أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-05-2015
5953
التاريخ: 14-11-2014
7398
التاريخ: 10-05-2015
5924
التاريخ: 10-05-2015
8163
|
تمرّ في تأريخ الشعوب أيام تحدق الأخطار فيها بتلك الأمم والشعوب ، ولا يمكن دفع هذه الأخطار والحفاظ على الأهداف المقدّسة العظيمة إلاّ بالتضحية والفداء وتقديم القرابين الكثيرة ، وهنا يجب أن يتوجّه المؤمنون المضحّون إلى ساحات القتال ، ليحفظوا دين الحق بسفك دمائهم ، ويسمى هؤلاء الأفراد في منطق الإسلام بـ «الشهداء».
إنّ إطلاق كلمة الشهيد ـ من مادة الشهود ـ على هؤلاء ، إمّا لحضورهم في ميدان الجهاد ضد أعداء الحق ، أو لأنّهم يشاهدون ملائكة الرحمة لحظة شهادتهم ، أو لمشاهدتهم النعم العظيمة التي أُعدّت لهم ، أو لحضورهم عند الله ، كما جاء في الآية الشريفة : {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران : 169].
وقلّ من يصل إلى درجة الشهيد في الإسلام.. أُولئك الشهداء الذين يذهبون ساحة الحرب بين الحق والباطل عن وعي وخلوص نيّة ، ويقدّمون آخر قطرة من دمائهم الزكية في هذا السبيل.
وتلاحظ في المصادر الإسلامية روايات عجيبة حول مقام الشهداء ، تحكي عظمة عمل الشهداء ، وقيمته الفذّة.
فتقرأ في حديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «إنّ فوق كلّ بر براً حتى يقتل الرجل شهيداً في سبيل الله» (1) .
وجاء في حديث آخر روي عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) : «المجاهدون في الله قوّاد أهل الجنّة» (2) .
ونطالع في حديث آخر عن الإمام الباقر (عليه السلام) : «ما من قطرة أحبّ إلى الله من قطرة دم في سبيل الله ، أو قطرة من دموع عين في سواد الليل من خشية الله ، وما من قدم أحبّ إلى الله من خطوة إلى ذي رحم ، أو خطوة يتمّ بها زحفاً في سبيل الله» (3) .
وإذا قلبنا أوراق تأريخ الإسلام ، فسنرى الشهداء قد سجّلوا القسم الأعظم من الإفتخارات ، وهم الذين قدّموا القسط الأوفر من الخدمة.
وليس هذا في الأمس فقط ، فإنّ ثقافة الشهادة المصيرية اليوم ترعب العدو أيضاً ، وتمزّق صفوفه ، وتمنعه من النفوذ إلى حصون الإسلام ، وتزرع اليأس في نفسه من إمكان تخطّيها ، فما أكثر بركة ثقافة الشهادة للمسلمين ، وما أشدّها على أعداء الدين.
لكن ، لا شكّ أنّ الشهادة ليست هدفاً ، بل الهدف هو الإنتصار على العدو ، وحراسة دين الله والحفاظ عليه ، إلاّ أنّ هؤلاء الحراس على دينهم يجب أن يكونوا على أهبّة الإستعداد ، بحيث إذا إحتاج الحال بذل النفوس والدماء فإنّهم لا يتأخّرون عن بذلها ، بل يبادرون إلى البذل والتضحية والإيثار ، وهذا هو معنى كون الأمّة منجبة للشهداء ، لا أنّهم يطلبون الشهادة كهدف نهائي.
لهذا نقرأ في نهاية حديث مفصل روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في شأن مقام الشهداء أنّ النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أقسم وقال : «والذي نفسي بيده ، لو كان الأنبياء في طريقهم لترجلوا لهم لمّا يرون من بهائهم ، ويشفع الرجل منهم في سبعين ألفاً من أهل بيته وجيرته» (4) .
وهناك نكتة تستحق الإهتمام ، وهي أنّ للشهادة في ثقافة الإسلام معنيين مختلفين : معنى «خاص» ، وآخر «عام» واسع.
أمّا الخاص فهو القتل في سبيل الله في معركة الجهاد ، وله أحكامه الخاصة في الفقه الإسلامي ، ومن جملتها أنّ الشهيد لا يغسل ولا يكفن ، بل يدفن بثيابه ودمائه إذا توفي في ميدان المعركة !
أمّا المعنى العام الواسع للشهادة ، فهو أن يقتل الإنسان في طريق تأدية الواجب الإلهي ، فإنّ كلّ من يرحل عن الدنيا وهو في حالة أداء هذا الواجب يعد شهيداً ، ولذلك ورد في الروايات الإسلامية أنّ عدة فئات يغادرون الدنيا وهم شهداء :
1 ـ روي عن نبي الإسلام الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) : «إذا جاء الموت طالب العلم وهو على هذا الحال مات شهيداً» (5) .
2 ـ يقول أمير المؤمنين علي (عليه السلام) : «من مات على فراشه وهو على معرفة حق ربّه ، وحق رسوله وأهل بيته ، مات شهيداً» (6) .
3 ـ نقرأ في حديث آخر عن الإمام الصادق (عليه السلام) : «من قتل دون ماله فهو شهيد» (7) .
وكذلك آخرون يقتلون في طريق الحق ، أو يموتون فيه ، ومن هنا تتّضح عظمة ثقافة الإسلام هذه ، ومدى سعتها.
وننهي هذا البحث بحديث عن الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) ، عن آبائه عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «أوّل من يدخل الجنّة الشهيد» (8) .
_______________________________
1- بحار الأنوار ، ج 100 ، ص 15, و ج74 , ص83.
2- المصدر السابق.
3- بحار الأنوار ، ج 100 ، ص 14.
4- المصدر السابق , ص12.
5- سفينة البحار ، ج1 ، مادة شهد.
6- نهج البلاغة ، الخطبة 190 ، آخر الخطبة.
7- سفينة البحار ، ج1 ، مادة شهد.
8- بحار الأنوار ، ج 71 ، ص 272.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|