أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-11-2016
1268
التاريخ: 27-3-2017
1147
التاريخ: 6-5-2020
2081
التاريخ: 27-3-2017
1178
|
وهو أنّه فعل ضدّ ما فعله أخوه، فإنّه خرج بأهله وعياله مع علمه باستيلاء أعدائه على الكوفة وعاملها من قبل يزيد، وعلمه بغدر أهل الكوفة، ولهذا نهاه ابن عباس، فلم ينتهِ، وودّعه ابن عمر وقال: «أستودعك اللَّه من قتيل»(1) ، وكذلك أخوه محمد، ثمّ لمّا علم بقتل مسلم لِمَ لَمْ يرجع؟ ولم جوّز المحاربة بنفرٍ يسير جموعاً عظيمة؟ ولِمَ لَمْ يُبايع للضرورة كما بايع أخوه حقناً للدماء حين عرض عليه الأمان والمبايعة ليزيد؟ وبالجملة الذي فعله إلقاءٌ للنفس إلى التهلكة، واللَّه ينهى عنه بنصّ الكتاب(2).
والجواب: أنّ الأحكام تختلف بحسب الأمارات المختلفة، والحسين عليه السلام لم يخرج من الحجاز إلّا بعد أن ورد عليه ثمانمائة كتاب ببيعة أربعة وعشرين ألفاً من الفرسان المقاتلين وبعد أن بعث إليه مسلم بن عقيل رضى الله عنه يستحثّه لمّا أخذ له البيعة من ثمانية عشر ألفاً غير أهل البصرة، فخرج عليه السلام من مكّة مع ستّين فارساً وأربعين راجلًا ليصل بمن بايعه لا ليحارب بهم، ولم يعلم بما اتّفق من مكيدة ابن زياد، وسوء الاتفاق لمسلم كما هو مشهور، ومع هذه الأمارات الغالبة يجب على الإمام القيام، وإلّا لم يكن معذوراً.
وأمّا مخالفته لنصحائه، فلعلّهم لم يحصل لهم من الظنّ ما حصل له، لعدم وقوفهم على الرسائل وغيرها من الأمارات الدالّة على الظفر.
وإنّما لم يرجع لمّا سمع بقتل مسلم (3) ، فقيل: لعدم تصديقه الخبر، و أنّه أراد التوجّه إلى العجم أو الشام إلى يزيد، أو علم أنّهم يلحقون به ولم ينفعه الرجوع، لأنّه كان مثقلًا بالأهل والعيال والرجال، وهذا عندي أقوى، ولهذا قيل: إنّه لمّا سمع همّ بالرجوع فقام إليه بنو عقيل، وقالوا: «واللَّه لا ننصرف حتّى ندرك ثأرنا أو نذوق ما ذاق أخونا» فقال عليه السلام: «لا خير في العيش بعد هؤلاء» ثمّ لحقه عليه السلام الحرّ ومن معه، وسألوه(4) أن يقدم على ابن زياد(5) ، فسار معهم، حتّى قدم عليه عمر بن سعد في عسكر عظيم(6) ، فقال عليه السلام لعمر: «اختاروا منّي، إمّا الرجوع إلى مكّة، أو أن أضع يدي في يد يزيد فهو ابن عمي ليرى فيّ رأيه، وإمّا تسيّروني إلى أيّ ثغرٍ من ثغور المسلمين(7) ، ثمّ كتب بذلك إلى ابن زياد فأبى إلّا نزوله على حكمه، وتمثّل:
الآن إذ علقت مخالبنا به يرجو النجاة ولاتَ حين مناصِ(8)
وعلم الحسين عليه السلام أنّه إن نزل على حكمه تعجّل الذلّ والعار، وآل أمره بعد ذلك إلى القتل، فاختار الشهادة والموتة الكريمة على الدخول تحت الذلّ.
ولذلك قال بعض الفضلاء: إنّ جهاد الحسين، كان بحسب ذلك المقام الذي هو فيه، فلا يرد عليه شيء من الايرادات في مراعاة الشرائط الشرعيّة للجهاد(9). والفرق حينئذٍ بينه وبين أخيه ظاهر.
أمّا أوّلًا: فإنّ أخاه إنّما قعد عند تخاذل أصحابه، وتفرّقهم في الآراء بحسب مكيدة معاوية، والحسين عليه السلام إنّما قام حين ظهرت له أمارات الظفر، فلمّا انعكس الأمر عليه، لم يتمكّن من القعود.
وأمّا ثانياً: فلجواز اختلاف التكليف بحسب اختلاف الزمان والأحوال، فجاز أن يكون تكليف الحسين عليه السلام القيام مطلقاً ولا مانع في العقل منه وإن أدّى إلى ضرر، لاشتماله على مصلحة عظيمة، كقيام (الشعار الإيماني مثلًا، فإنّه ربما لو قعد عليه السلام) ، لانطمس شعار الإمامة، ولكان لقائلٍ أن يقول: لو كان دعوى هذه الطائفة حقاً، لقام لهم قائم بذلك، وإن كان هذا غير لازم، لكن يمكن أن يخطر ذلك لبعض الجهّال.
فإن قلت: يظهر من كلام بعض أصحابكم أنّ الحسين عليه السلام كان يعلم أنّه يقتل في مسيره إلى الكوفة ويخذله من كاتبه، وكذا ورد في كلامه عليه السلام صريحاً: «كأنّي بأعضائي تقطّعها عسلان الفلوات ... إلى آخره»(10) ، و أنّه إنّما سار تعبّداً بالجهاد، وهذا غير جائز؛ لأنّ دفع الضرر عن النفس واجب عقلًا وشرعاً، فلا يجوز أن يتعبّد بالصبر على خلافه.
قلت: تردّد شيخنا الطوسي رحمه الله في ذلك(11) ، وأمّا السيّد المرتضى رحمه الله(12) فقال: إن أراد القائل بأنّه كان يعلم ما جرى عليه في الوقت على التفصيل فهو فاسد، لما ذكرتم، وإن أرادوا أنّه كان يعلم جملة أنّه سيقتل ولم يعلم وقته بعينه وكيفيّته، فهو جائز ولم يلزم منه محذور، وكذلك نقول في حقّ عليّ عليه السلام: إنّه كان يعلم أنّه يقتل إجمالًا، وكان يقول: متى يُبعث أشقاها؟ والأولى أن يجاب بما ذكرناه من اختلاف التكليف.
______________
(1) إسعاف الراغبين: 186- 187، وتذكرة الخواصّ: 251، ونظم درر السمطين: 214.
(2) البقرة: 195.
(3) الإرشاد؛ للشيخ المفيد قدس سره: 222. وقعة الطفّ؛ لأبي مخنف لوط بن يحيى الأزدي الكوفي: 165.
(4)« م»: وسأموه( بمعنى قصدوه).
(5) الإرشاد: 224- 225. وقعة الطف: 168- 170.
(6) الإرشاد: 227. وقعة الطف: 183.
(7) وقعة الطف: 186. الإرشاد: 229، ولكن هذا التخيير في الإرشاد ورد في كتاب عمر بن سعد.
(8) الإرشاد: 228. وقعة الطف: 185.
(9) لعلّ المراد منه هي الإيرادات المنقولة في كتاب تنزيه الأنبياء عليهم السلام: 175 للسيد المرتضى، في بيان الأسباب في قدوم الحسين عليه السلام الكوفة وقتاله، فإنّ كلامه السابق أيضاً مقتبس من الكتاب نفسه، فراجع.
(10) اللهوف في قتلى الطفوف للسيّد ابن طاووس قدس سره: 26، وفيه: كأ نّي بأوصالي ... إلى آخره. كشف الغمّة في معرفة الأئمّة للمحقّق الإربلي قدس سره 2: 29.
(11) في كتابه تلخيص الشافي 3: 188- 190 في آخر فصل إمامة الحسن والحسين عليهما السلام. قوله: ولي في هذه المسألة نظر.
(12) رسائل الشريف المرتضى، المجموعة الثالثة: 130،( علم الوصيّ بساعة وفاته وعدمه).
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|