المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17639 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تنفيذ وتقييم خطة إعادة الهيكلة (إعداد خطة إعادة الهيكلة1)
2024-11-05
مـعاييـر تحـسيـن الإنـتاجـيـة
2024-11-05
نـسـب الإنـتاجـيـة والغـرض مـنها
2024-11-05
المـقيـاس الكـلـي للإنتاجـيـة
2024-11-05
الإدارة بـمؤشـرات الإنـتاجـيـة (مـبادئ الإنـتـاجـيـة)
2024-11-05
زكاة الفطرة
2024-11-05

هل تهتم المرجعية الشيعية بالقضية الفلسطينية ؟
19-11-2020
شحنة بالحث induced charge
5-5-2020
أنـواع الـمـنـظـومــات
5-5-2016
التمثيلُ في الآية (57-61) من سورة الزخرف
11-10-2014
درجات التوكّل.
2024-03-16
ترمستور خرزي bead thermistor
8-1-2018


تفسير الاية (111-113) من سورة البقرة  
  
4194   01:57 مساءً   التاريخ: 9-12-2016
المؤلف : اعداد : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : .......
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف الباء / سورة البقرة /


قال تعالى : {وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَو نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (111) بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُو مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (112) وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } [البقرة: 111، 113].

 

تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير هذه الآيات (1) :

حكى سبحانه نبذا من أقوال اليهود ودعاويهم الباطلة فقال{وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى} وهذا على الإيجاز وتقديره قالت اليهود لن يدخل الجنة إلا من كان يهوديا وقالت النصارى لن يدخل الجنة إلا من كان نصرانيا ووحد كان لأن لفظة من قد تكون للواحد وقد تكون للجماعة وإنما قلنا أن الكلام مقدر هذا التقدير لأن من المعلوم أن اليهود لا يشهدون للنصارى بالجنة ولا النصارى لليهود فعلمنا أنه أدرج الخبر عنهما للإيجاز من غير إخلال بشيء من المعنى فإن شهرة الحال تغني عن البيان الذي ذكرناه ومثله قول حسان بن ثابت :

أ من يهجو رسول الله منكم *** ويمدحه وينصره سواء

 تقديره ومن يمدحه وينصره غير أنه لما كان اللفظ واحدا جمع مع الأول وصار كأنه إخبار عن جماعة واحدة وإنما حقيقته عن بعضين متفرقين وقوله{تلك أمانيهم} أي تلك المقالة أماني كاذبة يتمنونها على الله عن قتادة والربيع وقيل أمانيهم أباطيلهم بلغة قريش عن المؤرج وقيل معناه تلك أقاويلهم وتلاوتهم من قولهم تمنى أي تلا وقد يجوز في العربية أمانيهم بالتخفيف والتثقيل أجود.

{قل} يا محمد{هاتوا} أي أحضروا وليس بأمر بل هو تعجيز وإنكار بمعنى إذا لم يمكنكم الإتيان ببرهان يصحح مقالتكم فاعلموا أنه باطل فاسد{برهانكم} أي حجتكم عن الحسن ومجاهد والسدي{إن كنتم صادقين} في قولكم {لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى} وفي هذه الآية دلالة على فساد التقليد أ لا ترى أنه لو جاز التقليد لما أمروا بأن يأتوا فيما قالوه ببرهان وفيها أيضا دلالة على جواز المحاجة في الدين .

ثم رد الله سبحانه عليهم مقالتهم فقال {بلى من أسلم وجهه لله} قيل معناه من أخلص نفسه لله بأن سلك طريق مرضاته عن ابن عباس وقيل وجه وجهه لطاعة الله وقيل فوض أمره إلى الله وقيل استسلم لأمر الله وخضع وتواضع لله لأن أصل الإسلام الخضوع والانقياد وإنما خص الوجه لأنه إذا جاد بوجهه في السجود لم يبخل بسائر جوارحه {وهو محسن} في عمله وقيل وهو مؤمن وقيل مخلص {فله أجره عند ربه} معناه فله جزاء عمله عند الله {ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون} في الآخرة وهذا ظاهر على قول من يقول أنه لا يكون على أهل الجنة خوف ولا حزن في الآخرة وأما على قول من قال أن بعضهم يخاف ثم يأمن فمعناه أنهم لا يخافون فوت جزاء أعمالهم لأنهم يكونون على ثقة بأن ذلك لا يفوتهم .

ثم بين سبحانه ما بين أهل الكتاب من الاختلاف مع تلاوة الكتاب فقال{وقالت اليهود ليست النصارى على شيء} في تدينهم بالنصرانية{وقالت النصارى ليست اليهود على شيء} في تدينهم باليهودية{وهم يتلون الكتاب} أي يقرءونه وذكر فيه وجهان ( أحدهما ) أن فيه حل الشبهة بأنه ليس في تلاوة الكتاب معتبر في الإنكار لما لم يؤت على إنكاره ببرهان فلا ينبغي أن يدخل الشبهة بإنكار أهل الكتاب لملة الإسلام إذ كل فريق من أهل الكتاب قد أنكر ما عليه الآخر ثم بين أن سبيلهم كسبيل من لا يعلم الكتاب من مشركي العرب وغيرهم ممن لا كتاب لهم في الإنكار لدين الإسلام ( والوجه الآخر ) الذم لمن أنكر ذلك من أهل الكتاب على جهة العناد إذ قد ساوى المعاند منهم للحي الجاهل به في الدفع له فلم ينفعه علمه وقوله{كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم} معناه أن مشركي العرب الذين هم جهال وليس لهم كتاب هكذا قالوا لمحمد وأصحابه أنهم ليسوا على شيء من الدين مثل ما قالت اليهود والنصارى بعضهم لبعض عن السدي ومقاتل وقيل معناه أن مشركي العرب قالوا بأن جميع الأنبياء وأممهم لم يكونوا على شيء وكانوا على خطإ فقد ساووكم يا معشر اليهود في الإنكار وهم لا يعلمون وقيل أن هؤلاء الذين لا يعلمون أمم كانت قبل اليهود والنصارى وقبل التوراة والإنجيل كقوم نوح وعاد وثمود قالوا لأنبيائهم لستم على شيء عن عطاء وقيل أن الأصح أن المراد بقوله{كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم} أسلاف اليهود والمراد بقوله{وقالت اليهود ليست النصارى على شيء} هؤلاء الذين كانوا على عهد النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) لأنه حكي قول مبطل لمبطل فلا يجوز أن يعطف عليه قول مبطل لمحق وقوله{فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون} فيه وجوه ( أحدها ) أن حكمه بينهم أن يكذبهم جميعا ويدخلهم النار عن الحسن ( وثانيها ) أن حكمه فيهم الانتصاف من الظالم المكذب بغير حجة ولا برهان للمظلوم المكذب عن أبي علي ( وثالثها ) أن حكمه أن يريهم من يدخل الجنة عيانا ومن يدخل النار عيانا وهذا هو الحكم الفصل في الآخرة بما يصير إليه كل فرقة فأما الحكم بينهم في العقد فقد بينه الله جل وعز فيما أظهر من حجج المسلمين وفي عجز الخلق عن أن يأتوا بمثل هذا القرآن عن الزجاج .

_________________________

1- مجمع البيان ، الطبرسي ، ج1 ، ص349-354.

تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنية في تفسير هذه الآيات (1) :

{ وقالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى} . قال صاحب مجمع البيان : « هذا إيجاز ، وتقدير الكلام قالت اليهود : لن يدخل الجنة الا من كان يهوديا ، وقالت النصارى : لن يدخل الجنة الا من كان نصرانيا . .

وانما قلنا : ان الكلام مقدر هذا التقدير ، لأن من المعلوم ان اليهود لا يشهدون للنصارى بالجنة ، ولا النصارى يشهدون بذلك لليهود ، فعلمنا انه أدرج الخبر عنهما للإيجاز من غير إخلال شيء من المعنى ، فان شهرة الحال تغني عن البيان المفصل » .

احتكار الجنة :

يظهر من هذه الآية الكريمة ان اليهود والنصارى يؤمنون بنظرية الاحتكار منذ القديم ، وانها عندهم تشمل نعيم الدنيا والآخرة . . وأيضا يظهر ان احتكار الجنة مختص برجال الدين ، وعلى هذا الأساس كانت الكنيسة تبيع صكوك الغفران للعصاة والآثمين بعد أن تقبض الثمن ، وقد كسبت بذلك أموالا طائلة ، ولكن على حساب تشجيع الجرائم ، وانتشار الفساد . . ومما كانت تكتبه الكنيسة للعاصي في صك الغفران انه : « يغلق أمامك - الخطاب للعاصي - الباب الذي يدخل منه الخطاة إلى العذاب والعقاب ، ويفتح الباب الذي يؤدي إلى فردوس الفرح ، وان عمّرت سنين طويلة فهذه النعمة تبقى غير متغيرة ، حتى تأتي ساعتك الأخيرة باسم الأب والابن وروح القدس » .

{تلك أمانيهم} جمع الأماني ، لأنها كثيرة ، منها أمنيتهم أن يرجع المسلمون كفارا ، ومنها ان يعاقب أعداؤهم ، ومنها ان الجنة لهم وحدهم .

{قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ} . كل دعوى تحتاج إلى دليل ، وأيضا كل دليل نظري يحتاج إلى دليل ، حتى ينتهي إلى أصل عام ثبت بالبديهة والوجدان ، ومعنى ثبوته كذلك أن يتفق على صحته جميع العقلاء ، ولا يختلف فيه اثنان ، تماما كهذا الأصل : « كل دعوى تحتاج إلى دليل » . . اللهمّ الا إذا كانت الدعوى بديهية ، على ان الدعوى البديهية لا يسمى القائل بها مدعيا ، لأن الدعوى مأخوذ في مفهومها الافتقار إلى الدليل ، أما القضية الواضحة بذاتها فدليلها معها ، وملازم لها لا ينفك عنها بحال ، والا لم تكن بديهية . . واختصارا لا يسوغ أن تقول : أين الدليل لمن قال : العشرة أكثر من الواحد - مثلا - .

وجاء في تفسير المنار عند ذكر هذه الآية ما يتلخص بأن السلف الصالح من المسلمين كانوا يسيرون على هذا الأصل ، فيقيمون الدليل على ما يقولون ، ويطلبونه من الناس على ما يدعون ، ولكن الخلف الطالح - على حد تعبير صاحب التفسير ، عكسوا الآية ، فأوجبوا التقليد ، وحرّموا الاستدلال إلا على صحة التقليد فقط ، ومنعوا العمل بقول اللَّه ورسوله ، وأوجبوا العمل بقال فلان ، وقال علان » . كما عبر صاحب تفسير المنار .

{بَلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ} . هذا تكذيب لدعواهم بأن الجنة لهم وحدهم دون الناس أجمعين ، والمراد بالوجه في الآية النفس والذات ، قال تعالى : « كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ » . والمعنى ان كل من آمن باللَّه مخلصا له في أعماله إخلاصا لا يشوبه شرك ولا رياء فهو من المكرمين عند اللَّه ، لأنه لا يضيع أجر من أحسن عملا ، أما قوله سبحانه : « وهو محسن » فإشارة إلى أن التقرب إلى اللَّه انما يكون بالعمل الصالح ، لا بالأعمال القبيحة الضارة ، لأن اللَّه سبحانه لا يطاع من حيث يعصى .

{وقالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصارى عَلى شَيْءٍ وقالَتِ النَّصارى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلى شَيْءٍ} . قال صاحب مجمع البيان نقلا عن ابن عباس ان نصارى نجران تنازعوا مع اليهود عند رسول اللَّه ( صلى الله عليه واله ) ، فقال رجل من اليهود للنصارى : ما أنتم على شيء ، فأجابه رجل من النصارى : ليست اليهود على شيء ، فنزلت هذه الآية ، تسجّل قول كل من الفريقين في حق الآخر .

الدين المصلحة عند اليهود والنصارى :

وبالمناسبة ، فان المعروف عن الدين المسيحي انه ينص صراحة على ان اليهود وأولادهم من بعدهم يتحملون مسؤولية صلب « الإله » . . ومع ذلك فان بابا روما بذل جهد المستميت عام 1965 لتبرئة يهود الجيل الحالي والأجيال السابقة من تبعة صلب المسيح ، وعقد من أجل ذلك أربعة مؤتمرات ، واصطدم مع الكنيسة الشرقية ، وبلغت تكاليف المؤتمرات 20 مليون دولار ، والهدف الأول والأخير سياسي بحت ، وهو تقوية « دولة إسرائيل » ، وتدعيم مركزها في فلسطين ، وسياستها في العالم . . وعلى الأصح تقوية الاستعمار ، وتدعيم قواعده في الشرق بعامة ، والبلاد العربية بخاصة . . وان دل هذا على شيء فإنما يدل على أن الدين عند بعضهم ، منافع مادية ، وكفى (2) .

{وهُمْ يَتْلُونَ الْكِتابَ} . أي ان اليهود عندهم التوراة ، وهي تبشر بعيسى ، وتعترف بنبوته . . وأيضا النصارى عندهم الإنجيل يعترف بموسى وتوراته . . وعلى هذا يكون اليهود والنصارى في حكم الطائفة الواحدة ، لأن دينهم واحد ، وكل من التوراة والإنجيل جزء متمم للآخر ، ومع ذلك فقد كفّر بعضهم بعضا .

أيضا المسلمون يكفر بعضهم بعضا :

وإذا كان اليهود بحكم الطائفة الواحدة ، لأن التوراة تعترف بعيسى ، والإنجيل يعترف بموسى ، فبالأولى أن تكون السنة والشيعة طائفة واحدة حقيقة وواقعا ، لأن كتابهم واحد ، وهو القرآن ، لا قرآنان ، ونبيهم واحد ، وهو محمد ، لا محمدان ، فكيف - إذن كفّر بعض من الفريقين إخوانهم في الدين ؟ . .

ولو نظرنا إلى هذه الآية « قالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصارى عَلى شَيْءٍ ، وقالَتِ النَّصارى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلى شَيْءٍ وهُمْ يَتْلُونَ الْكِتابَ » لو نظرنا إليها بالمعنى الذي بيناه ، واتفق عليه جميع المفسرين ، ثم قسنا من يرمي بالكفر أخاه المسلم - لو نظرنا إلى الآية ، وقسنا هذا بمقياسها لكان أسوأ حالا ألف مرة من اليهود والنصارى . .

لقد كفّر اليهود النصارى ، وكفّر النصارى اليهود ، {وهُمْ يَتْلُونَ الْكِتابَ} أي التوراة والإنجيل . . فكيف بالمسلم يكفّر أخاه المسلم ، وهو يتلو القرآن ؟ ! .

فليتق اللَّه الذين يلوون ألسنتهم بالكتاب ، وقلوبهم عمي عن معانيه ومراميه .

{كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ} . المراد بالذين لا يعلمون في هذه الآية مشركو العرب ، حيث قالوا تماما كما قال اليهود والنصارى : انهم وحدهم يدخلون الجنة دون المسلمين والناس أجمعين .

وأجاب القرآن أولا : ما أجاب به اليهود والنصارى من ان الحق لا يتقيد بالأشخاص ، ولا بالأسماء والألقاب ، وان دخول الجنة منوط بالايمان والعمل الصالح . ثانيا : ان اللَّه سبحانه يعلم المحق من المبطل ، وانه سيجزي كلا بأعماله .

{فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} .

كل يعزز دينه :

وتسأل : ان كلا من أهل الأديان والأحزاب يدعي انه هو المحق ، وغيره المبطل ، تماما كما ادعت اليهود والنصارى ومشركو العرب ، فكيف يتهيأ لنا ان نعرف الكاذب من الصادق ؟ .

وقبل الجواب نمهد بالإشارة إلى هذه الحقيقة ، وهي : كل من يدعي الحق لا بد أن يكون واحدا من اثنين ، اما ان يجزم مسبقا منذ البداية برأيه ، ويصر عليه ، ولا يحتمل فيه الخطأ ، ولا يصغي إلى بينة العكس أيا كان نوعها ، واما أن يكون مجردا للحق يبحث عنه ويمحص وينقب جهده ، حتى إذا رأى ما اعتقد انه الدليل اعتمده عازما على ان الحق إذا تبين في الجانب الآخر تبعه وعدل عن رأيه ، لأنه ينشد الحكمة أينما كانت وتكون . . ولا بد أن نفصل بين هذين لأن الأول لا سبيل إلى اقناعه بالحجة ومنطق العقل ، بل لا دواء له الا الاعراض عنه ، والثاني يسهل معه التفاهم ، وكلنا يعلم ان هناك قضايا واضحة بذاتها لا يختلف فيها اثنان ، مثل الرخاء سعادة وهناء ، والفقر بلاء وشقاء ، والحب خير من البغض ، والتعاون أفضل من التنازع ، والسلم أعود من الحرب ، والعلم نور ، والجهل ظلام ، والعدل حق ، والجور باطل ، وان الشيء الواحد لا يتصف بصفة ونقيضها ، وما إلى ذلك من الحقائق الانسانية البديهية .

إذا تمهد هذا ، وكنا على علم منه ، ثم ادعى مدع انه هو المحق دون سواه قسنا قوله بتلك الحقائق المتسالم عليها ، وتحاكمنا إليها ، فان اتفق معها فهو حق ، وان ناقضها ، واستدعى قوله الضرر والشر فهو باطل . . وبهذا يتبين معنا ان قول من قال : « كل يعزز دينه يا ليت شعري ما الصحيح ؟  ».

ان هذا القول لئيم وخطير ، يهدف إلى إشاعة الفوضى والجهل ، ولو صدق لوجب أقفال المعاهد والمعابد والمحاكم ، حيث لا قيم عقلية ، ولا قانونية ، ولا أخلاقية .

والذي يهون الخطب ان قول : « يا ليت شعري ما الصحيح » كلام شعري جاء من وحي العاطفة التي تستمد منطقها من اللا منطق . . وصدق اللَّه العظيم حيث يقول : « والشعراء يتبعهم الغاوون ، ألم تر انهم في كل واد يهيمون ، وانهم يقولون ما لا يفعلون » .

____________________

1- الكاشف ، محمد جواد مغنية ، ج1 ، ص177-181.

2-  انظر فقرة : « المصلحة هي السبب لا الجنسية » عند تفسير الآية 96 من هذه السورة .

تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير هذه الآيات (1) :

قوله تعالى: {وقالوا: لن يدخل الجنة} ، شروع في إلحاق النصارى باليهود تصريحا و سوق الكلام في بيان جرائمهم معا.

قوله تعالى: {بلى من أسلم وجهه لله}، هذه كرة ثالثة عليهم في بيان أن السعادة لا تدور مدار الاسم و لا كرامة لأحد على الله إلا بحقيقة الإيمان و العبودية، أولاها قوله: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا } [البقرة: 62] و ثانيتها، قوله تعالى: " {بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ } [البقرة: 81] ، و ثالثتها، هذه الآية و يستفاد من تطبيق الآيات تفسير الإيمان بإسلام الوجه إلى الله و تفسير الإحسان بالعمل الصالح.

قوله تعالى: {وهم يتلون الكتاب} ، أي وهم يعملون بما أوتوا من كتاب الله لا ينبغي لهم أن يقولوا ذلك والكتاب يبين لهم الحق و الدليل على ذلك قوله: {كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ } [البقرة: 113] فالمراد بالذين لا يعلمون غير أهل الكتاب من الكفار و مشركي العرب قالوا: إن المسلمين ليسوا على شيء أو إن أهل الكتاب ليسوا على شيء.

__________________

1- الميزان ، الطباطبائي ، ج1، ص216. 

تفسير الامثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه الآيات (1) :

احتكار الجنّة!

القرآن في هاتين الآيتين يشير إلى ادعاء آخر من الإِدعاءات الفارغة لمجموعة من اليهود والنصارى، {وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَنْ كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارى}(2)، ثم يجيبهم جواباً رادعاً قائلا {تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ} ثم تخاطب الآية رسول الله وتقول: {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}.

بعد التأكيد على أن ادعاء هؤلاء فارغ لا قيمة له، وأنه مجرد أُمنية تخامر أذهانهم، يطرح القرآن المعيار الأساس لدخول الجنّة على شكل قانون عام {بَلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ للهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ}. ومن هنا فالمشمولون بهذا القانون هم في ظلال رحمة الله {وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ}.

بعبارة موجزة: الجنّة ومرضاة الله والسعادة الخالدة ليست حكراً على طائفة معينة، بل هي نصيب كل من يتوفر فيه شرطان:

الأوّل: التسليم التام لله تعالى، أو الإِنصياع لأوامره سبحانه، وعدم التفريق بين هذه الأوامر، أي عدم ترك ذلك القسم من الأوامر الذي لا ينسجم مع المصالح الفردية الذاتية.

الثّاني: وهو ما يترتب على التسليم في المرحلة الاُولى، من القيام بالأعمال الصالحة والإِحسان في جميع المجالات.

والقرآن، بطرحه هذه الحقيقة، يرفض بشكل تام مسألة التعصب العنصري ويكسر طوق احتكار فئة معينة للسعادة، ويضع ضمنياً معيار الفوز متمثلا بالإِيمان، والعمل الصالح.

تعصّب وتناقض:

فيما مرّ بنا من آيات رأينا جانباً من الإِدعاءات الفارغة التي أطلقها جمع من اليهود والنصارى، ورأينا أن هذه الإِدعاءات الفارغة تستتبعها روح احتكارية ضيقة، ثم وقوع في التناقضات.

تقول الآية: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارى عَلى شَيْء وَقَالَتِ النَّصَارى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلى شَيْء}.

عبارة «لَيْسَتْ عَلى شَيْء» تعني أن أفراد هذا الدين لا مكانة لهم ولا منزلة لدى الله سبحانه، أو تعني أن هذا الدين لا وزن له ولا قيمة.

ثم تضيف الآية: {وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ}.

أي إنّ هؤلاء لديهم الكتاب الذي يستطيع أن ينير لهم الطريق في هذه المسائل، ومع ذلك ينطلقون في أحكامهم من التعصب واللجاج والعناد!!

ثم تقول الآية: {كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ}.

وهذه الآية الكريمة تجعل أقوال هذه المجموعة من أهل الكتاب المتعصبين شبيهة بأقوال الجهلة من الوثنيين. بعبارة اُخرى: هذه الآية تقرر أن المصدر الأساس للتعصب هو الجهل والبعد عن العلم، لأن الجاهل مطوّق بمحيطه المحدود، لا يقبل غيره، بل هو ملتصق بما ملأ ذهنه منذ صغره وإن كان خرافياً، ويرفض ما سواه.

ثم اختتمت الآية بالتأكيد على أن الحقائق إن خفيت في هذه الدنيا، فهي لا تخفى في الآخرة حيث تنكشف كل الأوراق: {فَاللهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيَما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ}.

وهذه الآية فيها أيضاً تثبيت للقلوب وطمأنة للنفوس، فهي تؤكد للمسلمين أن الطوائف التي تجهزت لمحاربتهم لا تتميز بالإِنسجام والوحدة، بل إن مجاميعها يكفّر بعضهم بعضاً، والذي يجمع بينهم على الظاهر هو الجهل، وبالتالي التعصب الناشيء عن هذا الجهل.

___________________

1- الامثل ، ناصر مكارم الشيرازي ، ج1 ، ص281-284.

2ـ واضح أن المقصود من «قالوا» ادعاء اليهود من جهة بأن الجنّة خاصة بهم، وادعاء النصارى من جهة اُخرى بأن الجنة حكراً عليهم.

قالت النصارى لهم نحوه وكفروا بموسى والتوراة.




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .