أقرأ أيضاً
التاريخ: 6-4-2016
3010
التاريخ: 5-03-2015
3570
التاريخ: 5-03-2015
3140
التاريخ: 6-4-2016
3052
|
قرّر معاوية السفر إلى يثرب التي هي محطّ أنظار المسلمين وفيها أبناء الصحابة الذين يُمثّلون الجبهة المعارضة للبيعة ؛ فقد كانوا لا يرون يزيداً نِدّاً لهم وإنّ أخذ البيعة له خروجٌ على إرادة الأُمّة وانحراف عن الشريعة الإسلاميّة التي لا تُبيح ليزيد أنْ يتولّى شؤون المسلمين ؛ لما عُرِفَ به مِن الاستهتار وتفسّخ الأخلاق , وسافر معاوية إلى يثرب في زيارة رسمية وتحمّل أعباء السفر لتحويل الخلافة الإسلاميّة إلى مُلْكٍ عضوض لا ظل فيه للحقّ والعدل , وفور وصول معاوية إلى يثرب أمر بإحضار عبد الله بن عباس وعبد الله بن جعفر وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن عمر وعقد معهم اجتماعاً مغلقاً ولمْ يُحضر معهم الحسن والحسين (عليهما السّلام) ؛ لأنّه قد عاهد الحسن (عليه السّلام) أنْ تكون الخلافة له مِنْ بعده فكيف يجتمع به؟ وماذا يقول له؟ وقد أمر حاجبه أنْ لا يسمح لأي أحدٍ بالدخول عليه حتّى ينتهي حديثه معهم.
ابتدأ معاوية الحديث بحمد الله والثناء عليه وصلّى على نبيّه ثمّ قال : أمّا بعد فقد كبر سنّي ووهن عظمي وقرب أجلي وأوشكت أنْ اُدعى فأُجيب وقد رأيت أنْ استخلف بعدي يزيد ورأيته لكم رضا , وأنتم عبادلة قريش وخيارهم وأبناء خيارهم ولمْ يمنعني أنْ أُحضِرَ حسناً وحُسيناً إلاّ أنّهما أولاد أبيهما علي على حُسنِ رأي فيهما وشدّة محبّتي لهما فردّوا على أمير المؤمنين خيراً رحمكم الله , ولم يستعمل معهم الشدّة والإرهاب ؛ استجلاباً لعواطفهم ولمْ يخفَ عليهم ذلك فانبروا جميعاً إلى الإنكار عليه ؛ وأوّل مَنْ كلّمه عبد الله بن عباس فقال بعد حمد الله والثناء عليه : أمّا بعد فإنّك قد تكلّمت فأنصتنا وقلت فسمعنا وإنّ الله جلّ ثناؤه وتقدّست أسماؤه اختار محمّداً (صلّى الله عليه وآله) لرسالته واختاره لوحيه وشرّفه على خلقه فأشرف الناس مَنْ تشرّف به وأولاهم بالأمر أخصّهم به وإنّما على الأُمّة التسليم لنبيّها إذا اختاره الله له ؛ فإنّه إنّما اختار محمّداً (صلّى الله عليه وآله) بعلمه وهو العليم الخبير واستغفر الله لي ولكم.
كانت دعوة ابن عباس صريحةً في إرجاع الخلافة لأهل البيت (عليهم السّلام) الذين هم ألصق الناس برسول الله (صلّى الله عليه وآله) وأمسّهم به رحماً ؛ فإنّ الخلافة إنّما هي امتداد لمركز رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فأهل بيته أحقّ بمقامه وأولى بمكانته.
انبرى عبد الله بن جعفر فقال بعد حمد الله والثناء عليه : أمّا بعد فإنّ هذه الخلافة إنْ أُخذ فيها بالقرآن فأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله وإنْ أُخذ فيها بسنّة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فأولوا رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وإنْ أُخذ فيها بسنّة الشيخين أبي بكر وعمر فأي الناس أفضل وأكمل وأحق بهذا الأمر مِنْ آل الرسول (صلّى الله عليه وآله)؟ وأيمُ الله لو ولّوها بعد نبيّهم لوضعوا الأمر موضعه ؛ لحقّه وصدقه ولأُطيع الرحمن وعُصي الشيطان وما اختلف في الأُمّة سيفان فاتقِ الله يا معاوية فإنّك قد صرت راعياً ونحن رعيّة فانظر لرعيتك فإنّك مسؤول عنها غداً ، وأمّا ما ذكرت مِن ابنَي عمّي وتركك أنْ تحضرهم فوالله ما أصبت الحقّ ولا يجوز ذلك إلاّ بهما وإنّك لتعلم أنّهما معدن العلم والكرم فقل أو دع واستغفر الله لي ولكم.
وحفل هذا الخطاب بالدعوة إلى الحقّ والإخلاص للأُمّة فقد رشّح أهل البيت (عليهم السّلام) للخلافة وقيادة الأُمّة وحذّره مِنْ صرفها عنهم كما فعل غيره مِن الخلفاء فكان مِنْ جرّاء ذلك أنْ مُنِيَتِ الأُمّة بالأزمات والنّكسات وعانت أعنف المشاكل وأقسى الحوادث.
وانطلق عبد الله بن الزبير للخطابة فحمد الله وأثنى عليه وقال : أمّا بعد فإنّ هذه الخلافة لقريش خاصة نتناولها بمآثرها السنيّة وأفعالها المرضيّة مع شرف الآباء وكرم الأبناء فاتّقِ الله يا معاوية وأنصف نفسك ؛ فإنّ هذا عبد الله بن عباس ابن عمّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وهذا عبد الله بن جعفر ذي الجناحين ابن عمّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وأنا عبد الله بن الزبير ابن عمّة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وعلي خلّف حسناً وحُسيناً وأنت تعلم مَنْ هما وما هما؟ فاتّقِ الله يا معاوية وأنت الحاكم بيننا وبين نفسك , وقد رشح ابن الزبير هؤلاء النفر للخلافة وقد حفّزهم بذلك لمعارضة معاوية وإفساد مهمّته.
واندفع عبد الله بن عمر فقال بعد حمد الله والصلاة على نبيّه : أمّا بعد فإنّ هذه الخلافة ليست بهرقليّة ولا قيصريّة ولا كسرويّة يتوارثها الأبناء عن الآباء ولو كان كذلك كنت القائم بها بعد أبي فوالله ما أدخلني مع الستّة مِنْ أصحاب الشورى إلاّ على أنّ الخلافة ليست شرطاً مشروطاً وإنّما هي في قريش خاصة لمَنْ كان لها أهلاً ؛ ممّن ارتضاه المسلمون لأنفسهم ممّن كان أتقى وأرضى فإنْ كنت تريد الفتيان مِنْ قريش فلعمري أنّ يزيد مِنْ فتيانها واعلم أنّه لا يُغني عنك مِن الله شيئاً.
ولمْ تعبّر كلمات العبادلة عن شعورهم الفردي وإنّما عبّرت تعبيراً صادقاً عن رأي الأغلبية السّاحقة مِن المسلمين الذين كرهوا خلافة يزيد ولمْ يرضوا به.
ثقلَ على معاوية كلامهم ولمْ يجد ثغرة ينفذ منها للحصول على رضاهم فراح يشيد بابنه فقال : قد قلت وقلتم وإنّه قد ذهبت الآباء وبقيت الأبناء فابني أحبّ إليّ مِن أبنائهم مع أنّ ابني إنْ قاولتموه وجد مقالاً وإنّما كان هذا الأمر لبني عبد مناف ؛ لأنّهم أهل رسول الله فلمّا مضى رسول الله ولّى الناس أبا بكر وعمر مِنْ غير معدن المُلْك والخلافة غير أنّهما سارا بسيرةٍ جميلةٍ ثمّ رجع المُلْك إلى بني عبد مناف فلا يزال فيهم إلى يوم القيامة وقد أخرجك الله يابن الزبير وأنت يابن عمر منه فأمّا ابنا عمّي هذان فليسا بخارجين مِن الرأي إنْ شاء الله .
وانتهى اجتماع معاوية بالعبادلة وقد أخفق فيه إخفاقاً ذريعاً ؛ فقد استبان له أنّ القوم مصمّمون على رفض بيعة يزيد , وعلى إثر ذلك غادر يثرب ولمْ تذكر المصادر التي بأيدينا اجتماعه بسبطي رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فقد أهملت ذلك وأكبر الظن أنّه لمْ يجتمع بهما.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|