المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24



شهادة الاشتر وتأبين أمير المؤمنين له  
  
3203   02:23 مساءاً   التاريخ: 29-4-2016
المؤلف : باقر شريف القرشي
الكتاب أو المصدر : موسوعة أمير المؤمنين علي بن ابي طالب
الجزء والصفحة : ج10 ، ص63-67.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن أبي طالب / قضايا عامة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-4-2016 3154
التاريخ: 21-4-2016 3182
التاريخ: 1-5-2016 3684
التاريخ: 7-01-2015 3592

خرج الأشتر ميمّما وجهه صوب مصر وسارت قافلته تطوي البيداء لا تلوي على شيء فلمّا انتهت إلى أبلّة فالتقى به نافع مولى عثمان بن عفّان وقد أرسله معاوية لاغتياله وكان لبقا فأخذ مالك يسأله : ممّن أنت؟

قال: من أهل المدينة ؛ قال : من أيّهم؟

فأخفى وضعه وقال : مولى عمر بن الخطّاب.

قال : أين تريد؟ ؛قال : مصر ؛ قال : ما حاجتك بها؟ قال : أشبع من الخبز فإنّا في المدينة لا نشبع منه.

قال : الزمني فإنّي سأصيبك من الخبز.

ومضى مالك في سفره وعميل معاوية ملازم له حتى انتهى إلى القلزم فنزل ضيفا على امرأة من جهينة فرحّبت به وقابلته بمزيد من التكريم وسألته أي الطعام أحبّ إليه في العراق حتى تصنعه له فقال لها : الحيتان الطرية فقدّمت له ما اشتهى فلمّا أكل أصابه عطش شديد فأخذ يكثر من شرب الماء فقال له نافع مولى عثمان : إنّ الطعام لا يقتل سمّه إلاّ العسل فدعا الأشتر بإحضاره من ثقله فلم يكن فيه فبادر نافع قائلا : هو عندي فقال الأشتر : عليّ به فأحضره فتناول منه وكان قد دسّ فيه سمّا قاتلا ولمّا انتهى إلى جوفه تقطّعت أمعاؤه وأخذ الموت يدنو منه سريعا وطلب الأشتر إحضار نافع فوجده منهزما فلم يعثر عليه وسرى السمّ في جميع أوصاله وقد طوت حياته شربة العسل التي كان يردّدها معاوية إنّ لله جنودا من عسل ؛ لقد انتهت حياة هذا العملاق العظيم الذي جاهد أعداء الله كأعظم ما يكون الجهاد وقد كانت شهادته على يد أقذر اموي عرفه تاريخ البشرية وهو ابن هند الذي حارب الإسلام هو وأبوه وامّه وقبيلته بجميع ما يملكون من طاقات.

ولمّا انتهى النبأ الفجيع بوفاة القائد العظيم إلى الإمام (عليه السلام) ذابت نفسه أسى وحزنا وأخذ يذرف عليه أحرّ الدموع قائلا : إنّا لله وإنّا إليه راجعون والحمد لله ربّ العالمين ؛ اللهمّ إنّي أحتسبه عندك فإنّ موته من مصائب الدّهر ؛ ثمّ قال :  رحم الله مالكا فقد وفى بعهده وقضى نحبه ولقي ربّه مع أنّا قد وطّنّا أنفسنا أن نصبر على كلّ مصيبة بعد مصابنا برسول الله (صلى الله عليه واله) فإنّها من أعظم المصائب .

وأخذ الإمام يتلهّف وهو يقول بحزن بالغ : لله درّ مالك وما مالك؟ لو كان من جبل لكان فندا ولو كان من حجر لكان صلدا أما والله! ليهدنّ موتك عالما وليفرحنّ عالما على مثل مالك فلتبك البواكي وهل موجود كمالك؟ .

لقد كانت شهادة مالك من الأحداث الجسام التي مني بها العالم الإسلامي وكان الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) من أفجع المصابين به.

وطار معاوية سرورا وبهجة بشهادة مالك وخطب الناس وقال : أمّا بعد : فإنّه كانت لعليّ بن أبي طالب يدان يمينان قطعت إحداهما يوم صفّين وهو عمّار بن ياسر وقطعت الاخرى اليوم وهو مالك الأشتر .

لقد انتهت حياة عمار ومالك وسمت روحهما إلى الله تعالى كأسمى روحين صعدتا إلى السماء فقد لفعا بدم الشهادة في أقدس قضية نصرا فيها الإسلام فقد وقفا إلى جانب وصيّ رسول الله (صلى الله عليه واله) يذبّان عنه ويحميانه من الردّة الجاهلية المتمثّلة في كسرى العرب.

ورثي جماعة من الشعراء الزعيم مالك كان منهم المثنّى يقول :

ألا ما لضوء الصبح أسود حالك         وما للرواسي زعزعتها الدكادك

وما لهموم النفس شتّى شئونها                تظلّ تناجيها النجوم الشوابك

على مالك فليبك ذو الليث معولا           إذا ذكرت في الفيلقين المعارك

إذا ابتدر الخطي وانتدب الملا            وكان غياث القوم نصر مواشك

رحم الله مالكا وأجزل له المزيد من الأجر لنصرته أخا رسول الله وابن عمّه وحشره مع الذين أنعم الله عليهم من النبيّين والصدّيقين والشهداء وحسن اولئك رفيقا .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.