المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
أنـواع اتـجاهـات المـستهـلك
2024-11-28
المحرر العلمي
2024-11-28
المحرر في الصحافة المتخصصة
2024-11-28
مـراحل تكويـن اتجاهات المـستهـلك
2024-11-28
عوامـل تكويـن اتـجاهات المـستهـلك
2024-11-28
وسـائـل قـيـاس اتـجاهـات المستهلـك
2024-11-28

الظلمات الثلاث
22-04-2015
الإمام علي (عليه السلام) يشبه النبي إبراهيم الخليل (عليه السلام)
2023-11-11
صلاة الخوف من الظالم ـ بحث روائي
23-10-2016
رافع بن سلمة أبو سفيان البجلي
11-8-2017
تعريف العلاقات العامة عربياً
3-2-2023
الختان
9-05-2015


أبو إسحق الإلبيري  
  
2724   01:41 مساءاً   التاريخ: 23-7-2016
المؤلف : شوقي ضيف
الكتاب أو المصدر : عصر الدول و الإمارات ،الأندلس
الجزء والصفحة : ص353-356
القسم : الأدب الــعربــي / تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-2-2018 2025
التاريخ: 25-12-2015 2919
التاريخ: 13-08-2015 2575
التاريخ: 26-12-2015 3514

هو أبو إسحق إبراهيم بن مسعود بن سعد التّجيبي، من أهل حصن العقاب بالقرب من إلبيرة، و لزم في نشأته فقيهها و محدثها ابن أبي زمنين المتخلق بأخلاق الصالحين المتوفي سنة ٣٩٩ و يقول بعض من ترجموا له إنه كان من البكّائين الورعين الخاشعين، و يقول ابن الأبار في التكملة إن أبا إسحق روى مصنفاته عنه مما قد يدل على أنه جلس مجلسه لإفادة الطلاب في إلبيرة. و خرّبت سريعا في عهد زاوى بن زيري الذي اتخذ غرناطة دار إمارة له (4٠٣-4١٠ ه‍) مما جعل كثرة أهلها تهاجر إلى غرناطة، و هاجر إليها أبو إسحق، غير أنا لا نعرف تاريخ هجرته إليها بالضبط، و نظن ظنا أنه ظل بها يروي لطلاب العلم كتب أستاذه ابن أبي زمنين. و نرى أبا الحسن علي بن محمد بن توبة حين يتولى القضاء لباديس بن حبوس أمير غرناطة (4٢٩-46٧ ه‍) يتخذ أبا إسحق كاتبا له. و اصطحبه معه إلى المرية حين طلب إليه باديس حمل رسالة إلى أحمد بن عباس وزير زهير الصقلبي أميرها، مما يدل على حسن منزلته عند القاضي و أنه ظل كاتبا له إلى أن أخذ يحمل بعنف على إسماعيل بن النغريلة اليهودي وزير الأمير باديس لتسلطه-مع من عهد إليهم بالعمل معه من اليهود-على شؤون الحكم. و استطاع إسماعيل أن يستصدر أمرا من باديس بنفي أبي إسحق من غرناطة إلى إلبيرة، و ربما عاد حينئذ إلى مسقط رأسه في العقاب. و توفي إسماعيل بن النغريلة، و خلفه في وزارة باديس ابنه يوسف فزاد الطين بلة، و ضج الناس، و كان أبو إسحق قد عاد إلى غرناطة، فألقى في أهلها قصيدة كانت أشبه بقنبلة، طالب فيها بقتل يوسف، و ردّدها الناس في الشوارع، و سرعان ما نشبت لسنة 45٩ ثورة ضارية على اليهود ألممنا بها في حديثنا عن الهجاء، و كان أبو إسحق قد بلغ العقد التاسع من عمره فلبّى نداء ربه في نحو سنة 46٠ للهجرة. و لم يحمل أبو إسحق عن أستاذه ابن أبي زمنين مصنفاته في الفقه و الحديث فقط. بل حمل عنه أيضا مصنفاته في الوعظ و أخبار الصالحين. و لا يقل عن ذلك كله أهمية حمله عنه أشعاره الزهدية، مما غرس الزهد في نفسه مبكرا، و أتيحت له ملكة شعرية خصبة، فاستغلها في نظم أشعار زهدية كثيرة، و يقول ابن الأبار: «كان من أهل العلم و العمل شاعرا مجودا و شعره مدون و كله في الحكم و المواعظ و الأزهاد» و يقول ابن سعيد: «له ديوان ملآن من أشعار زهدية، و لأهل الأندلس غرام بحفظها» و هو غرام مرجعه إلى ما تمتاز به زهدياته من لغة ناصعة و خواطر منوعة تمس القلوب بما تحمل من فيض المشاعر الدينية، و كأنما يستمد من نبع حماسي يتدفق في عذوبة. و الديوان يستهل بتائية في مائة بيت و سبعة يفتتحها بقوله:

تفتّ فؤادك الأيام فتّا     و تنحت جسمك الساعات نحتا
و تدعوك المنون دعاء صدق     ألا يا صاح: أنت أريد أنتا
و يمضي أبو إسحق في القصيدة بهذه الصياغة و المعاني التي تؤثر في الأفئدة تأثيرا يملك على قارئه و سامعه كل شيء من أمره، فالدنيا عروس غادرة، و العاقل يفصل نفسه منها دون رجعة، و ويح الإنسان ينام و يستغرق في نومه حتى إذا وافاه الموت انتبه بعد انخداعه.

و يقول إلى كم ينخدع و لا يرعوى، و كان أولى به أن يرفض متاع الحياة الدنيا و كل ما يتصل به من طعام و شراب، فالقوت الحقيقي هو قوت الروح، و حري به أن لا يحفل بجاه و لا بمال و لا بقصور مشيدة. و لن يضره الفقر إذا ما عرف ربه، و يقول: ما الدنيا إنها تسوء حقبة و تسر وقتا، و يحبها الإنسان مع أنه مسجون فيها و هل يحب أحد سجنه، و لا يغره طعامه فيها فستأكله حطاما، و كل يوم يشهد فيها دفينا، و هو لم يخلق ليعمرها، إنما خلق ليعبرها، و حرى به أن لا يحزن على ما فات منها و أن يفرح لما فاز به في أخراه، و ينصحه أن يلازم قرع باب اللّه فسيفتح له يوما، و ينشد:

فلو بكت الدّما عيناك خوفا    لذنبك لم أقل لك قد أمنتا
و من لك بالأمان و أنت عبد     أمرت فما ائتمرت و لا أطعتا
و تشفق للمصرّ على المعاصي      و ترحمه، و نفسك ما رحمتا
تفرّ من الهجير و تتّقيه        فهلاّ عن جهنّم قد فررتا

  فلو أن الإنسان لم يعمل الصالحات الباقيات و بكى و بالغ في بكائه حتى بكى دما فإن ذلك لن يتيح له الأمان مادام لم يطع أوامر ربه. و من عجب أن يشفق الإنسان على عاصي ربه و يرق له قلبه و قلبه لا يرق لنفسه، و عجب عجاب أن يفر من حرارة الهاجرة و لا يتخذ العدة للفرار من جهنم و لظاها المشتعل. و في قصيدة كافية يقول للدنيا: لقد عهدنا الأم تعطف على أبنائها و أنت تعامليننا بكل قسوة و دون أي شفقة، و فرض على الأبناء أن يبروا أمهاتهم إلا أنت، فواجب عقوقك و بغضك أشد البغض. و دائما ينصح بعمل الخير و الإحسان إلى الفقراء و يخوّف أشد التخويف من عذاب النار، و له قصيدة:

خمسة و ثلاثون بيتا ختمها جميعا بكلمة النار و فيها يقول:

ويل لأهل النّار في النّار     ماذا يقاسون من النّار
تنقدّ من غيظ فتغلى بهم      كمرجل يغلى على النار
و يستمر قائلا: لا تقبل التوبة في النار، و الشقي يفر من النار إلى النار، و ويل له من النار، إذ لا راحة له فيها و كيف يرتاح و هو يشرب المهل فيها، و يطعم الزقّوم، و تتدافع سيول النار في القصيدة حتى نصل إلى نهايتها فنطلب من اللّه مع أبي إسحق المعافاة و العتق من النار. و من أروع قصائد الديوان قصيدة من ثلاثة و خمسين بيتا ختمها جميعا بلفظ الجلالة على هذا النحو:

يا أيها المغترّ باللّه     فرّ من اللّه إلى اللّه
ولذ به و اسأله من فضله      فقد نجا من لاذ باللّه
و قم له و الليل في جنحه          فحبّذا من قام للّه
و اتل من الوحى و لو آية        تكسى بها نورا من اللّه
و عفّر الوجه له ساجدا        فعزّ وجه ذلّ للّه

و هو يقول: يا أيها الغافل عن ذكر ربه، فرّ من عقابه إلى ثوابه و الجأ إليه و اسأله من فضله تنج من عذاب النار، و تهجّد في آناء الليل، واتل من القرآن و لو آية يسبغ اللّه نورها عليك، و مرّغ وجهك في العفر و وجه الأرض ساجدا لربك متذللا له، فعزّ وجه يتضرع إليه و يخضع و ينقاد. و تمضي القصيدة بهذه الروعة في الصياغة، و كل بيت يدل دلالة جديدة، و معه جوهرة لفظ الجلالة تضيء جوانبه، و تنزل منه منزلا محكما.

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.