أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-09-06
263
التاريخ: 15-11-2014
3163
التاريخ: 25-04-2015
2079
التاريخ: 13-10-2014
1675
|
التفسير مأخوذ من ( فسَّر ) بمعنى : أبان وكشف .
قال الراغب : الفَسْر ، والسَفْر متقاربا المعنى كتقارب لفظيهما ، والفرق بينهما أنّ الأوّل يُستعمل في إظهار المعنى المعقول ، كقوله سبحانه : {وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا} [الفرقان : 33] أي أحسن تبييناً .
والثاني يُستعمل في إبراز الأعيان للأبصار ، يقال : أسفر الصبحُ ، أو سفرتْ المرأة عن وجهها (1) .
وأمّا في الاصطلاح فبما أنّ التفسير علم كسائر العلوم فله تعريفه وموضوعه ومسائله وغايته .
أمّا التعريف فقد عُرّف بوجوه :
1 ـ هو العلم الباحث عن تبيين دلالات الآيات القرآنية على مراد اللّه سبحانه .
وبعبارة أُخرى : إزالة الخفاء عن دلالة الآية على المعنى المقصود .
وهناك تعريفات أُخرى نشير إلى بعضها .
وعرّفه الزركشي بقوله : علم يُعرف به فهم كتاب اللّه تعالى المنزل على نبيه محمّد ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) وبيان معانيه ، واستخراج أحكامه وحِكمه (2) .
وأمّا موضوعه فهو كلام اللّه سبحانه المسمّى بالقرآن الكريم .
وأمّا مسائله فهي ما يُستظهر من الآيات بما أنّه مراده سبحانه .
وأمّا الغرض منه فهو الوقوف على مراده سبحانه في مجالي : المعارف ، والمغازي ، والقصص ، واستنباط الأحكام الشرعية منه .
ثمّ إنّ الرأي السائد بين المسلمين أنّ القرآن غير غني عن التفسير ، إمّا من جانب نفسه كتبيين معنى آية بأُختها ، أو تبيينه بكلام مَن نزل على قلبه .
يقول سبحانه : {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } [النحل : 44] ولم يقل( لتقرأ ) بل قال : ( لتُبيّن )إشارةً إلى أنّ القرآن يحتاج وراء قراءة النبي إلى تبيين ، فلو لم نقل إنّ جميع الآيات بحاجة إليه ، فلا أقل إنّ هناك قسماً منها يحتاج إليه بأحد الطريقين : تفسير الآية بالآية ، أو تفسيرها بكلام النبي ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) .
والذي يكشف عن حاجة القرآن إلى التبيين أُمور ، نذكر منها ما يلي :
1 ـ إنّ أسباب النزول ، للآيات القرآنية ، كقرائن حالية اعتمد المتكلم عليها في إلقاء كلامه بحيث لو قطع النظر عنها ، وقُصِـر إلى نفس الآية ، لصارت الآية مجملةً غير مفهومة ، ولو ضُمّت إليها تكون واضحةً شأن كل قرينة منفصلة عن الكلام ، وإن شئت لاحظ قوله سبحانه : {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [التوبة : 118] .
ترى أنّ الآية تحكي عن أشخاص ثلاثة تخلّفوا عن الجهاد حتى ضاقت عليهم الأرض بما رحبت ، فعند ذلك يسأل الإنسان نفسه ، مَن هم هؤلاء الثلاثة ؟ ولماذا تخلّفوا ؟ ولأيّ سبب ضاقت الأرض والأنفس عليهم ؟
وما المراد من هذا الضيق ؟ ثمّ ماذا حدث حتى انقلبوا وظنّوا أنّه لا ملجأ من اللّه إلاّ إليه ؟ إلى غير ذلك من الأسئلة المتراكمة حول الآية ، لكن بالرجوع إلى أسباب النزول تتخذ الآية لنفسها معنىً واضحاً لا إبهام فيه (3) .
وهذا هو دور أسباب النزول في جميع الآيات ، فإنّه يُلقي ضوءاً على الآية ويُوضّح إبهامها ، فلا غنىً للمفسّر من الرجوع إلى أسباب النزول قبل تفسير الآية كما سيوافيك تفصيله في مؤهلات المفسّر .
2 ـ إنّ القرآن مشتمل على مجملات كالصلاة والصوم والحجّ لا يُفهم منها إلاّ معاني مجملة ، غير أنّ السنّة كافلة لشرحها ، فلا غنىً للمفسّر عن الرجوع إليها في تفسير المجملات .
3 ـ إنّ القرآن يشتمل على آيات متشابهة غير واضحة المراد في بدء النظر ، وربّما يكون المتبادر منها في بدء الأمر ، غير ما أراد اللّه سبحانه ، وإنّما يُعلم المراد بإرجاعها إلى المحكمات حتى تفسّر بها ، غير أنّ الذين في قلوبهم زيغ يتّبعون الظهور البدائي للآية ؛ لإيجاد الفتنة وتشويش الأذهان ، ويجعلونه تأويل الآية أي مرجعها ومآلها ، وأمّا الراسخون في العلم فيتّبعون مراده سبحانه بعدما يظهر من سائر الآيات التي هي أُمّ الكتاب .
قال سبحانه : {مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ} [آل عمران : 7].
وعلى هذا لا غنى من تفسير المتشابهات بفضل المحكمات ، وهذا يرجع إلى تفسير القرآن نفسه بنفسه ، والآية بأُختها .
4 ـ إنّ القرآن المجيد نزل نجوماً ؛ لغاية تثبيت قلب النبي طيلة عهد الرسالة .
قال سبحانه : {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا } [الفرقان : 32] فمقتضى النزول التدريجي تفرّق الآيات الباحثة عن موضوع واحد في سور مختلفة ، ومن المعلوم أنّ القضاء في موضوع واحد يتوقف على جمع الآيات المربوطة به في مكان واحد حتى يستنطق بعضها ببعض ، ويستوضح بعضها ببعض آخر ، وهذا ما يُشير إليه الحديث النبوي المعروف : ( القرآن يفسّر بعضه بعضاً ) (4) .
وقال الإمام علي ( عليه السَّلام ) : ( كِتَابُ اللَّهِ تُبْصِرُونَ بِهِ ، وَ تَنْطِقُونَ بِهِ وَ تَسْمَعُونَ بِهِ ، وَ يَنْطِقُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ ، وَ يَشْهَدُ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ ، وَ لا يَخْتَلِفُ فِي اللَّهِ ، وَ لا يُخَالِفُ بِصَاحِبِهِ عَنِ اللَّهِ ) (5) .
وفي كلامه ( عليه السَّلام ) ما يُعرب عن كون الرسول ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) هو المفسّر الأوّل للقرآن الكريم يقول : ( خلّف فيكم ( أي رسول اللّه ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) ) كتابَ رَبِّكم ، مبيّناً حلالَه وحرامَه ، وفرائضَه ، وفضائلَه وناسخَه ومنسوخَه ، ورُخَصَه وَعَزَائمَه ، وخاصَّه وعامَّه ، وعِبَره وأمثالَه ، ومُرسَلَه وَمَحْدوده ، ومُحْكَمه ومتشابهه ، مفسِّـراً مجمله ، ومبيِّناً غوامضه ) (6) .
وهذه الوجوه ونظائرها تُثبت أنّ القرآن لا يستغني عن التفسير .
سؤال وإجابة
أمّا السؤال : فربّما يُتصور أنّ حاجة القرآن إلى التفسير ينافي قوله سبحانه : {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} [القمر : 17] .
ونظيره قوله سبحانه في موارد مختلفة : {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء : 195] فإنَّ تَوصيف القرآن باليسر وَكَونِه بِلسان عَرَبي مُبين يهدفان إلى غناه عن أيّ إيضاح وتبيين .
وأمّا الإجابة : فإنّ وصفه باليُسر ، أو بأنّه نزل بلغة عربية واضحة يهدفان إلى أمر آخر ، وهو أنّ القرآن ليس ككلمات الكَهَنة المركّبة من الأسجاع والكلمات الغريبة ، ولا من قبيل الأحاجي والألغاز ، وإنّما هو كتاب سهل واضح ، مَن أراد فهمه ، فالطريق مفتوح أمامه ، وهذا نظير ما إذا أراد رجل وصف كتاب أُلّف في علم الرياضيات أو في الفيزياء أو الكيمياء فيقول : أُلّف الكتاب بلغة واضحة وتعابير سهلة ، فلا يهدف قوله هذا إلى استغناء الطالب عن المعلِّم ؛ ليوضّح له المطالب ويفسّر له القواعد .
ولأجل ذلك قام المسلمون بعد عهد الرسالة بتدوين ما أُثر عن النبي أو الصحابة والتابعين أو أئمة أهل البيت ( عليهم السَّلام ) في مجال كشف المراد وتبيين الآيات ، ولم تكن الآيات المتقدّمة رادعةً لهم عن القيام بهذا الجهد الكبير .
نعم إنّ المفسّرين في الأجيال المتلاحقة ارتووا من ذلك المنهل العذب ( القرآن ) ولكلِّ طائفة منهم منهاج في الاستفادة من القرآن والاستضاءة بأنواره ، فالمنهل واحد والمنهاج مختلف : {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدة : 48] .
___________________________
1 ـ مقدمة التفسير : 33 .
2 ـ البرهان في علوم القرآن : 1 / 33 .
3 ـ سيوافيك الكلام في الآية أيضاً عند البحث عن مؤهلات المفسّر لاحظ : 39 .
4 ـ حديث معروف مذكور في التفاسير ولم نقف على سنده ، ولكن يوجد مضمونه في كلام الإمام علي ( عليه السَّلام ) التالي .
5 ـ نهج البلاغة : الخطبة رقم 133 .
6 ـ نهج البلاغة : الخطبة رقم1 . والظاهر أنّ قوله : مبيِّناً ، بيان لوصف النبي ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) ، والضمائر ترجع إلى القرآن الكريم لا إلى اللّه سبحانه .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|