أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-11-2015
![]()
التاريخ: 2023-05-19
![]()
التاريخ: 17-10-2014
![]()
التاريخ: 9-05-2015
![]() |
كان جابر بن حيان يبني مختبراته الكيميائية في الكوفة تحت الأرض ، هرباً من السلطة الغاشمة التي كانت تطارده ، لصلته بالإمام الصادق (عليه السلام) ، ولا سيما بعد نكبة البرامكة في زمن هارون الرشيد .
وقد استهوته أبحاثُه الى درجة أنه انقطع إليها في كهفه عن العالم ، فكانت زوجته (ريّا) تضع له الطعام في كوّة خاصة ، دون أن يسمح لها بالدخول عليه . وكان يساعده في عمله أحمد تلامذته واسمه (حسانُ) وهو صلة الوصل بينه وبين العالم الخارجي . ولم يخرج جابر من مختبره في آخر حياته إلا حين أبلغه حسّان أن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) يُحتضر ، وأنه بعث إليه يطلبه ، فسعى إليه ليودعه الوداع الأخير ، وهناك أسدى الإمام (عليه السلام) إليه نصائح غالية لا تنسى . منها أن يلتزم بالتواضع مهما بلغ من العلم ، وإذا اكتشف شيئاً فلا يغره ذلك فيعزوه الى نفسه ، بل يقول : بفضل الله اكتشفتُ كذا ووجدت كذا . وكان مما أوصاه به ، أن يبدأ قبل مزاولة عمله المخبري وبحوثه ، بأداء الصلاة في محرابه ، ثم يدعو الله بالتوفيق والسداد ، ثم ينصبّ على دروسه وأعماله ، فيكون له الخير العميم بإذن الله .
وهنا يظهر أثر أئمة أهل البيت (عليه السلام) على أتباعهم ، ليس على مستوى العلم والثقافة فقط ، بل وعلى مستوى الأخلاق والفضيلة والدين .
وإذا علمنا أن جابر بن حيان هو أول رجل في العالم ، صنع حمض الكبريت [زيت الزاج] وحمض الآزوت [ماء الفضة] ، واستحضر ثاني أكسيد المنغنيز لصناعة الزجاج ، وكربونات الصوديوم والبوتاسيوم لصناعة الأدوية ، واستحصل أملاح الزئبق ، ونترات الفضة [حجر جهنم] ، والماء الملكي ، والبارود (نترات البوتاسيوم) ؛ ندرك درجة هذا المكتشِف العلمية ، وقيمة إنجازاته المخبرية .
ولقد دأب المستشرقون على دراسة أعمال جابر وكتبه القيّمة التي تركها ، وهي في حدود المئات ، واحتاروا في عبارة كانوا يطالعونها في أكثر من مكان من كتبه ، وهي قول جابر : " هذا ما علّمني إياه العبد الصالح " . وبعد البحث والتمحيص تبيّن لهم أن العبد الصالح هو كناية عن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) .
رأي هولميارد الأنكليزي في جابر :
يقول هولميارد : إن جابراً هو تلميذ جعفر الصادق وصديقه ، وقد وجد في إمامه الفذّ سنداً ومُعيناً ، وراشداً أميناً ، وموجّهاً لا يستغني عنه .
وقد سعى جابر الى أن يحرر الكيمياء بإرشاد أستاذه من أساطير الأولين ، التي علقت بها من الاسكندرية ، فنجح في هذا السبيل الى حدّ بعيد .
علم الصّنعة :
يقول جابر بن حيان : إن هناك سبعة معادن رئيسية في الطبيعة هي : الرصاص والقصدير والحديد والذهب والنحاس والزئبق والفضة ، يسمّيها الأحجار السبعة . وقد وضع نظرية تهدف الى تحويل أحد هذه المعادن الى المعادن الأخرى ، مفادها للمعادن أساساً واحداً هو خليط من الزئبق والكبريت ، وأن اختلاف النسبة في هذا الخليط هو الذي يسبب اختلاف المعدن الناتج من المعادن السبعة . وعليه فيمكن تحويل الفضة مثلاً الى ذهب إذا أضفنا إليها شيئاً من الكبريت ، بحيث تصبح نسبته هي النسبة الموافقة للذهب ، فنحصل على الذهب .
ويقول جابر : إن عمل الكيميائي في تحويل المعادن ، هو نفس عمل الطبيعة في تكوين الخليط ، إلا أن الطبيعة تستغرق مدة طويلة في تكوين ما كونته من ذهب وغيره من المعادن ، في حين أن الكيميائي يستطيع بتجاربه أن يحصل على هذه المعادن في زمن صغير .
الإكسير العجيب :
وكان يشترط جابر وجود مادة وسيطة لا بدّ منها لتحويل المعادن الخسيسة الى ذهب سمّاها (الإكسير) ، وهي مادة تشبه الوسيط الكيميائي (Catalyst) يكفي أن توجد في المزيج بنسبة زهيدة حتى تقوم بهذا التحوّل العجيب .
هذا وإن " علم الصنعة " هو في الأصل من تراث الإمام علي (عليه السلام) ، لما روي عنه أنه تكلم فيه ، وأوجه في بيتين من الشعر ، هما :
خُذ الفرّار والطلقا وشيئاً يشبه البرقا
فإن أحسنتَ مزجهما ملكتَ الغرب والشرقا
فأما (الفرّار) فهو الزئبق ، وأما (الطلق) فهو النشادر ، وأما (الإكسير) فهو الكبريت الأحمر ، وهو الذي يشبه البرق .
وفي اعتقادي ان مقصود جابر من تحويل المعادن الخسيسة الى ذهب ، وهو ما سمّي بعلم الصنعة ، ليس هو الحصول على الذهب الحقيقي ، فهذا لا يمكن أن يحدث إلا بتفاعلات ذرية شاقة تطرأ على جوهر المادة ، وإنما مقصوده الحصول على سبيكة شبيهة جداً بالذهب ، من حيث خواصها الفيزيائية والكيميائية ، مثل لونها وبريقها وملمسها وعدم الصدأ والتأثير بالعوامل المختلفة . ومن أهم خصائص هذه السبيكة أن تكون متجانسة في كل أجزائها ، واذا صهرناها أن تحافظ على تجانسها ، دون أن تنفصل مركباتها عن بعضها ، وفي رأي جابر أن الذي يقوم بهذه المهمة الهامة هو الإكسير العجيب ، الذي له خاصة نفوذ كبيرة ، وتكون نسبته في السبيكة زهيدة ، مثلاً واحد من مائة ألف من الغرام ، وهو الكبريت الأحمر النادر والوجود .
وكان تحته كنزْ لهما :
يذكّرنا هذا البحث بقصة سيدنا الخضر (عليه السلام) مع موسى (عليه السلام) . فعندما صاحب موسى الخضر (عليه السلام) ليتعلم منه ، رأى من أعماله العجيبة ما دفعه الى انتقاده . وعندما جاءا الى قرية وطلبوا من أهلها الطعام والمأوى فأبوا أن يضيفوهما ، وجد الخضر (عليه السلام) جداراً مهلهلاً يكاد أن ينهدم ، فطلب من موسى (عليه السلام) أن يساعده في إصلاح الجدار وتطيينه . فعجب موسى (عليه السلام) من أمر الخضر ، كيف يقابل الناس بالخير ، وهم لا يريدون له الخير . فقال الخضر (عليه السلام) وبما أوتي من علم لدنيّ : إن تحت هذا الجدار كنز قد خبّأه والدٌ صالح قبل موته لولديه الصغيرين ، فأنا أحافظ عليه ، حتى إذا كبر الغلامان استخرجاه واستفادا منه .
ولقد أوردنا سابقاً أن لكل آية في القرآن ظاهراً وباطناً . وظاهر هذه الآية أن تحت الجدار (كنزاً) بمعنى قطعاً ذهبية ، ولكن أهل الصنعة يرون في هذه الكلمة (كنز) معنى أعمق من مدلولها الظاهري ، فهي تعطي في حروفها رموز علم الصنعة . فالكاف للكبريت ، والنون للنشادر ، الزاي للزئبق . ومنها يمكن صنع الذهب الذي هو كنز عظيم .
فيروى في تفسير هذه الآية أنه كان تحت الجدار لوح من ذهب مكتوب فيه علم ، يمكن به صنع المعادن الثمينة من المعادن الرخيصة ، وهذا العلم هو (الكنز) ، والله أعلم .
|
|
للعاملين في الليل.. حيلة صحية تجنبكم خطر هذا النوع من العمل
|
|
|
|
|
"ناسا" تحتفي برائد الفضاء السوفياتي يوري غاغارين
|
|
|
|
|
نحو شراكة وطنية متكاملة.. الأمين العام للعتبة الحسينية يبحث مع وكيل وزارة الخارجية آفاق التعاون المؤسسي
|
|
|