أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-7-2016
1981
التاريخ: 18-7-2016
2081
التاريخ: 19/10/2022
1816
التاريخ: 18-2-2022
2034
|
هو : الاعتماد على اللّه تعالى في جميع الأمور ، وتفويضها إليه ، والإعراض عمّا سِواه . وباعثه قوّة القلب واليقين ، وعدمه من ضعفهما أو ضعف القَلب ، وتأثّره بالمخاوف والأوهام .
والتوكّل هو : من دلائل الإيمان ، وسِمات المؤمنين ومزاياهم الرفيعة ، الباعثة على عزّة نفوسهم ، وترفعهم عن استعطاف المخلوقين ، والتوكّل على الخالِق في كسب المنافع ودَرء المضار .
وقد تواترت الآيات والآثار في مَدحِه والتشويق إليه : قال تعالى : {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق : 3] .
وقال : {اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} [آل عمران : 159].
وقال : {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ } [التوبة : 51].
وقال تعالى : {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [آل عمران : 160].
وقال الصادق ( عليه السلام ) : ( إنّ الغنى والعِزّ يجولان ، فإذا ظفَرا بموضعِ التوكّل أوطنا )(1) .
وقال ( عليه السلام ) : ( أوحى اللّه إلى داود ( عليه السلام ) : ما اعتصم بي عبدٌ مِن عبادي دون أحدٍ مِن خلقي ، عرفت ذلك من نيّته ، ثُمّ تكيده السماوات والأرض ومَن فيهن ، إلاّ جعلت له المخرج من بينهنّ .
وما اعتصم عبدٌ مِن عبادي بأحدٍ مِن خلقي ، عرَفت ذلك من نيّته ، إلاّ قطعت أسباب السماوات مِن يديه ، وأسَخت الأرض مِن تحته ، ولم أُبال بأيّ وادٍ هلَك )(2) .
وقال ( عليه السلام ) : ( من أعطي ثلاثاً ، لم يمنع ثلاثاً :
مَن أُعطي الدعاء أُعطي الإجابة .
ومَن أُعطي الشُكر أُعطي الزيادة .
ومَن أُعطي التوكّل أُعطي الكفاية .
ثُمّ قال : أَتلَوت كتاب اللّه تعالى ؟ : {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق : 3].
وقال : { لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} [إبراهيم : 7] ، وقال : {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ } [غافر : 60](3).
وقال أمير المؤمنين في وصيّتهِ للحسن ( عليه السلام ) :
( وألجئ نفسك في الأُمور كلّها ، إلى إلهك ، فإنّك تُلجئها إلى كهفٍ حريز، ومانعٍ عزيز ) .
وعن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) قال : ( قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : ( كان فيما وعَظ به لُقمان ابنه ، أنْ قال له : يا بني ، ليعتبر مَن قصُر يَقينه وضعُفَت نيّته في طلَب الرزق ، أنّ اللّه تبارك وتعالى خلَقه في ثلاثةِ أحوال ، ضِمن أمره ، وآتاه رِزقه ، ولم يكُن له في واحدةٍ منها كسبٌ ولا حيلة ، أنّ اللّه تبارك وتعالى سيرزقه في الحال الرابعة : أمّا أوّل ذلك فإنّه كان في رحِم أُمّه ، يرزُقه هناك في قرارٍ مكين ، حيثُ لا يؤذيه حرٌّ ولا برْد .
ثُمّ أخرجه من ذلك ، وأجرى له رِزقاً مِن لبنِ أُمّه ، يكفيه به ويربيه ويُنعِشه ، من غير حولٍ به ولا قوّة .
ثُمّ فُطِم من ذلك ، فأجرى له رِزقاً من كسبِ أبَوَيه ، برأفةٍ ورحمة له من قلوبهما ، لا يملكان غير ذلك ، حتّى أنّهما يُؤثرانه على أنفسهما ، في أحوالٍ كثيرة ، حتّى إذا كبُر وعقل ، واكتسب لنفسه ، ضاق به أمره ، وظنّ الظنون بربّه ، وجحد الحقوق في ماله ، وقتّر على نفسه وعياله مخافة رزقه ، وسوء ظنٍ ويقين بالخلَف من اللّه تبارك وتعالى في العاجل والآجل ، فبئس العبد هذا يا بني )(4) .
حقيقة التوكّل :
ليس معنى التوكّل إغفال الأسباب والوسائل الباعثة على تحقيق المنافع ، ودرء المضار ، وأنْ يقف المرء إزاء الأحداث والأزَمَات مكتوف اليدين .
سليب الإرادة والعزْم ، وإنّما التوكّل هو : الثقة باللّه عزّ وجل ، والركون إليه ، والتوكّل عليه دون غيره من سائر الخلْق والأسباب ، باعتبار أنّه تعالى هو مصدر الخير ، ومسبّب الأسباب وأنّه وحده المُصرّف لأُمور العباد ، والقادر على إنجاح غاياتهم ومآربهم .
ولا ينافي ذلك تذرّع الإنسان بالأسباب الطبيعيّة ، والوسائل الظاهريّة لتحقيق أهدافه ومصالحه كالتزوّد للسفر ، والتسلّح لمقاومة الأعداء ، والتداوي من المرض ، والتحرّز من الأخطار والمضار ، فهذه كلّها أسباب ضروريّة لحماية الإنسان ، وإنجاز مقاصده ، وقد أبى اللّه عزَّ وجل أنْ تجري الأُمور إلاّ بأسبابها .
بيد أنّه يجب أنْ تكون الثقة به تعالى ، والتوكّل عليه ، في إنجاح الغايات والمآرب ، دون الأسباب ، وآيةُ ذلك أنّ أعرابيّاً أهمل عَقل بعيره متوكّلاً على اللّه في حفظه ، فقال النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) ، له : ( إعقل وتوكّل ) .
درجات التوكّل :
تفاوت الناس في مدارج التوكّل تفاوتاً كبيراً ، كتفاوتهم في درجات إيمانهم : فمنهم السبّاقون والمجلّون في مجالات التوكّل ، المنقطعون إلى اللّه تعالى ، والمُعرِضون عمّن سِواه ، وهُم الأنبياء والأوصياء ( عليهم السلام ) ، ومَن دار في فلَكهم من الأولياء .
ومِن أروع صور التوكّل وأسماه ، ما رُوي عن إبراهيم ( عليه السلام ) :
( أنّه لمّا أُلقِي في النار ، تلقّاه جبرئيل في الهواء ، فقال : هل لك من حاجة ؟ .
فقال : أمّا إليك فلا ، حسبي اللّه ونعم الوكيل .
فاستقبله ميكائيل فقال : إن أردتَ أن أخمد النار فانّ خزائن الأمطار والمياه بيدي .
فقال : لا أريد .
وأتاه ملك الريح فقال : لو شئت طيرت النار.
فقال : لا أريد .
فقال جبرئيل : فاسأل اللّه .
فقال : حسبي من سؤالي علمه بحالي )(5) .
ومن الناس من هو عديم التوكل ، عاطل منه ، لضعف إحساسه الروحي ، وهزال إيمانه . ومنهم بين هذا وذاك على تفاوت في مراقي التوكّل .
محاسن التوكّل :
الإنسان في هذه الحياة ، عرضةٌ للنوائب ، وهدفٌ للمشاكل والأزَمات ، لا ينفكّ عن جلادها ومقارعتها ، ينتصر عليها تارةً وتصرعه أُخرى ، وكثيراً ما تُرديه لقاً ، مهيض الجناح ، كسير القلب .
فهو منها في قلقٍ مضني ، وفزَعٍ رهيب ، يخشى الإخفاق ، ويخاف الفقر ، ويرهَب المرض ويُعاني ألوان المخاوف المهدِّدة لأمنه ورخائه .
ولئن استطاعت الحضارة الحديثة أنْ تُخفّف أعباء الحياة ، بتيسيراتها الحضاريّة ، وتوفير وسائل التسلية والترفيه ، فقد عجَزت عن تزويد النفوس بالطمأنينة والاستقرار ، وإشعارها بالسكينة والسلام الروحيّين ، فلا يزال القلَق والخوف مخيّماً على النفوس ، آخذاً بخناقها ، ممّا ضاعف الأمراض النفسيّة ، وأحداث الجنون والانتحار في أرقى الممالك المتحضّرة .
ولكن الشريعة الإسلاميّة استطاعت بمبادئها السامية ، ودستورها الخُلُقي الرفيع - أنْ تخفّف قلَق النفوس ومخاوفها ، وتمدّها بطاقات روحيّة ضخمة ، من الجلد والثبات ، والثقة والاطمئنان بالتوكّل على اللّه ، والاعتماد عليه ، والاعتزاز بحسن تدبيره ، وجميل صنعه ، وجزيل آلائه وأنّه له الخلق والأمر وهو على كلّ شيء قدير . وبهذا ترتاح النفوس ، وتستبدل بالخوف أمناً وبالقلق دِعَةً ورخاءً.
والتوكّل بعد هذا مِن أهمّ عوامل عزّة النفس ، وسموّ الكرامة ، وراحة الضمير ، وذلك بترفّع المتوكّلين عن الاستعانة بالمخلوق ، واللجوء إلى الخالق ، في جلب المنافع ، ودرء المضار .
ولعلّ أجدر الناس بالتوكّل أرباب الأقدار والمسؤوليّات الكبيرة ، كالمصلحين ليستمدّوا منه العزم والتصميم على مجابهة عَنَتِ الناس وإرهاقهم ، والمضيّ قُدماً في تحقيق أهدافهم الإصلاحيّة متخطّين ما يعترضهم مِن أشواكٍ وعوائق .
كيف تكسب التوكّل :
1 - استعراض الآيات والأخبار الناطقة بفضله وجميل أثره في كسب الطمأنينة والرخاء .
ومِن طريق ما نُظِم في التوكّل قول الحسين ( عليه السلام ) :
إذا مـا عضّك الدهر فلا تجنَح إلى iiخلقٍ ولا تـسأل سِوى اللّه تعالى قاسِم iiالرزق
فلو عِشت وطوّفت مِن الغرب إلى الشرق لَـما صادَفت مَن يقدِر أنْ يُسعد أو iiيُشقي
وممّا نُسِب لأمير المؤمنين ( عليه السلام ) :
رضـيتُ بما قسَم اللّه iiلي وفوّضت أمري إلى خالقي
كما أحسن اللّه فيما iiمضى كـذلك يُـحسن فيما iiبقي
وقال بعض الأعلام :
كن عن همومك معرضاً وكلّ الأُمور إلى iiالقضا
فـلَرُبَّ أمـرٍ iiمُـسخطٍ لـك في عواقبه iiرضا
ولـربَّما اتّسع iiالمضيق وربَّـما ضـاق iiالفضا
الـلّه عـوّدك iiالجميل فقس على ما قد iiمضى
2 - تقوية الإيمان باللّه عزّ وجل ، والثقة بحُسن صنعه ، وحِكمة تدبيره ، وجزيل حنانه ولُطفه وأنّه هو مصدر الخير ، ومسبّب الأسباب ، وهو على كلّ شيء قدير .
3 - التنبّه إلى جميل صنع اللّه تعالى ، وسموّ عنايته بالإنسان ، في جميع أطواره وشؤونه ، مِن لدن كان جنيناً حتّى آخر الحياة ، وأنّ مَن توكّل عليه كفاه ، ومن استنجده أنجده وأغاثه .
4 - الاعتبار بتطوّر ظروف الحياة ، وتداول الأيّام بين الناس ، فكم فقير صار غنيّاً ، وغنيّ صار فقيراً ، وأمير غدا صعلوكاً ، وصعلوك غدا أميراً متسلّطاً .
وهكذا يجدر التنبّه إلى عظَمة القدرة الإلهية في أرزاق عبيده ، ودفع الأسواء عنهم ، ونحو ذلك من صوَر العِبَر والعِظات الدالّة على قدرة اللّه عزّ وجل ، وأنّه وحده هو الجدير بالثقة ، والتوكّل والاعتماد ، دون سِواه .
وآية حصول التوكّل للمرء هي : الرضا بقضاء اللّه تعالى وقَدره في المسرّات والمكاره ، دون تضجّرٍ واعتراض ، وتلك منزلةٌ سامية لا ينالها إلاّ الأفذاذ المقرّبون .
________________________
2 ، 3- الوافي : ج 3 , ص 56 , عن الكافي .
4- البحار : م 15 , ج 2 , ص 155 , عن خصال الصدوق ( ره ) .
5- سفينة البحار : ج 2 , ص 638 , عن بيان التنزيل لابن شهرآشوب بتلخيص .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|