المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
النقل البحري
2024-11-06
النظام الإقليمي العربي
2024-11-06
تربية الماشية في جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية
2024-11-06
تقييم الموارد المائية في الوطن العربي
2024-11-06
تقسيم الامطار في الوطن العربي
2024-11-06
تربية الماشية في الهند
2024-11-06

نيماتودا النبات والقدرة الإمراضية
6-2-2017
الصوت
11-3-2021
أبو الفضل المتوكل على الله والجواري
12-2-2019
هل تعتبر العدالة او الوثاقة في قاعدة اخبار ذي اليد
2024-07-23
رقابة اللجان البرلمانية
7-8-2017
Phonological alternations
5-4-2022


ابن عبدون  
  
2245   02:04 مساءاً   التاريخ: 22-7-2016
المؤلف : شوقي ضيف
الكتاب أو المصدر : عصر الدول و الإمارات ،الأندلس
الجزء والصفحة : ص344-347
القسم : الأدب الــعربــي / تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب /

هو أبو محمد عبد المجيد بن عبد اللّه بن عبدون الفهري اليابري، من يابرة غربي بطليوس، عنى أبوه بتربيته، و طمحت نفسه إلى التلمذة على أعلام العربية من مثل الأعلم الشنتمري المتوفي سنة 4٧6 و عبد الملك بن سراج المتوفي سنة 4٨6 و أبي بكر عاصم بن أيوب البطليوسي المتوفي سنة 4٩4. و في الصلة لابن بشكوال أنه كان عالما بالخبر و الأثر و معاني الحديث و أن الناس أخذوا عنه. و استيقظت ملكته الشعرية مبكرة، فمدح المتوكل عمر بن المظفر أمير بطليوس و كان كاتبا شاعرا مع شجاعة و فروسية، و كان مثل أبيه ملاذا لأهل الأدب و الشعر، و كانت إمارته تشمل مدن يابرة و شنترين و أشبونه إلى المحيط. و أعجب المتوكل بالشاعر الشاب الناشئ في إمارته، و نفاجأ بوفود الشاعر على المعتمد و مديحه، و لم يجد لديه قبولا لما كان بينه و بين المتوكل أمير بلدته، فربما ظن أنه أرسله عينا عليه، و لو كان يعرفه و يعرف خلقه الكريم ما داخله هذا الظن. و عاد الشاعر من لدنه، فلم يفد بعد ذلك على أحد من أمراء الطوائف، و استغرقه المتوكل بنواله و بمودته، إذ اتّخذه جليسا و رفيقا له في زياراته لمدن إمارته، و أسبغ عليه من الود حللا ضافية، جعلته يلهج بمديحه و يقصر شعره عليه، حتى إذا غاضب المرابطين، و قاتلهم و قتل هو و ابناه: الفضل و العباس رثاه ورثى دولته برائية المشهورة. و نراه يعلن بعد ذلك في شعره أنه لن يقدّمه إلى أمير، و كأنما مات الأمراء جميعا في شخص المتوكل و مات معهم المديح. و يقول صاحب المعجب إنه كان يكتب للمتوكل أمير بطليوس ثم يقول إنه كتب بعد ذلك للأمير سير بن أبي بكر بن تاشفين الذي ولى إشبيلية بعد استنزال المعتمد منها مدة طويلة، و يذكر له رسالة كتب بها عنه إلى سلطان المرابطين يوسف بن تاشفين بفتح مدينة شنترين، و يقول المراكشي إن ابن عبدون كتب ليوسف بن تاشفين أو لابنه لا يدري و الصحيح أنه إنما كتب لابنه على بعد سير بن أبي بكر، و يؤكد ذلك قول المراكشي في موضع آخر: «لم يزل أمير المسلمين علي بن يوسف بن تاشفين من أول إمارته يستدعي أعيان الكتاب من جزيرة الأندلس، و صرف عنايته إلى ذلك حتى اجتمع له منهم ما لم يجتمع لملك» ثم يعّددهم و يذكر من بينهم أبا محمد عبد المجيد بن عبدون. و يبدو أنه ظل كاتبا عنده إلى آخر حياته إذ يقول صاحب الصلة إنه انصرف إلى يابرة لزيارة من له بها، فتوفي فيها سنة 5٢٩ للهجرة. و يشيد ابن بسام و الفتح بن خاقان و كل من ترجموا له بأشعاره، و خاصة برائيته التي رثى فيها دولة المتوكل ببطليوس و قد نالت شهرة واسعة مما جعل كثيرين ممن ترجموا له ينشدونها في ترجمته، و عنى بشرحها عبد الملك بن عبد اللّه الشلبي من أدباء القرن السابع الهجري فشرحها. و نشرها مع شرحها دوزي ثم طبعت مع الشرح بالقاهرة، و هو فيها يسوق العبرة بمن ماتوا و اندثروا من عظماء الأمم و حكامها الكبار و دولها الغابرة و حيواناتها الفاتكة و طيورها الجارحة، يقول ابن بسام: «اقتفي فيها أبو محمد أثر فحول القدماء من ضربهم الأمثال في التأبين و الرثاء بالملوك الأعزة و بالوعول الممتنعة في قلل الجبال و الأسود الخادرة (1)في الغياض و بالنسور و العقبان و الحيّات في طول الأعمار» . (2)و هو يستهلها بقوله:

الدّهر يفجع بعد العين بالأثر      فما البكاء على الأشباح و الصّور
أنهاك أنهاك-لا آلوك موعظة-      عن نومة بين ناب اللّيث و الظّفر (3)
ما للّيالي أقال اللّه عثرتنا        من الليالي و خانتها يد الغير (4)
في كل حين لها في كلّ جارحة          منا جراح و إن زاغت عن النّظر
تسرّ بالشيء لكن كي تغرّ به     كالأيم ثار إلى الجاني من الزّهر (5)

  و هو يتحدث عن الدهر و أنه دائما يرسل فواجعه على المحسوس و ما وراء المحسوس، ففيم الحزن على من يموتون، و هم ليسوا إلا أشباحا و صورا، و يقول إنني لا أقصّر في وعظك و نهيك عن الاستنامة إلى الدهر، و هو قد أنشب فيك نابه و ظفره. و يدعو اللّه أن يقيلنا و ينقذنا من عثرات الليالي و أن يسلط عليها الأحداث حتى تنهكها و لا تبقى فيها بقية، إذ في كل حين تصيبنا في عضو منا عزيز علينا بجراح، منها ما نراه، و منها ما يزيغ عن البصر، و إنها إن سرّت بشيء-و هيهات-فلكي تخدعنا به، بل لكي تلسعنا من خلاله اللسعة القاضية، كالأفعى المختبئة في الزهر تلسع يد قاطفه اللسعة السامة المميتة.

و يأخذ في العظة بذكر من أبادتهم الليالي و الأيام من الدول العظيمة منشدا:

كم دولة وليت بالنّصر خدمتها    لم تبق منها-و سل دنياك-من خبر
هوت بدارا و فلّت غرب قاتله    و كان عضبا على الأملاك ذا أثر (6)
و استرجعت من بنى ساسان ما وهبت       و لم تدع لبنى يونان من أثر
و أتبعت أختها طسما و عاد على      عاد و جرهم منها ناقض المرر (7)
و مزّقت سبأ في كل قاصية       فما التقى رائح منهم بمبتكر (8)
و هو يقول: دول كثيرة أتاحت الليالي لها الظفر و الرفعة، ثم عادت فهوت بها من حالق، هوت بدارا ملك الفرس، فقتله الإسكندر المقدوني، و لم تلبث أن هدّت منه، و كان سيفا قاطعا ساطعا فثلّمته و حطمته. و قد استرجعت من بني ساسان ملوك الفرس كل ما وهبتهم من عز و مجد، و لم تدع لليونانيين شعب الإسكندر من أثر كأن لم يكونوا شيئا مذكورا. و بالمثل صنعت بقبيلتي طسم و أختها جديس في اليمامة، و كرّ الدهر على عاد و جرهم نكباته حتى محاهما محوا، و مزقت الليالي سبأ كل ممزق، فتفرق أهلها في الأرض و لم يلتق منهم رائح بغاد مبكر. و يمضي ابن عبدون في الحديث عمن أهلكتهم الليالي من أعاظم العرب في الجاهلية و الإسلام مشيرا معهم إلى كثير من الأحداث في العصر الجاهلي و صدر الإسلام و العصرين الأموي و العباسي مما يدل بوضوح على اتساع ثقافته و كيف يتحول التاريخ إلى شعر و فن، ثم يخاطب المتوكل عمر و آباءه بنى المظفر أمراء بطليوس:

بني المظفّر و الأيام ما برحت    مراحلا و الورى منها على سفر
سحقا ليومكم يوما و لا حملت     بمثله ليلة في مقبل العمر
من للأسرّة أو من للأعنّة أو    من للأسنّة يهديها إلى الثّغر (9)
ويح السماح و ويح البأس لو سلما     و احسرة الدّين و الدنيا على عمر

  و هو يقول لبني المظفر بعد أن عدد لهم ما أبادته الليالي من الدول و العظماء تلك هي الأيام مراحل، و ما أشبه الناس فيها بقوافل راحلة إلى عالم الموت و الفناء، و يقول:

سحقا و بعدا لليوم الذي زالت فيه دولتكم و لا حملت بمثله ليلة تعسة من الليالي. و يبكيهم لعرش بطليوس و خيلها العادية و سيوفها الباترة، و يتوجع للسماح و للشجاعة، و يتحسر على ما خسر الدين من جهاد المتوكل للأعداء و خسرت الدنيا من مجده و أبهة إمارته.

و المرثية تعد من فرائد الشعر الأندلسي، بل الشعر العربي بعامة، و بدون ريب يعدّ ابن عبدون من أفذاذ الشعراء الأندلسيين.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١) الخادرة: الساكنة. الغياض جمع غيضة؛ الأجمة.

٢) راجع الذخيرة ١/٨١٨.

3) لا آلوك موعظة: لا أقصر في وعظك.

4) أقال: تجاوز و صفح، الغير: أحداث الدهر.

5) الأيم: الأفعى.

6) العضب: السيف القاطع. أثر: فرند و رونق.

7) المرر جمع مرة: القوة. ناقض المرر: الدهر.

8) مبتكر: مبكر في الذهاب ضد رائح: راجع.

9) الثغر: جمع ثغرة: أعلى الصدر. يريد: طعنه بالأسنة صدور الأعداء.

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.