أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-4-2017
2909
التاريخ: 15-6-2017
2825
التاريخ: 30-3-2022
1591
التاريخ: 23-12-2015
3260
|
في العهد الساساني كان ابناء الاغنياء والبيوتات الرفيعة هم وحدهم الذين يتمتعون بحق التعليم بينما كان عامة جماهير الشعب والطبقات الوسطى والدنيا محرومين من تحصيل العلوم واكتسابها.
وقد كانت هذه المنقصة بادية وواضحة في عصور ايران التاريخية جداً بحيث ذكرها الشعراء الكبار في ملاحمهم ودواوينهم الملكية المعروفة بالرغم من ان الهدف من تلك الملاحم والدواوين كان هو الحماسة والتفاخر بالبُطولات وتجييش العواطف بعد مدح الملوك والامراء.
فها هو الفردوسي الشاعر الملحمي الفارسي المعروف بل اشهر شعراء ايران قد ذكر في شاهنامته ( وهي الملحمة الشعرية الّتي يذكر فيها أمجاد ملوك الفرس في قرابة ستين ألف بيت ) قصة في هذا الصدد تعتبر أفضل شاهد على ما قلناه.
وقد وقعت هذه القصة في زمن أنو شيروان أي في الوقت الّذي كانت الامبراطورية الساسانية تمرُّ فيه بعهدها الذهبي.
وهذه القصة تشهد بأن اكثرية الشعب في عهد هذا الملك أيضاً كانت محرومة من حق التعلم وممنوعة عن اكتساب الثقافة.
يقول الفردوسي : لقد أبدى حذّاء استعداده لتحمّل نفقات الجيش الإيراني ـ في حربه مع الروم ـ بدفع ما يحتاجون إليه من ذهب وفضة.
ومع أن السلطة في عهد انوشيروان كانت بحاجة ماسة إلى مساعدات مالية كبيرة إذ كان يتعين عليها أن تجهز ما يقرب من ثلاثمائة الف مقاتل قد اصيبوا بالمجاعة وقلة العتاد بحيث أدى ذلك إلى وقوع بعض الاعتراضات وإلى ظهور الفوضى في الجنود ممّا أدى بدوره إلى قلق الملك الإيراني أنوشيروان .
والتخوف من مضاعفات هذه الحالة وآثاره السيئة في قتاله للروم ولذلك بادر إلى استدعاء وزيره المحنك بزرجمهر للتشاور معه في المخلص من ذلك الوضع المحرج ثم امره بالتوجه إلى منطقة مازندران وجمع الاموال اللازمة من سكانها.
ولكن بزرجمهر حذَّر الملك من مغبّة هذا العمل وأضاف بأن هذا من شأنه أن يضاعف من الخطر ثم اقترح جمع الاموال اللازمة عن طريق القروض الشعبية فاستحسن انوشيروان اقتراحه وأمره باتخاذ الترتيبات اللازمة على التو فيرسل الوزير مندوبين له إلى المدن الإيرانية ليكلم التجار واصحاب الثروة في الامر.
فبدى الحذّاء المذكور استعداده لتحمل كل نفقات الجيش لوحده الاّ انه اشترط ذلك بان يسمحوا لولده الوحيد الراغب في تحصيل العلم جداً ان يتعلم.
فاستحقر الوزير شرطه ووعده بالإنجاز والسماح لولده بالتعلم وتحصيل العلم ثم عرض الامر على الملك انوشيروان وهو يأمل في ان يتجاوب الملك مع رغبة الحذّاء وطلبه الصغير إذا ما قيس بما سيعطيه من اموال طائلة في تلك الاوضاع الحرجة.
ولكن الملك استشاط غضباً لهذا الطلب ونهر الوزير قائلا : دع هذا ما أسوأ ما تطلبه ان هذا لا يمكن ان يكون لان ابن الحذّاء بخروجه من وضعه الطبقي يهدم التقليد الطبقّي المتبع فينفرط بذلك عقد الدولة ويكون ضرر هذا المال علينا اكثر من نفعه وشره اكثر من خيره.
ثم إنّ الفردوسي يعمد إلى شرح المنطق الميكافيلي حكاية عن لسان انوشيروان إذ يقول ناظما ذلك في ابيات :
وإذا اصبح ابن الحذّاء عالماً كاتباً عارفاً فعندما يجلس ولدنا على مسند الحكم والسلطنة واحتاج إلى كاتب فانه سيضطر إلى الاستعانة بابن ذلك الحذّاء ـ الكاتب ـ ( وهو من عامة الشعب ومن ابناء الطبقة الدنيا وفي حين جرت عادتنا إلى الآن على أن نستعين بأبناء الاشراف والنبلاء لا أبناء الطبقة الدنيا )!!!
وإذا حصل ابن الحذّاء وبائع الاحذية على العلم والمعرفة أعاره العلم والمعرفة حينئذ عيوناً بصيرة وآذاناً سميعة فيرى حينئذ ما يجب أن لا يراه ويسمع ما يجب أن لا يسمعه وحينئذ لا يبقى لأبناء الملوك إلا الحسرة والتأسف .
وهكذا يعيد الملك دراهم الحذّاء المسكين إليه رافضاً طلبه ويعود الحذاء خائباً وهو يتوسل بما يتوسل به المستضعفون والمحرومون المظلومون وهو الدعاء والضراعة إلى اللّه في الليل وفي هذا قال الفردوسي : عاد مبعوث الملك بدراهم الحذاء إليه فاصيب الحذاء لذلك بغمّ شديد ثم لما جن الليل تضرع الحذاء إلى اللّه وشكا إليه الملك طالباً عدالته .
والعجيب هو أن يصف البعض هذا السلطان بالعادل وهو الّذي لم يعالج أسوأ مشكلة في المجتمع الإيراني أيام حكمه وسلطانه وهي المشكلة الثقافية بل تسبب في أن يصاب الشعبُ الإيراني بالمزيد من المشاكل الاجتماعية وغيرها.
فقد وأد ودفن في القبور احياء ما يقرب من ثمانين الف انسان ( اومائة الف كما قيل ) في حادثة واحدة وهي فتنة مزدك حتّى أنه ظنَّ انه قد قضى على جذور تلك الفتنة وهو لا يعلم أنها لم تُستأصل لأن مثل هذه الأساليب القمعية انما تقضي فقط على المسبَّب دون السبب وتكافح المجرم لا الجرم.
لقد كان السبب الحقيقي وراء تلك الفتنة هو الظلم الاجتماعي والاختلاف الطبقيّ واحتكار الثروة والمنصب على أيدي طبقة خاصّة وحرمان الاكثرية الساحقة من الشعب وغير ذلك من المفاسد وكان عليه لو أراد الاصلاح أن يعالج هذه الاُمور ليأتي على المشكلة من أساسها ولكنه بدل ذلك كان يريد ـ بالقهر والقمع وفي ظلّ الحراب والسياط ـ أن يظهر الناس انفسهم بمظهر الراضي وعن السلطة الموافق على تصرفاتها وأحوالها وأوضاعها السيئة!!!
ومن هنا نعرف بطلان الحديث المرويّ عن النبيّ (صـلى الله علـيه وآله) الّذي قال فيه : وُلدتُ في زمن الملك العادل ويقصد به انوشيروان .
|
|
مخاطر عدم علاج ارتفاع ضغط الدم
|
|
|
|
|
اختراق جديد في علاج سرطان البروستات العدواني
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|