أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-11-2014
1257
التاريخ: 27-11-2014
1629
التاريخ: 18-11-2014
1458
التاريخ: 17-10-2014
1921
|
قد ينسب الى الكليني القول بتحريف القرآن بدعوى اعتقاده بصدور ما رواه عن المعصومين (عليهم السلام) ، لكن هذه الدعوى غير تامّه فالنسبة غير صحيحة ، إذ أن الكليني لم ينصّ في كتابه على اعتقاده بذلك أصلاً ، بل ظاهر كلامه يفيد عدم جزمه به ، وإليك نصّ عبارته في المقدّمة حيث قال : فاعلم يا أخي ـ أرشدك الله ـ أنّه لا يسع أحداً تمييز شيء مما اختلف الرواية فيه عن العلماء (عليهم السلام) برأيه إلاّ على ما أطلقه العالم (عليه السلام) بقوله : أعرضوها على كتاب الله فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالف كتاب الله فردّوه. وقوله (عليه السلام) : دعوا ما وافق القوم ، فإنّ الرشد في خلافهم ، وقوله (عليه السلام) : خذوا بالمجمع عليه ، فإن المجمع عليه لا ريب فيه.
ونحن لا نعرف من جميع ذلك إلاّ أقلّه ، ولا نجد شيئاً أحوط ولا أوسع من ردّ علم ذلك كلّه إلى العالم (عليه السلام) ، وقبول ما وسع من الأمر فيه بقوله (عليه السلام) : بأيما أخذتم من باب التسليم وسعكم.
وقد يسّر الله ـ وله الحمد ـ تأليف ما سألت ، وأرجو أن يكون بحيث توخيت » وأشار بقوله هذا الأخير إلى قوله سابقاً :
« وقلت : إنك تحبّ أن يكون عندك كتاب كاف يجمع فيه من جميع فنون علم الدين ».
هذا كلامه ـ يرحمه الله ـ وليس فيه ما يفيد ذلك ، لأنه لو كان يعتقد بصدور جميع أحاديثه ـ لما أشار في كلامه إلى القاعدة التي قررها أئمة أهل البيت (عليهم السلام) لعلاج الأحاديث المتعارضة ، وهي عرض الأحاديث على الكتاب والسنّة ، كما أشرنا إلى ذلك من قبل.
واستشهاده ـ رحمه الله ـ بالرواية القائلة بلزوم الأخذ بالمشهور بين الأصحاب عند التعارض دليل واضح على ذلك ، إذ هذا لا يجتمع مع الجزم بصدور الطرفين عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أو الامام (عليه السلام).
وقوله ـ رحمه الله ـ بعد ذلك : « ونحن لا نعرف من جميع ذلك إلاّ أقله ، ولا نجد شيئاً أحوط ولا أوسع من ردّ علم ذلك كلّه إلى العالم (عليه السلام) » ظاهر في عدم جزمه بصدور أحاديث كتابه عن المعصوم (عليه السلام).
نعم قد يقال : إنّ أحاديث « الكافي » إن لم تكن قطعية الصدور فلا أقل من صحتها إسناداً ، ذلك لأنّ مؤلّفه قد شهد ـ نتيجة بذله غاية ما وسعه من الجهد في التحري والإحتياط .
بصحّة جميع أحاديث كتابه حيث قال في المقدمة : « وقلت : إنك تحب أن يكون عندك كتاب كاف يجمع من جميع فنون علم الدين ما يكتفي به المتعلّم ، ويرجع إليه المسترشد ويأخذ منه من يريد علم الدين والعمل به بالآثار الصحيحة عن الصادقين (عليهم السلام) ، والسنن القائمة التي العمل بها يؤدّى فرض الله عزّ وجلّ وسنة نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) ».
فإن ظاهر قوله « بالآثار الصحيحة عن الصادقين (عليهم السلام) » إعتقاده بصحّة ما أورده في كتابه.
ولكنّ هذا ـ بغض النظر عما قالوا فيه (1) ـ لا يستلزم وثوق الشيخ الكليني بدلالة كلّ حديث موجود في كتاب حتى ينسب إليه ـ بالقطع واليقين ـ القول بمداليل جميع رواياته ، ويؤكد هذا قوله : « ونحن لا نعرف من جميع ذلك » بل ويؤكّده أيضاً ملاحظة بعض أحاديثه.
توضيح ذلك : أنّه ـ رحمة الله ـ روى ـ مثلاً ـ أحاديث في كتاب الحج من فروعه تفيد أنّ الذبيح كان ( إسحاق ) لا ( إسماعيل ) ، ومن تلك الأحاديث ما رواه عن أحدهما (عليهما السلام) : « وحج إبراهيم (عليه السلام) هو وأهله وولده ، فمن زعم أن الذبيح هو إسحاق فمن هاهنا كان ذبحه ».
قال الكليني : « وذكر عن أبي بصير أنّه سمع أبا جعفر وأبا عبدالله (عليهما السلام) يزعمان أنّه إسحاق. فأمّا زرارة فزعم أنّه إسماعيل » (2).
قال المحدّث المجلسي : « وغرضه ـ رحمة الله ـ من هذا الكلام رفع الإستبعاد عن كون إسحاق ذبيحاً ، بأنّ إسحاق كان بالشام والذي كان بمكة إسماعيل ، فكون إسحاق ذبيحاً مستبعد.
فدفع هذا الإستبعاد بأنّ الخبر يدلّ على أن ابراهيم (عليه السلام) قد حجّ مع أهله وولده ، فيمكن أن يكون الأمر بذبح إسحاق في هذا الوقت » (3).
وروى ـ رحمه الله ـ في خبر طويل عن أبي جعفر وأبي عبدالله (عليهما السلام) :
« ... قال : فلما قضت مناسكها فرقت أن يكون قد نزل في ابنها شيء ، فكأني أنظر إليها مسرعة في الوادي واضعة يدها على رأسها وهي يقول : رب لا تؤاخذ بما عملت بامّ إسماعيل.
قال : فلما جاءت سارة فأخبرت الخبر قامت الى إبنها تنظر فإذا أثر السكين خدوشاً في حلقه ، ففزعت واشتكت ، وكان بدء مرضها الذي هلكت فيه » (4).
قال المحدّث الفيض الكاشاني هنا : « يستفاد من الخبر أن الذبيح إسحاق ، لأن سارة كانت أمّ إسحاق دون إسماعيل ، ولقولها : لا تؤاخذني ... » (5).
وروى ـ رحمة الله ـ في باب المشيئة والإرادة من كتاب التوحيد عن أبي الحسن (عليه السلام) في حديث قوله : « وامر إبراهيم أن يذبح إسحاق ولم يشأ أن يذبحه ، ولو شاء لما غلبت مشيئة إبراهيم مشيئة الله تعالى » (6).
قال السيد الطباطبائي في حاشية : « وهو خلاف ما تضافرت عليه أخبار الشيعة ».
فهل هذا الأحاديث صحيحة في رأي الشيخ الكليني؟ وإذا كانت صحيحة ـ بمعنى الثقة بالصدور ـ فهل يثق ويعتقد بما دلّت عليه من كون الذبيح إسحاق؟ وإذا كان كذلك فماذا يفعل بالأحاديث التي رواها وهي دالة على كونه إسماعيل؟ وهب أنّه من المتوقّفين في المقام ـ كما قال المجلسي في نهاية الأمر ـ فهل يلتئم هذا مع الإلتزام بالصحّة في كلّ الأحاديث؟
ونتيجة البحث في هذه الجهة : عدم تمامية نسبة القول بالتحريف إلى الكليني إستناداً إلى عبارته في صدر « الكافي ».
جواز نسبة القول بعدم التحريف إليه
وبعد ، فإن من الجائز نسبة القول بعدم التحريف إلى الشيخ الكليني (رحمه الله) لعدة وجوه :
1 ـ إنّه كما روى ما ظاهره التحريف فقد روى ما يفيد عدم التحريف بمعنى الإسقاط في الألفاظ ، وهو ما كتبه الإمام (عليه السلام) إلى سعد الخير « وكان من نبذهم الكتاب أن اقاموا حروفه وحرّفوا حدوده ، فهم يروونه ولا يرعونه ، والجهال يعجبهم حفظهم للرواية ، والعلماء يحزنهم تركهم للرعاية » الحديث. وقد استدلّ به الفيض الكاشاني على أنّ المراد من أخبار التحريف هو تحريف المعاني دون الألفاظ ، فيكون هذا الخبر قرينة على المراد من تلك الأخبار. ولو فرضنا التعارض كان مقتضى عرض الخبرين المعارضين على الكتاب ـ عملاً بالقاعدة التي ذكرها الكليني ، ولزوم الأخذ بالمشهور كما ذكر أيضاً ـ هو القول بعدم وقوع التحريف في القرآن.
2 ـ إنّ عمدة روايات الكليني الظاهرة في التحريف تنقسم إلى قسمين :
الأول ـ ما يفيد اختلاف قراءة الأئمة مع القراءة المشهورة.
الثاني ـ ما ظاهره سقوط أسماء الأئمة ونحو ذلك.
أما القسم الأول فخارج عن بحثنا.
وأما القسم الثاني ـ فمع غض النظر عن الأسانيد ـ فكلّه تأويل من أهل البيت (عليهم السلام) ، والتأويل لا ينافي التفسير ، وإرادة معنى لا تضاد إرادة معنى آخر ، وقد روى الكليني ما هو صريح في هذا الباب عن الصادق (عليه السلام) في قول الله عزّ وجلّ : {وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ} [الرعد : 21] : « إنّها نزلت في رحم آل محمد. وقد يكون في قرابتك ـ ثم قال ـ ولا تكوننّ ممن يقول في الشيء أنّه في شيء واحد ».
ومقتضى القواعد التي ذكرها الكليني أن لا يؤخذ بظواهر الأخبار من القسم الثاني.
3 ـ إنّ كلمات الأعلام والأئمة العظام من الشيعة الإمامية ـ كالصدوق والمفيد والمرتضى والطبرسي ـ الصريحة في أن المذهب هو عدم التحريف ، وان القائلين بالتحريف شذاذ من « الحشوية » ، تقتضي أن لا يكون الكليني قائلاً بالتحريف ، لا سيمّا كلام الصدوق الصريح في « أن من نسب إلينا ... فهو كاذب ». وإلاّ لم يقولوا كذلك ، إذ لم ينسوا شأن الكليني وعظمته في الطائفة.
4 ـ إنّ دعوى الإجماع من جماعة من أعلام الطائفة ـ كالشيخ جعفر كاشف الغطاء وغيره ـ ترجّع القول بأن الكليني من نفاة التحريف ، وإلاّ لما ادّعوه مع الإلتفات إلى شخصية الكليني.
5 ـ إنّ الكليني رحمة الله روى الأخبار المفيدة للتحريف في ( باب النوادر ) ، ومن العلوم أنّ النوادر هي الأحاديث الشاذة التي تترك ولا يعمل بها كما نص على ذلك الشيخ المفيد (7).
وعن الشيخ في التهذيب بعد حديث لحذيفة : « إنّه لا يصلح العمل بحديث حذيفة ، لأن متنه لا يوجد في شيء من الأصول المصنّفة بل هو موجود في الشواذ من الأخبار ».
ثم إن الشيخ المامقاني بعد أن أثبت الترادف بين « الشاذ » و « النادر » عرّف الشاذ بقوله : « وهو على الاظهر الأشهر بين أهل الدراية والحديث هو ما رواه الثقة مخالفاً لما رواه الجماعة ولم يكن له إلاّ إسناد واحد » (8).
فجعله تلك الأحاديث تحت العنوان المذكور يدل على تشكيكه بصحتها وطرحه لها. قال السيّد محمد تقي الحكيم : « ولعل روايتها في ( النوادر ) من كتابه دليل تشكيكه بصدورها ورفضه لها ، وكأنّه أشار بذلك لما ورد في المرفوعة من قوله (عليه السلام) : دع الشاذ النادر » (9).
وقال السيّد حسين مكي العاملي : « ولأجل ما هي عليه من الضعف وندرتها وشذوذها وغرابتها مضموناً جعلها الإمام الكليني من الأخبار الشاذّة النادرة ، فسطرها تحت عنوان ( باب النوادر ). وهذا دليل على أنّه خدش في هذه الأخبار وطعن فيها ولم يعتبرها ، إذ لم يغب عن ذهنه ـ وهو من أكابر أئمة الحديث ـ ما هو معنى النادر الشاذ لغة وفي اصطلاح أهل الحديث.
فالحديث الشاذ النادر عندنا ، معشر الإمامية الإثني عشرية ، هو الحديث الذي لا يؤخذ به ، إذا عارضه غيره من الروايات المشهورة بين أهل الحديث أو خالف مضموناً ، كتاباً أو سنّة متواترة أو حديثاً مشهوراً بين أهل الحيدث ... ».
قال : « وأما البحث في حكم النادر الشاذ من الأحاديث فهو : أنّه إذا خالف الكتاب والسنّة أو كان صحيحاً في نفسه ، ولكنه معارض برواية أشهر بين الرواة لا يعمل به ، كما قرره علماؤنا ... » (10).
__________________
(1) مفاتيح الاصول ، معجم رجال الحديث ، وغيرهما ، وقد جاء في المفاتيح : 332 عن المحدث الجزائري وغيره التصريح بأنّه ليس في كلام الكليني ما يدلّ على حكمه بصحة أحاديث كتابه.
(2) الكافي 4 : 205 ـ 206.
(3) مرآة العقول 3 : 256 ، بحار الأنوار 12 : 135.
(4) الكافي 4 : 208 ـ 209.
(5) الوافي 1 : 548.
(6) الكافي 1 : 151.
(7) معجم رجال الحديث 1 : 45 ، مقباس الهداية : 45.
(8) مقباس الهداية : 45.
(9) الاصول العامّة المقارن : 110.
(10) عقيدة الشيعة في الإمام الصادق (عليه السلام) : 165.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|