أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-1-2022
5018
التاريخ: 23-12-2021
5064
التاريخ: 21-7-2016
1186
التاريخ: 2024-03-13
815
|
قد يكون اعتدال القوتين فطريا بحيث يخلق الانسان و ينشأ كامل العقل حسن الخلق قد كفى سلطان الشهوة و الغضب على عقله كالأنبياء و الأئمة (عليه السلام)، و قد يكون مكتسبا بالمجاهدة و الرياضة بحمل النفس على الأعمال التي يقتضيها الخلق المطلوب.
فمن أراد أن يحصل لنفسه خلق الجود مثلا فطريقه أن يتعاطى فعل الجواد و هو بذل المال فلا يزال يواظب عليه تكلّفا مجاهدا لنفسه فيه حتّى يصير ذلك له طبعا و يتيسر عليه فتصير نفسه جوادا ، و من أراد خلق التواضع و غلب عليه الكبر فطريقه ان يواظب على افعال المتواضعين مدة مديدة و هو فيها يجاهد نفسه ، و يتكلف الى ان يصير ذلك خلقا و طبعا.
وجميع الاخلاق المحمودة شرعا يحصل بهذا الطريق و غايتها أن يصير الفعل الصادر منه لذيذا ، فالسّخي هو الذي يستلذ بذل المال دون الذي يبذل عن كراهية ، و المتواضع هو الذي يستلذ التواضع ، و لن ترسخ الأخلاق الدينية في النفس ما لم يتعود جميع العادات الحسنة و لم يترك جميع العادات السّيئة ، و ما لم يواظب عليها مواظبة من يشتاق معها إلى الأفعال الجميلة و يتنعّم بها ، و يكره الأفعال القبيحة و يتألم بها كما قال رسول اللّه (صلى الله عليه واله): «جعلت قرة عيني في الصّلاة»(1) و مهما كانت العبادات و ترك المحظورات مع كراهية و استثقال ، فهو لنقصان و لا ينال كمال السّعادة به.
نعم المواظبة عليه بالمجاهدة خير و لكن بالاضافة إلى تركه لا بالاضافة إلى فعله عن طوع ، و لذلك قال اللّه تعالى: { وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ } [البقرة : 45] , و قال النبي (صلى الله عليه واله) : «اعبد اللّه في الرضا فان لم تستطع ففي السّر على ما تكره خير كثير»(2) , ثم لا يكفي في نيل السّعادة الموعودة على حسن الخلق استلذاذ الطاعة و استكراه المعصية في زمان دون زمان ، بل ينبغي أن يكون كذلك على الدوام و في جملة العمر ، و كلما كان العمر أطول كانت الفضيلة أرسخ و أكمل ، و لذلك «سئل رسول اللّه (صلى الله عليه واله) عن السّعادة فقال : طول العمر في طاعة اللّه»(3).
ولذلك كره الأنبياء و الأولياء الموت ، فان الدنيا مزرعة الاخرة ، و كلما كانت العبادات أكثر لطول العمر كان الثواب أجزل و النفس أزكى و أطهر و الأخلاق أقوى و أرسخ و إنما مقصود العبادات تاثيرها في القلب و إنما تتاكد اثارها بكثرة المواظبة على العبادات ، و غاية هذه الاخلاق أن ينقلع عن النفس حبّ الدنيا و يترسخ فيها حبّ اللّه تعالى فلا شيء أحب إليه من اللّه تعالى و من لقائه ، و كل صفة تظهر في القلب يفيض أثرها على الجوارح حتّى يتحرك لا محالة على وفقها ، و كل فعل يجري على الجوارح فانه يرتفع منه أثر على القلب.
و طالب تزكية النفس لا ينالها بعبادة يوم و لا يحرمها بعصيان يوم و لكن العطلة في يوم واحد تدعو إلى مثلها ثم تتداعى قليلا قليلا حتّى تأنس النفس بالكسل و تهجر التحصيل راسا، و صغار المعاصي يجر بعضها إلى بعض حتّى يفوت أصل السعادة بهدم أصل الايمان عند الخاتمة ، فلا ينبغي أن يستهان بقليل الطاعة و لا بصغر المعصية ، فان الجملة الكثيرة منها مؤثرة و إنما اجتمعت الجملة من الاحاد فلكل واحد تاثير ، و ربّما تحصل الأخلاق الحسنة بمشاهدة أرباب الأفعال الجميلة و مصاحبتهم و هم قرناء الخير ، والأخلاق السّيئة بمشاهدة أرباب الأعمال السيئة و مصاحبتهم و هم قرناء السوء ، فان الطبع يسرق من الطبع الخير و الشر جميعا.
فمن تظاهرت في حقه الجهات الثلاث حتّى صار ذا فضيلة طبعا و اعتيادا و تعلّما فهو في غاية الفضيلة ، و من كان رذلا بالطبع و اتفق له اقران السوء فتعلم منهم و تيسرت له أسباب الشر حتّى تعوّدها في غاية البعد من اللّه تعالى ، و بين الرتبتين من اختلفت به هذه الجهات و لكل درجة في القرب و البعد بحسب ما يقتضيه صفته و حالته {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ } [الزلزلة: 7، 8] , {وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [النحل : 33].
___________
1- تنبيه الخواطر : ج 1 , ص 91 , و احياء علوم الدين : ج 3 , ص 57 , و الكافي : ج 5 ص 321.
2- تنبيه الخواطر : ج 1 , ص 91 , و احياء علوم الدين : ج 3 , ص 57.
3- تنبيه الخواطر : ج 1 , ص 92 , و احياء علوم الدين : ج 3 , ص 57.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|