أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-9-2016
275
التاريخ: 29-6-2019
327
التاريخ: 14-9-2016
234
التاريخ: 13-9-2016
251
|
هي المفاهيم الكليّة التي يكون ظرف وجودها وظرف تحقّقها هو الذهن وليس لها ارتباط بالخارج أصلا ، نعم هي لها نحو ارتباط بالمعقولات الأوليّة المرتبطة بالخارج ، فإذا كان للمعقولات الثانية ارتباط بالخارج فهو بواسطة المعقولات الأوليّة ، ولأنّ ظرف وجود وتحقّق المعقولات الثانية هو الذهن لذلك هي لا تصدق على الأعيان الخارجيّة ، وانّما تصدق على ما ظرفه الذهن فحسب.
والمعقولات الثانية تنقسم الى قسمين :
القسم الأوّل : المعقولات الثانية المنطقيّة ، وهي عبارة عن المفاهيم المنطقيّة مثل الكليّة والجزئيّة والنوع والجنس والعرض الخاصّ والعامّ والقضيّة والموضوع والمحمول ، فكلّ هذه المفاهيم المنطقيّة معقولات ثانية منطقيّة.
وتلاحظون انّ أيّ واحد من هذه المفاهيم لا تتّصف بها لأعيان الخارجيّة وانّما تتّصف به المعقولات الأوليّة بعد ان تلقاها العقل عن الخارج وحولها الى مفاهيم كليّة ، فالمتّصف بهذه المفاهيم انّما هي المعقولات الأوليّة التي لا وجود لها في الخارج ، كما انّ ظرف اتّصاف المعقولات الأوليّة بالمفاهيم المنطقيّة هو الذهن فحسب.
فلا يقال : « انّ زيدا نوع ولا فصل ولا عرض خاص ولا عام ، كما لا يقال عنه انّه موضوع أو محمول ، نعم يقال لمفهوم الانسان والذي هو معقول أولي نوع ويقال للناطق انّه فصل والماشي عرض عام والضاحك عرض خاصّ ، كما يقال الإنسان موضوع والضاحك محمول ، كما لا يقال انّ زيدا جزء ، لأنّ الجزء مفهوم منطقي معناه ما يمتنع فرض صدقه على كثيرين والحال انّ زيدا الخارجي ليس مفهوما ، وهكذا لا يقال عن زيد انّه موضوع ، وذلك لأنّ الموضوع المنطقي هو المفهوم الواقع طرفا في القضيّة الحمليّة ، وزيد الخارجي ليس مفهوما وليس ثمة قضية حملية في الخارج يقع زيد طرفا لها كما هو واضح.
وتلاحظون أيضا انّ ظرف اتّصاف هذه المعقولات الأوليّة مثل الإنسان والضاحك والماشي بالمعقولات الثانية المنطقيّة انّما هو الذهن ، فظرف اتّصاف الإنسان بالكلّي أو الموضوع أو النوع ، وظرف اتّصاف الماشي بالعرض العام والضاحك بالعرض الخاصّ هو الذهن.
وبما ذكرناه يتّضح انّ المعقولات الثانية المنطقيّة منخلقة في الذهن ومظروفة له ، ولها تحقّق ووجود في الذهن في مرحلة سابقة عن مرحلة عروضها على المعقولات الأوليّة ، والعروض والاتّصاف انّما يتمّ بعد أن
يحول العقل صور الأعيان الخارجيّة المتلقّاة عن الخارج الى مفاهيم ماهويّة كليّة ، أي بعد أن تصبح معقولات أوليّة.
ومن هنا قال الحكماء انّ المعقولات الثانية المنطقيّة هي ما يكون معها ظرف عروض المحمول على الموضوع هو الذهن كما انّ اتّصاف الموضوع بها لا يكون إلاّ في الذهن ، فهذا هو ما يكشف عن انّ المحمول معقول ثان منطقي.
القسم الثاني : المعقولات الثانية الفلسفيّة ، وهي عبارة عن المفاهيم الفلسفيّة مثل العلّة والمعلول والعلّيّة والإمكان والامتناع والوجوب وهكذا ، وهذه المعقولات تختلف عن المعقولات الأوليّة ، لأنّ تحصيلها لا يتمّ بواسطة ما تعكسه الحواس الى الذهن ، كما انّها ليست من المعقولات الثانية المنطقيّة ، لأنّ المعقولات المنطقيّة لا يمكن أن يكون لها مصداق في الخارج ، فليس ثمّة شيء في الخارج يتّصف بها ، وأمّا المعقولات الثانية الفلسفيّة فيمكن أن تتّصف بها الأعيان الخارجيّة، فيقال : هذه النار علّة وهذه الحرارة معلول كما يقال : بين هذه النار وهذه الحرارة علّيّة ومعلوليّة ، ويقال : انّ زيدا ممكن الوجود وانّ الله جلّ وعلا واجب الوجود ، وواضح انّ اتّصاف النار بالعلّة والحرارة بالمعلول انّما هو الخارج وأمّا مفهوم النار فليس علّة لوجود الحرارة.
وبهذا يتّضح انّ المعقولات الفلسفيّة توجد في الخارج إلاّ انّ إدراكها لا يتمّ بواسطة الحسّ لا الظاهري ولا الباطني ، كما انّ وجودها ليس من سنخ الماهيّات الموجودة في الخارج بل انّ وجودها في الخارج يعني انّها صفات للأعيان الخارجيّة وانّ اتّصاف الأعيان الخارجيّة بها يكون في ظرف الخارج ، فليس لها وجود في مقابل الأعيان الخارجيّة يمكن أن يشار إليه باستقلاله كما يشار الى الشجر والحجر ، فالعليّة والمعلوليّة وهكذا الإمكان والوجوب صفات
واقعيّة تتّصف بها الأعيان الخارجيّة في ظرف الخارج وليس لها وجود في عرض وجود هذه الأشياء الخارجيّة بل انّ هذه الأعيان الخارجيّة إمّا أن تكون علّة أو تكون معلولا كما قد تكون واجبة وقد تكون ممكنة ، وليس ثمّة مفهوم فلسفي لا يكون منطبقة شيئا من الوجودات الخارجيّة، وهذا ما يميّزها عن المعقولات الثانية المنطقيّة والتي لا يكون واحدا منها منطبقا على الخارج أصلا ، كما انّ اتّصاف المعقولات الأوليّة بها لا يكون إلاّ في ظرف الذهن.
كما انّ الذي يميّز المعقولات الفلسفيّة عن المعقولات الأوليّة هو انّ المعقولات الأوليّة حينما تحمل على الأعيان الخارجيّة يكون لها دور التحديد لماهياتها ، فحينما يقال : « زيد انسان » فإنّ اتّصاف زيد بالإنسان يكون له دور التحديد لهويّة زيد ، وأمّا المعقولات الثانية الفلسفيّة فليس لها هذا الدور ، فهي لا تحدّد هويّة وماهيّة موضوعها وانّما تحدّد كيفيّة علاقته بالموجودات الاخرى ، فحينما يقال : « النار علّة للحرارة » فإنّ اتّصاف النار بالعلّة يعبّر عن نحو العلاقة بين النار والحرارة.
ثمّ انّ هنا مائزا آخر يميزها عن المعقولات الأوليّة ذكره الحكم السبزواري رحمه الله وبعض المتأخّرين وهو انّ المعقول الأولي يكون ظرف اتّصاف الموضوع به وظرف عروض المعقول الأولي على موضوعه هو الخارج ، وأمّا المعقول الثاني الفلسفي فهو وان كان ظرف اتّصاف الموضوع به هو الخارج إلاّ انّ ظرف عروضه على الموضوع يكون في الذهن.
والفرق بين الاتّصاف والعروض هو انّ العلاقة بين الموضوع والمحمول حينما تلاحظ من جهة الموضوع يعبّر عنها بالاتّصاف ، وحينما تلاحظ من جهة المحمول يعبّر عنها بالعروض ، وعليه يكون عروض المعقولات الثانية الفلسفيّة على موضوعاتها في الذهن ، وذلك لأنّ العارض « المعقول الفلسفي » ليس له وجود الخارج وراء وجود معروضه ، وهذا هو مبرّر الدعوى بأن العروض يكون في الذهن ، وأمّا الموضوع الموجود في الخارج فهو يتّصف بالمعقولات الفلسفيّة في الخارج.
وعلّق الشيخ المطهري رحمه الله على ذلك بأنّ الاتّصاف والعروض لا يقبلان التفكيك إلاّ أن يكون ذلك مجرّد اصطلاح كما ذكر السبزواري رحمه الله نفسه في تعليقته على الأسفار.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|