أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-8-2016
714
التاريخ: 4-9-2016
668
التاريخ: 10-8-2016
450
التاريخ: 2-9-2016
1703
|
كما يكون القطع التفصيلي حجة، كذلك القطع الاجمالي وهو ما يسمى عادة بالعلم الاجمالي، كما اذا علم اجمالا بوجوب الظهر أو الجمعة، ومنجزية هذا العلم الاجمالي لها مرحلتان:
الاولى مرحلة المنع عن المخالفة القطعية بترك كلتا الصلاتين في المثال المذكور، والثانية مرحلة المنع حتى عن المخالفة الاحتمالية المساوق لإيجاب الموافقة القطعية، وذلك بالجمع بين الصلاتين.
اما المرحلة الاولى فالكلام فيها يقع في امرين: احدهما: في حجية العلم الإجمالي بمقدار المنع عن المخالفة القطعية. والآخر: في امكان ردع الشارع عن ذلك وعدمه.
اما الامر الاول فلا شك في ان العلم الإجمالي حجة بذلك المقدار، لأنه مهما تصورناه فهو مشتمل حتما على علم تفصيلي بالجامع بين التكليفين، فيكون مدخلا لهذا الجامع في دائرة حق الطاعة، اما على رأينا في سعة هذه الدائرة فواضح، واما على مسلك قاعدة قبح العقاب بلا بيان، فلان العلم الاجمالي يستبطن انكشافا تفصيليا تاما للجامع بين التكليفين فيخرج هذا الجامع عن دائرة قاعدة قبح العقاب بلا بيان.
واما الامر الثاني فقد ذكر المشهور ان الترخيص الشرعي في المخالفة القطعية للعلم الاجمالي غير معقول، لأنها معصية قبيحة بحكم العقل، فالترخيص فيها يناقض حكم العقل، ويكون ترخيصا في القبيح وهو محال.
وهذا البيان غير متجه، لأننا عرفنا سابقا ان مرد حكم العقل بقبح المعصية ووجوب الامتثال إلى حكمه بحق الطاعة للمولى، وهذا حكم معلق على عدم ورود الترخيص الجاد من المولى في المخالفة، فاذا جاء الترخيص ارتفع موضوع الحكم العقلي فلا تكون المخالفة القطعية قبيحة عقلا.
وعلى هذا فالبحث ينبغي ان ينصب على انه: هل يعقل ورود الترخيص الجاد من قبل المولى على نحو يلائم مع ثبوت الاحكام الواقعية؟ والجواب انه معقول، لان الجامع وان كان معلوما، ولكن اذا افترضنا ان الملاكات الاقتضائية للإباحة كانت بدرجة من الاهمية تستدعي لضمان الحفاظ عليها الترخيص حتى في المخالفة القطعية للتكليف المعلوم بالإجمال، فمن المعقول ان يصدر من المولى هذا الترخيص، ويكون ترخيصا ظاهريا بروحه وجوهره، لأنه ليس حكما حقيقيا ناشئا من مبادئ في متعلقه، بل خطابا طريقيا من أجل ضمان الحفاظ على الملاكات الاقتضائية للإباحة الواقعية، وعلى هذا الاساس لا يحصل تناف بينه وبين التكليف المعلوم بالإجمال.
إذ ليس له مبادئ خاصة به في مقابل مبادئ الاحكام الواقعية ليكون منافيا للتكليف المعلوم بالإجمال. فان قيل ما الفرق بين العلم الاجمالي والعلم التفصيلي إذ تقدم ان الترخيص الطريقي في مخالفة التكليف المعلوم تفصيلا مستحيل، وليس العلم الاجمالي الا علما تفصيليا بالجامع؟
كان الجواب على ذلك أن العالم بالتكليف بالعلم التفصيلي لا يرى التزامه بعلمه مفوتا للملاكات الاقتضائية للإباحة لأنه قاطع بعدمها في مورد علمه، والترخيص الطريقي انما ينشأ من أجل الحفاظ على تلك الملاكات، وهذا يعني أنه يرى عدم توجه ذلك الترخيص اليه جدا، وهذا خلافا للقاطع في موارد العلم الاجمالي، فانه يرى ان الزامه بترك المخالفة القطعية قد يعني إلزامه بفعل المباح لكي لا تتحقق المخالفة القطعية. وعلى هذا الاساس يتقبل توجه ترخيص جاد اليه من قبل المولى في كلا الطرفين لضمان الحفاظ على الملاكات الاقتضائية للإباحة.
ويبقى بعد ذلك سؤال إثباتي وهو: هل ورد الترخيص في المخالفة القطعية للعلم الاجمالي؟ وهل يمكن إثبات ذلك بإطلاق ادلة الاصول؟ والجواب هو النفي لان ذلك يعني افتراض أهمية الغرض الترخيصي من الغرض الالزامي حتى في حالة العلم بالإلزام ووصوله إجمالا او مساواته له على الاقل، وهو وإن كان افتراضا معقولا ثبوتا، ولكنه على خلاف الارتكاز العقلائي لان الغالب في الاغراض العقلائية عدم بلوغ الاغراض الترخيصية إلى تلك المرتبة، وهذا الارتكاز بنفسه يكون قرينة لبية متصلة على تقييد إطلاق أدلة الاصول، وبذلك نثبت حرمة المخالفة القطعية للعلم الاجمالي عقلا. ويسمى الاعتقاد بمنجزية العلم الاجمالي لهذه المرحلة على نحو لا يمكن الردع عنها عقلا او عقلائيا بالقول بعلية العلم الاجمالي لحرمة المخالفة القطعية، بينما يسمى الاعتقاد بمنجزيته لهذه المرحلة مع افتراض امكان الردع عنها عقلا وعقلائيا بالقول باقتضاء العلم الاجمالي للحرمة المذكورة.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|