أقرأ أيضاً
التاريخ: 6-5-2022
1992
التاريخ: 27-4-2021
2741
التاريخ: 28-3-2020
2599
التاريخ: 23-4-2020
1636
|
أن المال مثل حية فيها سم و ترياق ، فغوائله سمه ، و فوائده ترياقه ، فمن عرفهما أمكنه أن يحترز من شره و يستدر منه خيره.
ولبيان ذلك نقول : إن غوائله إما دنيوية أو دينية :
والدنيوية : هي ما يقاسيه أرباب الأموال : من الخوف ، و الحزن ، و الهم ، و الغم ، و تفرق الخاطر، و سوء العيش ، و التعب في كسب الأموال و حفظها ، و دفع الحساد و كيد الظالمين وغير ذلك.
و الدينية : ثلاثة أنواع :
أولها - أداؤه إلى المعصية : إذ المال من الوسائل إلى المعاصي ، و نوع من القدرة المحركة لداعيتها , فإذا استشعرها الإنسان من نفسه ، انبعثت الداعية ، واقتحم في المعاصي ، و ارتكب أنواع الفجور , و مهما كان آيسا عن القدرة لم يتحرك داعية إليها : إذ العجز قد يحول بين المرء و بين المعصية ، و من العصمة ألا يقدر، و أما مع القدرة فإن اقتحم ما يشتهيه هلك ، و إن صبر وقع في شدة , إذ الصبر مع القدرة أشد ، و فتنة السراء من فتنة الضراء أعظم.
و ثانيها - أداؤه إلى التنعم في المباحات : فإن الغالب أن صاحب المال يتنعم بالدنيا و يمرن عليه نفسه ، فيصير التنعم محبوبا عنده مألوفا ، بحيث لا يصبر عنه ، و يجره البعض منه إلى البعض , و إذا اشتد ألفه به و صار عادة له ، ربما لم يقدر عليه من الحلال ، فيقتحم في الشبهات و يخوض في المحرمات : من الخيانة ، و الظلم ، و الغصب ، و الرياء ، و الكذب و النفاق ، و المداهنة ، و سائر الأخلاق المهلكة ، و الأشغال الردية ، لينتظم أمر دنياه و يتيسر له تنعمه.
وما أقل لصاحب الثروة و المال ألا يصير التنعم مألوفا له ، إذ متى يقدر أن يقنع بخبز الشعير و لبس الخشن و ترك لذيذ الأطعمة بأسرها ، فإنما ذلك شأن نادر من أولي النفوس القوية القدسية كسليمان بن داود (عليه السلام) و أمثاله , على أن من كثر ماله كثرت حاجته إلى الناس ، و من احتاج إلى الناس فلا بد أن ينافقهم و يسخط اللّه في طلب رضاهم ، فإن سلم من الآفة الأولى أعني مباشرة المحرمات ، فلا يسلم من هذه أصلا , و من الحاجة إلى الناس تثور العداوة و الصداقة ، و يحصل الحقد ، و الحسد ، و الكبر، و الرياء ، و الكذب ، و الغيبة ، و البهتان و النميمة ، و سائر معاصي القلب و اللسان ، و كل ذلك يلزم من شؤم المال و الحاجة إلى حفظه وإصلاحه.
وثالثها - و هو الذي لا ينفك عنه أحد من أرباب الأموال ، وهو أنه يلهيه إصلاح ماله و حفظه عن ذكر اللّه تعالى ، وكل ما يشغل العبد عن اللّه تعالى فهو خسران و وبال.
ولذا قال روح اللّه (عليه السلام) : «فى المال ثلاث آفات ، أن يأخذه من غير حله» ، فقيل : إن أخذه من حله؟, قال : «يضعه في غير حقه» ، فقيل : إن وضعه في حقه؟ , فقال : «يشغله إصلاحه عن اللّه».
وهذا هو الداء العضال ، إذ أصل العبادات و روحها و حقيقتها هو الذكر و الفكر في جلال اللّه تعالى ، و ذلك يستدعي قلبا فارغا , و صاحب الضيعة يصبح و يمسى متفكرا في خصومة الفلاح و محاسبته و خيانته ، و منازعة الشركاء و خصومتهم في الماء و الحدود ، و خصومة أعوان السلطان في الخراج ، و خصومة الإجراء في التقصير في العمارة و غير ذلك , و صاحب التجارة يكون متفكرا في خيانة الشركاء و انفرادهم بالربح و تقصيرهم في العمل و تضييعهم المال ، و يكون غالبا في بلاد الغربة متفرق الهم محزون القلب من كساد ما يصحبه من مال التجارة , و كذلك صاحب المواشي و غيره من أرباب أصناف الأموال , و أبعدها عن كثرة الشغل النقد المكنون تحت الأرض ، و صاحبه أيضا لا يزال متفكرا مترددا فيما يصرف إليه ، و في كيفية حفظه ، و في الخوف ممن يعثر عليه ، و في دفع طمع الخلق منه , و بالجملة : أودية أفكار أهل الدنيا لا نهاية لها ، و الذي ليس معه إلا قوت يومه أو سنته ، و لا يطلب أزيد من ذلك ، فهو في سلامة من جميع ذلك.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|