أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-5-2020
1154
التاريخ: 23-8-2016
767
التاريخ: 23-8-2016
969
التاريخ: 1-8-2016
769
|
إذا خصّص العام وخرج منه بعض الأفراد في بعض الأزمنة ولم يكن لدليل الخاصّ اطلاق أزماني إمّا لكونه لبّياً كالإجماع، أو لكونه لفظيّاً لا اطلاق له، وتردّد الزمان الخارج بين الأقل والأكثر، فهل يرجع عند الشكّ أي بعد انقضاء الزمان الأقل إلى عموم العام أو إلى استصحاب حكم المخصّص؟ فإذا قال مثلا أكرم كلّ عالم وقام الإجماع على حرمة إكرام زيد العالم في يوم الجمعة، ووقع الشكّ في حرمة إكرامه يوم السبت فهل يرجع في يوم السبت إلى عموم العام من وجوب الإكرام، أو إلى استصحاب حكم الخاصّ من حرمة الإكرام؟
ومثاله الشرعي اُوفوا بالعقود، فإنّه لا شكّ في أنّ له عموماً افرادياً لأنّ «العقود» جمع معرّف باللام، وهو من صيغ العموم، فإذا جاء دليل خيار الغبن وإخراج المعاملة الغبنية مثلا عن تحت هذا العموم وعلمنا بخروجها عن تحت هذا العام في الآن الأوّل من الالتفات إلى الغبن والضرر، وشككنا في خروجها في الأزمنة المتأخّرة عن الآن الأوّل فهل المرجع هو عموم العام والحكم باللزوم في سائر الأزمنة حتّى يكون الخيار فورياً، أو استصحاب حكم المخصّص حتّى يكون الخيار على التراخي؟ (ولا يخفى أنّ هذا النزاع جار بناءً على جريان الاستصحاب في الشبهات الحكميّة).
وهو ممّا لم يعنون بوضوح في كلمات قدماء الأصحاب، ولعلّ أوّل من عنونه تفصيلا هو الشيخ الأعظم في رسائله، فإنّه فصّل فيه بين ما إذا كان للعام عموم أزماني كعمومه الإفرادي فيرجع إلى عموم العام، وبين ما إذا لم يكن له عموم كذلك وإن كان الحكم فيه للاستمرار والدوام إمّا بالنصوصيّة أو بالإطلاق فيرجع إلى استصحاب حكم المخصّص.
قد يقال في مقام توضيح هذا التفصيل: أنّه إذا كان العام بحسب عمومه الأزماني أيضاً انحلالياً مثل عمومه الافرادي بمعنى كون كلّ قطعة من الزمان موضوعاً مستقلا لحكم العام بحيث لا يكون إمتثال الحكم أو عصيانه في تلك القطعة مربوطاً بالإمتثال والعصيان في سائر القطعات، بل يكون لكلّ قطعة إمتثاله وعصيانه، ففي هذه الصورة خروج قطعة من الزمان عن تحت العموم الأزماني لا يضرّ بوجود أصالة العموم بالنسبة إلى القطعات الاُخر، إذ حال أصالة العموم بناءً على هذا بالنسبة إلى الأزمان حال أصالة العموم بالنسبة إلى الافراد، وأمّا إذا لم يكن كذلك، أي لم تكن كلّ قطعة من الزمان موضوعاً مستقلا بل كان مجموع القطعات موضوعاً واحداً، فلا يبقى مجال للتمسّك بعموم العام، فإن شكّ في حكم هذا الفرد بقاءً بعد خروجه عن تحت العام فلا مفرّ عن الرجوع إلى الاستصحاب.
وأمّا المحقّق الخراساني(رحمه الله) فقد إفترض للمسألة أربع صور، وحكم في صورتين منها بأنّ المرجع عموم العام وهما ما إذا كان للعام عموم أزماني وكان الزمان في الخاصّ قيداً لموضوعه، أو كان الزمان في الخاصّ ظرفاً لثبوت حكمه.
وحكم في صورة ثالثة منها بأنّ المرجع استصحاب حكم الخاصّ، وهى ما إذا كان الزمان ظرفاً لثبوت الحكم في كلّ واحد من العام والخاصّ.
ثمّ استدرك بأنّه لو كان الخاصّ غير قاطع لاستمرار حكم العام كما إذا كان الخاصّ مخصّصاً له من الأوّل لما ضرّ بالتمسّك بالعام حينئذ في غير مورد دلالة الخاصّ بل يكون أوّل زمان استمرار حكم العام بعد زمان دلالة الخاصّ، فإذا قال مثلا اُوفوا بالعقود وخصّص أوّله بخيار المجلس في الجملة على نحو تردّد الخيار بين أن يكن هو في المجلس الحقيقي عيناً أو فيه وما يقرب منه صحّ التمسّك بعموم اُوفوا بالعقود لإثبات اللزوم في غير المجلس الحقيقي ولو كان ممّا يقرب منه، بخلاف ما إذا قال اُوفوا بالعقود وخصّص وسطه بخيار الغبن أو العيب ونحوهما وتردّد الخيار بين الزمان الأقل والأكثر، فلا يصحّ التمسّك بعموم اُوفوا بالعقود لإثبات اللزوم بعد انقضاء الزمان الأقل.
وحكم في صورة رابعة بأنّ المرجع سائر الاُصول، وهى ما إذا كان الزمان ظرفاً لثبوت حكم العام وقيداً لموضوع الخاصّ، لأنّ المفروض عدم العموم الأزماني للعام حتّى يرجع إليه، وأنّ الزمان قيد لموضوع الخاصّ فلا يمكن الاستصحاب فيه لتبدّل الموضوع (انتهى كلامه).
أقول: هيهنا اُمور تجب الإشارة إليها:
الأوّل: أنّه لا يصحّ التفكيك بين العام والخاصّ بجعل الزمان في أحدهما قيداً وفي الآخر ظرفاً، لأنّ المفروض أنّ الخاصّ بعض افراد العام وداخل فيه ثمّ خرج، فإن لم يكن قيداً ودخيلا في المصلحة أو المفسدة ففي كليهما، وإن كان قيداً ودخيلا فيها ففي كليهما أيضاً، وحينئذ تصير الصور المتصوّرة في المسألة اثنتين لا أربعة.
الثاني: أنّه لا مانع من استصحاب حكم الخاصّ حتّى في الصورة الرابعة لأنّ الزمان فيها وإن كان قيداً ولكنّه ليس قيداً للموضوع حتّى يتبدّل الموضوع بمضيّه، بل إنّه قيد للحكم في أمثال المقام غالباً، فلا إشكال في أنّ يوم الجمعة في مثال، لا تكرم زيداً يوم الجمعة لا يكون قيداً لا لزيد الذي يكون موضوعاً لوجوب الإكرام ولا للإكرام الذي يكون متعلّقاً للوجوب، بل إنّه قيد لنفس الوجوب، وحينئذ يكون الموضوع السابق باق على حاله ويستصحب حكمه.
الثالث: إنّ ما ذكره من الاستدراك في القسم الثالث من إمكان الرجوع إلى العام فيما إذا كان التخصيص من الأوّل لا يمكن المساعدة عليه، لأنّ المفروض أنّ الحكم في العام واحد مستمرّ ولا ينحلّ ولا يفرّد بالزمان، وحينئذ إذا انقطع هذا الحكم بالتخصيص ولو كان من الأوّل يحتاج إثباته بعد الانقطاع إلى دليل.
ثمّ إنّ بعض الأعلام بعد أن فسّر تفصيل الشيخ الأعظم(رحمه الله) (بين ما إذا كان للعام عموم أزماني وما إذا لم يكن له عموم أزماني) بأنّ العموم الأزماني تارةً يكون على نحو العموم الاستغراقي واُخرى يكون على نحو العموم المجموعي، إستشكل عليه بأنّه مخالف لما نقّحناه في بحث العام والخاصّ من عدم الفرق في جواز الرجوع إلى العام بين كونه استغراقياً أو مجموعياً، فكما لا فرق بينهما في الأفراد العرضيّة ويرجع إلى العموم في غير ما علم خروجه بمخصّص سواء كان بنحو العموم الاستغراقي (كما في مثال أكرم العلماء) أو كان بنحو العموم المجموعي (كما في مثال أكرم هذه العشرة، فيما إذا كان المراد إكرام مجموع العشرة من حيث المجموع ثمّ علمنا بخروج زيد منها) لأنّ التخصيص (تخصيص مجموع العشرة بزيد) لا يمنع شمول العام للأجزاء الاُخر، كذلك لا فرق بين العموم الاستغراقي والعموم المجموعي بالنسبة إلى الأفراد الطوليّة في جواز الرجوع إلى العام مع الشكّ في التخصيص، غاية الأمر أنّه يثبت بالرجوع إلى العموم الاستغراقي حكم استقلالي، وبالعموم المجموعي حكم ضمني للجزء المشكوك فيه(1).
أقول: الحقّ هو وجود الفرق بين العام الاستغراقي والعام المجموعي في المقام، وما أرسله إرسال المسلّم في باب العام والخاصّ في غير محلّه، وذلك لأنّ العام في العموم الاستغراقي كلّي له أفراد كثيرة ويتعدّد الحكم فيه بتعدّد افراده فإذا خرج فرد واحد بقيت سائر الافراد على حالها.
بخلاف العموم المجموعي فإنّ العام فيه وجود واحد مستمرّ له أمر واحد، وتعلّق هذا الأمر بالمجموع بما هو مجموع، فإذا خرج جزء منه سقط الأمر المتعلّق بالمجموع، ولا أمر آخر يثبت الحكم به، ولذلك يكون مقتضى القاعدة في صيام شهر رمضان سقوط الصيام عن الوجوب إذا اضطرّ المكلّف بالأكل أو الشرب ولو في ساعة، إلاّ أن يدلّ دليل خاصّ على بقاء الوجوب كما في ذي العطاش على قوله، وكما أنّه قد يقال بذلك في باب الصّلاة في فاقد الطهورين لأنّ المفروض أنّ الصّلاة والطهارة كأمر واحد لا يمكن التفكيك بينهما.
ولذلك لا يتمسّك الفقهاء لإثبات بقاء الوجوب بعموم العام في هذه الموارد بل يستدلّون بقاعدة الميسور.
نعم إذا كان الخاصّ في العام المجموعي متّصلا كما إذا قال: «أكرم مجموع العشرة إلاّ زيداً» كان العموم بعد إخراج الفرد المخصّص باقياً على حاله، لأنّ العام ينعقد ظهوره في الباقي من الأوّل.
وخلاصة الكلام أنّ هيهنا أقساماً ثلاثة من العموم:
1 ـ العموم الاستغراقي، كما إذا قال اُوفوا بالعقود في كلّ يوم.
2 ـ العموم المجموعي، كما إذا قال: اُوفوا بالعقود في مجموع الأيّام.
3 ـ العموم المستفاد من مقدّمات الحكمة ومن طريق الاطلاق، كما أنّه كذلك في قوله تعالى {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}.
وقد ظهر ممّا ذكر ما هو الصحيح في القسم الأوّل والثاني، وأمّا الثالث فلا يمكن الرجوع فيه إلى العام، وذلك لأنّ العموم الأزماني هنا متفرّع على العموم الأفرادي فإذا دخل فرد من العقود تحت «اُوفوا بالعقود» أمكن دعوى الاطلاق فيه من حيث الأزمان بمقدّمات الحكمة، وأمّا إذا خرج فرد منه ولو على بنحو الإبهام كما في خيار الغبن فلا يمكن دعوى الاطلاق فيه بعد ذلك، لأنّ دعوى الاطلاق فرع بقاء هذا العقد (العقد الغبني) تحت اُوفوا بالعقود، فإذا خرج منه بالتخصيص لا يبقى مجال للأخذ بالإطلاق، فتأمّل.
_____________
1. راجع مصباح الاُصول: ج3 ص216 ـ 224، طبع مطبعة النجف.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|