أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-12-2017
802
التاريخ: 9-11-2017
1004
التاريخ: 17-11-2017
724
التاريخ: 16-7-2019
954
|
الشبهة :
قالوا: ما تقولون إنّ اللّه يبعث الرسل به من الشرائع لا يخلو من أن يكون موافقا لما في العقول أو مخالفا لما فيها ، وإرسالهم بما يخالف ما في العقول قبيح، لأنّ ما يخالف العقل قبيح، وإرسالهم بما يوافق ما في العقول عبث لا يجوز عليه تعالى لأنّ العقول قد أغنت عنهم في ذلك.
والجواب عن هذه الشّبهة أن يقال :
لا نخالفكم في أنّه تعالى لا يبعث الرسل بما يخالف ما في العقل. وأمّا إرسالهم بما يوافق ما في العقول، فما تريدون بما يوافق ما في العقل؟ تريدون به ما يكتفي بالعقل في العلم بوجوبه وحسنه ؟ أم تريدون به ما لا يكتفي بالعقل في العلم بوجوبه وحسنه ولكن يكون بحيث لو انكشف للعاقل حاله يحكم بوجوبه او حسنه؟
إن أرادوا الوجه الاوّل، قلنا: ما كلّ ما جاء به الرسل، هذا سبيله وهو أن يكتفي بالعقل في العلم بوجوبه وحسنه.
وإن أرادوا به الوجه الثاني فصحيح، ولا يكون بعثهم بذلك عبثا، لأنّ في بعثهم فائدة وهي أنّا نعلم بورودهم وجوب ما لا يكفي العقل في العلم بوجوبه وإن كان لو أطّلع العقل على حاله لحكم بوجوبه ...
ما حال ما يأتي به الرسل في شرائعهم من التعبّدات العجيبة، إلّا كحال الأطبّاء فيما يأمرون به المرضى من تناول الأدوية المرّة البشعة التي تنفر عنه الطباع وتعافه النفوس، لأنّ ذلك أيضا ليس مخالفا لقضية العقل، بل هو موافق لها، ولكن موافقة لا يستقلّ العقل بدركها دون الطبيب، من حيث أنّ العقل يقضي بحسن تناول ما ينفع ويدفع أذيّة المرض، بل بوجوبه على الجملة، ولكنّه لا يطلع على ثبوت هذا الوصف فيما يأمر به الطبيب المريض من المداواة، ولو اطّلع عليه لحكم بوجوبه فالطبيب يرشد المريض إليه ويبيّن له أنّ تناول ذلك الدواء نافع له دافع عنه مضرّة مرضه ثمّ عند ذلك يقضي العقل بوجوبه تعيينا.
كذلك العقل يقضي بأن ما يدعونا إلى الخير ويصرفنا عن الشّر حسن بل واجب، وأن ما يصرفنا عن الخير ويدعونا إلى الشرّ قبيح، ولكنّه لا يطّلع على ثبوت هذين فيما يأمرنا به الشرع وينهانا عنه، ولو أطّلع عليه لحكم بوجوب البعض وقبح البعض. فالنبيّ يبيّن لنا ثبوت هذين الوصفين فيما يأمرنا به الشرع وينهانا عنه على الجملة أو على التعيين، ثمّ عند ذلك يقضي العقل بوجوب ما يأمرنا به الشرع وقبح ما ينهانا عنه تعيينا. فعلى هذا التقرير، الأنبياء عليهم السلام أطبّاء الأديان، كما انّ الأطبّاء أطبّاء الأبدان.
فانكشف بما ذكرنا أنّ النبيّ لا يأتي إلّا بما يوافق العقل ولكن موافقة لا يستغنى فيها عنهم عليهم السلام، واندفعت شبهة البراهمة بحمد اللّه ومنّه. على أنّهم لو أتوا بما يوافق قضيّة العقل تعيينا، كأن يأمروا بردّ الأمانات وقضاء الدين وشكر المنعمين وينهوا عن الظلم والكذب والعبث وغيرها من القبائح العقلية، ولم يأتوا بشيء آخر، لما لزم أن تكون بعثتهم عبثا قبيحا إذا علم تعالى أنّ عند تأكيدهم هذه العقليّات ودعوتهم إليها يطيع إقداما واحجاما أو إقداما أو إحجاما من كان لا يطيع لولا دعوتهم ...
وقد اختلف أبو عليّ وأبو هاشم في جواز بعثة نبيّ من غير شرع، فجوّز أبو علي ذلك، وأجازه المتكلّمون قبله، ولم يجوّزه أبو هاشم. وقال قاضي القضاة من أصحاب أبي هاشم إنّه لا يحسن بعثته إلّا بأن يعرّف ما لا يعلم إلّا من جهته، كتعريفه المصالح الشرعيّة أو القطع على عقاب الكفّار والفساق، أو يحيي شرعا قد اندرس.
واحتجّ أبو هاشم في تصيح مذهبه: بأنّ العقل، كاف في معرفة العقليّات، فبعثته لتعريفها عبث، ولأنّ ما اقتضى بعثته مقتض أيضا وجوب النظر في معجزه. وإنّما يجب النظر فيه إذا خاف المكلّف في ترك النظر في معجزه أن يفونه ما لا يمكنه العلم به، وبعثته بالعقليّات لا يوجب النظر في معجزه وإن قال الرسول لهم: إن شئتم انظروا في معجزي وإن شئتم لا تنظروا فيه، نفرّ ذلك عنه.
فصحّ أنّه لا بدّ من شرع يبعث به.
قال: فإن قيل: ما أنكرتم أن يكون دعاؤه إيّاهم إلى العقليّات مصلحة لهم، فيلزمهم النظر في معجزه أو يكون معرفتهم بنبوّته مصلحة لهم، فيلزمهم النظر في معجزه.
قيل: لو جاز أن يجب النظر عليهم لما ذكره السائل، لجاز ظهور المعجز على المصالح ويجب النظر فيه لما يكون فيه من المصلحة، وذلك يوجب التنفير عن النبيّ...
ولقائل أن يقول: قد بيّنا جواز ذلك وأنّه لا يوجب التنفير عن النبيّ، فيلزم تجويز ما قاله أبو عليّ ومن كان قبله.
وأورد أصحاب أبي هاشم سؤالا على أنفسهم، فقالوا: أليس يحسن بعثة نبيّ بعد نبيّ وإظهار معجز بعد معجز وإن وقع الاستغناء بواحد؟ فلم لا يجوز أن يبعث اللّه نبيّا بالعقليّات وإن وقع الاستغناء منه بالعقل؟
وأجابوا عنه بأن قالوا: إنّا لا نجوّز ذلك، إلّا إذا كان فيه مزيد فائدة، كأن تتعلّق المصلحة بأدائهما الشرع، ولا تحصل تلك المصلحة بالواحد منهما، وكذلك هذا في المعجز الثاني، أو يستبدل بعض الناس بأحدهما والآخرون بالثاني، لأنّه بلغهم دون الثاني.
ولقائل أن يقول: إنّ أبا عليّ أيضا لا يجوّز بعثة النبيّ بمجرّد ما في العقل، إلّا إذا حصلت فيهما مزيّة لا تحصل من دونها، نحو أن يكون دعاؤه إيّاهم إلى العقليّات لطفا ومصلحة لهم.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مستشفى العتبة العباسية الميداني في سوريا يقدّم خدماته لنحو 1500 نازح لبناني يوميًا
|
|
|