أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-12-2018
1428
التاريخ: 24-5-2017
491
التاريخ: 9-1-2017
1386
التاريخ: 27-5-2017
441
|
خلق عمر ودينه:
كان عمر في نهاية النسك والتواضع، فصرف عُمَّال مَنْ كان قبله من بني أمية، واستعمل أصْلَحَ من قدر عليه، فسلك عُمَّاله طريقته، وترك لَعن علي عليه السلام على المنابر، وجعل مكانه ربنا اغفر لنا ولإِخواننا الذين سبقونا بالإِيمان، ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا، ربنا إنك غفور رحيم وقيل: بل جعل مكانه ذلك " إن اللّه يأمر بالعدل والإِحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمُنكر والبغي " الآية، وقيل: بل جعلهما جميعاً، فاستعمل الناس ذلك في الخطبة إلى هذه الغاية.
بين السدي وعمر:
لما استخلف عمر دخل عليه سالم السدي، وكان من خاصته، فقال له عمر: أسًرّكَ ما وَليتُ أم سائك. فقال: سرني للناس وساءني لك قال: إني أخاف أن أكون قد أوْبَقْتُ نفسي، قال: ما أحْسَنَ حالك إن كنت تخاف، إني أخاف عليك أن لا تخاف، قال: عِظْنِي، قال: أبونا آدم اخرج من الجنة بخطيئة واحدة.
وكتب طاووس إلى عمر: إن أردت أن يكون عملك خيراً كله فاستعمل أهل الخير، فقال عمر: كفى بها موعظة.
أول خطبة لعمر:
ولما أفضى إليه الأمر كان أولى خطبة خطب الناس بها أن قال: أيها الناس، إنما نحن من أصول قد مضت وبقيت فروعها، فما بقاء فرع بعد أصله، وإنما الناس في هذه الدنيا أغراض تنتضل فيهم المنايا، وهم فيها نُضُب المصائب مع كل جَرْعة شَرَق، وفي كل أكلة غَصَص، لا ينالون نعمة إلا بفراق أخرى، ولا يعمر معمر منكم يوماً من عمره إلا بهدم آخر من أجله.
بين عمر وعامله على المدينة
وكتب إلى عامله بالمدينة أن أقسم في ولد علي بن أبي طالب عشرة آلاف دينار، فكتب إليه: إن علياً قد وُلدَ له عدة قبائل من قريش ففي أي ولده، فكتب إليه: لو كتبت إليك في شاة تذبحها لكتبت إليّ أسود أم بيضاء، إذا أتاك كتابي هذا فاقسم في ولد عليّ من فاطمة رضوان الله عليهم عشرة آلاف دينار، فطالما تَخَطّتهم حقوقهم، والسلام.
وخطب في بعض مقاماته فقال بعد حمد اللّه تعالى والثناء عليه: أيها الناس إنه لا كتاب بعد القرآن، ولا نبي بعد محمد صلى الله عليه وسلم، ألا إني لست بقاضٍ، ولكني منفذ، ألا وإني لست بمبتدع، ولكني مُتَّبع، إن الرجل الهارب من الإِمام الظالم ليس بعاصٍ، ولكن الإِمام الظالم هو - العاصي، ألا لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
تقدير ملك الروم لعمر:
وبعث عمر وفداً إلى ملك الروم في أمر من مصالح المسلمين، وحَقّ يدعوه إليه، فلما دخلوا إذا ترجمان يفسِّرُ عليه، وهو جالس على سرير ملكه، والتاج على رأسه، والبطارقة عن يمينه وشماله، والناس على مراتبهم بين يديه، فأدى إليه ما قصدوا له، فتلقاهم بجميل، وأجابهم بأحسن الجواب، وانصرفوا عنه في ذلك اليوم، فلما كان في غداة غَدٍ أتاهم رسوله، فدخلوا عليه، فإذا هو قد نزل عن سريره ووضع التاج عن رأسه، وقد تغيرت صفاته التي شاهدوه عليها كأنه في مصيبة، فقال: هل تدرون لماذا دعوتكم. قالوا: لا، قال: إن صاحب مسلحتي التي تلي العرب جاءني كتابه في هذا الوقت أن ملك العرب الرجل الصالح قد مات، فما ملكوا أنفسهم أن بَكَوْا، فقال: ألكم تبكون، أو لدينكم، أو له، قالوا: نبكي لأنفسنا ولديننا وله، قال لا تبكوا له وابكوا لأنفسكم ما بدا لكم، فإنه قد خرج إلى خيرٍ مما خلف، قد كان يخاف أن يدع طاعة اللّه فلم يكن اللّه ليجمع عليه مخافة الدنيا ومخافة الآخرة، لقد بلغني من بره وفضله وصدقه ما لو كان أحد بعد عيسى يُحيى الموتى لظننت أنه يُحيي الموتى، ولقد كانت تأتيني أخباره باطناً وظاهراً فلا أجد أمره مع ربه إلا واحداً، بل باطنه أشد حين خلوته بطاعة مولاه، ولم أعجب لهذا الراهب الذي قد ترك الدنيا وعبد ربه على رأس صومعته، ولكنى عجبت من هذا الذي صارت الدنيا تحت قدمِهِ فزهد فيها، حتى صار مثل الراهب، أهل الخير لا يبقون مع أهل الشر إلا قليلا.
وصية الأعرج:
وكتب عمر إلى أبي حازم المدني الأعرج أن أوصني وأوْجِزْ، فكتب إليه: كأنك يا أمير المؤمنين بالدنيا لم تكن وبالآخرة لم تزل، والسلام.
ووقّعَ إلى عامل من عماله: قد كثر شاكوك، وقل شاكروك، فإما عَدَ لْتَ، وإما اعتزلت، والسلام.
زهده بعد الخلافة:
وذكر المدائني قال: كان يُشترى لعمر قبل خلافته الحلّة بآلف دينار، فإذا لبسها استخشنها ولم يستحسنها، فلما أتته الخلافة كان يُشترى له قميص بعشرة دراهم فإذا لبسه استلانة.
وخرج مع جماعة من أصحابه فمر بالمقبرة فقال لهم: قِفُوا حتى آتي قبور الأحبةِ فأسلم عليهم، فلما توسَّطها وقف فسلم وتكلم وانصرف إلى أصحابه فقال: ألا تسألوني ماذا قلت لهم وما قيل لي، فقالوا: وماذا قلت يا أمير المؤمنين وما قيل لك. قال: مررت بقبور الأحبة فسلمت عليهم فلم يردوا، ودعوت فلم يجيبوا، فبينا أنا كذلك إذا نوديت: يا عمر، أما تعرفني، أنا الذي غيرت محاسن وجوههم، ومزقت الأكفان عن جلودهم، وقطعت أيديهم، وأبَنْتُ أكفهم عن سواعدهم، ثم بكى حتى كادت نفسه أن تطفأ، فوالله ما مضى بعد ذلك إلا أيام حتى لحق بهم.
وذكر المدائني قال: كنت مطرف إلى عمر: أما بعد، فإن الدنيا دار عقوبة، لها يجمع مَنْ لا عقل له، وبها يغتر منْ لا علم له، فكن بها كالمداوي جرحه، واصبر على شدة الدواء، لما تخاف من عاقبة الداء.
بين عمر وعبد له:
ذكر بعض الأخباريين أن عمر في عنفوان حداثته جنى عليه عبد له أسود جناية، فبطحه وهمَّ ليضربه، فقال له العبد: يا مولاي، لم تضربني. قال: لأنك جنيت كذا وكذا، قال: فهل جَنَيْتُ أنت جناية قط غضب بها عليك مولاك، قال عمر: نعم، قال: فهل عًجّل عليك العقوبة، قال: اللهم لا، قال العبد: فلم تعجل علي ولم يعجل عليك. فقال له: قم فأنت حر لوجه الله، وكان ذلك سبب توبته.
بين عمر وغلام ورد عليه في وفد الحجاز:
وكان عمر يكثر هذا الكلام في دعائه فيقول: يا حليماً لا يَعْجَلُ على مَنْ عصاه.
وذكر جماعة من الأخباريين أن عمر لما ولي الخلافة وفد عليه وفود العرب ووفد عليه وفد الحجاز، فاختار الوفد غلاماً منهم، فقدَموه عليهم ليبدأ بالكلام، فلما ابتدأ الغلام بالكلام وهو أصغر القوم سنآَ قال عمر: مهلاً يا غلام، ليتكلم من هو أسَنُّ منك فهو أولى بالكلام فقال: مهلاً يا أمير المؤمنين، إنما المرء بأصغريْهِ لسانه وقلبه، فإذا منح الله العبد لساناً لافظَاَ، وقلباً حافظاً، فقد استجاد له الحلية، يا أمير المؤمنين، ولو كان التقدم بالسن لكان في هذه الأمة من هو أسن منك، قال: تكلم يا غلام، قال: نعم يا أمير المؤمنين، نحن وفود التهنئة لا وفود المرزئة قدمنا إليك من بلدنا، نحمد اللّه الذي مَنَّ بك علينا، لم يخرجنا إليك رغبة ولا رهبة، أما الرغبة فقد أتانا منك إلى بلدنا، وأما الرهبة فقد أمَّنَنَا اللّه بعدلك مِنْ جورك، فقال: عظنا يا غلام وأوجز، قال: نعم يا أمير المؤمنين، إن أناساً من الناس غرهم حلم اللّه عنهم، وطول أملهم، وحسن ثناء الناس عليهم، فلا يغرنّكَ حلم اللّه عنك، وطول أملك، وحسن ثناء الناس عليك، فتزلَّ قدمك، فنظر عمر في سن الغلام، فإذا هو قد أتت عليه بِضْعَ عَشْرَةَ سنةً، فأنشأ عمر رحمه الله يقول:
تَعَلّم فليس المرء يولد عالماً ... وليس أخو علم كمن هو جاهل
وإن كبير القوم لا علم عنده... صغير إذا التفّتْ عليه المحافل
عمر والخوارج:
وقد كان خرج في أيام عمر شوذب الخارجي، وقوي أمره فيمن خرج معه من المحكمة من ربيعة وغيرها، فحدث عباد بن عباد المهلبي، عن محمد بن الزبير الحنظلي، قال: أرسلني عمر إليهم، وأرسل معي عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، وكان خروجهم بالجزيرة، وكتب عمر معنا إليهم كتابإً، فأتيناهم كتابه ورسالته، فبعثوا معنا رجلين منهم أحدهما من بني شييان والأخر فيه حبشية وهو أحَدُّهما لساناً وعارضة، فقدمنا بهما على عمر بن عبد العزيز وهو بخناصرة، فصعدنا إليه إلى غرفة هو فيها ومعه ابنه عبد الملك وكاتبه مُزَاحم، فذكَرنا مكانهما، فقال: فَتَشوهما لئلا يكون معهما حديد، ففعلنا، فلما دخلا قالا: السلام عليك، ثم جلسا، فقال لهما عمر: أخبر إني ما الذي أخرجكم مخرجكم هذا، وما نَقَمتم علينا، فتكلم الذي فيه حبشية فقال: والله ما نقمنا عليك في سيرتك، وإنك تجري بالعدل والإِحسان، ولكن بيننا وبينك أمر إن أنت أعطيتناه فنحن منك وأنت منا، وإن منعتَنَاه فلست منا ولسنا منك، فقام عمر: وما هو. قال:
رأيناك خالفت أعمال أهل بيتك، وسميتها المظالم، وسلكت غير سبيلهم، فإن زعمت أنك على هدى وهم على ضلال فالعنهم وتبرأ منهم، فهذا الذي يجمع بيننا وبينك أو يفرق، فتكلم عمر فقال: إني قد علمت أنكم لم تخرجوا مخرجكم هذا لِدُنْياً، ولكن أردتم الآخرة وأخطأتم طريقها، وإني سائلكم عن أمور، فباللّه لتصدقنني عنها، أرأيتما أبا بكر وعمر، أليسا من أسلافكم وممن تتولونهما وتشهدون لهما بالنجاة، قالا: بلى، قال: فهل علمتم أن أبا بكر حين قبض رسول اللّه صلى الله عليه و[آله و]سلم و ارتدَّتْ العرب قاتلهم فسفك الدماء وأخذ الأموال وسَبَى الذراري. قال: نعم، قال: فهل علمتم أن عمر حين قام بعد أبي بكر در تلك السبايا إلى أصحابها. قال: نعم، قال: فهل برئ عمر من أبي بكر؟ قالا: لا، قال: أفرأيتم أهل النهروان، أليسوا من أسلافكم وممن تتولون وتشهدون لهم بالنجاة، قالا: بلى، قال: فهل علمتم أن أهل الكوفة حين خرجوا إليهم كَفُّوا أيديهم فلم يسفكوا دماً ولم يخيفوا آمناً ولم يأخذوا مالاً. قالا: نعم، قال: فهل علمتم أن أهل البصرة حين خرجوا إليهم مع الشيباني وعبد اللّه بن وهب الراسبي وأصحابه استعرضوا الناس يقتلونهم، ولقوا عبد اللّه بن حًبّاب بن الأرتِّ صاحب رسول اللّه صلى الله عليه و[آله و]سلم، فقتلوه وقتلوا جاريته، ثم صًبّحُوا حيَاً من أحياء العرب فاستعرضوهم فقتلوا الرجال والنساء والأطفال حتى جعلوا يُلقوا الصبيان في قدور الأقِطِ وهي تفور، قالا: قد كان ذلك،. قال: فهل تبرأ أهل البصرة من أهل الكوفة وأهل الكوفة من أهل البصرة. قالا: لا، قال: فهل تَبرِّءون أنتم من إحدى الطائفتين، قالا: لا، قال: أرأيتم الدين واحداً أم اثنين. قالا: بل واحداً، قال: فهل يَسَعُكم فيه شيء يعجز عني، قالا: لا، قال: فكيف وسعكم أن توليتم أبا بكر وعمر، وتولى أحدهما صاحبه، وتوليتم أهل البصرة وأهل الكوفة، وتولى بعضهم بعضاً، وقد اختلفوا في أعظم الأشياء في الدماء والفروج والأموال، ولا يسعني فيما زعمتم إلا لعن أهل بيتي والتبرؤ منهم. أرأيتم لَعْنَ أهل الذنوب فريضةً مفروضةً لا بَدّ منها، فإن كانت كذلك فأخبرني أيها المتكلم متى عَهدُك بلعن فرعون. قال: ما أذكر متى لعنته، قال: ويحك، لم لا تلعن فرعون وهو أخْبَثُ الخلق ويسعني فيما زعمت لعن أهل بيتي والتبرؤ منهم، ويحكم، إنكم قوم جُهَّال، أردتم أمراً فأخطأتموه، فأنتم تردُون على الناس ما قَبِلَه منهم رسول اللّه صلى الله عليه و[آله و]سلم ويأمن عندكم من خاف عنده، ويخاف عندكم من أمن عنده، قالا: ما نحن كذلك، قال عمر: بل سوف تقرون بذلك الآن، هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه و[آله و]سلم، بُعِث إلى الناس وهمِ عَبدَة أوثان فدعاهم إلى خَلْع الأوثان وشهادة أن لا إلهَ إلا اللّه وأن محمداَ رسول اللّه، فمن فعل ذلك حَقَنَ دمه، وأحْرَزَ ماله، ووجبت حرمته، وكانت له أسوة المسلمين، قالا: نعم، قال: أفلستم أنتم تَلْقَوْنَ من يخلع الأوثان ويشهد أن لا إلهَ إلا الله وأن محمداً رسول اللّه فتستحلوا دمه وماله، وتلقون مَنْ ترك ذلك وأباه من اليهود والنصارى وسائر الأديان فيأمن عندكم وتحرمون دمه، قال الحبشي: ما سمعت كاليوم قَطُّ حُجَّةً أبْيَنَ وأقرب مأخذاً من حجتك، أما أنا فأشهد أنك على الحق وأنا بريء ممن برئ منك، فقال عمر للشيباني: فأنت ما تقول، قال: ما أحْسَنَ ما قلت، وأبْيَنَ ما وصفت، ولكنني لا افتأت على المسلمين بأمر حتى أعرض قولك عليهم فأنظر ما حجتهم، قال: فأنت أعلم، فانصرف، وأقام الحبشي، فأمر له عمر بعطائه، فمكث خمسة عشر يوماً ثم مات، ولحق الشيباني بأصحابه فقتل معهم بعد موت عمر رحمه اللّه تعالى.
ولعمر مع الخوارج أخبار غير ما ذكرنا، ومراسلات، ومناظرات، وكذلك لمن سلف من بني أمية وغيرهم من ولاة الأمصار، وقد أتينا على ذكرها وذكر كل من سَمَّتَه الخوارج بأمير المؤمنين وخاطبته بالإِمامة من الأزارقة والأباضية والحمرية والنجدات والخلقية والصفرية وغيرهم من أنواع الحرورية، وذكرنا مواضعهم من الأرض في هذا الوقت مثل مَنْ سكن منهم من بلاد شهرزور وسجستان واصطخر من بلاد فارس وبلاد كَرْمَان وأذربيجان،و بلاد مكران وجبال عمان وهراة من بلاد خراسان والجزيرة وتاهرت السفلى وغيرها من بقاع الأرض، في كتابينا أخبار الزمان والأوسط، وما ذَكَرنا من الرد عليهم في التحكيم، وغير ذلك في كتابنا المترجم بكتاب الانتصار المفرد لفرق الخوارج، وفي كتاب الاستبصار.
وفي وفاة عمر عنه يقول الفرزدق من أبيات يَرْثيه بها:
أقول لًمّــــا نَعَى النَّاعُون لي عُمَرا ... لقَدْ نَعَيْتُمْ قَــوَامَ الحـــق والدين
قد غيبَ الرَامِسُون اليوم إذْ رَمَسُوا ... بِدَيْرِ سِمْعَان قِسْطَاسَ المَوَازِينِ
لم يُلْهِـــهِ عمْــــرَهُ عَيْنٌ يُفَجِّــــرُهَا... ولا النخيل ولا رَكْضُ البــراذين
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|