أقرأ أيضاً
التاريخ: 20-4-2016
2925
التاريخ: 26-6-2016
4391
التاريخ: 30/10/2022
1670
التاريخ: 2023-12-14
944
|
وأمّا آداب الطالب والتلميذ مع شيخه واُستاذه ، وما يجب عليه من تعظيم حرمته ، فقد ورد ذلك في الآيات والروايات الكثيرة ، منها :
قال الإمام الصادق (عليه السلام) : (كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول : إنّ من حقّ العالم أن لا تكثر عليه السؤال ، ولا تأخذ بثوبه ، وإذا دخلت عليه وعنده قوم فسلّم عليهم جميعاً وخصّه بالتحيّة دونهم ، واجلس بين يديه ، ولا تجلس خلفه ، ولا تغمز بعينك ، ولا تشر بيدك ، ولا تكثر من القول : قال فلان وقال فلان ، خلافاً لقوله ، ولا تضجر لطول صحبته ، وإنّما مثل العالم مثل النخلة تنتظرها حتّى يسقط عليك منها شيء ، والعالم أعظم أجراً من الصائم القائم الغازي في سبيل الله.
وفي حديث الحقوق الطويل المرويّ عن سيّد الساجدين الإمام زين العابدين علي بن الحسين (عليه السلام) : (وحقّ سائسك بالعلم التعظيم له والتوقير لمجلسه، وحسن الاستماع إليه والإقبال عليه ، وألاّ ترفع عليه صوتك ، ولا تجيب أحداً يسأله عن شيء حتّى يكون هو الذي يجيب، ولا تحدّث في مجلسه أحداً، ولا تغتاب عنده أحداً، وأن تدفع عنه إذا ذُكر عندك بسوء، وأن تستر عيوبه وتظهر مناقبه، ولا تجالس له عدوّاً ولا تعادي له وليّاً، فإذا فعلت ذلك شهدت لك ملائكة الله عزّ وجل بأنّك قصدته، وتعلّمت علمه لله جلّ اسمه لا للناس.
وهذا الشهيد الثاني عليه الرحمة يذكر وجوهاً لطيفة وآداباً ظريفة تستفاد من ثلاث آيات في قصّة موسى والخضر (عليهما السلام) في قوله تعالى :
{هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا}[الكهف: 66].
وقوله عزّ وجلّ :
{سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا}[الكهف: 69].
وقوله تعالى :
{إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا}[الكهف: 67] ، فراجع.
ثمّ يقول : إذا تقرّر ذلك فلنعد إلى ذكر الآداب المختصّة بالمتعلّم مع شيخه، حسب ما قرّره العلماء، تفريعاً على المنصوص منها، وهي اُمور :
١ـ أن يقدّم النظر فيمن يأخذ عنه العلم، ويكتسب حسن الأخلاق والآداب منه، وقد مرّ بيان ذلك، بأنّ الطالب لا بدّ أن يختار المعلّم الصالح ، العامل بعلمه.
٢ـ أن يعتقد في شيخه أنّه الأب الحقيقي والوالد الروحاني، وهو أعظم من الوالد الجسماني. وقد ورد في الخبر الشريف : الآباء ثلاثة : أب ولّدك، وأب زوّجك، وأب علّمك، وهو أفضلهم، فيؤدّي حقّ الاُبوّة ولا يكون عاقّاً لوالده، وقد سئل الاسكندر : ما بالك توقّر معلّمك أكثر من والدك؟ فقال : لأنّ المعلّم سبب لحياتي الباقية ، و والدي سبب لحياتي الفانية.
وما أروع ما ينقل عن الشريف الرضي، أنّه كان أبيّ النفس لم يقبل الهدايا، فوهبه اُستاذه داراً، فأبى قائلا : لا أقبل الهديّة حتّى من أبي. فقال له اُستاذه : ولكنّي اُستاذك وأباك الروحاني، فقبل منه الهديّة.
وحكي عن السيّد موسى الصدر في أيّام زعامته ، دخل قم المقدّسة ، وفي طريقه رأى شيخاً
كبير السنّ فانحنى ليقبّل ركبتيه، فتعجّب من كان معه وسألوه عن سبب ذلك؟ فقال: لقد قرأت ألفيّة ابن مالك عند هذا الشيخ، فهو اُستاذي، ولا بدّ لي من تقديره واحترامه.
فاحترام الأساتذة والعلماء وتوقيرهم يعني توقير الله سبحانه، وأنّه من أسباب التوفيق وهو أمر واجب على كلّ مسلم، لا سيّما طلاّب العلوم الدينية.
فعدم احترامهم ذنب لا يغتفر وسبب للشقاء والهلاك ، وقصر العمر والحرمان من تحصيل العلم والعمل الصالح.
فلا تردّ على أهل العلم إلاّ عن علم واطّلاع ورجوع إلى المصادر ، فتعظيم علماء الدين وأهل التقوى وأصحاب الورع من المؤمنين وتكريمهم ، منشأ البركات وصلاح الدين والدنيا ، ونجاة العقبى.
ولمّـا سئل المحقّق الوحيد البهبهاني (قدس سره) : كيف بلغت هذا المقام العلمي والعزّة والشرف والإذعان من الآخرين؟ فكتب في الجواب : أنا لا أعتبر نفسي شيئاً أبداً، ولا أعدّ نفسي في مستوى العلماء الموجودين... ولعلّ الذي أوصلني إلى هذا المقام، وهو أنّني لم أكفّ أبداً عن تعظيم العلماء وإجلالهم، وذكر أسمائهم بالخير... وإنّي لم أترك الدراسة في أيّ وقت ما استطعت ذلك، وكنت اُقدّمها دائماً على سائر الأعمال.
كان المحدّث الجليل الشيخ عباس القمي (قدس سره) شديد الاحترام لأهل العلم ، وخصوصاً السادات وأولاد رسول الله ، وإذا وجد سيّداً في المجلس لم يكن يتقدّم عليه ولا يمدّ رجله باتّجاهه.
وكان نصير الدين الطوسي (رحمه الله) إذا جرى ذكر السيّد المرتضى علم الهدى يقول : صلوات الله عليه ، ويلتفت إلى القضاة والمدرّسين الحاضرين درسه ، ويقول : كيف لا يُصلّى على المرتضى.
عندما جاء آية الله الكرباسي إلى مدينة قم المقدّسة وذهب إلى مزارها الشريف ، كان يمشي في طريقه إلى المزار حافياً ، وقال : هذا المزار وطريقه مليء بالعلماء ورواة الحديث لذا ورعايةً للآداب لا اُريد أن أسير على قبورهم منتعلا.
يقول آية الله الشهيد دستغيب (قدس سره) : ورد الوعيد بالعقوبة الشديدة على كفران نعمة وجود العلماء ، منها ما ورد عن النبيّ الأكرم محمّد (صلى الله عليه و آله) : (سيأتي زمان على الناس يفرّون من العلماء كما يفرّ الغنم من الذئب ، فإذا كان ذلك ابتلاهم الله بثلاثة أشياء : الأوّل : يرفع البركة من أموالهم ، والثاني : سلّط الله عليهم سلطاناً جائراً ،والثالث : يخرجون من الدنيا بلا إيمان) (1).
ويقول العلاّمة الشعراني (قدس سره) : والنصيحة الأخيرة أن لا يعتبروا أنّ العلم بدون التقوى والورع ذا قيمة أبداً ، وأن لا يستخفّوا بكلام علماء الدين ، وأن يعلموا أنّ تعظيمهم أحياءً وأمواتاً يوجب مزيد التوفيق.
وأنا أغتنم هذه الفرصة هنا واُحذّر طلاّب العلوم الدينية الذين هم مثلي لم يصلوا إلى كمال العلم، أن لا يسيئوا الظنّ أبداً بكبار علماء الدين، إذ إنّ أقلّ جزاء لهذا العمل هو الحرمان من فيض علومهم.
هذا بالنسبة إلى تعظيم العلماء ورجال الدين، ومن وقّر عالماً فقد وقّر ربّه، وأمّا تعظيم الاُستاذ فله امتياز خاصّ، فإنّ يشتدّ الاحترام بالنسبة إليه، فإنّ من لم يحترم اُستاذه سلب منه بركة العلم، ولا يوفّق في الدراسة.
فهذا الآخوند الخراساني صاحب الكفاية المحقّق الكبير لم يرتقِ المنبر للتدريس طيلة حياة اُستاذه الميرزا الكبير الشيرازي مع أنّ عمر الآخوند كان قد جاوز الخمسين ، وكان مجتهداً ويدرّس طلاّبه جالساً على الأرض.
وفي أوّل درس بعد وفاة الميرزا في سامراء ارتقى الآخوند المنبر وجلس في صدره وقال : قال الاُستاذ رحمه الله ، وأقول.
قالوا : وقد كان لهذه ال (أقول) دويّ في المحافل العلميّة في النجف الأشرف.
وكان بعد وفاة اُستاذه يقدّم ولده الميرزا علي على نفسه ، فلمّـا سُئل عن سبب ذلك؟ قال : هذا ابن اُستاذي واحترامه واجب عليّ ـ وذلك من باب يحفظ المرء في ولده ويحدّثنا آية الله العظمى الشيخ مرتضى الحائري عن والده مؤسّس الحوزة العلميّة بقم أنّه قال : التوفيقات التي كانت من نصيبي واستطعت في ظلّها أن أؤسس الحوزة كلّها رهن الخدمات التي قدّمتها لاُستاذي المرحوم السيّد محمّد الفشاركي ، في الفترة التي ابتلي بها سماحته بمرض شديد ، بلغ به إلى حدّ أنّي كنت طيلة ستّة أشهر اُقدّم له الإناء لقضاء الحاجة ... وكنت أفتخر بذلك.
وكثير من علمائنا الأعلام حينما يذكرون اسم أساتذتهم يتبعونه بقولهم : (روحي فداه).
هذا في مقام التعظيم والاحترام ، وأمّا سوء الأدب مع الاُستاذ فتلك الشقاوة والهلاك.
يقول المحدّث الجليل آية الله العظمى السيّد نعمة الله الجزائري (قدس سره) : وكان في إصفهان رجلٌ عالم من مجتهدينا رأيناه ، وقرأنا عليه ، وقد كان في أوّل تحصيله يقرأ عند مجتهد آخر ، فلمّـا نشأ ذلك التلميذ ، أنكر قراءته على ذلك الشيخ ، ولم يقرّ له بالفضل ، فبلغ الاُستاذ قوله ، فدعا عليه وقال : اللهمّ اسلبه كلّ ما قرأه عندي وأخذه عنّي، فسلبه الله الحافظة بعدما كان مشهوراً بالحفظ، فصار لا يحفظ مسألة على خاطره ، بل لا بدّ له في كلّ مسألة من مراجعة كتبه ومؤلفاته ، وهو الآن موجود في إصفهان ، ونحن نحمد الله على توفيقه لنا لبرّ المشايخ ، والقيام بوظائف خدمتهم ، والاستغفار لهم أحياءً وأمواتاً ورضاهم عنّا (2).
وجاء في هامش الأنوار النعمانيّة : كان في النجف رجل فاضل له خبرة بالعبارات الغامضة والمطالب المعقّدة في مختلف الكتب ، وكان يبحث عن مثل هذه المسائل ويستخرجها من الكتب ويطرحها على العالم الجليل الشيخ محمّد حسن المامقاني ـ الذي كان من المراجع الكبار وتوفّي سنة ١٣٢٣ ه ـ يطرحها عليه في المجالس العامّة ومجالس العلماء والطلاب ، ولم يكن له هدف إلاّ إهانة ذلك الرجل العظيم وتحقيره وإظهار عجزه أمام الآخرين. وعندما تنبّه العلماء لنيّته، نهوه عن هذه العادة القبيحة، ونصحه أصدقاءه، ولكنّه لم يكن يتقبّل النصيحة، وسرعان ما مات، إذ ابتلي بمرض عضال ، وقضى في شبابه ، ولم يشكّ أحد أنّ السبب في مرضه وقصر عمره إساءته الأدب مع الشيخ المامقاني.
وأخيراً : كان الشيخ الأنصاري (قدس سره) عائداً من كربلاء إلى النجف ومعه جمع من العلماء، منهم العارف الكبير السيّد علي الشوشتري وصي الشيخ، فعندما ركبوا السفينة وقع حذاء الشيخ سهواً على بساط أحد مشايخ العرب، وكان يبغض الشيخ ويحسده، فقال بوقاحة : العجم لا أدب لهم ولا معرفة، خصوصاً أهل شوشتر، فلم يقل الشيخ شيئاً، وطلب السيّد علي الشوشتري من الشيخ أن يجيبه على وقاحته، إلاّ أنّ الشيخ بقي ساكتاً، وعصر ذلك اليوم ابتلي الشيخ العراقي بالقولنج، وبعد قليل أخرجوا جنازته من السفينة للدفن (3).
الله الله في تعظيم واحترام العلماء والاُستاذ، وإيّاكم وسوء الأدب، فإنّ فيه الهلاك والحرمان، وأمّا حسن الأدب ففيه البركة والتوفيق والإحسان.
٣ـ أن يعتقد الطالب أنّه مريض النفس واُستاذه هو الطبيب، ولا يصحّ في مقام المعالجة مخالفة الطبيب.
٤ـ أن يحترم اُستاذه ، فإنّ بركة العلم في تعظيم الاُستاذ، فيضرب صفحاً عن عيوبه إن كانت، فإنّ ذلك أقرب إلى انتفاعه به، ولقد كان بعض السلف إذا ذهب إلى شيخه تصدّق بشيء وقال : اللهمّ استر عيب معلّمي عنّي، ولا تذهب ببركة علمه منّي.
وقال آخر : والله ما اجترأت أن أشرب الماء وشيخي ينظر إليَّ هيبةً له.
وقال حمدان الإصفهاني : كنت عند شريك، فأتاه بعض أولاد الخليفة المهدي، فاستند إلى الحائط وسأله عن حديث، فلم يلتفت إليه وأقبل علينا، ثمّ عاد، فعاد شريك لمثل ذلك، فقال: أتستخفّ بأولاد الخلفاء؟ قال : لا، ولكنّ العلم أجلّ عند الله من أن اُضيّعه، فجثا على ركبتيه، فقال شريك : هكذا يطلب العلم.
وقد ذكرنا تفصيل هذا الأدب في ما مرّ، وأتينا بشواهد من حياة علمائنا الأعلام.
٥ـ أن يتواضع للاُستاذ زيادة على ما اُمر به من التواضع للعلماء وغيرهم، ويعلم أنّ ذلّه لشيخه عزّ، وخضوعه له فخر، وتواضعه له رفعة، وتعظيم حرمته مثوبة، وخدمته شرف.
قال رسول الله (صلى الله عليه و آله) : من علّم أحداً مسألة ملك رقّه. قيل : أيبيعه ويشتريه؟ قال : بل يأمره وينهاه.
٦ـ أن لا ينكر عليه ، ولا يتآمر ولا يشر عليه بخلاف رأيه، فيرى أنّه أعلم بالصواب منه، بل ينقاد إليه في اُموره كلّها.
٧ـ أن يبجّله في خطابه وجوابه، في حضوره وغيبته، ولا يخاطبه بتاء الخطاب وكافه ولا يناديه من بعد، بل يقول : يا سيّدي، ويا مولاي، وما شابه ذلك، ويخاطبه بصيغ الجمع تعظيماً، نحو : (ما تقولون في كذا)، ولا يسمّيه في غيبته باسمه إلاّ مقروناً بما يشعر بتعظيمه.
٨ـ تعظيم حرمته في نفسه واقتداؤه به، ومراعاة سيرته في حضوره وغيبته وبعد موته، فيدعو له مدّة حياته ويردّ من يستغيبه، زيادة عمّا يجب رعايته مع غيره، ويرعى ذرّيته وأقاربه ومحبّيه في حياته وبعد موته، ويتعاهد زيارة قبره والاستغفار له، كما رأيت ذلك تكراراً ومراراً، بل ما كان يدخل الحرم الشريف للسيّدة المعصومة (عليها السلام) شيخنا في الرواية آية الله العظمى الشيخ محمّد علي الأراكي إلاّ وكان يجلس على قبر آية الله العظمى السيّد الخوانساري (قدس سره) ويزوره، وسيّدنا الاُستاذ آية الله العظمى السيّد الگلپايگاني ما كان يبدأ بالدرس إلاّ ويقرأ سورة الحمد ليهدي ثوابها على روح أساتذته.
٩ـ أن يشكر الشيخ على توفيقه له على ما فيه فضيلة، وعلى توبيخه له على ما فيه نقيصة أو كسل يعتريه، أو قصور يعانيه، أو غير ذلك.
١٠ـ أن يصبر على جفوة تصدر من شيخه واُستاذه، أو سوء خلق، ولا يصدّه ذلك على ملازمته وحسن عقيدته واعتقاد كماله، ويتأوّل أفعاله على أحسن تأويل وأصحّه، ويعتذر منه، ومن لم يصبر على بذل التعليم، بقي عمره في عماية الجهالة، ومن صبر عليه آل أمره إلى عزّ الدنيا والآخرة، فلا بدّ من الصبر الجميل مع الاُستاذ.
١١ـ أن يجتهد على أن يسبق بالحضور إلى المجلس قبل حضور الشيخ، ويحترز أن يدع الشيخ جالساً بانتظاره.
١٢ـ أن لا يدخل على الشيخ في غير المجلس العامّ بغير إذنه، سواء كان الشيخ وحده أم معه غيره.
١٣ـ أن يدخل على الشيخ كامل الهيأة، فارغ القلب من الشواغل، نشيطاً منشرح الصدر، صافي الذهن، متطهّراً متنظّفاً.
١٤ـ أن لا يقرأ على الشيخ عند شغل قلبه وملله ونعاسه وما شابه ذلك، ممّـا يشقّ عليه فيه البحث.
١٥ـ إذا دخل على الشيخ ووجده مشغولا ويريد انصرافه فليسلّم، ويخرج سريعاً، إلاّ إذا طلب الشيخ مكثه فيستجيب.
١٦ـ إذا حضر مكان الشيخ فلم يجده انتظره، ولا يفوّت على نفسه درسه.
١٧ـ أن لا يطلب من الشيخ إقراءً في وقت يشقّ عليه فيه ، أو لم تجرِ عادته بالإقراء فيه.
١٨ـ أن يجلس بين يديه جلسة الأدب بسكون وخضوع وإطراق رأس وتواضع وخشوع.
١٩ـ أن لا يستند بحضرة الشيخ إلى حائط أو وسادة ونحو ذلك، ولا يعطي الشيخ جنبه أو ظهره.
٢٠ـ أن يصغي إلى الشيخ ناظراً إليه ، ويقبل بكلّيته عليه ، متعقّلا وفاهماً لقوله ، ولا يلتفت إلى الجهات من غير ضرورة ، ولا يتمطّى ولا يكثر التثاؤب ، ولا يلفظ النخامة من فيه بل يأخذها منه بمنديل ونحوه، ولا يتجشّأ، وإذا عطس حفظ صوته جهده، وستر وجهه بمنديل وغيره، وذلك كلّه ممّـا يقتضيه النظر المستقيم والذوق السليم.
٢١ـ أن لا يرفع صوته رفعاً بليغاً من غير حاجة ، ولا يسار في مجلسه ، ولا يغمز أحداً ولا يغتاب عنده ولا ينمّ وما شابه ذلك.
٢٢ـ أن يحسن خطابه مع الشيخ بقدر الإمكان ، ولا يقول له : لِمَ؟ ولا نسلّم ولا (من نقل هذا؟) ولا (أين موضعه) وما شابه ذلك ، فيراعي آداب الكلام وعفّة اللسان مع اُستاذه.
٢٣ـ إذا ذكر الشيخ تعليلا وعليه تعقّب ولم يتعقّبه أو بحثاً وفيه إشكال ولم يستشكله، أو إشكالا وعنه جواب ولم يذكره، فلا يبادر إلى ذكر ذلك، بل يشير إليه بألطف إشارة.
٢٤ـ أن يتحفّظ من مخاطبة الشيخ بما يعتاده بعض الناس في كلامه ولا يليق خطابه به مثل : أيش بك؟ وفهمت؟ وما شابه ذلك.
٢٥ـ إذا خطأ الشيخ في كلامه فلا يضحك ولا يستهزئ ويعيدها، أو يلفت الطلاب إليه، فإنّ هذا ممّـا يوجب مقت الله والحرمان من بركات العلم.
٢٦ـ أن لا يسبق الشيخ إلى شرح مسألة أو جواب سؤال منه أو من غيره، إلاّ إذا علم من الشيخ أنّه يودّ أن يجيب هو فلا بأس به.
٢٧ـ أن لا يقطع كلامه على الشيخ أيّ كلام كان، ولا يسابقه فيه ولا يساوقه به بل يصبر حتّى يتمّ الشيخ كلامه فيتكلّم.
٢٨ـ أن يصغي إلى كلام الشيخ حتّى فيما لو عرف كلام أو حفظ الشعر الذي يقرأه الشيخ أو ما
شابه ذلك، بل إذا سأله الشيخ هل يعرف ذلك ، فليقل : اُحبّ أن أستفيده من الشيخ أو أسمعه منه.
٢٩ـ لا ينبغي له أن يكرّر سؤال ما يعلمه، ولا استفهام ما يفهمه، فإنّه يضيّع الزمان وربما يوجب ضجر الاُستاذ، فإنّ إعادة الحديث أثقل من نقل الصخر كما قيل.
٣٠ـ أن لا يسأل عن شيء في غير موضعه، ففاعل ذلك لا يستحقّ جواباً، والعاقل الذي يضع الأشياء في مواضعها.
٣١ـ أن يغتنم سؤاله عند طيب نفسه وفراغه، ويتلطّف في سؤاله ويحسن في جوابه.
٣٢ـ أن لا يستحيي من السؤال عمّـا أشكل عليه، بل يستوضحه أكمل استيضاح، فمن رقّ وجهه رقّ علمه، وقال الإمام الصادق (عليه السلام) : إنّ هذا العلم عليه قفل ومفتاحه المسألة.
٣٣ـ إذا قال له الشيخ : أفهمت؟ فلا يقول : نعم. قبل أن يتّضح له المقصود اتّضاحاً جليّاً ، لئلاّ يكذب ويفوته الفهم ، ولا يستحي من قول : لم أفهم.
٣٤ـ أن يكون ذهنه حاضراً في جهة الشيخ ، بحيث إذا أمره بشيء أو سأله عن شيء أو أشار إليه ، لم يحوجه إلى إعادته ثانياً.
٣٥ـ إذا ناوله الشيخ الاُستاذ شيئاً تناوله باليمنى، وكذلك العكس، ولا يرمي إليه شيئاً من كتاب أو ورقة أو غيرهما.
٣٦ـ إذا ناوله قلماً ليكتب به فليعده قبل إعطائه إيّاه للكتابة.
٣٧ـ إذا ناوله سجّادة ليصلّي عليها نشرها أوّلا، وأولى منه أن يفرشها هو عند قصد ذلك، وبعبارة اُخرى يكون دائماً بخدمة اُستاذه.
٣٨ـ إذا قام الشيخ بادر القوم إلى أخذ السجّادة إن كانت ممّـا تنقل له، وإلى الأخذ بيده أو عضده إن احتاج إليه، وإلى تقديم نعله إن لم يشقّ ذلك على الشيخ، ويقصد بذلك كلّه التقرّب إلى الله تعالى بخدمته والقيام بحاجته، وقيل : أربعة لا يأنف الشريف منهنّ، وإن كان أميراً : قيامه من مجلسه لأبيه، وخدمته للعالم الذي يتعلّم منه، والسؤال عمّـا لا يعلم، وخدمته للضيف.
٣٩ـ أن يقوم لقيام الشيخ ، ولا يجلس وهو قائم، ولا يضطجع بحضرته مطلقاً، إلاّ أن يكون في وقت نوم ويأذن له.
٤٠ـ إذا مشى مع شيخه، فليكن أمامه بالليل ووراءه بالنهار، إلاّ أن يقتضي الحال خلاف ذلك لزحمة أو غيرها، أو يأمره الشيخ بحالة فيتمثّلها.
فهذه جملة من الآداب التي على طالب العلم أن يراعيها مع اُستاذه ومعلّمه ، وهناك آداب كثيرة اُخرى يستنبط ممّـا قدّمناه، يقف عليها الألمعيّ الذكي، والله خير ناصر ومعين، ومنه التوفيق والسداد.
__________
1ـ الذنوب الكبيرة ٢ : ٣٥.
2ـ الأنوار النعمانيّة ٣ : ٩١.
3ـ نقلت القصص من الكتاب القيّم والمفيد « سيماء الصالحين » : ٢٠٩ ـ ٢٢٨ ، فراجع.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|