أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-6-2016
3093
التاريخ: 30-5-2021
2396
التاريخ: 2024-08-01
579
التاريخ: 2-7-2022
1760
|
يعتبر الاتصال عملية نفسية اجتماعية التي لها أهمية كبرى وواضحة بالنسبة للإنسان، والحياة اليومية التي يعيشها ويمر بها. وهو في أبسط حالاته وأكثرها انثسارا يعتمد على اللقاء المباشر بين طرفين: المرسل والمستقبل ويتم الاتصال بينهما عن طريق استخدام اللغة، والرموز والإشارات، والتي تعتبر جميعها وسيلة اتصال وتبادل الأفكار، إلا أن التطورات العلمية والتغير الذي حدث في المجتمع، أدى إلى إيجاد وسائل وأنماط اتصالية جديدة ومعقدة تعقيداً لا بأس به، وعملية تطور هذه الوسائل الحديثة، وتأثيراتها على الإنسان جعل من الاتصال موضوع لدراسات وأبحاث لدى مختلف الباحثين وذلك لوضع النظريات الخاصة به كعلم قائم بحد ذاته.
والاتصال إذا نظرنا إليه كعلم فهو يهتم بدراسة عملية تبادل المعاني بين الأشخاص والأفراد داخل المجتمع، هذا التبادل يكون عن طريق نظام مشترك من الرموز المختلفة، من هذا المنطلق نقول إن كل دراسة، أو بحث علمي الذي يقوم بدارسة الإنسان والسلوك الإنساني من المؤكد أن تكون له علاقة بأي شكل من الأشكال بالاتصال. فان جميع الميادين الاجتماعية والإنسانية وعلم النفس والتربية، والسياسية والاقتصاد واللغويات وغيرها، لها علاقة مباشرة في عملية الاتصال التي تحدث بين الأفراد والمجتمعات المختلفة. إن عملية التقدم الملحوظ التي ظهرت على وسائل الاتصال الجماهيري، جعل من هذا الميدان مستقل وقائم بحد ذاته، يبحث ويدرس في الجامعات والمعاهد العليا بمفرده وتحت أسم الاتصال أو الاتصال الجماهيريMass communication ولكن هذا العلم كغيره من العلوم يبقى مرتبطاً بالعلوم الأخرى، التي تتداخل فيه ويستفيد منها في عملية الإغناء والإثراء ويمكن القول بأن الاتصال علم متشعب الخلفيات inter- disciplinary يقترب من الميادين الأخرى التي لها علاقة به، يأخذ منها ويتأثر بها وبالنظريات التي تقوم عليها. وفي الوقت نفسه يبتعد عنها ويستقل بما يقوم عليه من أبحاث ونظريات ونماذج Models التي ظهرت في الفترة الأخيرة.
وهنا يجب أن نذكر أن الاتصال يعتبر علم حديث، أخذ صورته النهائية قبل حوالي نصف قرن تقريبا وذلك لوجود عدد من الباحثين الذين يكرسون جهودهم لأبحاثه ونظرياته الأمر الذي يوضح تطوره وخصوصاً في السنوات الأخيرة. بالإضافة إلى انتشار وسائل الاتصال الجماهيري انتشاراً واسعاً بين الناس والذي لعب دوراً مهماً جداً في اتساع العملية الاتصالية، ومن ثم اعتماد الناس عليها والاعتماد الكامل يكون في كل جوانب الحياة مثل الإعلام، الصحافة، العلاقات العامة والإعلان، الرأي العام، الدعاية الإعلامية وغير ذلك.
إن القيام بدراسة علم الاتصال والنظريات التي يقوم عليها تفرض علينا معرفة الاعتبارات الخاصة به كعلم، كما يراها الباحثين في مجالات العلوم الانسانية المذكورة، لأن التعرف على آرائهم المختلفة من الممكن أن يساعد على فهم عناصر هذا العلم وتحديد مفاهيمه المختلفة ووضعها في إطارها السليم.
أولاً : وجهة نظر علماء النفس :
ينظر علماء النفس إلى عملية الاتصال من خلال الظواهر النفسية للإنسان والتي تتعلق بظواهر الاستيعاب والادراك، والتفكير والتذكر، وتغير الموافق والاتجاهات، والسلوك، أي أنهم يرون
في الاتصال مجرد عملية نفسية تؤدي إلى النشاط النفسي والسلوكي للإنسان.
ثانياً : علماء التربية :
يرون عملية الاتصال من خلال قياس مدى أثر وتأثير استخدام الوسائل الاتصالية المساعدة والمختلفة في عملية التعليم والتعلم القائم على المنهاج أو الذي لا تخضع للمنهاج أو التعليم والتعلم المنظم وغير المنظم. وتأثير هذا الاستخدام يظهر في تغير أو بناء الاتجاهات والمواقف الشخصية أو في رفع المستوى الثقافي، وعملية نقل العادات والقيم على أنواعها.
ثالثاً : علماء الاجتماع :
ينظرون إلى عملية الاتصال، باعتبارها عملية اجتماعية تحدث في كل لحظة بين أفراد المجتمع على اختلاف شخصياتهم وأماكن عملهم. والاتصال يتم في مجتمع له نظامه ونشاطه بهدف تأكيد هذا النظام والمحافظة عليه والاستمرار في السير عليه، وفي نهاية الأمر الوصول إلى التوافق بين أعضائه ليقوم كل منهم بالنشاط المطلوب منه والمعطى له لكي نستمر في المحافظة على تماسك هذا المجتمع.
رابعاً : علماء الاقتصاد :
ينظرون إلى الاتصال من منظار المنفعة التي تعود على الفرد من الاتصال مع الآخرين وتكلفه عملية الاتصال كل هذا من أجل الوصول إلى افضل البدائل في التشغيل الاقتصادي للمؤسسات التي يعملون من أجلها أو يعملون فيها.
خامساً : علماء السياسة:
يرون عملية الاتصال كعملية يتم من خلالها تكوين أو تغير الرأي العام المحلي والعالمي، وكيفية التأثير في هذا الرأي بالسلب أو الإيجاب وعلاقته بالتنظيمات السياسية المحلية والعالمية، والعلاقات القائمة بين الدولة وأفرادها أو سكانها، أو طبيعة علاقات الدول مع بعضها البعض.
وبالرغم من تداخل جوانب العملية الاتصالية في مجال اهتمامات الباحثين في العلوم الإنسانية المذكورة فإن الإمكانية أن تصبح الظاهرة الاتصالية قائمة بعناصرها وجوانبها المختلفة، علماً مستقلاً قائماً بذاته ويمكن القيام بدراسته دراسة منهجية والاستفادة من نتائج غيره، واستخدام النتائج التي توصلت إليها هذه العلوم الانسانية، وربط النتائج التي نحصل عليها مع بعضها، بهدف استنباط معرفة جيدة وتأسيس هذا العلم مثل غيره من العلوم الانسانية، فقد اعتمد اعتماداً كاملاً على الدراسة المنظمة والتي تعتمد على المنهج التجريبي، بوضع الفروض العامة والقيام بالقياس والتجارب بأنواعها بهدف البحث عن عناصره ومكوناته والوصول إلى وضع نظرياته.
والاتصال يعتبر ظاهرة إنسانية التي لها طبيعة معقدة وأوجه متعددة، ولا يمكن أن تحدث من فراغ وبعيدا عن حياة الإنسان والمجتمع. وتشير إلى الجوانب المتعددة للسلوك الانساني والعلاقات الإنسانية، وتعتمد على تبادل الآراء والمشاركة التي تقوم وتحدث بن الأفراد، وبطبيعة الحال تؤثر على الظروف المحيطة به، مما تؤدي إلى زيادة في قدرة الفرد على الاستمرار في التطور والبقاء.
وعلم الاتصال كعلم هو أحدث العلوم الإنسانية وهو الذي يبحث في ظاهرة القيام بالتأثير على أفراد المجتمع عن طريق وسائل الاتصال المختلفة والكثيرة مثل المحادثة واللغة المكتوبة، واللغة المطبوعة والخطابة والصحافة والإذاعة المسموعة والتلفاز والأفلام... الخ وهو أيضا العلم الذي يبحث في عملية أو عمليات التفاعل الاجتماعي المباشر، التي تحدث عن طريق الاتصال الطبيعي الشخصي أو الجمعي أو عن طريق الاتصال غير المباشر، الذي يحدث من خلال وسائل الإعلام الحديثة المتعددة التي تعتبر وسائل للاتصال.
ـ ماهية الاتصال :
عندما ذكرنا أن الاتصال يعتبر العلم الذي يهتم بعملية تبادل المعاني بين الأشخاص أو الأفراد عن طريق نظام معين مشترك من الرموز، كان هذا بمثابة تعريف أولي له وهذا التعريف يؤكد على وجود جانبين أساسيين في الاتصال:
الأول: يتعلق في نظام الرموز المشترك ويقصد بها أن الرموز التي تستعمل في الاتصال يتفق الأفراد على المعاني التي تحملها، لكي تصبح ذات معنى محدد لشيء ما يعرفه الجميع. بمعنى آخر يجب أن تكون لهذه الرموز دلالة متعارف عليها داخل المجتمع التي تظهر فيه. هنا تعتبر اللغة النظام الدلالي للرموز الذي طوره الإنسان لأن كلماتها تكون ذات معنى ومعرفة لجميع أفراد المجتمع التي طورها.
الثاني: يتعلق في تبادل المعاني، أي أن عملية تبادل الأفكار والمعلومات بين أفراد المجتمع هي في حقيقة الأمر عملية تبادل للمعاني المتعارف عليها اجتماعيا والتي يتبادلها الناس عندما يقومون بعملية الاتصال وذلك بهدف تحقيق التفاهم بينهم. ومن هنا نقول إن الرموز هي عبارة عن الذرات المكونة للاتصال وهذه الذرات من الممكن جمعها وترتيبها بطريقة قابلة للتفسير (للتغير) وتؤدي إلى اتصال المرسل بالمستقبل - أي الفرد الذي يقوم بعملية إرسال المعلومات إلى الفرد الذي يستقبلها، وفي نهاية الأمر تجعل من عملية تبادل الأفكار والمعاني الأمر الممكن حدوثه وعندما يقوم الإنسان بعملية الاتصال مع الآخرين عن طريق الكلام أو الكتابة أو الإشارات التي جميعها تعتبر رموزاً اتصالية فهذا يعني البدء في إقامة علاقة مع ذلك الإنسان، وهذه العلاقة تبدأ في القوة والعمق وتتأثر بشكل ملحوظ إذا كانت المعاني مفهومة وواضحة لطرفي العلاقة الاتصالية. إن عملية ممارسة الاتصال عند الإنسان تبدأ من بداية المرحلة الأولى لحياة الطفل فهو يبدأ بالاستجابة التدريجية للمثيرات التي تصدر من الأم، وهذه الاستجابة تكون عبارة عن الابتسامة المعبرة عن السرور والراحة وتتبع هذه الاستجابة استجابة أخرى من الأم، حيث تأخذ وليدها إلى صدرها أو تقبله ومع الاستمرار في الحياة تكبر وتنمو المعاني بسبب الخبرة التي يمر بها ويحصل عليها من المحيط الأول الذي يعيش فيه، ألا وهو الأسرة وبعد ذلك من الحارة والمدرسة والجامعة وهكذا في معظم مراحل العمل وما يحدث فيها من أعمال وأفعال يقوم بها الفرد، التي تؤدي إلى المعرفة والمعاني الكافية لتكوين جملة وأفكار في كل وضح يبني فيه علاقة مع الآخرين.
والاتصال ينمو مع نمو الانسان ومع زيادة الخبرات لديه، والمعاني تكبر عن طريق تزايد الخبرات والمعارف والمشاعر مع بقاء جذورها عميقة في النفس والمجتمع. وخبرة كل فرد تختلف عن الآخر ولو بشيء قليل، وسبب هذا الاختلاف هو عملية التفاعل الاجتماعية التي يمر بها كل فرد في مراحل الحياة المختلفة، والمحيط الذي يعيش فيه والذي يعتبر المحدد الأول لهذه الخبرات الأمر الذي يؤدي إلى وجود حواجز تفصل بين الأفراد والتي تحاول إزالتها في عمليات الاتصال المستمرة والتي لا تنتهي.
والاتصال له عدة أشكال منها: المستوى الشخصي، الذي يتحدث فيه الفرد لنفسه، مفكراً ومحاسباً ومتأملاً أو يكون الاتصال مع فرد آخر، الذي يتحدث ويتحاور معه عن مواضيع مختلفة أو عن طريق وسيلة إعلامية الذي يكون فيه الفرد المستقبل مصغي للراديو دون المحاورة معه.
ما ذكر نتوصل إلى أن الالتقاء وجهاً لوجه والمباشر ليس شرطاً ضرورياً لإقامة هامة العلاقة الاتصالية لأن وجود مرسل للمعلومات سواء كان منظوراً أو غير منظور، ووجود متلقي يستقبل هذه المعلومات ويقوم بتحليلها في عقله ويتفاعل معها، ويستجيب لها بشكل أو باخر.
وتعتبر عملية التفاعل مع المعاني والمعلومات بمثابة الأساس في عملية الاتصال، لأنها تعني أن المستقبل يعطي كل انتباهه للمعلومات دون اعتبار للقرب أو البعد، ويعمل على تمثلها وفهمها ويقوم بالاستجابة لها.
والاتصال يعتبر محور الخبرة الإنسانية وهو يعني تبادل الأفكار والمعلومات التي تتضمن الكلمات والصور والرسوم والرموز المختلفة، ويحدث الاتصال لجميع الأفراد في كل الأوقات وقد أصبح الاتصال اليوم أكثر تعقيداً عما كان عليه من قبل وعندما لا نمارسه بشكل شخصي نكون بحاجة إلى الاقتراب من المعلومات.
وأبرز ما يميز الإنسان عن الكائنات الأخرى هو قدرته على التعبير عن أفكاره، وقد برزت هذه القدرة منذ العصور الأولى التي مرت بها البشرية، عندما ابتكر الانسان رموزاً صوتية يتصل بواسطتها بالآخرين.
وظهور التجمعات البشرية كانت كنتيجة لبداية عملية التفاهم الانساني باستخدام الإشارات وتبع تلك ارتقاء هذا التفاهم حينما بدأ الانسان في استخدام اللغة. الأمر الذي أدى إلى أن تجمع البشرية عن طريق الكلام حصيلة ابتكاراتها واكتشافاتها. وازدادت عملية الاتصال في الوضوح والسهولة عندما استعملت طريقة الكتابة لأول مرة في عملية الاتصال على يد السومريون.
ـ معنى الاتصال وتعريفه :
لكي يكون بمقدورنا إدراك أهمية عملية الاتصال يتوجب علينا أن نعرف ما هو مفهوم الاتصال نقف عند هذا المفهوم ونحاول التعرف على مكوناته العملية، والعناصر التي تتداخل في مجال الاتصال وأهمية كل واحد منها والطريق الذي يتبعه إلى أن يتم تحقيق الهدف من الاتصال الذي نقوم به.
وحتى نوضح القصد الذي نهدف إليه بالاتصال بمعناه العلمي يجب أن نرجع إلى التعاريف التي وضعها عدد من الباحثين بهدف الحصول على صورة واضحة لمعنى الاتصال وتطور هذه العملية مع مرور الزمن.
ـ تعاريف الاتصال :
في بداية هذا القرن قام شارلز كولى بتعريف الاتصال (بأنه الآلية التي توجد فيها العلاقات الإنسانية وتنمو عن طريق استعمال الرموز ووسائل نقلها وحفظها). أما ريتشاردز فقد قام في العشرينات بتعريف الاتصال حيث قال (إن الاتصال يحدث حين يؤثر عقل في عقل آخر، الأمر الذي يؤدي إلى حدوث في عقل المتلقي خبرة مشابهة لتلك التي حدثت في عقل المرسل ونتجت عنها بشكل جزئي).
وفي الثلاثينات قام جورج لندبرغ بتعريف الاتصال (بأنه التفاعل بوساطة الرموز والإشارات التي تعمل كمنبه أو مثير يؤدي إلى إثارة سلوكاً معيناً عند المتلقي. وفي الوقت نفسه عرف فلويد بروكز الاتصال بأنه عملية نقل فكرة أو مهارة أو حكمة من شخص لآخر). وفي الأربعينات عرف كارل هوفلاند الاتصال بأنه (العملية التي ينقل بموجبها الفرد (القائم بالاتصال، المرسل) منبهات (رموز لغوية، رسالة) بقصد تعديل أو تغير سلوك فرد أو أفراد آخرين (مستقبل الرسالة). أما تشارلز موريس فيقول إن اصطلاح الاتصال عندما نستخدمه بشكل واسع. فإنه يتناول أي ظرف يتوافر فيه مشاركة عدد من الأفراد في أمر معين، وهو يقصر الاتصال على استخدام الرموز لكي تحقق شيوعا ومشاركة لها مغزى، فالتألف حول قضية معينة يسميها شيوعاً، فحينما يغضب شخص ما فقد ينتقل هذا الغضب إلى شخص آخر وهذا هو الشيوع أو المشاركة وهذا يعتبر اتصال.
وقال مارتن اندرسون في الخمسينات (بأن الاتصال هو)العملية التي من خلاها نفهم الآخرين ويفهموننا، ولان الاتصال ديناميكي فإن الاستجابة له دائمة التغيير حسبما يمليه الوضع العام كله. والاتصال هو العملية أو الطريقة التي يتم بواسطتها انتقال المعرفة من شخص لآخر، حتى تصبح مشاعا بينهما وتؤدي إلى التفاهم بين هذين الشخصين أو أكثر.
أما فرنك في الستينات فقد عرف الاتصال بأنه العملية التي يتفاعل عن طريقها المرسل والمستقبل. في إطار وضع اجتماعي معين، وفي هذا التفاعل يتم نقل أفكار ومعلومات بين الأفراد عن موضوع معين أو قضية معينة أو معنى مجرد لأننا عندما نتصل نحاول أن نشرك الآخرين ونشترك معهم في المنظومات والأفكار، فالاتصال يقوم على المشاركة في المعلومات والصور الذهنية والآراء.
أما في السبعينات فقد عرف اميري وادلت واجي الاتصال بأنه فن نقل المعلومات والأفكار والمواقف عن طريق استعمال مجموعة من الرموز المحملة بالمعلومات.
بعض هذه التعريفات تركز على أن الاتصال يعمل على نقل الأفكار والمعلومات من شخص لآخر، أو يعتبره منبه الذي يؤدي إلى حدوث استجابة لدى المستقبل. والبعض الآخر يقول إن الاتصال عملية تفاعل ومشاركة في الخبرات. أي أنه من خلال ملاحظة هذه التعريفات يتضح لنا الفرق في عملية التركيز أو الفهم والإدراك للاتصال وعملياته. أي أن العلاقة الاتصالية تقوم على تبادل المعلومات بين المرسل والمستقبل، في إطار نفسي واجتماعي وشافي معين، الأمر الذي يساعد على تحقيق عملية التفاعل بين المشاركين وتحقيق الهدف من الاتصال.
وهذه العلاقة التي نحن بصدد الحديث عنها تتم وتحدث في كل وقت حين يلتقي شخصان أو اكثر لتبادل الحديث عن مواضيع شخصية اجتماعية مختلفة؛ لأن الأساس في الاتصال هو توجه المتصل نحو المعلومات بإعطائها اهتمامه والتفاعل معها وفهمها والاستجابة لها.
ويتم في عملية الاتصال نقل المعرفة بأنواعها والمعلومات المختلفة من شخص لآخر أو من نقطة لأخرى وتتخذ لها مساراً يبدأ من المصدر الذي تتبع منه إلى الجهة التي تستقبلها ثم يرتد ثانية إلى المصدر وهكذا.
هذا يبين لنا أن عملية الاتصال لا تسير في اتجاه واحد بل هي دائرية (مصدر مستقبل- مصدر- وهكذا) تحدث داخل مجال أوسع واشمل يضم كل الظروف والإمكانيات التي تحيط بعملية الاتصال وتؤثر فيها وتتأثر بالتفاعل المستمر بين عناصرها.
والناس يبدؤون ويغيرون وينهون علاقاتهم مع بعضهم البعض عن طريق اتصال بعضم ببعض فالاتصال هو طريقهم للتأثير ووسيلتهم الآلية للتغير.
بالإضافة لكل ذلك يؤكد كل من عرف الاتصال على أنه عملية تفاعل لها فعل Action ورد فعلReaction أو تأثير الأمر الذي يوضح الاتي:
1ـ إن الاتصال لا يتم إلا من خلال عملية اجتماعية التي تدعى بالتفاعل، والتفاعل يحدث في
العادة بين شخصين أو اكثر، ومن الممكن أن يكون بين الفرد ونفسه، أي أن الفرد يستطيع أن يناقش ويقيم داخل نفسه موقفا ما يؤثر ويتأثر به أو بسببه يغير اتجاهه نحو الآخرين.
وبما أن الاتصال عملية اجتماعية لذلك فلا بد أن يتميز بالاستمرارية، والاستمرارية ترتبط بكون الإنسان مستمراً في محاولة إيجاد حلول لمشكلاته المختلفة سواء بنفسه أو بمساعدة الآخرين، وذلك لكي يصل إلى إشباع لحاجاته المتعددة.
2- إن التفاعل في الموقف الاتصالي يتحدد في ضوء مجموعة من المتغيرات والتي تتمثل في الهدف من الاتصال والذي من الممكن أن يكون غامضا أو لكل المشتركين في نشاط معين، كذلك يتأثر بشخصية الداخلين في التفاعل التي قد تمتاز بنوع من الحذر والحرص، بالإضافة إلى تأثر التفاعل بالفروض التي تنشأ في الموقف الاجتماعي بين أطراف التفاعل.
3- إن مفهوم الاتصال يشير إلى العلاقة التي تكون بين الناس داخل إطار اجتماعي من حيث حجمها ونوع النشاط حيث من الممكن أن تكون العلاقة بين شخصين أو بين جماعة صغيرة أو مجتمع محلي أو قومي أو دولي، وخلال هذه العلاقة تنقل الخبرات أو المعلومات أو التوجيهات.
4- إن الاتصال له أهداف قد تكون توجيهية، أي إكساب اتجاهات جديدة أو تعديل اتجاهات قديمة أو تثبيت اتجاهات مرغوب فيها. والاتصال من الممكن أن يكون له أكثر من هدف في وقت واحد.
5- للاتصال وسائل متعددة ومتنوعة فقد تقسم وسائل الاتصال على أساس المادة التي تصنع منها، أو من أدوات وأجهزة، أو ما تعالجه من موضوعات، أو ما تسعى إليه من أهداف وهناك ثلاث مجموعات رئيسية لوسائل الاتصال، مجموعة الخبرات الهادفة المباشرة ومن أمثلتها التدريب الميداني. مجموعة وسائل الرموز مثل العلاقات والإشارات والأرقام، والألفاظ المسموعة أو المكتوبة مجموعة الوسائل السمعية والبصرية مثل الزيارات والمعارض والصور المتحركة.
6- إن مفهوم الاتصال يشير إلى درجة محددة من التفاعل الاجتماعي بين الأفراد والجماعات ويستهدف تحديد اتجاه السلوك أو الفعل.
ومن التعاريف التي ذكرت نستطيع أن نخرج بالحقائق الآتية عن عملية الاتصال:
1- الاتصال عملية، والعملية هي مجموعة من الخطوات المتسلسلة المرتبطة مع بعضها بحيث تؤدي في النهاية إلى تحقيق هدف أو مجموعة من الأهداف.
2- الاتصال عملية تفاعل، والتفاعل هنا يعني تأثير من جانب وتأثر من جانب آخر، أو بمعنى آخر قدرة المرسل على التأثير في تفكير للمستقبل واتجاهاته.
3-الاتصال عملية تفاعل، بين طرفين والمقصود هنا حدث الاتصال بين شخص وآخر كما هو الحال في خدمة الفرد، أو قد يكون بين شخص ومجموعة من الأشخاص كما في خدمة الجماعة أو شخص وأعضاء مجتمع محلي.
4- الرسالة تعني المعلومات أو الخبرات أو الأفكار أو الاتجاهات أو القيم التي يرغب المرسل في توصيلها إلى المستقبل.
5- يقوم المرسل باختبار وسيلة من الاتصال المناسبة للمستقبل يستخدمها في نقل وتوصيل الرسالة.
6- تعني كلمة المشاركة بان الهدف من الاتصال هو أن يصبح المستقبل مشتركا مع المرسل في
الفكرة أو الخبرة بالدرجة والمستوى الذي يريده المرسل.
ـ تعريف الاتصال يضم عدد من الافتراضات المهمة منها :
1ـ يذكر التعريف حدوث تفاعل، وهذا يعني الاعتراف بمفهوم العملية الاتصالية، وأن مكونات هذه العملية تتفاعل فيما بينها بشكل ديناميكي، أي أن هذه المكونات متغيرة وليست ثابتة.
2- من الصعب إن لم يكن من المستحيل فهم أي جانب من الجوانب المكونة للاتصال، إذا حاولنا دراستها بصورة منفردة أو منفصلة عن المكونات الأخرى المتعلقة بها.
3- إذا حدثت تغيرات في جانب من جوانب عملية الاتصال من الممكن أن يؤدي هذا إلى التغير إلى القيام بتعديلات على الجوانب الأخرى وذلك لكونها متصلة اتصالاً مباشراً وفعالاً.
وفي عملية الاتصال لا يمكن النظر إلى التفاعل من المنظار الذي يقول إن عملية الارسال أو النقل تسير في اتجاه واحد، وذلك لكون التفاعل يقصد به تبادل التأثيرات أو مجالات الاهتمام المشتركة للقائم بالاتصال بالنسبة لما هو موضوع التفاعل. أضف إلى ذلك أن الرسالة التي يؤديها أو يرسلها تعتبر إحدى المتغيرات التي تربط بين القائمين بعملية الإرسال والاتصال. ومن المتغيرات الأخرى التي تؤثر في عملية الاتصال يعتبر الظرف أو المضمون الذي يتم فيه الاتصال من أهم هذه المتغيرات؛ لأن المضمون الاجتماعي هو من الجوانب الأساسية والمؤثرة في عملية التفاعل.
لذا ومن هذا المنطلق نقول إن عملية التفاعل الإنساني لا تحدث من فراغ، والقيام بعملية الاتصال يعني محاولة خلق وإيجاد أشياء مشتركة بين فردين على الأقل. وهذا يعني أن هناك ثلاثة عناصر للاتصال هي:
1ـ المصدر: هو الذي يقوم بالاتصال ومن الممكن أن يكون فردا أو جماعة.
2ـ الرسالة: هي المفهوم الذي ينقل من المصدر.
3ـ المستقبل: هو فرد أو جماعة تتجه أو توجه إليه الرسالة.
ولكن وبما أن الاتصال يعتبر حقيقة اجتماعية التي تعبر في مضمونها عن تفاعل بين طرفين، هذا يعني أنه عندما نقوم بتحليل هذه العملية نصل إلى حقيقة تقول إن العملية الاتصالية تضم خمسة عناصر أساسية هي:
1ـ المصدر القائم بالاتصال المباشر أو المرسل.
2ـ القيام بصياغة الفكرة في رموز مناسبة.
3ـ قيام المستقبل بفك الرموز وفهمها.
4ـ استجابة المستقبل.
5ـ ردود الفعل أو الأصداء الراجعة من المستقبل إلى المرسل والتي على أساسها يقوم المرسل بالإعداد لعملية الاتصال الإعداد المناسب.
نستنتج مما ذكر أن هذه العملية تتكون من خمسة عناصر أو جوانب مترابطة متكاملة، متداخلة فيما بينها ولا يمكن أن يتم أو يحدث الاتصال دون وجود جميعها، ومن الممكن أن تنهار هذه العملية الاتصالية إذا لم نأخذ كل واحدة منها بالحسبان ونعطيها الاهتمام الكافي.
ولقد عبر هارولد لاسويل.. عن هذه الجوانب المختلفة في عبارته المشهورة:
(من يقول ماذا، كيف، ولمن، وبأي تأثير)
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|