أقرأ أيضاً
التاريخ: 20-11-2016
582
التاريخ: 20-11-2016
683
التاريخ: 20-11-2016
1401
التاريخ: 12-1-2017
934
|
[جواب الشبهة] :
المسح على الأرجل أحد الإشكالات التي يوردها بعض علماء أهل السنّة على الشيعة وأتباع مذهب أهل البيت (عليهم السلام)، حيث يرى أغلبهم وجوب غسل الأرجل، وعدم كفاية المسح
في الوقت الذي أمر فيه القرآن المجيد بوضوح بالمسح على الأرجل، وعمل أتباع أهل البيت (عليهم السلام) موافق للقرآن وللكثير من أحاديث النبي (صلى الله عليه وآله)التي تجاوزت ثلاثين حديثاً.
وكان المسح عمل الكثير من الصحابة والتابعين وليس الغسل.
ولكن للأسف أغمض بعض المخالفين أعينهم أمام هذه الأدلة، ولم يكلفوا أنفسهم بالتدقيق بشكل كاف، وشنوا هجومهم على أتباع هذا المذهب بالنقد والتجريح بألفاظ قاسية، وغير لائقة، وبعيدة عن الحق والاعتدال.
يقول ابن كثير وهو من العلماء المعروفين لدى أهل السنّة في كتابه «تفسير القرآن العظيم»: «قد خالفت الروافض في ذلك بلا مستند، بل بجهل وضلال... وكذلك هذه الآية الكريمة دالة على وجوب غسل الرجلين مع ما ثبت بالتواتر من فعل رسول الله (صلى الله عليه وآله) على وفق ما دلت عليه الآية الكريمة وهم مخالفون لذلك كله وليس لهم دليل صحيح في الواقع ونفس الأمر»(1).
وتبعه على ذلك جمع آخر بعيون عمياء وآذان صمّاء بدون أن يحققوا في المسألة، ولفقوا على الشيعة التهم كما يحلو لهم.
وتصوروا أن جميع مخاطبيهم من العوام، ولم يفكروا أنّه سيقوم المحققون والعلماء يوماً بنقد كلامهم، وسيندمون على ذلك وقبل كل شيء نتجه للقرآن المجيد، فالقرآن يحدثنا في سورة المائدة ـ آخر سورة نزلت على نبي الإسلام (صلى الله عليه وآله) ـ حيث يقول تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ)( المائدة ، الآية 6).
ومن الواضح أنّ كلمة «أرجلكم» معطوفة على «رؤوسكم» فيكون المسح على كليهما لازماً سواء قرأنا «أرجلكم» بالنصب أم بالجر. تأملوا (2).
ومهما يكن، فالقرآن المجيد يأمر بالمسح على القدمين.
توجيهات عجيبة:
ولكن هناك مجموعة عندما رأت أن الأحكام المسبقة التي تبنوها لا تنسجم مع المنطق القرآني لجأت إلى تقديم توجيهات تجعل الإنسان في حيرة، ومن جملتها:
1. إنّ هذه الآية قد نسخت من خلال سنة النبي (صلى الله عليه وآله) والأحاديث التي نقلت عنه (صلى الله عليه وآله)، يقول «ابن حزم» في كتابه «الإحكام في أصول الأحكام»: «بما أنّ الغسل جاء في السنّة، فلابدّ من قبول أنّ المسح قد نسخ».
ويرد عليه:
أولاً: إنّ جميع المفسرين قالوا إنّ سورة المائدة هي آخر ما نزل على النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله)، ولا يوجد أي نسخ لآياتها.
ثانياً: ...أنّه في مقابل الروايات الدالة على أنّ النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) قد غسل قدميه عندما توضأ، هناك روايات أخرى متعددة لدينا تقول أنّ النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) قد مسح على قدميه عندما توضأ.
فكيف يمكن أن ينسخ هذا الأصل القرآني بروايات موضوعة هذا حالها؟
ولو تجاوزنا هذا، فإنه قد ذُكر في باب تعارض الروايات، بأنّه إذا تعارضت الروايات يجب عرضها على القرآن، فما وافق القرآن يؤخذ به، وما خالفه فهو مردود.
2. هناك البعض مثل: «الجصاص» في كتابه «أحكام القرآن» يقول: إنّ آية الوضوء مجملة، ولابدّ من العمل بالاحتياط، فنغسل القدمين، فيتحقق الغسل والمسح (3).
ونحن نعلم جميعاً أنّ هناك تبايناً بين مفهوم «الغسل» و «المسح» والغسل لا يشمل المسح بتاتاً.
ولكن ما العمل!! فالأحكام المسبقة التي تطلق قبل التحقيق لا تجيز لنا العمل بظاهر القرآن.
3. يقول الفخر الرازي: حتى لو قرأنا «أرجلكم» بالجر، معطوفاً على «رؤوسكم» والتي تدلّ بوضوح على المسح، إلاّ أنّ المقصود ليس المسح على القدمين، بل إنّ المقصود من المسح على القدمين عدم إراقة الماء الكثير عند غسل القدمين (4).
فإذا قبلنا بهذا النوع من الاجتهاد والتفسير بالرأي للآيات القرآنيّة، فلن يبقى شيء من ظواهر القرآن نعمل به، فإذا قلنا: إنّ المسح يعني عدم الإسراف في الغسل مجازاً، لأمكننا تفسير جميع ظواهر الآيات بشكل آخر.
[و] هناك قرائن كثيرة تشير إلى قبح هذا النوع من الاجتهاد وعدم قبوله مقابل النص الرائج في عصرنا الحاضر. وهذا لم يكن موجوداً في العهد الأول للإسلام.
وبعبارة أخرى: إنّ هذا التعبد والتسليم المطلق الموجود عندنا اليوم لآيات القرآن المجيد وكلام النبي (صلى الله عليه وآله) لم يكن بهذه القوّة والشدّة في تلك العصور.
فمثلاً: عندما تحدث عمر عن رأيه المعروف: «متعتان كانتا محللتان في زمن النبي (صلى الله عليه وآله) وأنا أحرمهما وأعاقب عليهما: متعة النساء ومتعة الحج»(5)، لم نسمع أحداً من الصحابة انتقده أو وجّه الملامة له، قائلاً إنّ هذا اجتهاد في مقابل النص.
وأمّا لو قال أحد العلماء الكبار من فقهاء الإسلام في زماننا: «إنّ العمل الفلاني كان حلالاً في عهد النبي (صلى الله عليه وآله) وأنا أحرمه»، لتصدى له الجميع استغراباً من موقفه، وأظهروا رفضهم، وقالوا إنّه لا قيمة لهذا الرأي، ولا يحق لأحد أن يحرم حلال الله، ولا يحلل حرامه; لأنّه لا معنى لأن يجتهد أحد أمام النص، ولا أن ينسخ الأحكام.
ولكن العهد الأول لم يكن كذلك، وبهذا الدليل نرى بعض الفقهاء قد أجاز لنفسه مخالفة الأحكام الإلهية، وقد يكون إنكار المسح على القدمين وإبداله بالغسل، من هذا القبيل.
___________________
1. أنظر تفسير ابن كثير، ج 2، ص 518 .
2. وللتوضيح هناك قراءتان معروفتان لكلمة «أرجلكم»، قراءة بالجر (كسر حرف اللام) برواية جمع من القراء المشهورين، مثل حمزة وأبي عمر وابن كثير، وحتى عاصم (موافق لرواية أبي بكر)، وجمع آخر من المشهورين أيضاً قرأوها بالنصب، وجميع المصاحف الحالية مكتوبة على وفقها.
ولكن لا يوجد أي فرق في المعنى بين هاتين القراءتين.
لأنّا إذا قرأناها بالكسر فواضح أنّها معطوفة على «برؤوسكم» ومعناها أن تمسح القدمين في الوضوء، (كما تمسح الرأس).
فهل يعاب على الشيعة العمل على وفق هذه القراءة التي يذهب إليها الكثيرون؟
وإذا تجاوزنا هذا وقرأناها بالفتح فهي معطوفة أيضاً ولكن على محل «برؤوسكم»، ومحلها النصب كما تعلمون، لأنّه مفعول لـ «وامسحوا» فعليه يكون المعنى على كلا القراءتين المسح على القدمين.
ولكن توهّم بعضهم بأنّ قراءة «أرجلكم» بالفتح تكون معطوفة على «وجوهكم» فيصبح المعنى اغسلوا وجوهكم وأيديكم وكذلك أرجلكم!
في الوقت الذي تكون هذه القراءة خلاف القواعد العربية، ولا تتفق مع فصاحة القرآن.
فأمّا مخالفتها للقواعد العربية، فهو أن لا يفصل بين المعطوف والمعطوف عليه بفاصل أجنبي، وكما يقول العالم السني المعروف: إنّه يستحيل عطف «أرجلكم» على «وجوهكم» لأنّه لم يسمع في الكلام العربي الفصيح أحد يقول «ضربت زيداً ومررت بيكر وخالداً» أي يكون «خالد» معطوف على «زيد» (شرح منية المصلي، ص 16).
وحتى الأشخاص العاديين لايتفوهون بهذا الكلام، فكيف بالقرآن الكريم، وهو مثال الفصاحة والكمال.
فعليه، وكما قال بعض محققي أهل السنّة، إنّه لا شك في أنّ كلمة «أرجلكم» بناءً على النصب تكون معطوفة على محل «برؤوسكم»، وعلى كلا الوجهين يكون معنى الآية واحداً، وهو المسح على الرأس والقدمين في الوضوء.
3. أحكام القرآن، ج 2، ص 434 .
4. تفسير الكشّاف، ج 1، ص 610.
5. مصادر هذا الحديث مرت في بحث الزواج المؤقت.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|