أقرأ أيضاً
التاريخ: 4-3-2019
2210
التاريخ: 28-1-2019
2659
التاريخ: 14-10-2015
13096
التاريخ: 10-4-2016
3306
|
استرد معاوية قواه واحكم أمره بعد الانهيار الذي أصابه وقد أوفد الى الامام رسله يستجزه الوفاء بالتحكيم ويطلب منه المبادرة باجتماع الحكمين وانما بادر لذلك لعلمه بالفتن والخطوب التي منى بها الجيش العراقي حتى تفرق الى طوائف وأحزاب يضاف الى ذلك علمه بانحراف ابي موسى الأشعري عن الامام وقد أراد أن يحوز بذلك الى نصره نصرا وقد اجابه الامام (عليها السلام) الى ذلك وانفذ اربع مائة رجل عليهم شريح بن هانى الحارثي ومعهم عبد الله بن عباس يصلى بهم ويلي أمورهم : ومن بينهم ابو موسى الأشعري المنتخب للتحكيم وكذلك فعل معاوية فأشخص عمرو بن العاص ومعه اربع مائة شخص وزوده بدراسة وافية عن نفسية الخامل أبي موسى قائلا : إنك قد رميت برجل طويل اللسان قصير الرأي فلا ترمه بعقلك كله , وسارت الكتائب فانتهت الى أذرح أو دومة الجندل فكان هناك الاجتماع والتحكيم واجتمع الماكر المخادع عمرو بن العاص بضعيف العقل الخامل ابي موسى فأمهله ثلاثة ايام وافرد له مكانا خاصا به وجعل يقدم له ما لذّ من الطعام والشراب ولم يفتح معه الحديث حتى استبطنه وارشاه ولما علم بأنه قد هيمن عليه وصار زمامه بيده أخذ يحدثه بانخفاض ولين مبديا له الاكبار والتقديس والتعظيم قائلا له : يا أبا موسى انك شيخ اصحاب محمد (صلى الله عليه واله) وذو فضلها وذو سابقتها وقد ترى ما وقعت فيه هذه الامة من الفتنة العمياء التي لا بقاء معها فهل لك ان تكون ميمون هذه الأمة فيحقن الله بك دماءها فانه يقول : في نفس واحدة. ومن احياها فكأنما احيا الناس جميعا فكيف بمن احيا انفس هذا الخلق كله .
ومتى كان ابو موسى شيخ صحابة النبي ومن ذوي الفضائل والسوابق في الاسلام ؟!! وقد لعبت هذه الكلمات في نفسه فطفق يسأل عن الكيفية التي يحسم بها النزاع قائلا : كيف ذلك؟
قال : تخلع أنت على بن ابي طالب واخلع انا معاوية بن ابي سفيان ونختار لهذه الامة رجلا لم يحضر في شيء من الفتنة ولم يغمس يده فيها , فبادره ابو موسى عن الشخص الذي يرشح لكرسي الخلافة قائلا : ومن يكون ذلك؟
وكان عمرو قد فهم ميول ابي موسى واتجاهه نحو عبد الله بن عمر فقال له : انه عبد الله بن عمر ؛ واسترّ الاشعري بذلك أى سرور واندفع إليه يطلب منه المواثيق على وفائه بما قال قائلا له : كيف لى بالوثيقة منك؟
قال : يا أبا موسى .. الا بذكر الله تطمئن القلوب خذ من العهود والمواثيق حتى ترضى ؛ ثم انبرى يكيل له العهود والمواثيق والايمان المغلظة حتى لم يبق يمين او شيء مقدس إلا واقسم به على الوفاء والالتزام بما قال وبقى الشيخ الكبير السن الصغير العقل مبهورا بهذه اللباقة التي ابداها ابن العاص فأجابه بالرضا والقبول واذيع بين المجتمع اتّفاقهما والوقت الذي يكون فيه الاجتماع , وأقبلت الساعة الرهيبة التي تغير فيها مجرى التأريخ فاجتمعت الجماهير لتأخذ النتيجة الحاسمة من هذا التحكيم المنتظر بفارغ الصبر فأقبل الخاتل ابن العاص مع أبي موسى المخدوع الى منصة الخطابة ليعلنا للجماهير الصورة التي اتّفقا عليها فالتفت ابن العاص الى أبي موسى قائلا : قم فاخطب الناس يا أبا موسى.
قال : قم أنت فاخطبهم.
قال : سبحان الله أنا اتقدمك وأنت شيخ أصحاب رسول الله والله لا فعلت ذلك أبدا.
قال : أفي نفسك شيء؟
فزاده أيمانا مغلظة على الالتزام بالعهد الذي أعطاه له وعرف ابن عباس هذه المخادعة من ابن العاص وتجلت له الحيلة التي يرومها هذا الماكر فالتفت الى الأشعري قائلا : ويحك والله إني لأظنه قد خدعك إن كنتما قد اتفقتما على أمر فقدمه فليتكلم بذلك الأمر قبلك ثم تكلم أنت بعده فان عمرو رجل غادر ولا آمن من أن يكون قد اعطاك الرضا فيما بينك وبينه فاذا قمت فى الناس خالفك .
فلم يلتفت الصعلوك الى كلام ابن عباس وراح يشتد كأنه الحمار نحو منصة الخطابة فلما استوى عليها حمد الله واثنى عليه وصلى على النبي الكريم ثم قال : أيها الناس إنا قد نظرنا في أمرنا فرأينا أقرب ما يحضرنا من الأمن والصلاح ولم الشعث وحقن الدماء وجمع الالفة خلعنا عليا ومعاوية وقد خلعت عليا كما خلعت عمامتي هذه وأهوى الى عمامته فخلعها واستخلفنا رجلا قد صحب رسول الله (صلى الله عليه واله) بنفسه وصحب أبوه النبي (صلى الله عليه واله) فبرز في سابقته وهو عبد الله بن عمر , وأخذ يثنى عليه بالثناء العاطر ويخلع عليه النعوت الحسنة والأوصاف الشريفة , وقد عدل الاشعري عن انتخاب الامام أمير المؤمنين وهو نفس النبيّ وباب مدينة علمه فرشح عبد الله بن عمر وهو لا يحسن طلاق زوجته على حد تعبير أبيه أف للزمان وتعسا للدهر أن يتحكم فى المسلمين ويفرض رأيه عليهم مثل هذا الصعلوك النذل وعلى اي حال فقد انبرى ابن العاص فحمد الله واثنى عليه وصلى على النبي (صلى الله عليه واله) ثم قال : أيها الناس إن أبا موسى عبد الله بن قيس خلع عليا واخرجه من هذا الأمر الذي يطلب وهو اعلم به ألا وإني خلعت عليا معه وأثبت معاوية علىّ وعليكم وإن أبا موسى قد كتب فى الصحيفة إن عثمان قد قتل مظلوما شهيدا وإن لوليه أن يطلب بدمه حيث كان وقد صحب معاوية رسول الله (صلى الله عليه واله) بنفسه وصحب أبوه النبي وأخذ يفيض عليه بالثناء والمديح ثم قال : هو الخليفة علينا وله طاعتنا وبيعتنا على الطلب بدم عثمان.
وانطلق الخامل المخدوع أبو موسى الى ابن العاص قائلا : ما لك؟ عليك لعنة الله! ما أنت إلا كمثل الكلب تلهث , فزجره ابن العاص بعد أن جعله جسرا فعبر عليه قائلا له : لكنك مثل الحمار يحمل اسفارا .
نعم هما كلب وحمار وقد احسن كل منهما فى وصف صاحبه وانطلق أبو موسى الى مكة يصحب معه الخزي والعار بعد ما أحدث هذه الفتنة العمياء والفتق الذي لا يرتق وترك إمام الحق يئن من جراء حكمه المهزول وقد سجل للعراقيين بتحكيمه عارا وخزيا لا ينساه التأريخ وقد اكثر الشعراء فى الهجاء المقذع لهم فمن ذلك ما قاله أيمن بن خريم الأسدي :
لو كان للقوم رأي يعصمون به من الضلال رموكم بابن عباس
لله در أبيه أيما رجل ما مثله لفصال الخطب فى الناس
لكن رموكم بشيخ من ذوي يمن لم يدر ما ضرب اخماس لأسداس
لقد سجل العراقيون فى تأريخهم صفحات من الخزي بانتخابهم لأبي موسى الخامل الرأي الضعيف العقل الذي لم يمتع به النظر ولا بأصالة في التفكير فكيف ينتخبونه ليقرر مصيرهم ومصير الاجيال اللاحقة؟ .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|