أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-07-2015
12478
التاريخ: 6-08-2015
1642
التاريخ: 8-4-2018
1815
التاريخ: 25-10-2014
2186
|
إن التوحيد الذي يثبت به الإسلام له أربعة معان:
الاول : توحيد واجب الوجود بأن يكون واجب الوجود لا شريك له في وجوبه ووجوده ...
الثاني : توحيد صانع العالم و مدبر النظام و قد خالف الثنوية في ذلك فقالوا بوجود إلهين فاعل الخير و فاعل الشر استنادا إلى أن في العالم خيرا و شرا و هما ضدان يستحيل أن يكون فاعلهما واحدا حقيقيا ، إذ الواحد الحقيقي لا يصدر منه إلا الواحد كالنار لا يصدر منها سوى الإحراق ، ويستحيل أن يصدر من كل منهما الصفتان المتضادتان فقالوا إن فاعل الخير هو النور وفاعل الشر هو الظلمة و باصطلاح آخر الأول اليزدان و الثاني أهرمن فقال بعضهم بقدمهما و جملة من محققيهم إن فاعل الشر مخلوق فاعل الخير، وجملة منهم على أن النور حي عالم قادر حساس دراك و منه تكون الحركة و الحياة ، والظلمة ميت جاهل عاجز جماد موات لا فعل له و لا تمييز، وإنما يقع الشر منه طبعا .وزعم بعضهم أن العالم مصنوع مركب من أصلين قديمين : النور ، والظلمة ، وأنهما أزليان لم يزالا قويين حساسين سميعين بصيرين متضادين في الخير و الشر متحاذيين تحاذي الشخص و الظل. وزاد بعض فرقهم أصلا ثالثا و هو المعدل الجامع و هو سبب المزاج ، فإن المتنافرين المتضادين لا يمتزجان إلا بمجامع دون النور في المرتبة و فوق الظلمة و حصل من الامتزاج و الاجتماع هذا العالم ، وكيف كان فهذه المذاهب السخيفة بطلانها أوضح من أن يخفى و يرد عليهم أن الضدية غير منحصرة في الخير و الشر فإن البياض و السواد و الحمرة و الصفرة و الليل و النهار و الحر و البرد و نحوها أضداد ، فيلزمهم القول بتعدد الآلهة عدد الأضداد و لا يقولون به ... والتمثيل بالنار قياس مع الفارق فإن الفاعل المختار غير الطبيعي المضطر . والثنوي لم يقل بالثاني إلا بعد أن قال بالأول ، وهو مدعانا و هو يدعي الثاني فالبينة عليه و لا برهان له ... {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} [المؤمنون: 117] .
و يدل على فساد مذهبهم أنه يلزمهم أن لا يكون الناس قادرين على ترك الشرور و المساوئ لأنها من فعل الظلمة فلا يستحق أحد الملامة على فعل الشر لكونه مجبورا عليه ، وتراهم يلومون الناس إذا ضربوهم و أهانوهم ويلزمهم أيضا أن لا يقول أحد لأحد أحسنت أو أسأت.
الثالث : توحيد الإله و هو المستحق للعبادة و نفي الشريك عنه في استحقاق العبودية ، و المخالف في ذلك عباد الأصنام و الأوثان و غير اللّه فإن من يسجد لغير اللّه و يعبد غير اللّه من الأصنام و الأوثان لا يزعم أن وثنه و نحوه واجب الوجود لذاته و لا قديما ، ولكن زعموا أنه مستحق للسجود و العبادة ليقربهم إلى اللّه كما حكى اللّه عنهم {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } [الزمر: 3] .و ربما اعتذر بعضهم بأن توجهه إلى الأصنام كتوجه أهل الإسلام إلى بيت اللّه الحرام فرد اللّه عليهم ذلك بقوله: {إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ} [النجم: 23]. فإن اللّه لم يأمر بهذا كما أمر بالتوجه إلى حرمه و الاستشفاع بأنبيائه ورسله و قد رد اللّه على هؤلاء في القرآن بآيات كثيرة مشتملة على براهين عقلية و أدلة يقينية قال تعالى : {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [الأحقاف: 4]
و قال تعالى : {قُلْ أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا} [الأنعام: 71].
و قال تعالى: {أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ * وَلَا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ * وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَتَّبِعُوكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ * إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلَا تُنْظِرُونِ} [الأعراف: 191 - 195].
وقال تعالى :
{قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ} [يونس: 34] .
و قال تعالى : {قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} [يونس: 35] .
و قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ } [الحج: 73] .
و قال تعالى: { وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ } [الأحقاف: 5].
والآيات في ذلك كثيرة.
الرابع : التوحيد في الخلق و الرزق كما قال تعالى : {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ} [الأعراف: 54] و {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ} [فاطر: 3] و {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ} [الذاريات: 58] و ... و المخالف في هذا المقام المفوضة والغلاة لعنهم اللّه حيث قالوا بأن الأمر في التدبير و الخلق و الرزق مفوض إلى الأئمة و يمكن ادخال هذا المعنى في الثاني . وقد يطلق التوحيد على معان أخر هي شرط في أصل الإيمان أو كماله منها :
الثاني : التوحيد في الأمر و النهي قال اللّه تعالى {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ } [الأعراف: 54] ، {أَلَا لَهُ الْحُكْمُ} [الأنعام: 62] ، {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ} [يوسف: 40] و {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} [الزمر: 3] والمخالف في هذا بعض فرق الإسلام الموجبون على الخلق اتباع علمائهم الحاكمين بغير ما أنزل اللّه تعويلا على الآراء و القياسات و الاستحسانات اِتَّخَذُوا أَحْبٰارَهُمْ وَ رُهْبٰانَهُمْ أربابا مِنْ دُونِ الله {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} [التوبة: 31] ، {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ } [الجاثية: 23]. و كان بعض علمائهم يقول قال رسول اللّه كذا و أقول أنا كذا و قال علي كذاو أقول أنا كذا.
الثالث : التوحيد في مالكية النفع و الضر كما قال تعالى : {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ} [الأعراف: 188] . فينبغي للموحد أن لا يخاف إلا اللّه ولا يرجو سواه.
الرابع : التوحيد في التوكل و الاعتماد بأن لا يتكل على غير اللّه و لا يعتمد على سواه كما قال تعالى: {فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا} [المزمل: 9]َ ، {وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ} [إبراهيم: 12].
الخامس : التوحيد في المحبة و المودة لا يجعل في قلبه حب غير اللّه يقطعه عما سواه كما قال تعالى : {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة: 54] ، {وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ} [البقرة: 165] و {مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ} [الأحزاب: 4] فعلامة حب اللّه أن لا يحب غيره ، إلا إذا كان موصلا إلى رضاه.
السادس : التوحيد في الأعمال بأن لا يعمل لغير وجه اللّه و هو الرياء الذي ورد فيه أنه شرك و إن الشرك لفي بني آدم أخفى من دبيب النمل في الليلة الظلماء على الصخرة الصماء و قال تعالى: {كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [البقرة: 264] .
وقال تعالى : {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ } [يوسف: 106]. و قد أوضحنا هذه المقامات بإيضاحات شافية و تحقيقات وافية في منهج السالكين و زاد العارفين في علم الأخلاق رزقنا اللّه التوحيد الحقيقي و أعاذنا من الشرك الجلي و الخفي بفضله و رحمته إنه أرحم الراحمين.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
خدمات متعددة يقدمها قسم الشؤون الخدمية للزائرين
|
|
|