمبيوتر لإجراء الفحوصات اللازمة ، أما المعايير الأخرى فهي المعايير الإجرائية ، التي تشمل جميع المسائل التي تلازم وتعاصر إجراء تلك الفحوصات ابتداءً من المؤسسات الصحية المتخصصة ومرورا بكيفية المحافظة على سرية المعلومات المستخلصة وإجازة الكفاءات البشرية العاملة في تلك المؤسسات(1) . كما تضمن القانون الصادر عام 1993 (DNA Identification Act )، مسألتين مهمتين الأولى : عهد بمهمة تشكيل لجنة استشارية لمكتب التحقيقات الفيدرالية (FBI) والتي من مهامها التطوير الدوري للمعايير التي وضعتها هيأة الكونغرس والمتعلقة باختبارات البصمة الوراثية ، ورفع التوصيات بالتحقق من كفاءة هذه المؤسسات وكوادرها العلمية في إجراء مثل هذه الاختبارات ، والثانية : تقديم الدعم الكافي ، من اجل تطوير عمل المؤسسات المختصة بإجراء تلك الاختبارات ، يضاف إلى ذلك أن هذا القانون ألزم المؤسسات الصحية التي تقوم بإجراء الفحوصات الوراثية بالمحافظة على سرية المعلومات المتحصلة من الفحص، وعدم إفشائها إلا في ثلاث حالات (2) :
وفي فرنسا ، قصر المشرع إجراء هذه الفحوصات على خبراء محددين بعينهم ، وحاصلين على ترخيص خاص بعد استيفائهم الشروط القانونية المنصوص عليها في المرسوم الذي يصدر من مجلس الدولة الفرنسي كما يجب أن تكون أسماؤهم واردة في قائمة الخبراء القانونيين ، إذا ما تعلق الأمر بإجراءات قانونية(3) .
وللحيلولة دون حصول التجاوزات في استخدام الاختبارات البيولوجية (البصمة الوراثية) ، عاقب المشرع الفرنسي بالحبس لمدة سنة واحدة وغرامة مقدارها 100000 فرنك كل من يجري أي من هذه التحاليل دون أن يكون مرخصاً له بإجرائها(4) . وكانت اختبارات البصمة الوراثية في فرنسا حتى عام 1993م تجرى في ثلاثة معامل متخصصة وهي ، معمل (Appligeme) ، ومعمل (Codgeme) ، ومعمل (LCL)(5) إلى أن صدر مرسوم مجلس الدولة الفرنسي رقم (67 – 109) بتاريخ 6 / فبراير عام 1997 ، الخاص بشروط اعتماد الأشخاص الأكفاء لإجراء تحليل البصمة الوراثية(6) ، ومن اجل تحديد هوية الأفراد في إطار الإجراءات الجزائية ، حيث حدد هذا المرسوم الشروط الواجب توافرها في الأشخاص القائمين بالتحليل في الآتي(7) :
وكذلك الحال بالنسبة إلى الدول الأخرى كاليابان وانكلترا والصين واسبانيا ، حيث قامت بإنشاء مؤسسات صحية مرتبطة من ناحية الرقابة والإشراف بالدولة ، فضلاً عن خضوعها لضوابط قانونية تنظيمية ، كما أن هذه الدول ذهبت ابعد من ذلك عن طريق تشكيلها شبكة موحدة للبصمات الوراثية ، وذلك في 17/8/1997 ، وتهدف هذه الشبكة إلى توحيد المعايير التي تحكم الاختبارات الجينية ، وذلك من اجل الاستفادة منها في المجال القانوني والصحي والإحصائي(9) . كما اشترطت التوصية رقم (1 – 92 – R) لعام 1992 الصادرة عن المجلس الأوربي في المبدأ الخامس منها على أنه : "يجب إجراء هذه التحاليل في معامل طبية تابعة لوزارة العدل أو حاصلة على ترخيص بذلك"(10) . أما بالنسبة إلى الدول العربية ، فان البعض منها قامت بإنشاء مؤسسات صحية تقوم بإجراء الفحوصات الوراثية كالإمارات العربية المتحدة ولبنان(11) ، إلا أننا لم نجد معالجة قانونية صريحة تنظم عمل تلك المؤسسات في مجال الفحص الوراثي(12) . ففي مصر ، انشأ مختبر التحليلات الوراثية التابع لوزارة الصحة عام 1995 ، ومقره في القاهرة ، الذي يختص بإجراء الفحص الوراثي ، إلا أن المشرع المصري ، لم يضع نصوصاً قانونية تنظم عمل هذا المختبر من حيث الشروط القانونية التي يستلزم توافرها في العاملين في هذا المختبر ، والتزاماتهم ، وكذلك العقوبات التي تفرض عليهم في حالة مخالفتهم الضوابط القانونية الخاصة بعمل هذا المختبر ، وكيفية خضوع هذا المختبر للرقابة والإشراف من قبل الدولة ، وبما أن البصمة الوراثية تندرج ضمن نطاق الخبرة الطبية(13) ، فإنه يمكن الرجوع إلى المبادئ العامة التي تنظم عمل الخبرة الطبية ، فقد حدد المشرع المصري الشروط الواجب توافرها في الشخص الذي يعين في وظائف الخبرة بالاتي :
كما لابد من التحقق من كفاءة الخبير ومدى صلاحيته للعمل في القسم الذي يعين فيه(14) ، علاوة على ما تقدم فان الخبير يحلف اليمين القانونية(15) .
أما بالنسبة للعراق ، فانه يعد من الدول التي تفتقر لوجود مؤسسات صحية متخصصة في مجال الفحص الوراثي ، وبالرجوع إلى المبادئ العامة التي تحكم الخبرة الطبية ، فان المشرع حدد الشروط الواجب توافرها في الخبير ، وذلك في المادة الرابعة من قانون الخبراء أمام القضاء رقم 163 لسنة 1964 المعدل، إذ نصت على أنه : "يشترط في من يقيد اسمه في جدول الخبراء أ- أن يكون عراقياً . ب- أن يكون حاصلاً على شهادة علمية معترف بها تؤهله للقيام بأعمال الخبرة في فرع الفن الذي يرشح نفسه له ، و يعفى من هذا الشرط الأعضاء الفنيون والمهنيون المنتمون إلى النقابات الفنية والاتحادات المعترف بها والمصارف وغرف التجارة والزراعة والصيارفة المجازون والمعماريون المسجلون لدى أمانة العاصمة والبلديات وغير هؤلاء من ذوي الخبرة المعترف بهم رسمياً في المواضع المتعلقة باختصاصهم أو فنهم أو مهنتهم . جـ- أن يكون حسن السلوك والسمعة جديراًً بالثقة. د- أن لا يكون محكوماً عليه بعقوبة جنائية في جريمة غير سياسية أو بأية عقوبة من اجل فعل ماس بالشرف . هـ- أن لا يكون قد سبق استبعاد اسمه من جدول الخبراء لأي سبب ما". ويلاحظ على المادة السابقة ، أنها حددت شروط الخبير – بصورة عامة – وعليه فانه يمكن إعمال هذه الشروط عندما تحتاج المحكمة إلى إجراء الفحص الوراثي ، وعلاوة على أن الفقرة أ من المادة 69 من قانون أصول المحاكمات الجزائية ، قد نصت على أنه : "أ-يجوز للقاضي أو المحقق من تلقاء نفسه أو بناء على طلب الخصوم أن يندب خبيراً أو أكثر لإبداء الرأي في ما له صلة بالجريمة التي يجري التحقيق فيها" .
كما تضمن قانون الخبراء أمام القضاء في المادة (17) منه على جزاءات تأديبية للمحكمة أن توقعها على الخبير الذي يخالف الشروط السابقة ، وهذه العقوبات هي : التنبيه والإنذار والوقف عن ممارسة العمل لمدة لا تزيد على سنة واستبعاد الاسم من جدول الخبراء نهائياً ، كما أن فرض هذه العقوبات لا يحول دون اتخاذ الإجراءات القانونية بحق المخالف إذا كان لها محل وذلك في المادة ذاتها .
بالإضافة إلى ذلك ، عاقب مشرعنا في المادة (255 / 1) من قانون العقوبات كل من كلف من إحدى المحاكم بأداء عملٍ من أعمال الخبرة وقام بتغيير الحقيقة عمداً بأي طريقة كانت بنفس عقوبة شاهد الزور(16) ، وكذلك المادة (437) من القانون ذاته ، عاقبت بعقوبة الجنحة كل من علم بحكم وظيفته أو مهنته أو صناعته أو فنه أو طبيعة عمله بسر فأفشاه في غير الأحوال المصرح بها قانوناً أو استعمله لمنفعة شخص آخر (17) .
وتأسيساً على ما تقدم ذكره ، فان الرجوع إلى الأحكام المنظمة للخبرة الطبية ، قد لا يفي بالغرض ، لذلك تمنينا على المشرع العراقي الآتي :
- ضرورة أن يكون العاملون (الخبراء) في هذا القسم المستحدث من أصحاب المؤهلات العلمية الخاصة في العلوم البيولوجية ، والوراثة البشرية ، والطبية ، كما يتطلب أن يكون للحاصلين على هذه المؤهلات السابقة خبرات علمية متراكمة ناتجة من التجارب والأبحاث التطبيقية التي مارسوها في مجال البيولوجيا الجزيئية ، من اجل تفادي الأخطاء البشرية الحاصلة في المختبر والتي تؤثر في نتيجة تحليل البصمة الوراثية .
________________
1- د. عمار تركي عطية ، البصمة الوراثية وأثرها في الإثبات الجنائي ، مجلة دراسات قانونية ، يصدرها بيت الحكمة ، العدد 21 ، السنة السادسة ، 2007 ،ص84.
2- المرجع السابق ، ص84 – 85 .
3- إذ نصت المادة السادسة من القانون رقم 657 الصادر عام 1994 على إضافة المادة (6/1) إلى قانون رقم (71 – 498) الصادر في يونيو لسنة 1971 ، والمتعلق بتنظيم عمل الخبراء القانونيين في فرنسا، على أن : "يكون مؤهلاً لإجراء الفحص الجيني لغرض التعرف على هوية الشخص إذ ما تعلق الأمر بإجراءات قانونية كل شخص مسجلاً في القائمة المنصوص عليها في هذا القانون رقم (71 – 498) في المادة الثانية منه ، وحاصلاً على ترخيص بعد استيفاء الشروط التي سيصدر بها مرسوم من مجلس الدولة" . نقلاً عن : د. رضا عبد الحليم عبد المجيد ، مرجع سابق ، ص226 .
4- د. حسني محمود عبد الدايم ، البصمة الوراثية ومدى حجيتها في الإثبات ،ط1، دار الفكر العربي ، الإسكندرية ، 2007 ، ص498 .
5- د. رضا عبد الحليم عبد المجيد ، الحماية القانونية للجين البشري ، الطبعة الثانية ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 2001، ص226 .
6- حدد الفقه الإسلامي شروط خبير البصمة الوراثية بالاتي :
1- الإسلام 2- الحرية 3- المعرفة والإصابة 4- العدد 5- عدم التهمة 6- العدالة 7- الأهلية . وللمزيد من التفاصيل حول شروط خبير البصمة الوراثية في الفقه الإسلامي . انظر : د. اشرف عبد الرزاق ويح ، موقع البصمة الوراثية من وسائل إثبات النسب الشرعية ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 2006 ، ص163 – 176 .
7- د. حسني محمود عبد الدايم ، مرجع سابق ، ص498 – 501 .
8- وقد نصت المادة الأولى من هذا المرسوم على أن : "أنشأت لدى وزير العدل لجنة مكلفة من الأشخاص الأكفاء للقيام بمهام التعرف بالبصمات الوراثية في إطار الإجراءات القضائية ، ويترأس هذه اللجنة قاض من محكمة النقض ، سواء أكان ذلك من خلال ممارسته لمهامه أو بصفة شرفية ، يعين لمدة ثلاث سنوات بقرار من وزير العدل" ، كما تضم هذه اللجنة نوعين من الأعضاء : النوع الأول : أعضاء بموجب وظائفهم وعددهم ستة وهم : مدير القضايا المدنية أو ممثل عنه ، مدير القضايا الجنائية أو ممثل عنه ، المدير العام للشرطة الوطنية أو ممثل عنه ، المدير العام للدرك الوطني أو ممثل عنه ، المدير العام للصحة أو ممثل عنه، المدير العام للتعليم العالي أو ممثل عنه ، والنوع الثاني : أعضاء بحسب كفاءاتهم في مجال بيولوجيا الجزيئات ، وهم أربعة ، عضو من طرف وزير البحث العلمي ، عضو من طرف وزير الصحة ، عضو من طرف وزير الدفاع ، عضو من طرف وزير الداخلية ، نقلاً عن : المرجع السابق ، ص499 هامش رقم (1222) .
9- د. عمار تركي عطية ، مرجع سابق ، ص85 .
10- د. جميل عبد الباقي الصغير ، أدلة الإثبات الجنائي والتكنولوجيا الحديثة ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 2001، ص87 .
11- ففي دولة الإمارات العربية انشأ مركز الدراسات والأبحاث الجينية التابع لوزارة الصحة ومقره في إمارة دبي انشأ عام 1997 ، وفي لبنان فقد انشأ مختبر المباحث العلمية التابع لوزارة العدل ومقره في بيروت الذي تأسس عام 1997، وللمزيد من التفاصيل حول هذه المراكز والنشاطات العلمية التي تقوم بها . انظر : د. عمار تركي عطية ، مرجع سابق ، ص109 ، هامش رقم 37 .
12- د. رضا عبد الحليم عبد المجيد ، مرجع سابق ، ص230 .
13- د. عمار تركي عطية ، البصمة الوراثية وأثرها في الإثبات الجنائي ، مجلة دراسات قانونية ، يصدرها بيت الحكمة ، العدد 21 ، السنة السادسة ، 2007، ص85 .
14- انظر : المادة (18) من مرسوم تنظيم الخبرة أمام جهات القضاء المصري رقم 96 لسنة 1952 .
15- انظر : المادة (86) من قانون الإجراءات الجنائية المصري .
16- إذ نصت على أن : "يعاقب بنفس عقوبة شاهد الزور : 1- كل من كلف من إحدى المحاكم أو الجهات المذكورة في المادة 251 بأداء أعمال الخبرة أو الترجمة فغيَّر الحقيقة عمداً بأي طريقة كانت" .
17- فقد نصت على إن : "يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين وبغرامة لا تزيد على مائتي دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من علم بحكم وظيفته أو مهنته أو صناعته أو فنه أو طبيعة عمله بسر فأفشاه في غير الأحوال المصرح بها قانوناً " . انظر أيضاً : هامش رقم (2) ، ص42-43 من الرسالة بشأن قرارات إلغاء الغرامة البدلية وإعادة العمل بها وتعديل أقيام الغرامات .
18- انظر : (الفقرة ثانياً / المادة 2) من قانون الطب العدلي .
|
|
دور في الحماية من السرطان.. يجب تناول لبن الزبادي يوميا
|
|
|
|
|
العلماء الروس يطورون مسيرة لمراقبة حرائق الغابات
|
|
|
|
|
ضمن أسبوع الإرشاد النفسي.. جامعة العميد تُقيم أنشطةً ثقافية وتطويرية لطلبتها
|
|
|