المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9100 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تنفيذ وتقييم خطة إعادة الهيكلة (إعداد خطة إعادة الهيكلة1)
2024-11-05
مـعاييـر تحـسيـن الإنـتاجـيـة
2024-11-05
نـسـب الإنـتاجـيـة والغـرض مـنها
2024-11-05
المـقيـاس الكـلـي للإنتاجـيـة
2024-11-05
الإدارة بـمؤشـرات الإنـتاجـيـة (مـبادئ الإنـتـاجـيـة)
2024-11-05
زكاة الفطرة
2024-11-05



أهمية الامامة  
  
7374   11:56 صباحاً   التاريخ: 28-7-2016
المؤلف : باقر شريف القرشي
الكتاب أو المصدر : حياة الإمام الرضا (عليه السلام)
الجزء والصفحة : ج‏1،ص289-294.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن موسى الرّضا / قضايا عامة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-7-2016 3057
التاريخ: 28-7-2016 3421
التاريخ: 28-7-2016 3429
التاريخ: 28-7-2016 3390

من بين البحوث العقائدية التي خاضها الامام الرضا (عليه السّلام) هي الامامة فقد عرض لها في كثير من مناظراته و بحوثه .. .

الامامة من أهم المراكز الحساسة في الاسلام لأنها تصون الأمة و تحميها من الاعتداء و توفر لها الكرامة و الحرية و تحقق لها جميع ما تصبو إليه , و قد ادلى الامام (عليه السّلام) بحديث شامل الى عبد العزيز بن مسلم عرض فيه بصورة موضوعية عن أهمية الامامة و انها من أهم الأهداف و المبادئ التي تبناها الاسلام فالرسول (صلّى اللّه عليه و آله) قبل أن ينتقل الى حظيرة القدس قد أقام القائد و المرجع لأمته و هو الامام امير المؤمنين (عليه السّلام) رائد الحكمة في دنيا الاسلام استمعوا الى حديث الامام الرضا عن الامامة.

قال (عليه السّلام): يا عبد العزيز جهل القوم و خدعوا عن أديانهم إن اللّه تبارك و تعالى لم يقبض نبيه (صلّى اللّه عليه و آله) حتى اكمل له الدين و أنزل عليه القرآن فيه تفصيل كل شي‏ء بيّن فيه الحلال و الحرام و الحدود و الاحكام و جميع ما يحتاج إليه كملا فقال عزّ و جلّ: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: 38] و أنزل في حجة الوداع و هي آخر عمره (صلّى اللّه عليه و آله) {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3] و أمر الامامة من تمام الدين و لم يمض (صلّى اللّه عليه‏ و آله) حتى بيّن لأمته معالم دينهم و أوضح لهم سبيلهم و تركهم على قصد الحقّ و أقام لهم عليا اماما و ما ترك شيئا تحتاج إليه الأمة إلّا بينه فمن زعم أن اللّه عزّ و جلّ لم يكمل دينه فد رد كتاب اللّه عزّ و جلّ و من رد كتاب اللّه تعالى فهو كافر ...

و حكى هذا المقطع الأهمية البالغة للإمامة عند النبي (صلّى اللّه عليه و آله) فهي من أهم العناصر في رسالته الخالدة فبها كمال الدين و اتمام النعمة و قد اختار (صلّى اللّه عليه و آله) لهذا المنصب الخطير أخاه و باب مدينة علمه الامام امير المؤمنين سلام اللّه عليه فقد أقامه خليفة من بعده و أمر المسلمين بمبايعته في غدير خم و قد اوضح (صلّى اللّه عليه و آله) بذلك السبيل لأمته و لم يترك الأمر فوضى من بعده ..

و لنستمع الى بند آخر من حديثه (عليه السّلام) يقول: هل يعرفون قدر الامامة و محلها من الأمة فيجوز فيها اختيارهم؟ إن الامامة أجل قدرا و أعظم شأنا و أعلى مكانا و أمنع جانبا و أبعد غورا من أن يبلغها الناس بعقولهم أو ينالوها بآرائهم أو يقيموا اماما باختيارهم إن الامامة خص اللّه بها ابراهيم الخليل (عليه السّلام) بعد النبوة و الخلة مرتبة ثالثة و فضيلة شرفه بها و اشاد بها ذكره فقال عزّ و جلّ: {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا} [البقرة: 124].

فقال الخليل سرورا بها: {وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي}‏ قال اللّه عزّ و جلّ: {لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ}‏ فأبطلت هذه الآية امامة كل ظالم الى يوم القيامة و صارت في الصفوة ثم اكرمه اللّه عزّ و جلّ بان جعلها في ذريته أهل الصفوة و الطهارة فقال عزّ و جلّ: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ * وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وَ أَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وَ إِقامَ الصَّلاةِ وَ إِيتاءَ الزَّكاةِ وَ كانُوا لَنا عابِدِينَ}‏ [الأنبياء: 72-73] فلم يزل في ذريته يرثها بعض عن بعض قرنا فقرنا حتى ورثها النبي (صلّى اللّه عليه و آله) فقال اللّه عزّ و جلّ: {إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 68] ‏ فكانت له خاصة فقلّدها (صلّى اللّه عليه و آله) عليا بأمر اللّه عزّ و جلّ على رسم ما فرضها اللّه عزّ و جلّ فصارت في ذريته الأصفياء الذين آتاهم اللّه العلم و الايمان بقوله عزّ و جلّ: { وَ قَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ} [الروم: 56] فهي في ولد علي خاصة الى يوم القيامة اذ لا نبي بعد محمد (صلّى اللّه عليه و آله) فمن أين يختار هؤلاء الجهّال؟.

عرض الامام (عليه السّلام) في هذا المقطع الى استحالة الاختيار و الانتخاب للامامة و انها غير خاضعة لارادة الجماهير الذين لا علم لهم بواقع الأمور و حقيقة الاشياء و انما أمرها بيد اللّه تعالى فهو الذي يختار لقيادة عباده ممن تتوفر فيه الصفات الرفيعة من التقوى و الحريجة في الدين و العلم بما تحتاج إليه الأمة في جميع مجالاتها ليضمن لها حياة كريمة لا ظل فيها للقهر و الظلم و الغبن و الفقر.

الامامة كالنبوة في أن أمرها بيد اللّه تعالى و قد منحها لأفضل عباده و هو ابراهيم الخليل (عليه السّلام) و انتقلت من بعده الى أفاضل ذريته كاسحاق و يعقوب ثم انتقلت الى سيد الأنبياء الرسول الأعظم (صلّى اللّه عليه و آله) فقلدها من بعده الى باب مدينة علمه و أفضل أمته الامام امير المؤمنين (عليه السّلام) ثم من بعده الى الأئمة الطاهرين من ذريته الذين هم صفوة خلق اللّه تعالى.

و لننتقل الى فصل آخر من كلام الامام (عليه السّلام) يقول: إن الامامة هي منزلة الأنبياء وارث الأوصياء إن الامامة خلافة اللّه عزّ و جلّ و خلافة الرسول و مقام امير المؤمنين و ميراث الحسن و الحسين (عليهم السّلام) إن الامامة زمام الدين و نظام المسلمين و صلاح الدنيا و عز المؤمنين.

ان الامامة أس الاسلام النامي و فرعه السامي بالامام تمام الصلاة و الزكاة و الصيام و الحج و الجهاد و توفير الفيء و الصدقات و امضاء الحدود و الاحكام و منع الثغور و الاطراف.

الامام يحل حلال اللّه و يحرّم حرام اللّه و يقيم حدود اللّه و يذبّ عن دين اللّه و يدعو الى سبيل ربه بالحكمة و الموعظة الحسنة و الحجة البالغة.

الامام البدر المنير و السراج الزاهر و النور الساطع و النجم الهادي في غياهب الدجى و البيد القفار و لجج البحار و الامام على البقاع‏ الحار لمن اصطلى به و الدليل في المهالك من فارقه هالك.

الامام السحاب الماطر و الغيث الهاطل و الشمس المضيئة و الأرض البسيطة و العين العزيزة و الغدير و الروضة الامام الأمين الرفيق و الوالد الرقيق و الاخ الشفيق و مفزع العباد في الداهية.

الامام امين اللّه في أرضه و حجته على عباده و خليفته في بلاده الداعي الى اللّه و الذاب عن حرم اللّه.

الامام المطهّر من الذنوب المبرأ من العيوب مخصوص بالعلم مرسوم بالحلم نظام الدين و عز المسلمين و غيظ المنافقين و بوار الكافرين.

الامام واحد دهره لا يدانيه أحد و لا يعادله عالم و لا يوجد منه بدل و لا له مثل و لا نظير مخصوص بالفعل كله من غير طلب منه له و لا اكتساب بل اختصاص من المفضل الوهاب فمن ذا الذي يبلغ معرفة الامام و يمكنه اختياره؟

هيهات هيهات ضلت العقول و تاهت الحلوم و حارت الألباب و خسرت العيون و تصاغرت العظماء و تحيرت الحكماء و تقاصرت الحلماء و حصرت الخطباء و جهلت الالباء و كلت الشعراء و عجزت الأدباء و عييت البلغاء عن وصف شأن من شأنه أو فضيلة من فضائله فأقرّت بالعجز و التقصير و كيف يوصف له أو ينعت بكنهه أو يفهم شي‏ء من أمره أو يوجد من يقام مقامه و يغنى غناه كيف و انى و هو بحيث النجم من أيدي المتناولين و وصف الواصفين فاين الاختيار من هذا؟

و اين العقول عن هذا؟ و اين يوجد مثل هذا؟ أظنوا أن يوجد ذلك؟ في غير آل الرسول (صلّى اللّه عليه و آله) كذبتهم و اللّه أنفسهم و فتنهم الباطل فارتقوا مرتقى صعبا دحضا نزل عنه الى الحضيض أقدامهم ...

حفل هذا المقطع من كلام الامام (عليه السّلام) بأهمية الامام و انه ظل اللّه في الأرض و عليه تدور جميع مصالح الأمة و ما تنشده من أهداف كما ترتبط به اقامة الحدود و صيانة الثغور و تحليل الحلال و تحريم الحرام و تطبيق احكام اللّه تعالى على واقع الحياة العامة التي يعيشها المسلمون و من المؤكد ان هذه الأهداف الاصيلة و المبادئ العليا لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يحققها على مسرح الحياة إلّا أئمة الهدى (عليهم السّلام) الذين اقصتهم أئمة الظلم و الجور عن مراكزهم التي منحها اللّه لهم فعانت الأمة من جراء ذلك جميع الوان الظلم و الجور.

و يواصل الامام (عليه السّلام) حديثه بالاشادة بأئمة أهل البيت (عليهم السّلام) و مناهضة أئمة الجور و ينعى على الذين اقاموهم يقول‏ (عليه السّلام): راموا اقامة الامام بعقول جائرة بائرة ناقصة و آراء مضلة فلم يزدادوا إلّا بعدا قاتلهم اللّه انى يؤفكون لقد راموا صعبا و قالوا: افكا و ضلوا ضلالا بعيدا و وقعوا في لحيرة إذ تركوا عن بصيرة و زين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل و ما كانوا مستبصرين و رغبوا عن اختيار اللّه و اختيار رسوله الى اختيارهم و القرآن يناديهم‏ وَ رَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَ يَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحانَ اللَّهِ وَ تَعالى‏ عَمَّا يُشْرِكُونَ‏ و قال اللّه عزّ و جلّ: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب: 36] و قال عزّ و جلّ: {مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ * أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ * إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ * أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ * سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ * أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ فَلْيَأْتُوا بِشُرَكَائِهِمْ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ} [القلم: 36 - 41] ‏ .

و قال عزّ و جلّ: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد: 24] أم طبع اللّه على قلوبهم فهم لا يفقهون أم‏ {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ * إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ * وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ} [الأنفال: 21 - 23] ‏ ... .

فكيف لهم باختيار الامام؟! و الامام عالم لا يجهل راع لا ينكل معدن القدس و الطهارة و النسك و الزهادة و العلم و العبادة مخصوص بدعوة الرسول (صلّى اللّه عليه و آله) و هو نسل المطهرة البتول (عليها السّلام) لا مغمز فيه في نسب و لا يدانيه ذو حسب فالنسب من قريش و الذروة من هاشم و العترة من آل الرسول (صلّى اللّه عليه و آله) و الرضا من اللّه شرف الأشراف و الفرع من عبد مناف نامي العلم كامل الحلم مضطلع بالامامة عالم بالسياسة مفروض الطاعة قائم بأمر اللّه عزّ و جلّ ناصح لعباد اللّه حافظ لدين اللّه.

ان الأنبياء و الأئمة صلوات اللّه عليهم يوفقهم اللّه و يؤتيهم من مخزون علمه و حكمه ما لا يؤتيه غيرهم فيكون علمهم فوق كل علم أهل زمانهم في قوله تعالى: {أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} [يونس: 35] و قوله عزّ و جلّ: {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا} [البقرة: 269] و قوله عزّ و جلّ في طالوت: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 247] و قال عزّ و جلّ لنبيه : {وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا} [النساء: 113] ؛ و قال عزّ و جلّ في الأئمة من أهل بيته و عثرته و ذريته: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا * فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا} [النساء: 54، 55] .

ان العبد اذا اختاره اللّه عزّ و جلّ لأمور عباده شرح اللّه صدره لذلك و أودع قلبه ينابيع الحكمة و ألهمه العلم الهاما فلم يع بعده بجواب و لا يحيد عنه الصواب و هو معصوم مؤيد موفق مسدد قد أمن الخطايا و الزلل و العثار يخصه اللّه بذلك ليكون حجته على عباده و شاهده على خلقه و {ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} فهل يقدرون على مثل هذا؟ فيختاروه أو يكون مختارهم بهذه الصفة؟ فيقدموه؟ فعدوا و بيت اللّه الحق و نبذوا كتاب اللّه وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون و في كتاب اللّه الهدى و الشفاء فنبذوه و اتبعوا أهواءهم فذمهم اللّه و مقتهم و اتعسهم فقال عزّ و جلّ: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [القصص: 50] ‏ و قال عزّ و جلّ: {فَتَعْسًا لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ} [محمد: 8] و قال عزّ و جلّ: {كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ} [غافر: 35] .

انتهى هذا الحديث الشريف الذي هو من اوثق الأدلة و اشملها على ضرورة الامامة و أنها من أهم المراكز الحساسة في الاسلام و ليست خاضعة لاختيار الأمة و انتخابها و انما أمرها بيد الخالق العظيم فهو الذي يعين و ينتخب أفضل عباده و اتقاهم لهذا المنصب الخطير ليقيم بين الناس العدل الخالص و الحق المحض و يسوسهم بسياسة الرسول الأعظم (صلّى اللّه عليه و آله).




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.