أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-12-27
963
التاريخ: 11-8-2016
1073
التاريخ: 3-9-2016
1459
التاريخ: 30-8-2016
1486
|
سحر الكوانتم: ماذا يعني هذا كله؟
ما معنى التعالق. ماذا يريد أن يقول لنا عن العالم وطبيعة المكان والزمان؟ ربما كانت هذه هي أصعب الأسئلة في الفيزياء كلها .
لقد دمر التعالق كل مفاهيمنا عن العالم، التي تطورت خلال خبراتنا الحسية المعتادة. فقد امتدت لأبعد مدى هذه الأفكار عن الواقع وترسخت عميقا في نفوسنا ، حتى إن ألبرت أينشتين أعظم فيزيائي في القرن العشرين، ظل مخدوعا بهذه الأفكار المتداولة يوميا إلى حد الاعتقاد بأن ميكانيكا الكم ´´ناقصة´´: لأنها لا تشتمل على عناصر كان متأكدا من أنها لابد واقعية. وأحس أينشتين بأن ما يحدث في موضع معين لا يمكن أن تكون له صلة، مباشرة ولحظية، بما يحدث في موضع أخر تفصل بينهما مسافة. ولكي نفهم، أو حتى نتقبل ببساطة صحة ظاهرة التعالق وغيرها من ظواهر الكوانتم المصاحبة لها ، يتعين علينا أولا أن نقر بأن مفاهيمنا عن الواقع في الكون ليست وافية.
على أن التعالق يعلمنا أن خبراتنا اليومية لا تؤهلنا لقابلية فهم ما يحدث على مستوى الأجسام الدقيقة، التي ليس لنا بها خبرة مباشرة. ويقدم كتاب (The Quantum Challenge) لمؤلفيه جرينشتين Greenstein وزاجونيك Zajonic مثالا يشرح هذه الفكرة. إذا اصطدمت كرة بيسبول بحائط به نافذتان فلا يمكنها الخروج من الغرفة بالمرور من النافذتين في الوقت نفسه. وهذا شيء يعرفه أي طفل بشكل غريزي. لكن بالنسبة لإلكترون، أو نيوترون، أو حتى ذرة، عندما يواجهها حاجز به فتحتان، فسوف تمر خلال الفتحتين في الحال. إذ في مجال نظرية الكم تتحطم الأفكار الخاصة بالسببية واستحالة أن يكون الجسيم في مواضع مختلفة في الوقت نفسه. كما أن فكرة التراكب - أي "يكون الجسيم في موضعين في اللحظة نفسها" - ترتبط بظاهرة التعالق. غير أن التعالق أكثر إثارة حتى من هذا ، ذلك لأنه يحطم فكرتنا بأنه ثمة معنى للأبعاد المكانية. ويمكن توصيف التعالق بأنه مبدأ تراكبي يتضمن جسيمين أو أكثر. والتعالق تراكب لحالات جسيمين أو أكثر، مأخوذة بوصفها نظاما واحدا . والبعد المكاني كما نعلم يبدو أنه قد تبخر بالنسبة لمثل هذا النظام. فالجسيمان اللذان تفصل بينهما مسافة سواء بالأميال أو بالسنوات الضوئية سيسلكان سلوكا متناغما : ما يحدث لأحدهما لابد أن يحدث للآخر في اللحظة نفسها ، بصرف النظر عن مقدار المسافة بينهما .
لماذا لا نستطيع استخدام التعالق في بث رسالة بسرعة أكبر من سرعة الضوء؟
لعل التعالق ينتهك روح النسبية، بيد أن ذلك لا يعني أنه يتيح لنا استخدامه في بث رسالة بسرعة تتجاوز سرعة الضوء. وهده نقطة فارقة بالغة الأهمية، وهي تكمن في صميم طبيعة الظواهر الكمية. فعالم الكوانتم عالم عشوائي في طبيعته. فعندما نجري عملية قياس، فإننا نجبر نظاما كميا على ´´اختيار´´ قيمة فعلية، لذلك فهو يقفز من التشوش الكمي إلى نقطة محددة. وبناء عليه، حين تقيس أليس الحركة الدورانية للجسيم لديها في اتجاه معين تختاره (أو، على نحو مماثل، عندما تقيس استقطاب فوتون في اتجاه معين من اختيارها)، فإنها لا تستطيع اختيار النتيجة. وتكون النتيجة "لأعلى" أو"لأسفل"، بيد أن أليس لا يمكنها التنبؤ بقيمتها. وذا أجرت أليس أور قياسات، لاضطر جسيم أو فوتون بوب لدخول حالة معينة (حركة دورانية مضادة في الاتجاه للجسيم، واستقطاب في الاتجاه نفسه للفوتون). ولكن نظرا لأن أليس لا تتحكم في النتيجة التي تحصل عليها، فإنها لا تستطيع ´´بعث´´ أي معلومات ذات مغزى إلى بوب. كل ما يمكن حدوثه بسبب التعالق على النحو التالي. تستطيع أليس أن تختار إجراء واحدا من قياسات كثيرة ممكنة، وأيا ما كان القياس الذي تختاره فسوف تحصل على نتيجة ما . لكنها لن تعرف مسبقا أيا من النتيجتين ستحصل عليها . وبالمثل، يستطيع بوب أن يختار إجراء أي واحد من بين قياسات كثيرة دون أن يعرف النتيجة مقدما . لكن، وبسبب التعالق، إذا تصادف أنهما اختارا القياس نفسه، فإن نتائجهما التي لم يسبق التنبؤ بها ستكون متضادة (بفرض قياس الحركة الدورانية).
وبعد مقارنة نتائجهما فقط (باستخدام طريقة تقليدية للاتصال، لا يمكن من خلالها بعث معلومات بسرعة تتجاوز سرعة الضوء) يستطيع كل من أليس وبوب أن يدرك مدي توافق نتائجهما .
ويبدو الأمر في ظاهره وكأنه لا يوجد ما يتعذر حله بالنسبة لمعاملات الارتباط القوية، يتعين فقط إدخال تعبير "عناصر واقعية" لتوضيحها ، وهو ما كان يريد أينشتين أن يفعله. إلا أن برهان جون بل أدى بنا إلي استنتاج أن هذه المقاربة عديمة الجدوى .
ونسب أبنر شيموني إلى التعالق قوله "انفعال من بعيد"، سعيا منه لتجنب شراك افتراض أنه يمكن لنا على نحو ما استخدام التعالق لبث رسالة بسرعة تفوق سرعة الضوء. ويعتقد شيموني أن التعالق مازال يتيح لميكانيكا الكم والنظرية النسبية أن ينعما ب "التعايش السلمي معا"، بمعني أن التعالق لا ينتهك النسبية الخاصة بشكل صارم (فلا يمكن لأي رسائل أن تسير بسرعة تتعدي سرعة الضوء). ومع ذلك، فإن فيزيائيين أخرين يعتقدون أن "روح النظرية النسبية" مازال ينتهكها التعالق، لأن "شيئا ما" (أيا كان نوعه) قد "ينتقل فعليا بسرعة" أكبر من سرعة الضوء (في واقع الأمر، بسرعة لانهائية) بين جسيمين متعالقين. ومن هؤلاء العلماء الذين يتبنون هذا الاعتقاد الراحل جون بل.
ومن الوسائل الممكنة لفهم التعالق تجنب النظر إلى النظرية النسبية على إطلاقها ، وكذلك عدم التفكير في أن كيانين متعالقين مثل الجسيمات يبعثان رسالة من أحدهما إلى الآخر. ويناقش يانهوا شيه Yanhna Shih في ورقة له تحت عنوان التعالق الكمي أنه نظرا لأن أي جسيمين متعالقين (علي نحو ما) ليسا كيانين منفصلين، فإنه ليس ثمة حتى انتهاك واضح لمبدأ عدم التحدد، وفقا لما اقترحته .EPR
على أن الجسيمات المتعالقة تتجاوز المكان. إذ إن أي كينونتين أو ثلاثة كينونات هي في واقع الأمر أجزاء من نظام واحد، وهذا النظام لا يتأثر بالبعد الفيزيائي بين مكوناته؟ فالنظام يعمل باعتباره كينونة واحدة.
الأمر الساحر في مسألة التعالق هو أن إحدى خواص ميكانيكا الكم التي تم الكشف عنها لأول مرة نجمت عن حسابات رياضية. والمذهل أن مثل هذه الخاصية العجيبة الغريبة عن دنيانا يتم العثور عليها رياضيا . وهذا يدعم اعتقادنا في القوة الفائقة للرياضيات. وبعد الاكتشاف الرياضي للتعالق، استخدم الفيزيائيون المهرة الوسائل والترتيبات المبدعة لإثبات أن هذه الظاهرة المذهلة تحدث فعليا . بيد أنه لكي نفهم حقيقة التعالق وكيف يعمل فما زال حتى الآن أمرا خارج نطاق ما وصل إليه العلم. ومن أجل أن نفهم التعالق، نعتمد نحن المخلوقات الواقعية على عناصر من الواقع- كما كان يطالب أينشتين - لكن كما تعلمنا من جون بل ومن التجارب، فإن عناصر الواقع هذه ببساطة لا وجود لها . والبديل لعناصر الواقع هذه هو نظرية الكم. إلا أن ميكانيكا الكم لا تقول لنا لماذا تحدث الأشياء بالطريقة التي تحدث بها: ولماذا تتعالق الجسيمات؟ لذلك سنتوصل إلى فهم حقيقي شامل للتعالق فقط ما إن نتمكن من الإجابة عن سؤال جون أرشيبالد هويلر: "لماذا الكوانتم؟" .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|