أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-7-2022
3892
التاريخ: 2024-02-26
1013
التاريخ: 1-4-2016
28677
التاريخ: 2023-09-05
2205
|
...... فنستطيع ان نؤكد ان وسيلة امتحانات التسابق في الالتحاق بالوظائف العامة ، هي اقدر الوسائل على تحقيق المساواة بين المتقدمين لشغل الوظائف العامة . إذ إنها تعتمد على أسس موضوعية إذا توافرت في المرشح كان أحق من غيره في توليه هذه الوظيفة بغض النظر عن الفئة الاجتماعية التي ينتمي إليها . أي ان أساس التعيين في هذه الحالة يعتمد على الكفاءة والأفضلية والتي تعقد لاكثر المرشحين كفاءة وأكثرهم استعداداً لتحمل مسؤوليات وواجبات الوظيفة التي يراد توليها وفي ذلك ما يحقق العدالة ويعمل على تأكيد مبدأ المساواة ويحمي القيم الإنسانية من النزوات والأهواء التي قد تجد مرتعاً خصباً إذا ما أطلق العنان للجهة الإدارية بأن تتصرف بما تشاء وكيف ما تشاء ،والنتيجة الطبيعية المترتبة على ذلك ، ان كل شخص يحس بأنه يقف على قدميه حيث لم يقم أحد بشده إلى الوظيفة وإنما وصل إليها بكفاءته . وهذا يدل على مدى ديمقراطية وعدالة هذا الأسلوب على اعتبار ان قواعده تسري على جميع الأفراد والإجراءات تطبق على الجميع بقدر واحد (1). وهذا الأسلوب يحمي المجتمع من جرائم الرشوة والمحسوبية والوساطة في مجال الوظيفة . ويربي المواطن نفسه على الاعتماد على النفس وان لا مكان لفاشل وخامل في المجتمع . مما يدفع بالمواطن إلى بذل كل جهده وإظهار مواهبه وقدراته على تحمل أعباء الوظيفة ومسؤولياتها . وبالتالي توفر الوظيفة للفرد حياة رغيدة ومركزاً اجتماعياً وبهذا تختفي ظاهرة اقتصار تولي بعض الوظائف على بعض الفئات الاجتماعية التي لم يكن لها من الحوافز ما يدفعها إلى خدمة المواطنين سوى الاستفادة من الوظيفة . كما يؤدي هذا الأسلوب في اختيار الموظفين إلى ضمان زيادة الإنتاج في المجال الوظيفي عن طريق تحليل الوظيفة ويمكن معرفة ما تقتضيه من عناصر ضرورية ولازمة لمباشرة مهامها ومسؤولياتها ، فعن طريق هذا التحليل يوضع امتحان التسابق ومن يجتاز الامتحان يكون أولى من غيره في تولي الوظيفة . على عكس ما ردده الفقيه جريجوار العالم الفرنسي عندما قال ان امتحان التسابق يؤدي إلى محاباة الدارسين والمجدين الذين لا يكونون بالضرورة موظفين كفوئين (2).بتحقيق دورها الكبير في تحقيق المساواة بين المتقدمين . فهذه الامتحانات وما ستسفر عنه من ترتيب للناجحين فيها قائم على أسس وعناصر للمقارنة بين المتقدمين مباشرة في دراسة إمكاناتهم وقدراتهم سواء الطبيعية أو المكتسبة ستكون محققة للمساواة الفعلية بمفهومها الذي انتهينا إليه في الفصل الأول ، لأنها ستعمل على تحقيق تكافؤ الفرص بين جميع المتقدمين ولانهم في مركز قانوني واحد ومعاملة قانونية واحدة مجردة . وهذه هي المساواة الحقيقية التي ينبغي ان تكون هدفاً تسعى الدول والتنظيمات القانونية المختلفة إلى تحقيقه ، لان المساواة هي ذات المسابقة وروحها إذا تصورنا ان للمسابقة وجهين الأول هو المساواة والآخر الجدارة والكفاءة . تلك هي المحاسن في نظام المسابقات باعتبارها أحدى الطرق العادية في تولية الوظائف العامة في الدولة . ولكن على الرغم من هذه المحاسن فقد وجه لهذه الطريقة أو الأسلوب في انتقاء الموظفين عدة انتقادات ولكن لا نرى أنها تحط من أهمية هذا الأسلوب في تولي الوظائف العامة. فسبق ان رأينا ان البعض قال عن هذه الطريقة أو الأسلوب أنها تحابي الدارسين والمجدين الذين قد لا يكونوا موظفين أكفاء بالضرورة(3). ولكن يمكن تفادي هذا الانتقاد الموجه إلى هذا الأسلوب في انتقاء الموظفين بان يكون مع الامتحانات التحريرية إجراء الاختبارات الشخصية التي ستكشف عن العناصر الذاتية بفروقاتها الظاهرة والعناصر الموضوعية التي ستتبين للجنة في أثناء مقابلتها للمرشح واشتراك بعض الأختصاصيين النفسانيين في عملية وضع وطرح الأسئلة على المتقدم للوظيفة. ولكن هذا القول يمكن ان يكون فيه بعض من الصحة ، فيما لو كان اختيار أعضاء الهيئة المركزية المكلفة بإجراء الامتحانات قد تم بصورة سيئة وأهمل الأخذ بأكفأ وافضل العناصر المشهود لها بالكفاءة والحياد والموضوعية. ونقول انه إذا لم يكن هناك هيئة مركزية متخصصة مثلما كان يوجد عندنا في العراق عندما كان مجلس الخدمة العامة المسؤول عن انتقاء الموظفين وإجراء الاختبارات فانه يمكن ان تكون هناك لجان عرضية وقتية إذا لم يكن من المستطاع تحقيق العدالة والموضوعية والنزاهة التامة في أعضاء الهيئة المركزية الدائمة . نكرر القول انه يمكن الأخذ بأسلوب اللجان العرضية المؤقتة وهو ما معمول به عندنا في العراق من اختصاص كل وزارة في اختيار وتكوين لجنة من المحكمين لكل مسابقة أو اختبار ، فيكون أعضاء اللجنة هذه مثلاً لهذا العام هي غيرها في العام القادم . ولمزيد من العدالة والنزاهة نفضل اختيار أعضاء هذه اللجنة وتسميتها من خلال القرعة. ولكن يجب ان يكون رائد وغاية عمل هذه اللجنة تحقيق المصلحة العامة ،إعمالاً لمبدأ المساواة بين المواطنين في تولي الوظائف العامة. وكذلك قيل بان امتحانات التسابق ليس لها ضرورة في الدول الاشتراكية التي تلتزم بتعيين كل الخريجين لديها أو إيجاد عمل لهم. ولكن نقول انه حتى في ظل النظم الاشتراكية التي تكون ملزمة بموجب دستورها بتوفير العمل المناسب لكل فرد من مواطنيها . وان كانت ملتزمة بذلك إلا ان أسلوب المسابقات لا يمكن التخلي عنه لغرض الحصول على أكفأ وافضل العناصر التي ستتولى على عاتقها حمل مسؤولية وأعباء الوظيفة وتحقيق المساواة الحقيقية بين الأفراد كل حسب كفاءته وموهبته وجهده . فالناس منذ خلقوا أصلا لم يكونوا متساوين في الطبيعة . لكي تتحاشى الدولة التوزيع العشوائي لخريجين يكونون غير قادرين على تحمل أعباء الوظيفة مثلما كان عندنا في العراق عندما كانت تتولى الدولة الى وقت قريب مهمة توزيع الحزبيين على وزارات الدولة ودوائرها عن طريق التأهيل العلمي وما صاحب ذلك من آثار سيئة برزت من خلال البطالة المقنعة التي أتخمت فيها دوائر الدولة ، وبالتالي اثر في فعالية الجهاز الإداري في الدولة وتنبه السلطة آنذاك وتحول التزامها بهذا الشأن . فبعد ان استعرضنا أحكام وأنظمة امتحانات التسابق في تاريخ كل من العراق ومصر وفرنسا وأنكلترا والولايات المتحدة الامريكية نستطيع ان نجري المقارنة الآتية:
ان كلاً من فرنسا ومصر والعراق وبقية الدول اخذوا بطريقة الاختيار عن طريق التسابق وذلك بأنه لم يخصص هيئة مركزية تتولى إجراء الاختبارات بل ترك هذا الاختصاص للوزارات والمصالح والمؤسسات كل فيما يخصه وبمعرفة لجنة تشكلت لهذا الغرض. ولكن عندما تمَعّنا في النظام الفرنسي ، عندما نظم المشرع الفرنسي أسلوب المسابقات بطريقة واضحة ومحددة المعالم ، وكيف انه حدد دور كل من الإدارة أو الجهات الإدارية التي ترغب في التعيين في وظائفها الخالية بهذا الأسلوب ودور اللجان القائمة بعمل المسابقات وتنفيذها وترتيب نتائجها ورغم ان هذه اللجان تابعة أصلاً للجهات الإدارية . إلا انه ثمة فاصل وحدود بين اختصاصاتها وسلطتها وبين ما للإدارة في هذا الصدد بحيث لا تستطيع الإدارة التعدي عليها أو النيل من سلطاتها واختصاصاتها . إذ تتمكن هذه اللجان التابعة أصلاً للإدارة من أداء دورها في حياد واستقلالية ، وحرصاً على تحقيق المساواة الحقيقية بين المتقدمين للمسابقات وكيف يؤدي البرلمان الفرنسي دوره في عملية تعيين بعض الموظفين استثناء من عملية إجراء الاختبار أو المسابقة لتولي الوظيفة بينما في العراق ومصر فتكون مهمة عمل اللجان الامتحانية خاصة بكل وزارة أو هيئة. ولاحظنا كيف انه أناط مهمة عمل اللجان بكل وزارة في كل من العراق ومصر. ولكن نقول انه بدلاً من ان تتطور هذه الأساليب في انتقاء الموظفين وإعمالاً لمبدأ المساواة بين المواطنين في تولي الوظائف العامة نجد ان الوضع عندنا في العراق وهذا نابع من درجة الوعي بأهمية هذا الأسلوب في تأكيده لمبدأ العدالة والمساواة بين المواطنين وتحقيقاً للمبدأ الديمقراطي. ولكن مع الأسف نرى قلة الاهتمام بهذه الاختبارات وإذا أقيمت فهي تحمل صفة شكلية ، تهمل بعملها هذا المصلحة العامة . فترك الأمر كله عندنا بيد الإدارة . أليس هو ذات الأمر الذي أدى بالإدارة ذاتها في الماضي إلى العجز والقصور والفوضى. وما أشبه اليوم بالأمس القريب والبعيد . فإذا أردنا الخير والصلاح للوظيفة العامة عندنا في العراق فلابد من تنظيم امتحانات التسابق بشكل يشمل غالبية الوظائف العامة ، وان يعهد بذلك إلى هيئة مستقلة على غرار مجلس الخدمة العامة ان أمكن ، أو على الأقل للجان تكفل في تشكيلها الحياد والموضوعية والاستقلال عن الإدارة . ولا نحبذ مطلقاً ان يعهد بعملية الاختبارات وتقييمها للإدارة ذاتها . كما هو اليوم عندنا في العراق وكأننا قد عدنا إلى الماضي وما ترتب عليه من مآسٍ وفوضى بالجهاز الإداري ، وإهدار لحق المواطنين في تولي الوظائف العامة في الدولة وعلى أساس من المساواة. وكلما كنا نطمح إلى الخلاص من سيئات الماضي الإداري في محاباته وانتشار الرشوة فيه وتضارب المصالح والانحراف من دون رقيب من جهة قضائية مختصة تكفل حماية هذا المبدأ الدستوري ألا وهو مبدأ المساواة بين المواطنين في تولي الوظائف العامة. نأمل من المشرع العراقي ان يأخذ من تجارب الشعوب المتقدمة وصياغتها بأسلوب علمي عراقي وتوظيفه بالوجهة الصحيحة التي تكفل تحقيق المساواة بين المواطنين في تولي الوظائف العامة وتحقيق العدالة دون النظر إلى الجنس أو اللغة أو الدين أو الأصل أو المنشأ الاجتماعي أو أي شيء يعمل على التفرقة بين فرد وآخر أو فكر سياسي أو عقيدة . للوصول إلى الغاية المبتغاة إلا وهي إعمال مبدأ المساواة بين المواطنين وتحقيق المصلحة العامة وتكون هذه قناعة الهيئة المركزية المختصة بإجراء امتحانات التسابق أو اللجان التي تتولى هذا العمل بدلاً من مجالس الخدمة أو تلك الهيئات المركزية لاتصاف نظام المسابقات في اختيار الموظفين باحترامه لمبدأ المساواة والجدارة في تولي الوظائف العامة ولإتاحة الفرص العادلة والمتكافئة أمام الأفراد لشغل الوظائف العامة دون تمييز بينهم لأسباب غير دستورية تستند إلى الانتماءات الطائفية أو اللغوية أو العرقية أو بسبب العقائد الدينية أو اعتناق لأفكار وتبني آراء سياسية أو أي شيء آخر يحول دون الاحتكام إلى الاعتبارات الشخصية ومبادئ المجاملات الاجتماعية عند إسناد الوظائف الإدارية. وعلى هذا نود ان نؤكد تأييد موقف المشرع العراقي في الأخذ بأسلوب نظام المسابقات كطريقة للتعيين في الوظائف العامة باعتبارها الطريقة الرئيسية في الاختيار الشائعة في معظم دول العالم ، ولخضوعها لرقابة الرأي العام للتحقق من اختيار اكفأ العناصر لشغل الوظائف العامة . ونجعل من رقابة القضاء أداة فعالة لتحقيق مبدأ المساواة بين المرشحين لتولي الوظائف العامة. وبالتالي الحصول على أكفأ وافضل العناصر لجهاز الإدارة الحكومي ، تكون فيه الكفاءة والجدارة أساس الصفات المطلوبة في المرشح لتولي الوظيفة.
____________________
1-Leonard. D.white: Introduction to the study of publique administration. Fourth edition.1954 . p. 342
-Olivier cherrillon: classification in French administration 23 February 1966 . p.15 . Cairo
2-Roeger Gregoire in collabora with S.R , Gregoire national administration and international organization edition . 1952 .p60-63
وبنفس المعنى يراجع د. الدماصي/ تولية الوظائف العامة / مصدر سابق ، ص473
3- جريجوار / مصدر سابق ، ص195
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|