أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-4-2017
1116
التاريخ: 9-08-2015
1129
التاريخ: 11-3-2018
1296
التاريخ: 23-11-2016
888
|
هذا الخبر مما استدل به الشيعة على إمامة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وتكلم في الدلالة من أنكر ، ولم يتكلم في السند ، وصرح جمع بتواتره والظاهر معهم ، ولو سلم عدم التواتر لا يخفى كونه من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، بقرينة نقل العامة والخاصة ، وعدم إنكار منكري إمامته ( عليه السلام ) ، مع غاية اهتمامهم في إنكار ما يمكن إنكاره ، ولم يذكروا عدم صدوره عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بعنوان التجويز والاحتمال ، إلا بعض المنكرين الذين لا يبالون بما قالوا ، مثل شارح التجريد فإنه منع التواتر ، لكن لم يقدر على منع الصحة لغاية الفصاحة .
روى ابن الأثير في جامع الأصول ، من صحيح البخاري ومسلم والترمذي ، عن سعد بن أبي وقاص ، أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) خلف علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) في غزوة تبوك ، فقال : يا رسول الله تخلفني في النساء والصبيان ؟ فقال : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي .
وعن الترمذي أنه قال لعلي : أنت مني بمنزلة هارون من موسى .
وفي رواية عن جابر أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قال لعلي : أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي .
ومن صحيح مسلم والترمذي ، عن سعد بن أبي وقاص ، أن معاوية أمر سعدا ، فقال له : ما يمنعك أن تسب أبا تراب ؟ فقال : أما ذكرت ثلاثا قالهن له رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فلن أسبه ، لأن يكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم ، سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول له وقد خلفه في بعض مغازيه ، فقال علي : يا رسول الله خلفتني مع النساء الخبر مثل ما تقدم لسعد ، لكن هاهنا : إلا أنه لا نبوة بعدي الخبر (1) .
اعلم أن الروايات تدل على تكرر إخبار رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بهذه المنزلة الجليلة ، منها : ما رواه الفاضل النبيل يحيى بن الحسن بن البطريق ( رحمه الله ) في العمدة ، من مناقب أمير المؤمنين ( عليه السلام ) تصنيف الفقيه أبي الحسن علي بن محمد الخطيب الشافعي المعروف بابن المغازلي ، بإسناده عن أنس ، قال : لما كان يوم المباهلة وآخى النبي ( صلى الله عليه وآله ) بين المهاجرين والأنصار ، وعلي واقف يراه ويعرف مكانه ، ولم يواخ بينه وبين أحد ، إلى أن قال : فقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : ما يبكيك يا أبا الحسن ؟ قال : واخيت بين المهاجرين والأنصار يا رسول الله وأنا واقف تراني وتعرف مكاني لم تواخ بيني وبين أحد ، قال : ادخرتك لنفسي ، أما يسرك أن تكون أخا نبيك ؟ قال : بلى يا رسول الله أنى لي بذلك ، فأخذ بيده وأرقاه المنبر ، فقال : اللهم إن هذا مني وأنا منه إلا أنه بمنزلة هارون من موسى .
ومنها : ما رواه من مناقب ابن المغازلي بإسناده ، عن حذيفة بن أسيد الغفاري ، في سد الأبواب غير باب علي ( عليه السلام) إلى أن قال ، ونفس ذلك رجال على علي ، فوجدوا في أنفسهم ، فتبين فضله عليهم وعلى غيرهم من أصحاب النبي ( صلى الله عليه وآله ) فقام خطيبا، فقال : إن رجالا يجدون في أنفسهم في أن أسكن عليا في المسجد ، والله ما أخرجتهم ولا أسكنته، إن الله عز وجل أوحى إلى موسى وأخيه {أَنْ تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ } [يونس: 87] وأمر موسى أن لا يسكن مسجده ولا ينكح فيه ولا يدخله إلا هارون وذريته ، وإن عليا بمنزلة هارون من موسى وهو أخي دون أهلي ، ولا يحل مسجدي لأحد ينكح فيه النساء إلا علي وذريته ، فمن أساء فهاهنا ، وأومأ بيده نحو الشام انتهى .
أيها اللبيب الطالب للنجاة انظر بعين البصيرة والرشاد إلى أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لما رأى حسد رجال على أمير المؤمنين ( عليه السلام ) دعاه تحد به على الحاسد والمحسود إلى بيان سبب الاختصاص ، حتى يتركوا الحسد الذي يضر الحاسد آجلا ، ولا يدعوهم إلى إيذاء المحسود عاجلا ، فكيف لم يبين ( صلى الله عليه وآله ) أمر الخلافة وأبهمها ، ولم يبعث تعطفه على أهل بيته والأمة إلى أن يبين أمر الخلافة الذي في إهماله المفاسد الواضحة التي لا نسبة لها إلى ما تعرض لدفعه .
وانظر إلى أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) كان حسد الناس على أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ثقيلا عليه ، فكيف كان حال من أراد إحراق بيت كان هو مع فاطمة والحسنين ( عليهم السلام ) فيه وفعل بهم ما ستسمعه ، فأي متانة ووثاقة للإمامة التي لا تختل ولا تنهدم بأمور يمكن أن يهدم أحدها تلألأ ساطعة وجبالا شاهقة " منه " .
وجه الدلالة : على ما يظهر من كلام بعض العلماء ( رحمه الله ) مع تقريب وتكميل مني ، أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله) أثبت لأمير المؤمنين ( عليه السلام ) منزلة هارون من موسى ، واستثنى منها منزلة النبوة ، فيفهم منه إرادة عموم المنازل ، لأنه إما أن أراد بقوله " بعدي " بعد وفاتي ، أو بعد نبوتي ، فعلى الأول دلالة الخبر على المقصود ظاهرة ، وعلى الثاني يندرج بعد الوفاة في عموم اللفظ ، لعدم تقييده " بعدي " مريدا به بعد نبوتي بما يقتضي انقضائه بالوفاة ، بل إرادة العموم ظاهرة ، ولا أظن أحدا يقول بأن مقصوده ( صلى الله عليه وآله ) لا نبي بعد نبوتي إلى الوفاة .
وينتفي احتمال إرادة منزلة معهودة باستثناء منزلة النبوة ، وجعل إضافة المنزلة إلى هارون للعهد ، وجعل الاستثناء منقطعا لا وجه له ، إلا أن يقال : وإن كانت المنزلة المثبتة منزلة معهودة هي خلافته ( عليه السلام ) في زمان الغيبة ، لكن لما كان مظنة أن يتوهم اشتراكه (عليه السلام) مع هارون في النبوة ، فاستثناه دفعا لهذا التوهم ، ولا يخفى وهنه ، لأنه لا يتوهم نبوته ( عليه السلام ) حتى يحسن الدفع لظهور ختم النبوة به ( صلى الله عليه وآله ) في ذلك الزمان أيضا ، ولم لم يدفع ( صلى الله عليه وآله ) توهم إرادة العموم أو كان المقصود هو العهد؟ مع كونه ظاهر الحاجة إليه ، وبالجملة نسبة مثل هذا الاحتمال لا تليق بكلام من يظن منه أدنى معرفة بأسلوب التكلم ، فكيف ينسب إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ؟
لا يقال : احتمال العموم لا يحتاج إلى الدفع ، لأن خصوص مورد الخبر كما ظهر من النقل ، أو ارجوفة المنافقين كما جوزها بعض يدفعه .
لأنا نقول : من أن خصوص المورد لا يخصص اللفظ ، وحكاية الارجوفة في غاية الضعف ، لأنه لم يستند إلى نقل معتمد ، كما ذكره السيد ، وعدم شيوع النقل وعدم استناده إلى سند معتبر مع تعلق غرضهم به واهتمامهم في تقوية أمثال تلك الاحتمالات يدل على العدم وإن لم نحتج إلى بيانه .
فإن قلت : يجب إثبات ما يمكن إثباته من منازل هارون لأمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، والإمامة ليست من منازل هارون .
قلت : من جملة منازله منزلة الأولوية بأمور الأمة ، ووجوب الإطاعة ، وهذه المنزلة في غير النبي هي الإمامة . وعدم بقاء هارون بعد موسى ( عليه السلام ) لا يضر هنا ، لأن منزلته من موسى ( عليه السلام ) في وجوب الإطاعة كانت منزلة لا تحتمل الارتفاع على تقدير البقاء من غير بيان كمال فائق حصل لآخر يوجب مزيته ببيان موسى ، أو بالمعجزة ، أو باعتراف هارون الذي علم صدقه في الأمور بالنبوة ، وفي حكاية السقيفة وسيرة الصحابة دلالة واضحة على خلو الواقعة عنها .
ومنع عموم المنزلة لاحتمال كون بعض منازل هارون على تقدير البقاء صيرورته صاحب شرع مطاع بالأصالة لا بالنيابة ، وامتناع هذا بالنسبة إلى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) لا ينافي (2) ثبوت منزلة النيابة والخلافة له مع بقاء الحال بلا تغيير ، وهو كاف لنا ، ولا ينافي احتمال أمر يمتنع في حق أمير المؤمنين ( عليه السلام ) لو لم يكن باطلا في شأن هارون على تقدير البقاء لوجوب التخصيص ، وهذا ليس بعيدا لعدم كونه مما يتبادر من الأحوال ، بخلاف وجوب الإطاعة والأولوية في أمر الأمة ، لظهور تبادرهما من حديث المنزلة .
وأقول : يمكن تقرير الحديث بوجه آخر ، وهو أن يقال : منزلة هارون من موسى (عليه السلام) كانت منزلة تفوق منزلة كل أهل زمانه ، لكونه بعد موسى ( عليه السلام ) أعلم من الكل ، وأقرب إلى الله تعالى منهم ، فلم يكن لأحد التقدم عليه بحسب الجلالة والقرب إلى الله تعالى مع كونهم في تلك الحال ، نعم يمكن كمال ناقص عن مرتبته بحيث يصير أكمل من هارون ، فيكون منزلته حينئذ أقرب من منزلة هارون ، أو وجود كامل يكون أكمل من هارون لم يكن موجودا ، وظاهر أن المنزلة المثبتة لأمير المؤمنين ( عليه السلام ) عند الخروج إلى تبوك هي المنزلة الثابتة لهارون التي هي أكمل من جميع منازل الأمة من موسى .
فالمنزلة المثبتة لأمير المؤمنين ( عليه السلام ) كانت فائقة على منازل كل الأمة ، ولم يكن لأبي بكر وغيره منزلة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) بمقتضى هذا الخبر ، ولم يكن لأبي بكر بعد الخروج إلى تبوك تقوية في الدين زائدا على ما كان من أمير المؤمنين ( عليه السلام ) بحسب الحرب والجهاد وهداية الأمة والرشاد ، ولا التعلم من أبواب علوم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، فبأي شئ حصل له استحقاق الأمر بعد عدمه بالخبر ؟ أبترقيات واضحات حصلت له أم بتنزلات فاضحات ظهرت من أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ؟ حاشاه عنها .
فلو كان استحقاقه بأحدهما ، فلم لم يذكروه في السقيفة ؟ ولم لم يذكر أحد ممن قال بإمامته في أزمان متمادية من ذلك اليوم إلى يومنا بدليل شاف وطريق واف يدل على حصول أحدهما حتى يطمئن السامع بقوله (2) ؟ والقائلون بها بقولهم بدليل واف يصح التمسك به ؟ ولم تمسكوا بلفظ الاجماع الذي خال عن المعنى ؟ كما سيظهر لك.
وما ذكرته هاهنا مبني على حمل " بعدي " على بعد نبوتي كما هو الظاهر ، وأما على تقدير إرادة بعد وفاتي ، فلا يحتاج إلى البيان .
وأيضا هذه المنزلة من الأمور التي لا يمكن الاطلاع عليها إلا بالتوقيف والمعجزة على وفق الدعوى ، ولا يقول بأحدهما في شأن أبي بكر أحد من أهل العلم ، وبطلان كلام البكرية ظاهر لمن تدبر أمر السقيفة ... ، وأي توجيه لترك مقتضى هذه المنزلة المبينة ؟
ويمكن الاستدلال بهذا الخبر بذكره ( عليه السلام ) في الشورى في مقام الاستدلال به على استحقاق الإمامة ، بتقريب ذكرته في حديث الغدير .
اعترض بعدم اندراج المنزلة المقدرة التي هي الخلافة على تقدير البقاء في الحديث.
أجيب بأنه قد يندرج بعض المنازل المقدرة في المنزلة ، كما لو قال أحد : منزلة زيد مني منزلة عمرو ، وكان لعمرو منزلة لو سأل عنه أموالا عظيمة أعطاه بلا تأخير وكراهة ، لكنه لم يتفق له السؤال ، فسأل زيد منه درهما ، يحكم العقل بوجوب العطاء بمقتضى المنزلة ، فإن لم يعطه وأباه يحكم أهل التميز بالتخالف الواضح بين قول المخبر بالمنزلة وفعله ، وظاهر أن ما نحن فيه من هذا القبيل .
وبأنه يمكن أن يقال : إن كون هارون بحيث لو بقي بعد موسى لم ينعزل عن الخلافة ليس منزلة مقدرة ، بل هذه الحيثية ثابتة له بالفعل ، والمقدر هو البقاء لا الكون المذكور ، والفرق بين البقاء والكون المذكور واضح .
إعترض بما حاصله : أنه إن كان مقصوده ( صلى الله عليه وآله ) إثبات منزلة الإمامة لأمير المؤمنين ( عليه السلام ) بعد وفاته لكان المناسب أن يقول : بمنزلة يوشع بن نون من موسى .
أجاب السيد بما حاصله : أن قصد عموم المنزلة لبعض أحوال الحياة التي هي حاله عدم حضور رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وحالة الممات ، وكون منزلة هارون أظهر وأشهر ونطق بها القرآن ، وظهور اندراج المنزلة المقدرة في عموم المنزلة ، وكون استحقاق هارون للأمر منزلة محققة مناسبة لمنزلة هارون لا منزلة يوشع ، مع أن كون منزلة يوشع بن نون هي الخلافة والإمامة غير ظاهر ، ونبوته لا تستلزم الخلافة ، فلعل خلافة موسى ( عليه السلام ) كانت لولد هارون ، كما يدل عليه نقل اليهود وبعض الروايات (4) .
_____________
(1) جامع الأصول 9 : 468 - 469 .
(2) لا يقال : ذكر " لا ينافي " في جواب " منع عموم المنزلة " خارج عن قانون المناظرة ، لأنا نقول : أثبتنا العموم بالاستثناء وبتسليم ما احتمله المانع لا يختل دليلنا ، لأن منزلة الخلافة والنيابة داخلة في العموم ، ومن المنازل المتبادرة التي لا يمكن إخراجها عنه وبهما ثبت المقصود ، فليس مرادنا من ثبوت منزلة النيابة والخلافة هو إرادة هذه المنزلة بخصوصها، بل المراد ثبوتها في ضمن الأفراد المقصودة من العامة .
وقولنا " مع بقاء الحال " إشارة إلى أن المتبادر من منازل هارون هي منازله مع بقاء الحال ، ولا يعتبر في العام أزيد من اشتماله على الأفراد المتبادرة . وقولنا " لعدم كونه مما يتبادر من الأحوال " أيضا إشارة إلى هذا المعنى " منه " .
(3) الباء في بقوله وبقولهم متعلقان بيطمئن ، والباء في بدليل سبب للاطمئنان " منه " .
(4) الشافي 3 : 33 - 36 .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|