أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-9-2016
213
التاريخ: 11-9-2016
552
التاريخ: 11-9-2016
343
التاريخ: 11-9-2016
175
|
البحث في المقام عمّا هو مدلول سكوت المعصوم عليه السلام أو تقريره ، وبيان ذلك :
إنّ المعصوم عليه السلام قد يشاهد أمامه موقفا عمليّا خاصّا أو عامّا فيصرّح برأي الشريعة في ذلك الموقف ، فهنا تكون الدلالة على الحكم الشرعي من قبيل دلالة الدليل الشرعي اللفظي.
وقد يشاهد أمامه ذلك الموقف فلا يبدي تجاهه بأيّ تصريح لا سلبا ولا إيجابا بل يسكت عنه ، وهذا هو محلّ الكلام إذ يقع البحث عن دلالة سكوت الإمام عليه السلام عن ذلك الموقف على الإمضاء ، وأنّ ذلك الفعل يتناسب مع الغرض الشرعي أو لا ينافيه.
وقد استدلّ على ذلك بدليلين ، الأوّل منهما عقلي ، والآخر استظهاري :
أمّا الدليل العقلي :
فقد ذكر له تقريبان :
التقريب الأول : إنّ المعصوم عليه السلام لمّا كان واحدا من سائر المكلّفين ، فهذا يقتضي مسئوليّته عن النهي عن المنكر لو كان الفعل الذي شاهده منافيا للشريعة ، إذ أنّ النهي عن المنكر واجب على كلّ مكلّف ، والمعصوم عليه السلام لا يترك واجبا بمقتضى عصمته ، فعدم ردعه عن ذلك الفعل يستلزم عدم منافاة ذلك الفعل لما عليه الشريعة ، وهذا هو معنى دلالة السكوت عقلا على الإمضاء ، وكذلك يجب على المكلّفين تعليم الجاهل ، فلو لم يكن ما شاهده عليه السلام موافقا لما عليه الشارع المقدّس لنبّه على ذلك كما هو مقتضى عصمته ، إذ أنّ المعصوم عليه السلام لا يترك واجبا ، فعدم تنبيه الإمام عليه السلام على منافاة الفعل الذي شاهده لما عليه الشريعة يكشف عقلا عن عدم المنافاة.
وهذا التقريب ـ لو تمّ ـ فإنّه منوط بإحراز توفّر شرائط النهي عن المنكر حين مشاهدة المعصوم عليه السلام لذلك الموقف ، ويمكن التمثيل للصورتين بمثالين :
المثال الأوّل :
إنّ المعصوم عليه السلام لو شاهد رجلا يشرب العصير التمري ومع ذلك سكت ولم يردعه ، فإنّ ذلك يكشف عن عدم حرمته ، وإلاّ كان على الإمام عليه السلام بمقتضى وجوب النهي عن المنكر أن يردعه ، إذ أنّ عصمة الإمام عليه السلام تمنع من تركه للواجب.
المثال الثاني :
لو شاهد الإمام عليه السلام مكلّفا يمسح رأسه في الوضوء نكسا ومع ذلك لم يتصدّ لتنبيهه على منافاة فعله لما هو المعتبر شرعا ، فهذا يقتضي عدم منافاة المسح نكسا لما هو المعتبر شرعا في الوضوء ، وإلاّ كان على الإمام عليه السلام بمقتضى وجوب تعليم الجاهل أن ينبّه المكلّف على منافاة فعله لما هو المطلوب شرعا ، وإلاّ كان عليه السلام مخالفا لفريضة من فرائض الدين ، وهذا لا يناسب العصمة.
التقريب الثاني : إنّ المعصوم لمّا كان مشرّعا ، فإنّ ذلك يقتضي عقلا عدم السماح بتفويت وتضييع أغراضه ، فسكوته عن الفعل إذا كان موجبا لتفويت أغراضه بما هو شارع يعني أنّ الإمام عليه السلام ينقض غرضه ويضيّعه بنفسه ، وهذا لا يتناسب مع عقلانيّته ، إذ أنّ الحكيم لا يضيّع غرضه بل يسعى للمحافظة على أغراضه ، وهذا التقريب ـ إذا تمّ ـ فإنّه منوط بإحراز ناقضيّة الفعل ـ على افتراض منافاته للشارع ـ لغرض الشارع إذ أنّ الفعل قد يكون منافيا لما عليه الشارع إلاّ أنّ ارتكابه لا يؤدي إلى تفويت أغراض الشارع.
ولمزيد من التوضيح نذكر لكلّ من الحالتين مثالا :
ونذكر أوّلا مثالا على كون السكوت لا يوجب نقض الغرض في بعض الحالات ، وهذا المثال هو : أنّ المعصوم عليه السلام قد يشاهد مكلّفا يمتنع عن ارتكاب فعل بتوهّم أنّه حرام شرعا وهو في واقعه مكروه ، فإنّ هذا الامتناع من المكلّف ينافي ما عليه الشارع إلاّ أنّ السكوت عنه لا يعدّ نقضا للغرض ، فلا يكون السكوت في حالة من هذا القبيل كاشفا عن الإمضاء.
وأمّا مثال ما يكون السكوت نقضا للغرض فهو مشاهدة المعصوم عليه السلام اعتماد المكلّفين على خبر الثقة في الوصول إلى الأحكام الشرعيّة ، فإنّ سكوته يكشف عن الإمضاء ، إذ أنّ ذلك لو كان منافيا لما عليه الشارع لكان السكوت نقضا للغرض ، فلو كان نظر الشارع هو عدم جواز الاعتماد على أخبار الثقات ومع ذلك سكت ولم ينبّه على عدم الجواز مع أنّه يشاهد المكلّفين يعوّلون على خبر الثقة في مقام التعرّف على الأحكام الشرعيّة ، فهذا من أجلى مصاديق تفويت الغرض والذي هو مستحيل على العاقل الملتفت.
وكذلك لو كان العقلاء يرتّبون الأثر على خبر الثقة في شئونهم اليوميّة ، وكانت هذه الممارسة تنذر بالسريان إلى الشرعيّات ، فإنّ عدم تنبيه الشارع على عدم صحّة الاتّكال على خبر الثقة في معرفة الأحكام الشرعيّة يعدّ نقضا للغرض المنفي عن العاقل الملتفت.
وأمّا الدليل الاستظهاري :
على دليليّة السكوت على الإمضاء ، فهو أنّ المعصوم عليه السلام لمّا كان منصوبا من قبل الله عزّ وجلّ لغرض تبليغ الأحكام الشرعية وإرشاد الناس إلى الصواب في جميع سلوكيّاتهم وتقويم ما انحرف منها عن جادّة الحق اقتضى ذلك استظهار الإمضاء من سكوت المعصوم عليه السلام عن الردع عن ممارسة المكلّف لسلوك بمرأى منه عليه السلام.
ويمكن تنظير ذلك بالمشرف على عمل من الأعمال ، فإنّ العامل حينما يمارس وظيفته بمرأى من المشرف ومع ذلك يظلّ المشرف ساكتا رغم أنّه في مقام تقويم الأخطاء التي يرتكبها العامل، فإنّ العرف حينئذ يستظهر من حال المشرف الإمضاء لعمل العامل ، وإلاّ كان عليه ـ بحكم كونه في مقام التقويم ـ أن ينبّه العامل على خطئه.
وإذا تمّ هذا الدليل الاستظهاري فهو لا يفتقر إلى إحراز شرائط النهي عن المنكر كما هو مقتضى التقريب الأوّل من الدليل العقلي ، كما لا يفتقر إلى إحراز ناقضيّة السكوت للغرض كما هو مقتضى التقريب الثاني من الدليل العقلي.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|