أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-08-2015
957
التاريخ: 22-11-2016
950
التاريخ: 6-12-2018
1417
التاريخ: 7-08-2015
1407
|
قبل الدخول بالموضوع اُلفت النظر إلى قصة تحكى ولها دلالتها في موضوعنا وهي: أنّ شخصاً مديناً جُلب إلى الحاكم فسأله الحاكم هل أنت مدين لهذا المدعي؟ قال: نعم، أنا مدين ولكنّي منكر للدَّين، إنّ هذه القصة تشبه تماماً موقف من ينكر علينا القول بالعصمة وفي الوقت ذاته يقول بها.
على أننا إنما نشترط العصمة في الإِمام لضمان وصول أحكام وعقائد صحيحة، ولضمان اجتناب المفارقات التي قد تنشأ من كون الإِمام غير معصوم، ولا نريد من العصمة أن تكون وساماً نضعه على صدور الأئمة فإنّ لهم من فضائلهم ما يكفيهم كما أننا لا نسبح في بحر من الطوبائية لأننا نعيش دنيا الواقع بكل مفارقاتها، إننا من وراء القول بالعصمة نربأ بالإِمام أن يكون من سنخ من نراهم من الناس، لأنّه لو كان من نفس السنخ والسلوكية فما هي ميزته حتى يحكم الناس وفي الناس من هو أكثر منه استقامة ومؤهلات وقابلية، تلك هي الأمور التي نريدها من وراء العصمة لا أنّ المعصوم من نوع آخر غير نوع الإِنسان كما قد يتصور البعض. فالعصمة في نظرنا ضابط يؤدي إلى حفظ شريعة الله تعالى نظرناً وصيانتها من البعث تطبيقياً، وأساطين السنة يذهبون لمثل ذلك ولكنّهم في الوقت نفسه ينكرون علينا القول بها وإليك نماذج من أقوالهم لتعرف صحة ما نسبناه لهم:
1 ـ الرازي:
يذهب الرازي في معرض رده على عصمة الإِمام عند الشيعة: إلى أن لا حاجة إلى إمام معصوم، وذلك لأنّ الاُمة حال إجماعها تكون معصومة لاستحالة اجتماع الأمة على خطأ، بمقتضى حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم لا تجتمع اُمتي على ضلالة (1).
ومع غض النظر عن صحة وعدم صحة هذا الحديث، نسأل هل مثل هذا الإِجماع ممكن بحيث يضم كل مسلم في شرق الأرض وغربها، قد يكون الجواب إنّ المسلمين يمثّلون في هذا الإِجماع بأهل الحل والعقد، وهنا نسأل: من هم وما عددهم؟ وهل هم محصورون في مكان معين؟ وما الدليل على ذلك؟ ثم نسأل: هل المجموع إلا ضمّ فرد إلى فرد فإذا جاز الخطأ على الأفراد جاز على المجموع المكون من الأفراد، إنّ الإِمام ابن تيمية يجيب على ذلك بأنّه لا يلزم أن يخطأ المجموع إذا أخطأ الأفراد لأنّ للجمع خاصية لا توجد في الأفراد، ومثلها مثل اللقمة الواحدة لا تشبع مجموع اللقم يشبع، والعصا الواحدة تكسر في حين مجموع العصيّ لا يكسر، إلى أن يقول قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: الشيطان مع الواحد وهو مع الإِثنين أبعد(2) وما أدري ما هو وجه الشبه بين كون اللقم تشبع بعكس اللقمة الواحدة، وبين كون المجموع يعصم والأفراد لا تعصم، وذلك لأنّ اللقمة تحمل قابلية الإِشباع بنسبة معينة فإذا ضمت إلى مثلها اجتمعت هذه الأفراد من قابلية الإِشباع فكونت إشباعاً كاملاً، وكذلك العصا تحمل نسبة من القوة فإذا ضمت لمثلها كونت قوة كافية، وأين هذا من الفرد المخطئ فإنّه لا يكوِّن نسبة من الصحة إذا ضمت لغيرها كونت مجموعاً صحيحاً، بل بالعكس فالفرد يمثل هنا نسبة من الخطأ إذا ضمت لمثلها تضاعف الخطأ وكوّن خطأً كبيراً، إنّ هذا القياس مع الفارق، هذا من ناحية، ومن ناحية اُخرى فإنّ ابن تيمية لم ينف فكرة العصمة وإنما نفى أن يكون لواحد ليس إلاّ فكأنّ العقدة أن تكون لواحد أما لو نسبت لجماعة فلا إشكال ومن ناحية ثالثة إنّه إنما اشترط العصمة للأمة من أجل الثقة وضمان سلامة الأحكام وهو عين الهدف الذي تذهب إليه الشيعة وأنا أنقل لك رأيه مفصلاً :
رأي ابن تيمية في العصمة :
قال ابن تيمية عند رده على الشيعة عند قولهم : إنّ وجود الإِمام المعصوم لابد منه بعد موت النبي وذلك لأنّ الأحكام تتجدد تبعاً للموضوعات، والأحوال تتغير وللقضاء على الإِختلاف في تفاسير القرآن وفي فهم الأحاديث وغير ذلك. ولو كانت عصمة النبي صلى الله عليه وآله وسلّم وكمال الدين كافيين لما حدث الإِختلاف، فثبت أنّه لابد من إمام معصوم يبين لنا معاني القرآن ويعين لنا مقاصد الشرع كما هو مراده إلى آخر ما ذكروه في المقام: فقال ابن تيمية: لا يسلّم أهل السنة أن يكون الإِمام حافظاً للشرع بعد انقطاع الوحي لأنّ ذلم حاصل للمجموع، والشرع إذا نقله أهل التواتر كان ذلك خيراً من نقل الواحد، فالقراء معصومون في حفظ القرآن وتبليغه، والمحدثون معصومون في حفظ الأحاديث وتبليغها، والفقهاء معصومون في الكلام والإِستدلال(3).
ويختلف هنا ابن تيمية عن الرازي فإذا كانت العصمة عند الرازي لمجموع الأمة فهي عند ابن تيمية لجماعة من الناس كالقراء والفقهاء والمحدثين، وهنا يشترط ابن تيمية العصمة لضمان حفظ مضمون الشريعة كما هو الحال عند الآخرين من الشعية وغيرهم، فما الذي أجازها لمجموعة ومنعها عن فرد؟ إنّ عدد المعصومين عند الشيعة لا يتجاوز الأربعة عشر وهم مجموعة منتخبة خصها الله تعالى بكثير من الفضائل بإجماع فرق المسلمين فلماذا نستكثر عليهم العصمة ونجيزها لغيرهم مجرد سؤال؟
رأي جمهور السنة في العصمة :
يمكن القول أنّ جمهور السنة يصححون الحديث المروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم وهو قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم» (4) ولازم هذا الحديث عصمة الصحابة كما سيرد به التصريح من بعضهم لأنّ صحة الإِقتداء بأي منهم ومتابعته في الظلم لو حصلت حال كونه مرتكباً للذنب وهو الحاصل من كونه غير معصوم فمعناه الأمر من الله تعالى باتباع العاصي والظالم ولو لنفسه وإذا لم يتابع ويعمل بما أراده النبي فإنّ معناه ترك أمر القرآن لأنّه قال: (ما أتاكم الرسول فخذوه) الآية 7 من سورة الحشر , والصحابي هنا ينقل أمر الرسول، فإن قلت إنّ الله تعالى أمرنا بأن نأخذ الحديث من العادل الثقة لقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة) الآية 6/الحجرات؛ التي دلت بمفهومها على حجية خبر العادل، ونحن لا نأخذ الأمر إلا من العادل منهم، قلت: إنّ ذلك يدل بالمفهوم على أنّ فيهم غير العادل حينئذ وهو المطلوب.
وعلي العموم إنّ لازم الحديث المذكور عصمة الصحابة، وما سمعنا من ينكر على هؤلاء فلماذا إذا قال الشيعة بعصمة أئمتهم ينتقدون؟
التفتازاني والعصمة :
يقول التفتازاني وهو من أجلاء علماء السنة في كتابه شرح المقاصد: احتج أصحابنا على عدم وجوب العصمة: بالإِجماع على إمامة أبي بكر وعمر وعثمان (رض) مع الإِجماع على أنّهم لم تجب عصمتهم، وإن كانوا معصومين بمعنى أنّهم منذ آمنوا كان لهم ملكة اجتناب المعاصي مع التمكن منها(5) وفي هذا النص اُمور:
1 ـ إنّ التفتازاني هنا يصرح بعصمة الخلفاء الثلاثة.
2 ـ يقول: إنّ عصمتهم غير واجبة بمعنى أنّهم لا يقسرون عليها وإلا فلا يتصور تعلق الأحكام بالاُمور التكوينية وإنما مجال الأحكام السلوك الإِختياري والإِستعداد لقبول العصمة أمر مخلوق فيهم.
3 ـ مفاد كلامه أنّ العصمة ملكة تمنع صاحبها من مقارفة الذنب لا على نحو سلب الإِختيار وهذا عين ما يقوله الشيعة في أئمتهم وليرجع من شاء إلى بحث العصمة في كتب الكلام الشيعية، وعلى هذا فلماذا هذه الجعجعة يا مسلمون؟
شمس الدين الأصفهاني والعصمة :
يذهب الحافظ نور محمد وشمس الدين الأصفهاني الأول في تاريخ مزار شريف، والثاني كما نقله عنه الغدير إلى أنّ الخليفة عثمان معصوم(6) وقد نقله عن كتابه مطالع الأنظار. والرجلان من علماء أهل السنة.
الإِيجي والعصمة :
يذهب عبدالرحمن الإِيجي صاحل كتاب المواقف في نفس الكتاب إلى عصمة الخلفاء وعلى النحو الذي قال به التفتازاني فيما ذكرناه عنه أي أنّها ملكة فيهم لا توجب سلب الإِختيار(7) وهو من علماء السنة وقد كشفت لنا هذه الجولة أنّ الشيعة لا ينفردون بالقول بالعصمة بل علماء السنة يذهبون لذلك، إذاً فما هو وجه نسبتها إلى عبدالله بن سبأ وما هو وجه نقد الشيعة على القول بها؟
أنا لا اُريد أن أحشد للقارئ نقد كتب السنة ومؤلفيهم حول موضوع العصمة فإنّ كتبهم طافحة بذلك، ولكن سأستعرض لك رأي كاتب يعيش في القرن العشرين وفي عصر الذرة بالذات وهو وأيم الحق من أكثر أهل السنة الذين قرأت لهم اعتدالاً في الكتابة عن الشيعة ولكن مع ذلك كله تبقى الرواسب في النفوس تعمل عملها. إنّي أعتقد أنّ هذا الرجل قد بحث في كتب الشيعة وغيرهم قبل أن يكتب كتابه وذلك لما رأيت له من كثرة المصادر مع افتراض أنّه اطلع على آراء أهل السنة في هذه المواضيع فلماذا الإِنكار على الشيعة دون الآخرين وإذا كان لم يطلع وهو ما أَستبعده، فلماذا يكتب؟
____________________
(1) المستصفى مبحث أركان الإِجماع.
(2) نظرية الإِمامة: 117.
(3) نظرية الإِمامة 120.
(4) طبقات الفقهاء للشيرازي ص3.
(5) شرح المقاصد بتوسط الغدير للأميني 9/375.
(6) الغدير نفس 9/375.
(7) الغدير لأميني 7/140. المواقف ص399.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|