عوامل قيام التجارة الدولية وتطورها (تباين الظروف الطبيعية والموارد) |
18294
03:55 مساءاً
التاريخ: 10-5-2016
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 15/12/2022
964
التاريخ: 15/12/2022
1388
التاريخ: 27-4-2021
1811
التاريخ: 15/12/2022
1000
|
لعل الظروف الطبيعية أهم العوامل المؤثرة في النشاط الاقتصادي للإنسان. وعليه فإن التجارة الدولية أيضاً تتأثر بشكل كبير بالظروف الطبيعية التي تتمثل بشكل أساسي بالمناخ والمياه، وأشكال السطح، والتكوين الجيولوجي، وما ينجم عن تفاعل هذه الظروف من موارد طبيعية تتمثل بالأراضي الزراعية والغطاء النباتي الطبيعي والموارد المعدنية وموارد الطاقة.
فبسبب وقوع الدول والقارات على عروض مختلفة نجد أن هناك تبايناً واسعاً في الظروف المناخية وعناصر المناخ (الحرارة – الأمطار – الرياح – الضغط الجوي – الرطوبة النسبية) بين الدول والقارات، وبالتالي اختلاف الظروف الملائمة لنمو النبات وممارسة النشاط الزراعي، مما أدى إلى التنوع الكبير في الغطاء النباتي الطبيعي، من الغابات الاستوائية إلى الغابات المدارية إلى السهوب والمراعي، وغابات المناطق الدافئة والباردة، كما أدى ذلك إلى الاختلاف في أنواع المحاصيل الزراعية التي يمكن زراعتها في مختلف الأقاليم، والاختلاف أيضاً في مواعيد جني هذه المحاصيل. مما أتاح الفرصة بشكل كبير للتبادل بين الأقاليم المنتجة والأقاليم المستهلكة، أو أقاليم الوفرة وأقاليم الندرة والشح.
أضف إلى ذلك أن المناخ يؤثر بشكل غير مباشر في الإنتاج بشكل عام، نتيجة لتأثيره على الإنسان، حيث أن الجهد البشري يختلف حسب أشكال المناخ في مناطق العالم المختلفة، ويرتبط الاستقرار البشري كذلك بدرجة كبيرة بالظروف المناخية إذ يتركز نحو 98% من سكان العالم في المناطق الماطرة والمناطق الرطبة وشبه الرطبة التي تشكل حوالي 40% من مساحة اليابس.
كما تعتبر التضاريس من العناصر الطبيعية التي تؤثر بشكل كبير في النشاط البشري. وتتمثل التضاريس بالسهول والهضاب والجبال وهي التي تحدد الشكل العام لسطح الأرض ونسبة الأراضي السهلية والمنخفضة، وتعتبر السهول ذات التربة الخصبة والمناخ المعتدل أكثر جهات العالم ملاءمة للنشاط البشري، ومن ثم يتركز السكان بها أكثر من أي مظهر تضريسي آخر، بسبب سهولة ممارسة النشاط الاقتصادي فيها وخاصة الزراعة. كما يساعد استواء السطح على سهولة إنشاء شبكات الري والصرف وشبكات الطرق والمواصلات الزراعية والعامة. مما يسهم في تطوير الزراعة ويسهل عمليات الاتصال والتبادل التجاري, أما التكوين الجيولوجي فهو المسؤول الرئيسي عن توزع الموارد المعدنية ومصادر الطاقة، كما يرتبط به بشكل كبير توزع المياه الجوفية .
إن تفاعل هذه العناصر أدى إلى تباين كبير في توزع الموارد الطبيعية على سطح الأرض بحيث نلاحظ أقاليم تمتاز بوفرة مواردها الطبيعية بشكل يزيد عن حاجة هذه الأقاليم فيما تعاني أقاليم أخرى من قلة هذه الموارد.
تبلغ مساحة الأراضي الزراعية في العالم نحو 14.6 مليون كم2، أي ما يعادل 10% من مساحة اليابس، ولكن بسبب تباين الظروف المناخية والتضاريس من ناحية واختلاف المقدرة البشرية على استغلال الأراضي من ناحية ثانية، نلاحظ أن هذه المساحة تتوزع على القارات بشكل متفاوت، بحيث تكون أعلى نسبة للأراضي الزراعية في القارة الأوربية 31% من المساحة الإجمالية للقارة، بسبب وقوعها في عروض معتدلة، وارتفاع مستوى التقدم التقني لسكان هذه القارة، أما روسيا وكندا فإن جزءاً كبيراً من أراضيهما إما صحارى جليدية و إما غابات مخروطية ومراعي. وهذا ما يفسر انخفاض نسبة الأراضي الزراعية في كل من أمريكا الشمالية. ومجموعة الدول المستقلة (الاتحاد السوفيتي).
كذلك الأمر بالنسبة لآسيا حيث تغطي الصحارى قسماً كبيراً منها بالإضافة إلى الهضاب والجبال في الوسط مما جعل مساحات الأرض الزراعية الآسيوية محصورة في مناطق محدودة مثل سهل الصين ووديان الهند الصينية(1). كما تمتاز قارات العالم الجنوبية بقلة الأراضي الزراعية فيها بسبب انتشار الغابات الاستوائية على مساحات واسعة من إفريقيا وأمريكا الجنوبية، وانتشار الصحارى في أستراليا وإفريقيا وأمريكا الجنوبية. والجدول التالي يوضح توزع الأراضي الزراعية في العالم.
إن تباين الظروف المناخية على سطح الأرض والاختلاف في توزع الأراضي الزراعية بين إقليم وآخر يؤدي إلى تباين المنتجات الزراعية لهذه الأقاليم، ويحدد بالتالي إمكانية هذه الأقاليم في المساهمة في التجارة الدولية. فنلاحظ أن الأقاليم المدارية وشبه المدارية والحارة هي أهم مناطق العالم بإنتاج المطاط الطبيعي والبن والتوابل والكاكاو والشاي وقصب السكر وغيرها من نباتات الأقاليم الحارة , وهي بنفس الوقت الأقاليم الرئيسية في تصدير هذه المنتجات إلى الأقاليم المعتدلة والباردة في أوربا وأمريكا الشمالية, بينما تشتهر الأقاليم المعتدلة والدافئة بإنتاج القمح والأخشاب والمنتجات الحيوانية، وتقوم بتصديرها إلى الأقاليم التي لا تنتج هذه المواد بكميات كافية.
المعدنية، نلاحظ أن الموارد المعدنية تتوزع بشكل محدود على سطح الأرض يتوافق مع توزع التكوينات الصخرية المتباينة حسب التركيب الجيولوجي، وعلى عكس الأقاليم الزراعية التي تتوزع بشكل أوسع نسبياً من المعادن، نلاحظ أن الخامات المعدنية تتميز بتركيزها في مناطق محدودة من سطح الأرض، كما هي الحال في تركيز خامات النيكل في كندا والذهب والكروم في جنوب إفريقيا والنحاس في زامبيا والفوسفات في المغرب العربي والبترول في منطقة الخليج العربي. طبعاً هذا لا يعني عدم وجود هذه المعادن خارج المناطق المذكورة سابقاً، وإنما يكون وجودها في المناطق الأخرى من سطح الأرض بشكل أقل مما هو عليه في تلك المناطق بحيث لا يسمح بالاستثمار الاقتصادي لهذه المعادن في معظم الأحيان.
بالإضافة إلى ذلك فإن المعادن تمتاز بعدم التجانس من حيث التوزع مما يجعل إمكانية تحديد الأقاليم المناسبة للتعدين عملية صعبة بعكس تحديد الأقاليم الزراعية والنشاط الزراعي.
كما أن توفر المعادن في مكان ما من سطح الأرض لا يعني بالضرورة إمكانية استثمارها لأن ذلك يتوقف على عدد كبير من العوامل التي تسهل عملية الاستثمار أو تعرقلها، مثل الموقع الجغرافي لهذه المعادن وقربها من السوق، وكذلك نسبة المعدن في الخامات ونسبة الشوائب والاحتياطي وتوفر رؤوس الأموال ووسائل النقل بالإضافة إلى مستوى التقدم العلمي والتكنولوجي الذي يتوقف عليه إلى حد كبير مستوى الطلب على المعادن وخفض تكاليف الاستخراج.
لذلك نلاحظ وجود عدد من الدول التي تمتلك كميات كبيرة من بعض المعادن، ولكن بسبب عدم توفر الظروف المناسبة لاستثمارها، فهي إما أن تؤجل عملية الاستثمار إلى حين توفر هذه الظروف أو أنها تسمح لبعض الشركات الأجنبية بالقيام بعمليات الاستثمار على أراضيها وفقاً لاتفاقيات خاصة. كما أن بعض الدول وبخاصة المتقدمة منها، وإن كانت تمتلك كميات كبيرة من بعض المعادن، وبسبب ملاءمة ظروف الاستثمار والتقدم العلمي والتكنولوجي فيها نجد أنها تكون مضطرة إلى استيراد كميات لا بأس بها من بعض هذه المعادن لسد حاجة الصناعة المتطورة لديها. كما هي حال الولايات المتحدة التي تستورد كميات كبيرة من المعادن الأخرى مع أنها تنتج كميات كبيرة منها مثل الحديد والألمنيوم والنحاس والكروم وكذلك الحال بالنسبة لألمانيا التي تستورد كميات كبيرة من الفحم الأمريكي رغم توفر الفحم بكميات كبيرة في أراضيها.
إذاً فقد نجم عن التوزع غير العادل للموارد المعدنية ومصادر الطاقة بين دول العالم، والتركيز الشديد لهذه الموارد في حال توفرها في مناطق محدودة من سطح الأرض وغالباً ما تكون هذه المناطق نائية وشبه خالية من السكان، حاجة ماسة للتبادل التجاري لهذه المعادن من أماكن وجودها ووفرتها إلى أماكن الحاجة إليها، لذلك نجد أن هناك مشاركة كبيرة لهذه المعادن وخاصة الحديد والنحاس والألمنيوم وغيرها، وكذلك مصادر الطاقة من فحم حجري ونفط وغاز طبيعي في التجارة الدولية. وإن هذه المشاركة تزداد باطراد مع التطور الاقتصادي والنمو الصناعي للدول.
_______
(1) سارة حسن منيمنة: جغرافية الموارد والإنتاج، دار النهضة العربية، بيروت، 1984، ص 76.
(2) صافيتا وآخرون: أسس الجغرافية البشرية، دمشق، 2000، ص 46.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ضمن أسبوع الإرشاد النفسي.. جامعة العميد تُقيم أنشطةً ثقافية وتطويرية لطلبتها
|
|
|