أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-03-12
1247
التاريخ: 21-4-2016
2313
التاريخ: 28-8-2016
3868
التاريخ: 21-4-2016
1329
|
قد سلك الصدوق ـ رضوان اللّه عليه ـ في كتاب «الفقيه» مسلكاً غير مسلك الشيخ الكليني في كتاب «الكافي»، فإنّ ثقة الإسلام جرى على طريقة السلف من ذكر جميع السند غالباً . نعم ترك أوائل السند قليلاً اعتماداً على ما ذكره من الأخبار المتقدّمة عليها، وبه حاز «الكافي» مزيّة على «الفقيه» و«التهذيب».
وأمّا الشيخ الصدوق فقد بنى في كتابه على اختصار الأسانيد، بحذف أوائل السند، والاقتصار بذكر اسم من أخذ الحديث عن أصله أو كتابه.
ولما أوجد ذلك مشكلة الإرسال في السند، بادر بوضع مشيخة في آخر الكتاب يعرف بها طريقه إلى من روى عنه فهي المرجع في اتصال أسناد كتاب الفقيه، ولكنّه ـ قدَّس سرَّه ـ ربما أخلّ بذكر الطريق إلى بعض من أخذ الحديث عن كتابه، فصار السند بذلك معلّقاً، أو ذكر سنداً ضعيفاً لا يحتجّ به، فصار ذلك سبباً للبحث في أحوال المذكورين في المشيخة من حيث المدح والقدح، وأوّل من دخل في هذا الباب العلاّمة الحلي في «الخلاصة»، وتبعه ابن داود، ثمّ أرباب المجاميع الرجالية وشرّاح الفقيه، كالتفريشي والمجلسي الأوّل .
والحاصل انّ عمله هذا، أوجد مشكلتين:
1. ربّما ذكر اسم المؤلّف الذي أخذ الحديث عنه في ثنايا الكتاب وغفل عن أن يذكر طريقه إليه.
2. ذكر طريقاً لكنّه طريقٌ عليلٌ لا يحتجّ به.
وقد ذهب سيد مشايخنا المحقّق البروجردي إلى عدم الحاجة لتصحيح أسناد الصدوق إلى أرباب الكتب، وذلك لأنّ الكتب التي نقل عنها الصدوق في هذا الكتاب كانت مشهورة وكان الأصحاب يُعوّلون عليها ولم يكن ذكر الطريق إلى هذه الكتب إلّا تبرعاً وتبرّكاً لإخراجها عن صورة المرسل إلى صورة المسند لاشتهار انتساب هذه الكتب إلى مؤلّفيها، وبذلك استغنى المؤلّف عن ذكر السند في بعض المواضع، أو ذكر طريقاً عليلاً.
والذي يدلّ على ذلك قوله في ديباجة الكتاب: و«جميع ما فيه مستخرج من كتب مشهورة عليها المعوَّل وإليها المرجع، مثل كتاب حريز بن عبد اللّه السجستاني، وكتاب عبيد اللّه بن علي الحلبي وكتب علي بن مهزيار الأهوازي...».( 1)
وهذه العبارة تعرب عن أنّ ذكر الطريق إلى هذه الكتب في المشيخة لم يكن عملاً لازماً، ولذلك ربما لم يذكر طريقاً إلى بعضها أو ذكر طريقاً فيه ضعف، لعدم المبالاة بصحة الطريق وعدمها.
قال المجلسي الأوّل في شرح العبارة ما هذا لفظه: من كتب مشهورة بين المحدِّثين بالانتساب إلى مصنّفيها ورواتها، والظاهر انّ المراد بالشهرة، التواتر، وقوله: «وعليها المعوّل» يعني كلّها محل اعتماد للأصحاب.(2)
وبذلك أصبح البحث في طرق الصدوق إلى أصحاب الكتب أمراً غير لازم و انّما اللازم البحث عن حال مؤلّف الكتاب وطريقه إلى الإمام ويشهد على ذلك انّه ذكر طريقه إلى ما نقله عن كتاب «الكافي»، ومن المعلوم انّ نسبة الكتاب إلى مؤلّفه كالشمس في رائعة النهار، فإذا علم انّ الصدوق أخذ الحديث من الكتب المذكورة، فالبحث عن الطريق يكون أمراً غير لازم، اللّهمّ إلّا إذا لم نجزم بذلك واحتملنا انّ الحديث وصل إليه بالطرق المذكورة في المشيخة، فيصير البحث عن صحّة الطريق أمراً لازماً.
لكن فرض البحث في الموارد التي أخذ الصدوق الحديث من الكتب المعروفة، ففي مثل هذه الموارد لا تضرّ الجهالة أو الضعف في السند إلى كتب حمّاد ابن عيسى أو صفوان بن يحيى وغيرهما ممّا ذكر في مقدمة الكتاب.
وبذلك تحّل المشكلة في كتاب «الكافي» أيضاً حيث إنّه ـ قليلاً ـ يُصدّر الحديث باسم من أخذ الحديث عن كتابه، أو يتوسط بينه و بين أصحاب الكتب مجاهيل كمحمد بن إسماعيل على فرض جهالته، أو ضعاف كسهل بن زياد.
وجه الحل انّ اشتهار الكتب صار سبباً لترك ذكر السند، أو توسط الراوي الضعيف بينه و بين صاحب الكتاب.
مسلك الشيخ في التهذيبين
قد ذكر السيد الأجل بحر العلوم مسلكه فيهما وقال: إنّه قد يذكر في «التهذيب» و«الاستبصار» جميع السند كما في «الكافي»، وقد يقتصر على البعض بحذف الصدر كما في «الفقيه» ولكنّه استدرك المتروك في آخر الكتابين، فوضع له مشيخته المعروفة، وهي فيهما واحدة غير مختلفة، قد ذكر فيهما الطرق إلى أصحاب الأُصول والكتب ممن صدّر الحديث بذكرهم وابتدأ بأسمائهم ولم يستوف الطرق كلّها ولا ذكر الطريق إلى كلّ من روى عنه بصورة التعليق بل ترك الأكثر لقلّة روايته عنهم، وأحال التفصيل إلى فهارس الشيوخ المصنّفة في هذا الباب، وزاد في «التهذيب» الحوالة على كتاب الفهرست الذي صنّفه في هذا المعنى.
إنّ السبب لترك ذكر الطريق أو الاقتصار بالطريق الضعيف، نفس السبب الذي نوّهنا به في مورد «الفقيه» ويشهد على ذلك أمران:
1. قوله في مشيخة التهذيب: والآن حين وفق اللّه تعالى للفراغ من هذا الكتاب، نحن نذكر الطرق التي نتوصّل بها إلى رواية هذه الأُصول والمصنّفات ونذكرها على غاية ما يمكن من الاختصار، لتخرج الأخبار بذلك عن حدّ المراسيل وتلحق بباب المسندات.(3)
فإنّ العبارة تعرب عن أنّ الغاية في وضع المشيخة هو إخراج الكتب عن حدّ المراسيل والإلحاق بباب المسندات.
2. انّه ـ قدَّس سرَّه ـ ابتدأ في المشيخة بذكر الطرق إلى كتاب «الكافي» الذي انتسابه للمؤلّف أمر متواتر.
وبذلك نقف عن أنّ الغور في طرق الشيخ إلى أصحاب الكتب أمر لا طائل تحته فيما إذا نقل الحديث عن كتب معروفة، وليس على الفقيه إلّا التفتيش عن أحوال أصحاب الكتب ومشايخهم إلى أن ينتهي إلى الإمام.
نعم إذا كانت الكتب غير معروفة يجب الفحص عن الطريق الذي اعتمد عليه الشيخ في نقل الحديث.
وبذلك يعلم أنّه لو أحطنا علماً بالكتب المعروفة في عصر الشيخ وميّزناها عن غيرها، لاستغنينا عن البحث في أسانيد الشيخ إلى أرباب الكتب المعروفة.
غير انّ كثيراً من المشايخ سلكوا غير هذا المسلك وحاولوا تصحيح أسانيد الشيخ في التهذيبين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- الفقيه:1/2ـ5.
2- روضة المتقين:1/14.
3- التهذيب:10/25 من المشيخة.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|