المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 8120 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تنفيذ وتقييم خطة إعادة الهيكلة (إعداد خطة إعادة الهيكلة1)
2024-11-05
مـعاييـر تحـسيـن الإنـتاجـيـة
2024-11-05
نـسـب الإنـتاجـيـة والغـرض مـنها
2024-11-05
المـقيـاس الكـلـي للإنتاجـيـة
2024-11-05
الإدارة بـمؤشـرات الإنـتاجـيـة (مـبادئ الإنـتـاجـيـة)
2024-11-05
زكاة الفطرة
2024-11-05

الأهمية الطبية البيولوجية للاحماض الامينية
1-4-2021
تصوير الطبيعة الصامتة Still Life
29-12-2021
تركيب ارضيات البولي فينيل كلوريد الملدن - التنفيذ
2023-08-15
The Sun’s geocentric behaviour
26-7-2020
مغطيات التربة
15-2-2016
Helmholtz Differential Equation--Oblate Spheroidal Coordinates
18-7-2018


دلالة صيغة الأمر على الفور أو التراخي  
  
7745   01:50 مساءاً   التاريخ: 16-10-2016
المؤلف : عبد الله بن محمّد البشروي الخراساني
الكتاب أو المصدر : الوافية في أصول الفقه
الجزء والصفحة : ص76
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / علم اصول الفقه / المباحث اللفظية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-9-2016 1321
التاريخ: 29-8-2016 5165
التاريخ: 8-8-2016 1549
التاريخ: 7-6-2020 1661

اختلفوا في دلالة صيغة الامر على الفور أو التراخي ، على أقوال (1) : ثالثها : أنها لا تدل على شيء منهما (2) وهو الحق ، إلا أن الاقوى وجوب التعجيل في الامر المجرد عن القرائن، فههنا أيضا مقامان :

الاول : عدم الدلالة على الفور ولا على التراخي.

ولنا فيه : أن المتبادر من الامر ليس إلا طلب الفعل من غير فهم شيء من الاوقات والازمان منه ، وهو ظاهر (3).

الثاني : وجوب المبادرة إلى امتثال الفعل المأمور به ، وليس المراد بالفور ـ في المقام الثاني ـ المبادرة بالفعل في أول أوقات الامكان ، بل ما يعد به المكلف الفاعل عرفا مبادرا ومعجلا ، وغير متهاون ومتكاسل (4) ، وهذا أمر يختلف بحسب اختلاف الآمر والمأمور والفعل المأمور به ، مثلا : إذا أمر المولى عبده بسقي الماء ، فبتأخيره ساعة تفوت الفورية ، ويعد العبد متهاونا.

وإذا أمره بالخروج إلى مصر (5) بعيد الغاية ـ كالهند ـ فبتأخر اسبوع بل شهر لا تفوت الفورية، ولا يعد متهاونا.

والدليل عليه من وجوه :

الاول : أن جواز التأخير على تقديره ليس إلى (6) غاية معلومة ، إذ لا دلالة للصيغة على غاية معلومة ، ولو استفيدت (7) الغاية من أمر خارج ، يخرج عن محل النزاع ، لأنه يصير من قبيل المؤقت ، والكلام في غيره (8).

وما يقال من أن كل أمر ـ على هذا ـ يكون مؤقتا ، فلا يجب الفور في شيء أصلا ، لان الغاية هي ظن الموت ، فإذا حصل ذلك الظن ، تصير العبادة مضيقة.

فهو باطل :

لان (9) ظن الموت قلما يحصل.

وعلى تقديره : لا دليل على اعتبار هذا الظن شرعا حتى يمكن الحكم به بتضييق عبادة ثبت من الشرع توسعتها.

وعلى تقدير التسليم : فبعد حصول هذا الظن ، قلما يتمكن المكلف من الامتثال ، إذ حصول هذا الظن في صحة من الجسم وكمال من العقل ، من خوارق العادة ، بل هو على تقديره إنما يكون عند شدة المرض ، وحينئذ لا يتمكن الانسان من فعل ما يحتاج إلى زيادة إتعاب النفس ، كالحج والصوم والجهاد ، ونحوها ، بل الصلاة أيضا إذا كانت كثيرة ، فنقول في الاستدلال : إن جواز التأخير لا إلى غاية ، يفضي إلى خروج الواجب عن الوجوب فيكون منتفيا (10) فيكون الفور واجبا. والمقدمتان في غاية الظهور.

وما يقال من : أن الواجب ما لا يجوز تركه على وجه ما ، فلا يخرج شيء من الوجوب ، إذ يصدق على كل واجب أنه بحيث لو حصل ظن المكلف بفوته ، وتمكن من الفعل ، فهو غير جائز الترك حينئذ.

فهو من المزخرفات ، لان تحديد الوجه في هذا التعريف ، بحيث يسلم طرده من الندب بل من المباح ، مما لا يكاد يمكن إلا بالتكلفات الباردة البعيدة جدا.

وأيضا : قد عرفت ما في غائية الظن بالموت (١1).

وأيضا : كيف يتصور وصف العبادة بالوجوب باعتبار وصف نادر التحقق فيها؟! وكذا ما يقال من « أن الواجب ما لا يجوز تركه لا إلى بدل » والعزم هنا واجب ، لان بدلية العزم على الاطلاق توجب إخراج الواجب عن الحتمي.

وأيضا : لا دليل على وجوب العزم ، ولا على بدليته ، على تقدير الوجوب.

فإن قلت : هذا الدليل ينتقض بما لو صرح بجواز التأخير ، ولا نزاع في إمكانه.

قلت : جواز التأخير ـ في جميع أزمنة صحة الجسم والتمكن من الفعل ـ لا نسلم أنه يمكن تصريح الحكيم (1٢) به ، لأنه سفه ومناف لغرضه.

نعم ، صراحة جواز التأخير على الاطلاق ، توجب أن يدخل في زمن جواز التأخير بعض الازمنة ، التي يعد التارك فيها متهاونا مضيعا ، لولاها.

الثاني : أن التأخير بما ينافي الفورية المذكورة ، يعد في العرف تهاونا ومعصية (1٣) ، فيكون حراما ، فيكون الفور واجبا ، إذا كان الآمر ممن ثبت وجوب امتثاله.

ولا يتوهم من هذا : صيرورة الفورية مدلولا لصيغة الامر ، فينافي ما في المقام الاول.

لان قضاء العرف بذلك ، لا يلزم أن يكون لأجل وضع اللفظ له ، ولا يلزم أن يكون جميع صفات الشيء وآثاره وأحكامه ، من مدلولات لفظه.

الثالث : إدعاء (14) السيد الاجل المرتضى ، الاجماع على أن الامر المطلق يحمل على الفور، حيث قال في الذريعة ، في بحث أن الامر للوجوب ، أولا؟ : « ونحن ، وإن ذهبنا إلى أن هذه اللفظة مشتركة في اللغة بين الايجاب والندب ، فنحن نذهب إلى أن العرف الشرعي المتفق المستمر قد أوجب أن يحمل مطلق هذه اللفظة ـ إذا وردت عن الله تعالى أو عن رسول الله صلى ‌الله‌ عليه ‌وآله ‌وسلم ـ على الوجوب دون الندب ، وعلى الفور دون التراخي ، وعلى الاجزاء » (15) ، واحتج عليه ب‍ « أن الصحابة والتابعين ، وتابعي التابعين ، حملوا كل أمر ورد في الكتاب والسنة مجردا ، على الفور ، والوجوب ، والاجزاء، ولم ينكر أحد ذلك ، وإذا احتج واحد بأمر عليه ، لم ينكر خصمه ، بل يسلم منه ذلك » (16) ثم قال : « وأما أصحابنا معشر الامامية فلا يختلفون في هذا الحكم الذي ذكرناه ، وقد مر غير مرة : أن إجماعهم حجة» (17) انتهى.

فان قلت : الاجماع المنقول بخبر الواحد لا يفيد إلا الظن ، والمسألة من المطالب الكلية ، التي يجب تحصيل العلم بها.

قلت : إفادة الظن من الخبر الواحد أكثري ، وقد يفيد القطع اذا احتف بالقرائن ، والظاهر كون هذا الخبر كذلك.

ولو سلم ، فلا نسلم كون المسألة من المطالب العلمية ، بل هي من المطالب المتعلقة بمقتضيات الالفاظ ، وقد صرحوا بالاكتفاء بالظن فيها ، لعدم إمكان تحصيل القطع فيها.

ولو سلم كونها من غير تلك المطالب ، فلا نسلم وجوب تحصيل القطع في غير المعارف الالهية.

ولو سلم ، فلا نسلم وجوب تحصيل القطع فيما لا يمكن فيه ذلك ، لأنه تكليف بالمحال ، والمسألة كذلك ، إذ كل من القول بالفور والتراخي والاشتراك وطلب الماهية والتوقف ، مبني على الادلة الظنية ، كما لا يخفى.

وأيضا : اشتراط القطع في الاصول مطلقا ، وسيما في اصول الفقه ـ كعدمه ـ مبني (١8) على الادلة الظنية ، كالآيات القرآنية ونحوها ، والاصل ونحوه.

فإن قلت : كلام المرتضى ـ كما فهمه بعض الاصحاب (19) ـ دال على أن الوجوب والفور والاجزاء ، من مدلولات الامر في الشرع ، فليس الاجماع واردا على المدعى.

قلت : لا ظهور لكلام السيد في ذلك ، إذ هو ما زاد على القول بوجوب حمل الامر عليه ، ولم يذكر بأنه مما وضع له اللفظ في العرف الشرعي ، فتأمل.

الرابع : قوله تعالى : {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} [البقرة: 148] ، ولا شك أن فعل المأمور به من الخيرات.

وقوله تعالى : {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ} [آل عمران: 133] ، حيث إن مسارعة العبد إلى المغفرة غير متصورة ، لانها من فعل الله تعالى ، فالمراد ـ والله أعلم ـ سببها ، وفعل المأمور به سببها ، كما قال تعالى : {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: 114].

وإضمار سبب خاص ـ كالتوبة ـ ترجيح بلا مرجح ، لا دليل عليه.

وأيضا : حذف المفعول هنا ، إنما هو ليذهب ذهن السامع كل مذهب ، وكل سبب للمغفرة (20).

وما قيل : (٢1) : « بأن ذلك محمول على أفضلية المسارعة والاستباق ، لا على وجوبهما ، وإلا لوجب الفور ، فلا تتحقق المسارعة والاستباق ، لانهما إنما يتصوران في الموسع دون المضيق ، ألا ترى أنه لا يقال لمن قيل له : ( صم غدا ) فصام ـ : إنه سارع إليه واستبق ، والحاصل أن العرف قاض بأن الاتيان بالمأمور به ، في الوقت الذي لا يجوز تأخيره عنه ، لا يسمى مسارعة واستباقا ، فلابد من حمل الامر في الآيتين على الندب ، وإلا لكان مفاد الصيغة فيهما منافيا لما تقتضيه المادة ، وذلك ليس بجائز ، فتأمل » (22) انتهى كلامه بعبارته.

فوهنه وضعفه ظاهر ، لأنه مبني على اشتباه المؤقت بغيره ، فإنه توهم أن الواجب الفوري يصير مؤقتا مضيقا كالصوم ، وليس كذلك ، إذ المؤقت ـ موسعا كان أو مضيقا ـ يصير قضاء‌ا بخروج وقته ، وقد يسقط به كصلاة العيد ، بخلاف غير المؤقت كإزالة النجاسة من المسجد ، وقضاء الصلوات اليومية على المشهور ، والحج ، ونحوها ، فإن فيه وإن حصل الاثم بالتأخير، إلا أنه أداء لازم الفعل في كل وقت ، فالاستباق والمسارعة يتصوران في المضيق غير الموقت، وقضاء العرف بما ادعاه فيه ظاهر البطلان.

وما توهم من منافاة مادة الامر فيها لصيغته حينئذ ـ بناء‌ا على أن المادة تقتضي إمكان التأخير ، وصورته تقتضي المنع من التأخير ـ فهو باطل ، إذ المادة لا تقتضي إلا كون الفعل أداء‌ا ، وصحيحا على تقدير التأخير ، ولا تقتضي جواز التأخير ومشروعيته (23).

وهو في غاية الظهور ، ولا يبعد كون أمره بالتأمل ، إشارة إلى ما ذكرناه.

واحتج من قال بالدلالة على الفور ، بأدلة : بعضها غير مناف لما مر ، وبعضها غير صحيح ، كالقياس على النهي ، وعلى الايقاعات ، ولزوم ثبوت بدل ـ هو العزم ـ على تقدير التراخي ، من غير دليل ، ونحو ذلك (24).

واحتج من قال بالتراخي ـ بمعنى جواز التأخير لا وجوبه ، إذ لم يذهب اليه أحد على الظاهر ـ بأن الامر المطلق لا توقيت فيه، فلو أراد وقتا معينا لبينه ، فإذا فقدنا البيان ، علمنا أن الاوقات متساوية في إيقاعه (25).

والجواب :

بالوفاق ، إن أراد نفي الدلالة على الفور.

وإن أراد نفيه مطلقا ، فنقول : البيان بعدم تساوي الاوقات ، موجود في العقل والنقل كما مر.

____________

1 ـ فقد ذهب السيد المرتضى إلى أن الامر المطلق مشترك بينهما : الذريعة : ١ / ١٣٢. وذهب الشيخ الطوسى إلى انه يقتضي الفور : العدة : ١ / ٨٥ ، وبه قالت الحنفية ، كما في المحصول : ١ / ٢٤٧ ، المنتهى : ٩٤ ، والحنابلة ، كما في المنتهى : ٩٤.

2 ـ ذهب اليه الشافعي ، كما في : المنتهى : ٩٤ ، واختاره الفخر الرازي : المحصول : ١ / ٢٤٧ ، والمحقق الحلّي : معارج الاصول : ٦٥ ، وابن الحاجب : المنتهى : ٩٤ ، والعلامة الحلّي : تهذيب الوصول : ٢٢ : والمحقق الشيخ حسن : معالم الدين: ٥٦.

3 ـ انظر مصادر البحث السابق.

4 ـ كذا الظاهر ، وفي النسخ : متكاهل.

5 ـ كذا في ب ، وفي سائر النسخ : سفر.

6 ـ في ط : ليس له.

7 ـ كذا في ط ، وفي الاصل وأ : استفاد ، وفي ب : استفادة.

8 ـ الذريعة : ١ / ١٣٣ ، المحصول : ١ / ٢٥٠.

9 ـ في ط : لا أن.

10 ـ في ط : منفيا.

1١ ـ في ب : غايته ، وفي ط : غائته بالموت.

12 ـ في أ و ط : الحكم.

13 ـ الذريعة : ١ / ١٣٢ ، المحصول : ١ / ٢٥١.

14 ـ في ط : ادعى.

15 ـ الذريعة : ١ / ٥٣.

16 ـ هذا تلخيض لكلام السيد في الذريعة : ١ / ٥٤.

17 ـ الذريعة : ١ / ٥٥.

18 ـ زاد في ط : أيضا.

19 ـ الظاهر انه صاحب المعالم كما يظهر ذلك مما ذكره في الرد على استدلال السيد المرتضى : معالم الدين : ٥٨.

20 ـ الذريعة : ١ / ١٣٤ ، المحصول : ١ / ٢٤٩.

21 ـ والقائل هو صاحب المعالم تبعا لغيره. ( منه ).

22 ـ معالم الدين : ٥٧ ـ ٥٨.

23 ـ في أ : وصورته تقتضي المنع من التأخير ومشروعيته. بدل قوله : ولا تقتضي إلى آخره.

24 ـ تجدها في : الذريعة : ١ / ١٣٢ ـ ١٣٤ ، المحصول ١ / ٢٤٩ ـ ٢٥١ ، معالم الدين : ٥٦ ـ ٥٨ ، وقد استدل الشيخ الطوسي بالاخير منها : العدة : ١ / ٨٦.

25 ـ حكاه في : الذريعة : ١ / ١٤١.




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.