المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر



تبني اللقطاء  
  
2696   01:12 مساءاً   التاريخ: 21-4-2016
المؤلف : الشيخ حسان محمود عبد الله
الكتاب أو المصدر : مشاكل الاسرة بين الشرع والعرف
الجزء والصفحة : ص248-251
القسم : الاسرة و المجتمع / الحياة الاسرية / مشاكل و حلول /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 20-7-2022 1242
التاريخ: 2023-03-20 1062
التاريخ: 14-8-2022 2082
التاريخ: 13-12-2016 2478

قد يقال إن ما تقولونه يسري حول معروف الأهل والحسب والنسب , ولكن ما رأيكم باللقيط الذي لا يُعرف له أب ولا أم ؟ أليس من الظلم ان يبقى هذا الإنسان بلا عائلة تؤويه ؟ ما هو الضرر المترتب على تبنيه ؟

هنا لا بد من توضيح رأي الإسلام في هذا الموضوع الذي كثر في الآونة الأخيرة , حيث إنك كثيرا ما ترى طفلا حديث الولادة أمام باب ميتم , أو على جانب مكب للنفايات مرميا وفيه رمق من حياة , فتأتي عائلة لا ولد لديها , أو حتى لديها أولاد فتتبناه , ولكن حتى في هذا المجال التبني بمعنى أن يُدعى الى غير أبيه محرم شرعا , بل يجب على العائلة أن تسميه باسم حسن من دون تحديد والده وأمه الى أن يتضح هذا الأمر لاحقا .

والحقيقة ما نريد الإلفات إليه هنا أن الإسلام شجع على أخذ هذا الولد وتوفير الرعاية اللازمة له , فقد قال العلامة يحيى بن سعيد الحلي في كتابه الجامع للشرائع :

(واللقيط والمنبوذ والطفل يوجد , أخذه واجب على الكفاية ,ويأثم الكل بتركه وهو حر ويملك ثيابه وما شد فيها , وما جعل فيه كالسرير والسفط وما فيه من فرش وعين ....)(1) .

فلذلك اعتبر الإسلام أن كفالة ورعاية اللقيط واجب على المجتمع على نحو الكفاية , بمعنى انه لو لم يقم به أحد أثم كل من علم بذلك , وهذا يدل على عظم هذا الدين وإنسانيته . بل أكثر من ذلك حث هذا الدين على استحباب ترك اللقيط في المكان الذي وجد فيه , وعدم نقله من مكان الى آخر أقل مستوى منه ,فقد قال الشهيد الاول رضوان الله سبحانه وتعالى عليه في الدروس ما نصه:(والأولى ترك إخراجه من البلد الى القرى , ومن القرية الى البادية , لضيق العيش في تينك , بالإضافة الى ما فوقها , ولأنه أحفظ لنسبه , وأيسر لمداواته)(2) .

فنلاحظ من خلال ما قاله الشهيد الاول رضوان الله تعالى عليه أن الإسلام حث على عدم نقل اللقيط من البلد الذي وجد فيه الى بلد آخر , أولا من أجل أن الذي تركه قد يندم ويعود ليبحث عنه فيسهل عليه إيجاده . وثانيا فإنه من الأفضل تركه في البلد الذي تتوافر فيه خدمات أكثر, فلا ينقله من المدينة الى القرية , ولا من القرية الى البادية . فكل هذه الأحكام رُوعي فيها مصلحة اللقيط.

وهنا نعود الى أصل المشكلة وهي لماذا لم يسمح الإسلام بالتبني في هذه الحالة طالما أن الأبوان غير معروفان ؟ والجواب أنه في الاصل لا يجوز شرعا ادعاء الأبوة لما يرتبه ذلك من آثار شرعية لها علاقة في الحرمة النسبية فيصبح عماً من ليس كذلك وخالاً أيضا من ليس كذلك ومن جهة أخرى فإن الذي رمى هذا اللقيط قد يعود الى رشده ويتحرك ضميره , فلو سجل هذا الولد كابن حقيقي للحاضن من خلال التبني فإن أهله الحقيقيين لن يستطيعوا إيجاده بسهولة , في حين أن بقاءه كما هو كلقيط متبنى من النواحي الأخرى يُسهل على الام الحقيقية أو الأب الحقيقي معرفة اين هو ابنه فيجده, ولذلك قال الشهيد الأول رحمة الله سبحانه وتعالى عليه :(لأنه أحفظ لنسبه) . والإسلام والحالة هذه ليس ظالما ولا قاسيا بمنعه التبني , بل بالعكس هو دين عادل لأنه دين التكافل والتضامن , ولأنه يسعى للحفاظ على حق الطفل في نسبه الذي يعتبر مسألة مهمة لكل إنسان .

ومن الناحية الشرعية لو وجد لقيط في دار الإسلام فإن على المجتمع من خلال قيادته العمل على رعاية هذا اللقيط , وهذه القيادة هي الحاكم الشرعي الذي هو ولي الأمر والذي هو ولي من لا ولي له , وهذا ليس منصبا بل مسؤولية وتكليفا وبالتالي يجب عليه أن يؤمن للقيط كل شروط الرعاية , وإذا لم يكن هناك حاكم شرعي , أو ليس هناك إعمال للولاية , فعلى عدول المؤمنين أن يوفروا المأوى لهذا الشخص فالإسلام دين لا مكان فيه لو طبق تطبيقا صحيحا لفقير ولا متحاج للمال والرعاية .

______________

1ـ الجامع للشرائع ص 356 .

2ـ الدروس ج 3 ص 76 – 77 .




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.