أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-3-2022
2534
التاريخ: 8-4-2017
2876
التاريخ: 10-12-2014
4182
التاريخ: 2024-09-09
272
|
إنَّ الحديث بتفصيل هذه الوقائع وعن تكتيكات هذه الحوادث التاريخيّة خارج عن إطار هذه الدراسة بيد أننا ـ مع ذلك ـ نعمد إلى بيان أسباب هذه الحروب الّتي شارك في إحداها رسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) بناء على رواية بعض المؤرخين وحوادثها على نحو الاجمال بغية اطلاع القارئ الكريم.
كانت العرب تقضي عامها كله بالقتال والاغارة وقد تسبب هذا الوضع في اختلال حياتهم واضطراب اُمورهم ولأجل هذا كانوا يحرّمون القتال ويتوقفون عنه في أربعة أشهر من كل عام ( هي شهر رجب ذو القعدة ذو الحجة محرم ) ليتسنى لهم ـ في هذه المدة ـ أن يقيموا أسواقهم ويستغلّوها بالكسب والتجارة والبيع والشراء .
ولهذا كانت أسواق عكاظ و مجنَّة و ذو المجاز تشهد طوال هذه الاشهر الحرام اجتماعات كبرى وتجمعات حافلة وحاشدة كان يلتقي فيها العدوّ والصديق جنباً إلى جنب يتبايعون ويتفاخرون.
فقد كان شعراء العرب المشهورون يلقون قصائدهم في هذه الاجتماعات الكبرى كما يلقي كبارُ خطباء العرب وفصحاؤهم خطباً قوية وأحاديث في غاية الفصاحة والبلاغة وكان اليهودُ والنصارى والوثنيون يعرضون معتقداتهم في هذه المناسبات من دون خوف أو وجل.
ولكنَ هذه الحرمة قد هُتكت أربعَ مرات في تاريخ العرب وتقاتلت القبائلُ العربية فيما بينها في هذه الأشهر الحرم ولهذا سُمِّيت تلك الحروب بحروب الفجار وفي ما يلي نشير إليها على نحو الاجمال :
الفِجارُ الأوَّل :
ووقعت الحربُ فيها بينَ قبيلتي كنانة و هوازن وجاء في سبب نشوب هذه الحرب أن رجلا يدعى بدر بن معشر كان قد أعدَّ لنفسه مكاناً في سوق عكاظ يحضر فيه ويذكر للناس مفاخره فوقف ذات مرة شاهراً سيفه يقول : أنا واللّه أعزُّ العرب فمن زعم أنه أعزّ منّي فليضربها بالسيف.
فقام رجلٌ من قبيلة اُخرى فضرب بالسيف ساقه فقطعها فاختصم الناس وتنازعت القبيلتان ولكنهما اصطلحتا من دون أن يُقتل أحدٌ .
الفِجار الثّاني :
وكان سببه أن فتية من قريش قعدوا إلى أمرأة من بني عامر وهي جميلة عليها برقع فقالوا لها : إسْفري لننظر إلى وجهِك فلم تفعلْ فقام غلامٌ منهم فجمع ذيل ثوبها إلى ما فوقه بشوكة فلما قامت انكشف جسمُها فضحكوا فصاحت المرأة قومها فأتاها الناسُ واشتجروا حتّى كاد ان يكون قتالٌ ثم اصطلحوا وانفضُّوا بسلام.
الفِجارُ الثالِث :
وسببه أن رجلا من كنانة كان عليه دَيْنٌ لرجل من بني عامر وكان الكناني يماطل فوقع شجارٌ بين الرجل واستعدى كل واحد منهما قبيلته فاجتمع الناسُ وتحاوروا حتّى كاد يكونُ بينهم القتالُ ثم اصطلحوا.
الفِجارُ الرابع :
وهي الحرب الّتي ـ قيل أنه ـ شارك فيها النبيّ الكريم (صـلى الله علـيه وآله).
ولقد ادّعى البعض انه (صـلى الله علـيه وآله) كان يومذاك في الخامسة عشرة أو الرابعة عشرة من عمره.
وقال بعضٌ : انه كان في العشرين من عمره وحيث أن هذه الحرب قد استمرت أربع سنوات. لهذا يمكن أن تكون جميع هذه الاقوال صحيحة .
وقيل في سببه : أن النعمان بن المنذر ملك الحيرة كان يبعث إلى سوق عكاظ في كل عام بضاعة في جوار رجل شريف من أشراف العرب يُجيرها له حتّى تباع هناك ويشتري بثمنها من أقمشة الطائف الجميلة المزر كَشة ممّا يحتاج إليه فأجارها عروة الرجال الهَوازني في تلك السنة ولكن البراض بن قيس الكناني انزعج لمبادرة عروة إلى ذلك فشكاه عند النعمان بن المنذر ولم يجد اعتراضه وشكواه فحسد على عروة حسداً شديداً فتَربَّص به حتّى غدر به في اثناء الطريق وبذلك لطّخ يده بدم هوازني.
وكانت قريش يومذاك حليف كنانه وقد اتفق وقوعُ هذا الأمر يوم كانت العرب مشغولة بالكسب والتجارة في سوق عكاظ فأخبر رجل قريشاً بمقتل الهوازنيّ على يد الكنانيّ ولهذا عرفت قريش وحليفتها بنو كنانة بالأمر قبل هوازن وأسرعوا في الخروج من عكاظ وتوجهوا نحو الحرم ( والحرم هو اربعة فراسخ من كل جانب من مكة وكانت العرب تحرّم القتال في هذه المنطقة ) ولكن هوازن علمت بذلك فلاحقت قريشاً وحليفتها فوراً وادركتهم قبل الدخول في الحرم فوقع بينهم قتال ولما جنّ الليل كفّوا عن الحرب فاغتنمت قريش وحليفتُها فرصة الليل وواصلت حركتها باتجاه الحرم المكي وبذلك نجت من خطر العدو.
ومنذ ذلك اليوم كانت تخرج قريش وحليفتها من الحرم بين الفينة والاخرى وتقاتل هوازن وقد شارك النبي (صـلى الله علـيه وآله) في بعض تلك الأيام مع أعمامه على النحو الّذي مرّ بيانه.
وقد استمر الامر على هذه الحال مدة أربع سنوات حتّى ان وُضعَت نهاية
لهذه الحرب الطويلة بدفع قريش لهوازن دية القتلى الذين كانوا يزيدون على قتلى قريش على يد هوازن .
وقد أسلفنا أن تحريم القتال في الأشهر الحرم كانت له جذورٌ دينية وحيث أن حرب الفجار استمرت أربع سنوات فيمكن أن يكون لمشاركة النبي (صـلى الله علـيه وآله) فيها وجهاً وجيهاً وهو الدفاع خاصة انه لما سئل (صـلى الله علـيه وآله) عن مشهده يومئذ فقال : ما سَرّني أنّي أَشْهدهُ إنَّهُمْ تَعَدَّوْا عَلى قَومي عرضوا ( اي قريش ) عَلَيْهم ( اي على هوازن ) أنْ يَدْفعُوا إلَيْهِم البرّاض صاحِبَهُمْ ( اي الّذي قتل عروة ) فأَبُوا .
ويحتمل أن تكون مشاركته (صـلى الله علـيه وآله) في غير الأشهر الحرم بناء على استمرار هذه الحروب مدة اربعة اعوام وإنما سميت مع ذلك بالفجار لأن بدايتها وافقت الأشهر الحرم لا أنّها وقعت بتمامها في الأشهر الحُرم.
وبذلك لا يبقى مجال لأن تُسْتَبْعَد مشاركة النبيّ (صـلى الله علـيه وآله) في بعض أيام تلك الحرب.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|