المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 8120 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تربية الماشية في روسيا الفيدرالية
2024-11-06
تربية ماشية اللبن في البلاد الأفريقية
2024-11-06
تربية الماشية في جمهورية مصر العربية
2024-11-06
The structure of the tone-unit
2024-11-06
IIntonation The tone-unit
2024-11-06
Tones on other words
2024-11-06

مفهوم مبدأ " قاضي الدعوى هو قاضي الدفع " وأصله ومبرراته
2023-07-28
operator (n.)
2023-10-20
الفرق في النمو والتطور
24-8-2021
زيوت الصويا عالية الأولييك High-oleic Soybean Oils
5-8-2018
تقدير مستوى الكلوكوز في مصل الدم للمرضى بالسكر والقلب واللثة
2024-04-17
البتول
24-10-2017


أقسام القياس الراجح التأثير وأحكامها  
  
1140   12:00 مساءاً   التاريخ: 18-8-2016
المؤلف : محمّد مهدي النراقي 
الكتاب أو المصدر : أنيس المجتهدين 
الجزء والصفحة : ج1 ص 450.
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / علم اصول الفقه / مباحث الحجة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 6-9-2016 1025
التاريخ: 23-7-2020 2213
التاريخ: 5-9-2016 1717
التاريخ: 5-9-2016 1425

أجمع أصحابنا إلاّ من شذّ منهم على المنع عن العمل بقياس مرجوح التأثير ، ويأتي دليلهم عليه (1).

وأمّا راجح التأثير ، فبعض أقسامه ممّا اتّفقوا على حجّيّته ، وبعضها ممّا اختلفوا في حجّيّته ، وبعضها ممّا قالوا بحجّيّته باعتبار ، ومنعوا عن العمل به باعتبار آخر ، فهنا ثلاث مقامات :

المقام الأوّل : فيما لا خلاف في حجّيّته.

وهو على ثلاثة أقسام :

[ القسم ] الأوّل : القطعي ، وهو ـ كما عرفته (2) ـ ما علم فيه قطعا أنّ الحكم في الأصل معلّل بالوصف ، والوصف موجود في الفرع. ويدخل فيه ما علم فيه كون الوصف حجّة بالإجماع القطعي.

وحجّيّة مثله لا يحتاج إلى تأمّل ؛ فإنّا إذا قطعنا أنّ الثوب النجس لا يجوز فيه الصلاة لنجاسته ، لا لشيء آخر ممّا يختصّ به من لوازمه وأوصافه ، فإجراء حكمه في البدن إذا قطع بنجاسته في حيّز البداهة.

[ القسم ] الثاني : الجليّ ، وهو ـ كما عرفته (3) ـ ما تعلم فيه نفي الفارق بين الأصل والفرع.

ووجه حجّيّته أيضا ظاهر ؛ فإنّ الحكم إذا كان ثابتا في الأصل وعلم عدم الفرق بينه وبين الفرع في ثبوت هذا الحكم لهما ، صحّ إجراؤه في الفرع قطعا.

وكيفيّة التفريع قد ظهرت ممّا تقدّم.

[ القسم ] الثالث : القياس بالطريق الأولى ، وهو إن كان عين الجليّ ـ كما تقدّم أنّه الظاهر من كلام جماعة (4) ـ فوجه حجّيّته قد ظهر ، وإن كان أعمّ منه من وجه ؛ نظرا إلى أنّه ما كان اقتضاء الجامع فيه للحكم في الفرع أقوى منه في الأصل. وهذا قد يعلم فيه نفي الفارق إذا كان الاقتضاء المذكور في الأصل قطعيّا ، وقد لا يعلم فيه ذلك إذا كان ظنّيّا ، وحينئذ يمكن أن يكون في الفرع أيضا ظنّيّا ، وإن كان الظنّ الحاصل منه أقوى من الظنّ الحاصل من الاقتضاء المذكور في الأصل ؛ فإنّ مجرّد ذلك لا يخرجه إلى القطع. وما يعلم فيه نفي الفارق أيضا قد يكون اقتضاء الجامع فيه للحكم في الفرع أقوى منه في الأصل ، وقد لا يكون.

فالمتّفق على حجّيّته هو المادّة التي يكون اقتضاء الجامع فيها للحكم قطعيّا ، وإن أمكن أن يقال بحجّيّة المادّة الظنّية أيضا ؛ نظرا إلى أنّ اقتضاء الجامع للحكم في الأصل وإن كان ظنّيّا ، إلاّ أنّ الظنّ لمّا كان بحيث صار سببا لاستناد الحكم إلى الجامع ، وحصل ظنّ أقوى منه باقتضائه للحكم في الفرع ، فيعلم ثبوت الحكم فيه. إلاّ أنّ ما فهمت من قواعد الإماميّة ـ كما يأتي (5) ـ أنّ كلّ ما يصدق عليه القياس ليس حجّة إلاّ ما يقطع فيه بثبوت الحكم في الفرع (6) ، كالقطعي والجليّ وأمثالهما ، فإنّ ذلك لقطعيّته يستثنى من مطلق القياس الذي ثبت عندهم بالتواتر عن أئمّتهم عليهم‌السلام منع العمل به (7) ، واستثناء الظنّي لا يكاد يصحّ من العمومات القطعيّة ، إلاّ أن يثبت بظنّ كان حجّة شرعا.

ثمّ القياس بالطريق الأولى إذا علم في أصله تعليل الحكم بالوصف وكان أقوى في الفرع ، فلا خلاف في صحّة تعدية الحكم من الأصل إلى الفرع ، وإنّما وقع الخلاف في كونه قياسا.

والحقّ أنّه هو ؛ لصدق القياس عليه لغة واصطلاحا ؛ ولأنّه لو قطع النظر عن المعنى المناسب المشترك المقصود من الحكم كالإكرام في منع التأفيف ، وعن كونه أقوى في الفرع لما حكم به، ولا معنى للقياس إلاّ ذلك.

وقيل : إنّه ليس بقياس. ووجه التعدية فيه إمّا دلالة مفهومه وفحواه عليه ، ولذلك سمّي مفهوم الموافقة ؛ لكون الحكم غير المذكور موافقا للحكم المذكور ، وفحوى الخطاب ولحن الخطاب أيضا ، ويقابله مفهوم المخالفة ، كمفهوم الشرط وأمثاله ، ويسمّى دليل الخطاب.

وإمّا الفهم العرفي ، فإنّ العرف نقل {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ } [الإسراء: 23]ـ مثلا ـ عن موضوعه اللغوي وهو المنع عن التأفيف ، إلى المنع عن أنواع الأذى (8).

واستدلّ عليه بأنّه لو كان قياسا لما قال به النافي له ، وبأنّه يقطع بإفادة الصيغة في مثله للمعنى المذكور من غير توقّف على استحضار القياس (9).

والجواب عن الأوّل : أنّ النافي للقياس استثنى عنه ما يعرف الحكم فيه بالطريق الأولى.

وعن الثاني : أنّ التوقّف على استحضاره إنّما هو في الأقيسة الخفيّة ، لا في مثله ؛ فإنّه ممّا يعرفه كلّ من يعرف اللغة من غير افتقار إلى نظر واجتهاد.

وكيفيّة التفريع : أنّ آية التأفيف حجّة على تحريم ضرب الأبوين ؛ إذ يعلم من فحواها أنّ علّة النهي عن التأفيف حصول الأذى ، وهو أقوى في الضرب. وآية الذرّتين (10) حجّة على الجزاء بما فوق المثقال ؛ لفهم العلّة ـ أعني عدم تضييع الإحسان والإساءة ـ من الفحوى ، وكونها أقوى في الفرع. وآية تأدية القنطار ، وعدم تأدية الدينار حجّة على تأدية ما دون القنطار ، وعدم تأدية ما فوق الدينار ؛ لفهم العلّة ـ أعني الأمانة في أداء القنطار وعدمها في عدم أداء الدينار ـ من الفحوى ، وأشدّيّتها في الفرع.

المقام الثاني : فيما اختلف في حجّيّته ، وهو المنصوص العلّة.

وقد اختلف في حجّيّته على أقوال ، ثالثها : الحجّيّة في علّة التحريم دون غيرها (11).

ورابعها : الحجّيّة إذا كان هناك شاهد حال يدلّ على سقوط اعتبار ما عدا تلك العلّة (12).

احتجّ المثبت مطلقا بوجوه :

منها : أنّ الأحكام الشرعيّة تابعة للمصالح الخفيّة والشرع كاشف عنها ، فإذا نصّ على العلّة عرف أنّها الباعثة والموجبة لذلك الحكم ، فأينما وجدت وجب وجود المعلول (13).

وجوابه : أنّ العلّة المنصوصة إنّما تكون موجبة ، إذا علم من نصّ أو تبادر أو غيرهما عدم مدخليّة خصوصيّة المحلّ ؛ فإنّ العلّة في قول الشارع : « حرّمت الخمر لإسكارها » (14) يحتمل أن يكون (15) الإسكار ، وأن يكون (16) إسكار الخمر بحيث يكون قيد الإضافة إلى الخمر معتبرا في العلّة.

والإيراد عليه بأنّ تجويز ذلك يقتضي تجويز مثله في العلل العقليّة ـ بأن يقال : الحركة إنّما اقتضت المتحرّكيّة ؛ لقيامها بمحلّ خاصّ ، فالحركة القائمة بغيره لا تقتضي المتحرّكيّة ـ باطل ؛ لأنّ العلل العقليّة يترتّب عليها معلولاتها بالذات ، ولا يختلف اقتضاؤها لها بالوجوه والاعتبارات، وأمّا العلل الشرعيّة ، فلكونها مبنيّة على الدواعي ، ووجوه المصالح يختلف بها اقتضاؤها لها ، فيمكن أن تكون موجبة لحكم في محلّ دون غيره. ومع قطع النظر عنه نقول : لا يجوز التعدّي عنه عندنا ؛ لصدق القياس عليه ، وثبوت الإنكار عن العمل به عن أئمّتنا عليهم‌السلام (17) بحيث لا يقبل المنع.

ومنها : أنّ قول الأب لابنه : « لا تأكل هذا الطعام ؛ لأنّه مسموم » يقتضي منعه عن أكل كلّ مسموم ، والسرّ فيه أنّ العلّة تفيد التعميم عرفا.

وجوابه : أنّ ذلك قد عرف بالقرينة ، وهي شفقة الأب المانعة عن تناول كلّ مضرّ ؛ فإنّها تقتضي عادة النهي عن كلّ ما يضرّ ؛ بخلاف أحكام الله ؛ فإنّها قد تختصّ ببعض المحالّ دون بعض لأمر لا ندركه.

نعم ، إن علم بشاهد الحال أو القرائن أو النصّ أو العموم أو الإطلاق ، إلغاء قيد الإضافة إلى المحلّ ، فلا ريب في التعدّي.

وبهذا يظهر الجواب عمّا قالوا : إنّ هذا الاحتمال إنّما يتأتّى فيما إذا قال الشارع : « حرّمت الخمر لإسكارها » ، أمّا لو قال : « علّة الخمر هي الإسكار » انتفى ذلك الاحتمال (18) ؛ لأنّ التعميم هنا لمّا كان مستفادا من اللام في الإسكار ، فنحن نقول به ، مع أنّه يمكن أن يقال : اللام فيه للعهد ، فيكون المراد من الإسكار ، الإسكار المعهود.

نعم ، مع التصريح بالإطلاق ينتفي هذا الاحتمال بأن يقول : « حرّمت كلّ مسكر ».

ومنها : أنّ العلّة لو لم تفد تعميم الحكم ـ أي ثبوته أينما ثبت ـ لعري ذكرها عن الفائدة ؛ إذ ثبوته في الأصل قد علم بنيانه مع قطع النظر عن ذكر العلّة (19).

والجواب : أنّ فائدة ذكرها لا تنحصر في التعميم ؛ إذ بيان المقصود من شرع الحكم من الفوائد.

واحتجّ النافي مطلقا بأنّ من قال : « أعتقت غانما ، لحسن خلقه » لا يقتضي عتق غيره من حسني (20) الخلق (21).

وقد اجيب عنه بوجوه (22) ظاهرة الضعف ، ولذا أعرضنا عنها.

واحتجّ المفصّل الأوّل (23) بأنّ من ترك أكل شيء لأذاه ، دلّ على تركه كلّ ما يؤذي ، بخلاف من تصدّق على فقير لفقره ، أو للمثوبة ؛ فإنّه لا يدلّ على تصدّقه على كلّ فقير ، أو تحصيله لكلّ مثوبة (24).

وجوابه : أنّ ذلك معلوم من القرينة وشاهد الحال ؛ فإنّ ترك ما يؤذي ممّا هو مركوز في الطباع ، والعقل حاكم بإلغاء خصوصيّة ذلك المؤذي دون غيره ، بخلاف الأحكام ؛ فإنّها قد تختصّ بمحالّ لأمور خفيّة.

واحتجّ المفصّل الثاني (25) : أمّا على عدم حجّيّته عند عدم وجود شاهد حال يدلّ على سقوط اعتبار ما عدا تلك العلّة في ثبوت الحكم : فبما مرّ (26) في جواب الحجّة الاولى للمثبت مطلقا.

وأمّا على حجّيّته عند وجوده ، فبأنّ تعدية الحكم حينئذ يصير برهانيّا (27) ؛ إذ يحصل قضيّة كلّيّة يجعل كبرى القياس ، كقوله : « كلّ مسكر حرام » ويضمّ إليه صغرى سهلة الحصول ، كقولنا : « هذا مسكر » ويتمّ الدليل (28).

أقول : الحقّ عندي هو المذهب الأخير ، إلاّ أنّه يجب تقييده بكون الدالّ على سقوط اعتبار ما عدا تلك العلّة مفيدا للقطع ، أو ما ثبت حجّيّته شرعا ، كنصّ ، أو عموم ، وأمثالهما. والسرّ فيه دلالة الطرق القطعيّة على بطلان مطلق القياس ، فإخراج بعض أفراده يفتقر إلى دلالة صالحة لنقل مثله ، ولا ينتهض مجرّد النصّ على العلّة حجّة للخروج عن القياس. ولذا صرّح محقّقو الفريقين بأنّ النصّ على العلّة لا يكفي في التعدّي دون التعبّد بالقياس (29).

إذا عرفت ذلك فاعلم أنّ الفروع له كثيرة ، وقد تقدّم (30) بعضها. وقس عليه أمثاله.

وعلى ما اخترناه لا يخفى جليّة الحال في الجميع.

فائدة : النصّ على علّة الحكم وتعليقه عليها مطلقا ، يوجب ثبوت الحكم أينما ثبتت العلّة ، كقوله: « الزنى يوجب الحدّ » و « السرقة توجب القطع » (31) وهو ليس من القياس أصلا ، بل العمل به عمل بإطلاق النصّ.

المقام الثالث : فيما أثبتوا حجّيّته باعتبار ، ونفوا حجّيّته باعتبار آخر (32).

وهو ما فهم فيه التعليل بالإيماء ، أو كان الجمع بين الأصل والفرع بعدم الفارق ، فإنّ مجرّد ذلك لا يصحّح التعدّي ، بل إن علمت المساواة بين الأصل والفرع من كلّ وجه ، جاز التعدية ، وإن علم الامتياز ، أو جوّز لم يجز إلاّ مع النصّ على ذلك. ولا ريب أنّ مجرّد الجمع لا يفيد العلم بالمساواة من كلّ وجه ، وكذا مجرّد الإيماء على العلّيّة لا يفيد القطع بكون الوصف علّة وعدم مدخليّة ما عدا تلك العلّة ، فالجمع بين الأصل والفرع بعدم الفارق إن كان مع العلم بالمساواة جاز التعدّي ، كما روي أنّ عليّا عليه ‌السلام قضى في دابّة تنازعها اثنان وأقاما البيّنة « أنّها لمن شهد له بالنتاج » (33) ، فإنّا نعلم عدم قصر الحكم على الدابّة ، بل تعدّى إلى كلّ ما حصل فيه هذا المعنى. وإن لم يكن معه لم يجز ، كالجمع بين القتل بالمثقل ، والقتل بالمحدّد.

وكذا ما فهم فيه التعليل بالإيماء إن علم فيه عدم مدخليّة ما عدا العلّة الإيمائيّة في الحكم ، ووجدت في الفرع جاز التعدّي ، كما إذا قال السائل : ملكت عشرين دينارا وحال عليها الحول ، فقال : عليك الزكاة ؛ فإنّا نقطع بأنّ الحكم متعلّق بملك الدنانير ، ولا اعتبار بأوصاف السائل ، فيحكم بأنّ كلّما اتّفق له ذلك ، يثبت له ذلك الحكم ، ومنه قوله عليه‌ السلام لتمييز دم الحيض عن العذرة « تستدخل القطنة ثمّ تخرجها ، فإن كان مطوّقا في القطنة فهو من العذرة ، وإن كان مستنقعا في القطنة فهو من الحيض » (34) ؛ فإنّا نقطع بأنّ الحكم يترتّب على التطوّق والاستنقاع ، ولا مدخليّة لأوصاف السائل.

وإن لم يعلم فيه ذلك لم يجز ، مثاله : قوله تعالى : {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ} [التوبة: 28] رتّب النهي على النجاسة ، فإن لم يكن لخصوصيّة نجاسة المشرك مدخليّة يكون تقريب مطلق النجاسة حراما ، وإلاّ كان الحكم مقصورا على مورده ، ولمّا لم يكن عدم مدخليّة الخصوصيّة معلوما لم يكن التعدية معلومة.

وبما ذكرنا ظهر أنّ تنقيح المناط إمّا قطعيّ أو ظنّيّ ، والحجّة هو الأوّل دون الثاني.

وظهر أيضا أنّ الحجّة على قواعد الأصحاب من أقسام قياس راجح التأثير بأيّ عنوان اطلق ـ كتنقيح المناط ، أو اتّحاد الطريق ، أو القياس بالطريق الأولى ، أو المنصوص العلّة ، أو القياس في معنى الأصل ، أو الجليّ ، أو القطعي ـ ما علم فيه العلّيّة وعدم مدخليّة خصوص الواقعة ، أو المساواة من كلّ وجه إذا كان الجمع بمجرّد نفي الفارق ، إمّا (35) بالقطع ، أو بما ثبت حجّيّته شرعا ، كالنصّ ومثله.

والسرّ فيه ما يأتي من قطعيّة بطلان مطلق القياس على قواعدهم (36).

فإن قلت : كيف يتصوّر حصول القطع بالعلّيّة؟

قلت : العلّة إن كانت عقليّة ـ أي كان للعقل مدخليّة في فهم العلّيّة ـ فلا ريب في إمكان حصول القطع بها ، إلاّ أنّ وجود مثله في الأحكام الشرعيّة نادر ، وإن كانت غير شرعيّة فقط ، فإنّ النصّ أو الإيماء على العلّيّة يمكن أن يبلغ حدّا يحصل معه القطع بالتعليل الشرعي ، وكما أنّ العلّة الواقعيّة يمتنع تخلّف معلولها عنها ، كذا يمتنع تخلّف الأحكام الشرعيّة المعلولة للعلل الشرعيّة عنها ، فالقطع بالعلّة الشرعيّة يستلزم القطع بالحكم الشرعيّ المعلّل بها ، فإن ورد التعليل من الشرع بطريق قطعي كالتواتر ، كانت العلّيّة وطريقها كلتاهما قطعيّة ، فيحصل القطع بالحكم. وإن ورد بطريق ظنّيّ ، كالآحاد ، أمكن القطع حينئذ بالعلّيّة إلاّ أنّ طريقها يكون ظنّيّة ، ولذا يحصل الظنّ بالحكم لا القطع به إلاّ أنّ الحجّيّة ثابتة ؛ لأنّ الفرض أنّ الطريق حجّة شرعا.

__________________

(1) يأتي في ص 461.

(2 و 3) تقدّم في ص 441.

(4) منهم : الفخر الرازي في المحصول 5 : 124 ، والمحقّق الحلّي في معارج الاصول : 185 ، والفاضل التوني في الوافية : 238.

(5) يأتي في ص 461.

(6) راجع : معارج الاصول : 185 ، ومبادئ الوصول : 218 ، ومعالم الدين : 229 ، والوافية : 237.

(7) راجع وسائل الشيعة 27 : 44 ـ 62 ، أبواب صفات القاضي ، الباب 6 ، ح 20 ـ 52.

(8) قالهما البصري في المعتمد 2 : 235 ، والفخر الرازي في المحصول 5 : 121.

(9) المصدرين.

(10) إشارة إلى الآيتين 7 ـ 8 من سورة الزلزلة (99) : ( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ).

(11) حكاه الفخر الرازي عن أبي عبد الله البصري في المحصول 5 : 117 ، وحكاه الآمدي في الإحكام في أصول الأحكام 4 : 59.

(12) قاله المحقّق الحلّي في معارج الاصول : 185 ، والفاضل التوني في الوافية : 237.

(13) قاله العلاّمة في نهاية الوصول إلى علم الأصول 3 : 510 ، وحكاه عنه الشيخ حسن في معالم الدين : 227.

(14) قول الشارع هنا مفروض ؛ لأنّه ليس بحديث ولكن ذكره الفخر الرازي في المحصول 5 : 117 ـ 120 ، والزركشي في البحر المحيط في أصول الفقه 4 : 28 ـ 29.

(15 و 16) التذكير باعتبار الخبر.

(17) تقدّم تخريجه في ص 454.

(18) قاله الفخر الرازي في المحصول 5 : 118.

(19) حكاه الآمدي في الإحكام في أصول الأحكام 4 : 60.

(20) جمع الحسن في حال الجرّ والإضافة.

(21) قاله الآمدي ونسبه أيضا إلى أبي إسحاق الإسفرائيني وأكثر أصحاب الشافعي وجعفر بن مبشّر وجعفر بن حرب وبعض أهل الظاهر في الإحكام في أصول الأحكام 4 : 58.

(22) راجع المصدر : 59 ـ 64.

(23) راجع ص 455.

(24) حكاه الآمدي عن أبي عبد الله البصري في الإحكام في أصول الأحكام 4 : 58.

(25) راجع ص 456.

(26) تقدّم في ص 456.

(27) عدم التأنيث باعتبار كون التعدية مصدرا.

(28) قاله الآمدي في الإحكام في أصول الأحكام 4 : 58 و 59. وهو المفصّل الثاني كما أنّ المفصّل الأوّل هو أبو عبد الله البصري. فإنّهما فصّلا المسألة على قسمين.

(29) راجع : المحصول 5 : 117 ، والإحكام في أصول الأحكام للآمدي 4 : 58 ، وتهذيب الوصول : 251 ، ونهاية السؤل 4 : 23 ، ومعارج الاصول : 185.

(30) آنفا.

(31) حكاهما المحقّق الحلّي في معارج الاصول : 183 ولم نعثر عليهما في كتب الأحاديث.

(32) قاله الغزالي في المستصفى : 339 ، والفخر الرازي في المحصول 5 : 230 ، والمحقّق الحلّي في معارج الاصول : 185.

(33) راجع : تهذيب الأحكام 6 : 236 ، ح 582 ، والاستبصار 3 : 41 ، ح 141.

(34) تهذيب الأحكام 1 : 152 ، ح 432.

(35) هذا تقسيم للعلم المفروض في قوله : « ما علم فيه العلّيّة ».

(36) يأتي في ص 461.




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.