الموظف العام والانتماء إلى الأحزاب السياسية واعتناق الآراء السياسية |
7163
01:47 مساءاً
التاريخ: 31-3-2016
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-4-2016
16148
التاريخ: 14-6-2018
3288
التاريخ: 13-3-2018
1935
التاريخ: 2023-11-08
1310
|
تعد الأحزاب السياسية أحد المظاهر الرئيسية للحريات السياسية وذلك لان الأحزاب السياسية تقوم بدور رئيسي في توجيه الشعوب لاختيار ممثليها. فحرية تكوين الأحزاب كمبدأ دستوري تهدف الى تدعيم الديمقراطية وذلك يجعل النظام السياسي يقوم على تعدد الأحزاب ، لذلك أصبحت الأحزاب السياسية ضرورة ديمقراطية لان موافقة الشعب على الشؤون والمشروعات العامة لا يتحقق على احسن وجه إلا إذا وجدت جماعات منظمة تتولى عملية توجيه الرأي العام وتوضح له مزايا المشروع المقترح وهذه هي وظيفة الأحزاب السياسية ومن هنا قيل بأنه لا يمكن إلغاء الأحزاب السياسية دون القضاء على الديمقراطية . فلا وجود للديمقراطية بدون هذه الأحزاب(1). وقد أكدت ذلك المحكمة الدستورية في جمهورية مصر العربية وذكرت في أحد قراراتها " ان التعددية الحزبية هي السبيل الوحيد لقيام الحكم الديمقراطي في أي بلد 000 "(2). ولقد ظهرت عدة تعاريف للحزب السياسي . فمنهم من عرفه بأنه " عبارة عن تنظيم لجماعة معينة وبعض اخر ينظر إلى الحزب من خلال المبادئ والأهداف التي يبتغيها الحزب وبعض اخر ينظر إلى وظائفه وخاصة في تولي الحكم"(3). وقد عرفه اخرون بأنه " جماعة متحدة من الأفراد تعمل بمختلف الوسائل الديمقراطية للفوز بقصد تنفيذ برنامج سياسي معين"(4). وتناوله العديد من الكتاب والباحثين(5). ويمكننا القول ان الحزب " عبارة عن جماعة من الأفراد المنظمين وفق مبادئ أيديولوجية تعمل على تحقيق هدف معين ". ولكن تختلف الدول في إعطاء الحق للموظف العام للانتماء إلى الأحزاب السياسية . فهناك دول تفرض على موظفيها الانتماء إلى الحزب السياسي الحاكم . وأخرى تحظر عليه ذلك مطلقاً . وبعض الدول تقف موقفاً وسطاً من هذين الاتجاهين. هناك دول تحظر على موظفيها الانتماء إلى الأحزاب السياسية . حيث تنظر إلى الموظف العام باعتباره جزءاً من الجهاز الإداري للدولة ، يقع على عاتقه تنفيذ السياسة العامة للحكومة . فهو يشارك في تبني هذه السياسة عن طريق تنفيذ المهام الموكلة إليه ضمن نطاق وظيفته وبالتالي عليه ان يوجه كل جهوده ومشاعره نحو المرفق الذي يعمل فيه ، وقد تعتنق مناهج مناهضة للسياسة الحكومية احزاب سياسية التي يسير عليها المرفق الذي يعمل فيه الموظف العام فانه يحظر على الموظف العام ان ينتمي إلى أي حزب سياسي ، ويحظر عليه ان يبث دعايات حزبية داخل عمله ، أو ان يستخدم مكان عمله لتسهيل عقد الاجتماعات الحزبية(6). ومن هذه الدول مثلاً دولة الكويت التي ينص قانون الوظائف المدنية فيها على انه " لا يجوز للموظف العام ان ينتمي إلى حزب سياسي أو ان يشترك في أية دعاية حزبية "(7). وفي دولة قطر ينص القانون المرقم 9 لسنة 1967 الذي حدد واجبات الموظفين والأمور المحظورة عليهم ينص على " ثانياً : يمتنع على الموظف العام 000 الانتماء إلى إحدى المنظمات أو الهيئات أو الأحزاب السياسية أو ان يعمل لحسابها أو يشارك في الدعاية لها ". وفي دولة الإمارات العربية المتحدة ، أشار القانون الاتحادي في شأن الخدمة المدنية على " يحظر على الموظف ان ينتمي إلى إحدى الهيئات أو الأحزاب العاملة في مجال السياسة أو ان يعمل لحسابها أو يشارك في الدعاية أو الترويج لها "(8). وفي الجمهورية اللبنانية نص المرسوم الاشتراعي المرقم 112 لسنة 1959 الخاص بنظام الموظفين على انه يحظر على الموظف العام " 1- ان يشتغل بالأمور السياسية أو يحمل شارة حزب ما أو يلقي أو ينشر دون إذن كتابي من الرئيس المختص في وزارته خطباً أو مقالات أو تصريحات أو مؤلفات 000 "(9). وفي الجمهورية الليبية ، فقد نص قانون الخدمة المدنية المرقم 19 لسنة 1964 على انه يحظر على الموظف العام " 2- إلا ينتمي إلى حزب سياسي أو يشترك في اجتماعات أو مظاهرات حزبية أو دعاية انتخابية "(10).وكذلك الحال في بريطانيا حيث يمتنع على الموظف اتخاذ أي موقف سياسي(11). وتتبنى بعض الدول ذات الحزب السياسي الواحد أو التنظيم السياسي الوحيد فلسفة اجتماعية متكاملة ومن ثم فإنها تشترط عادة في الموظفين أو على الأقل في الدرجات العليا منهم إيماناً بالفلسفة الاجتماعية التي تعتنقها الدولة . فان واجب الموظفين يتحدد في هذه الحالة بالولاء التام وإلا تعرضوا للفصل . فلا يكفي في هذه الدول ان يكون الموظف غير معادٍ لنظام الحكم ، بل لابد ان يكون منتمياً للحزب الحاكم ويكون عضواً فيه(12). وكان إلى وقت قريب لا يسمح في العراق للعسكريين الانضمام إلى أحزاب سوى حزب البعث الحاكم آنذاك فقط(13). وفي بعض هذه الدول كان يطلب من الموظف العام أداء يمين الولاء للحزب الحاكم مثلما كان يأخذ به في إيطاليا الفاشية وألمانيا الهتلرية حيث كان يطلب هتلر من الموظفين العامين قسم الولاء والطاعة الشخصية له وبذلك أخرجهم من الحياد السياسي الذي كان يحميهم في ظل دستور فايمار لسنة 1919 الذي كان يسوي بين الموظف العام والموظف العادي في ممارسة الحريات السياسية. ولكن وفي الدول التي يوجد فيها حزب واحد أي نظام حزبي غير تنافسي فهي لا تسمح لغير هذا الحزب بالعمل السياسي وبالتالي يترتب على الموظف الانتماء إلى هذا الحزب " الواحد " ففي هذه الدولة لا يوجد ولا يسمح بالعمل سوى لهذا الحزب ، فبيده السلطة ويتمتع بجميع الامتيازات. ويعد نظام الحزب الواحد من مبتكرات القرن العشرين جاءت به الماركسية اللينية ثم النازية والفاشية وبلدان العالم الثالث . وتعرض هذا النظام إلى الانتقادات في السنوات الأخيرة من القرن العشرين بحيث صار من المتوقع اختفاؤه بعد ان هجرته غالبية كبرى من هذه الدول في العصر الحديث ولانتشار مبادئ الديمقراطية ، والمناخ السياسي الملائم لقيام هذه الأحزاب(14). واما في الدول ذات النظم الحزبية التنافسية أو ذات الأحزاب المتعددة . أي اكثر من حزب سياسي على الساحة السياسية للبلد سواء كان يسيطر عليها حزبان كبيران مع وجود أحزاب أخرى مثل إنكلترا والولايات المتحدة أو الدول المتعددة الأحزاب مثل فرنسا وتركيا وإيطاليا ، فلا تشترط الدول في تشريعاتها الوظيفية إذا كانت ذات أحزاب متعددة ان يكون الموظف العام منتمياً لفكر سياسي معين . بحيث يلتزم الموظفون بالحياد في العمل الإداري والأحزاب الأخرى لانهم يمثلون أجهزة التنفيذ لتلك الأحزاب. فكل موظف في هذه الدول مكلف بان يؤدي واجبات وظيفية بإخلاص وأمانة بغض النظر عن عقيدته الشخصية أو فكره السياسي . واما من ناحية علاقة الموظف العام بالأحزاب السياسية في هذه الدول فهي تختلف بعض الشيء في تطبيقها لمبدأ حرية الانضمام إلى الأحزاب السياسية . فبعض هذه الدول تحظر على موظفيها الانتماء إلى المنظمات الفاشية أو النازية الجديدة مثل ألمانيا. وبعضها يشترط على كل موظف يتقدم لشغل وظيفة عامة ان يقدم إقراراً بأنه لا يؤمن بالشيوعية كسويسرا والبرتغال ومنها من يحظر على الموظف العام الانتماء إلى أحزاب سياسية تعارض نظام الحكم السائد في الدولة كالولايات المتحدة الأمريكية وكندا وبلجيكا فهذه الدول تحظر على موظفيها الالتحاق بالحزب الشيوعي(15). وكذلك الحال في الاتحاد السويسري ، فهي دولة اتحادية محايدة . فقد صدر عن المجلس الاتحادي في 2 ديسمبر 1923 قرارُ يحرم فيه على المواطنين المشاركة في الحركة الشيوعية. كما صدر في 1927 عن المجلس الاتحادي قرارُ حدد فيه مهلة اسبوعين يتم خلالها عزل كل موظف ينتمي الى أي من الحركات الشيوعية . ويشترط قانون الوظيفة العامة السويسري ان يقدم اقرارا بانه لا يؤمن بالشيوعية(16). وفي هولندا صدر في 5 ابريل 1934 مرسوم حظر بموجبه على الموظفين الانتماء الى الحركات والاحزاب والجمعيات الشيوعية والتقلبية والفوضوية والفاشية والاشتراكية الوطنية. كما صدر في 17 ديسمبر سنة 1951 قرارُ من مجلس الوزراء اعتبر الانتماء الى المنظمات اليسارية سبباً في التشكك في اخلاص الموظف على نحو يبرر فصله(17). وعلى العكس من هذا فقد كان في الاتحاد السوفيتي السابق انه لا يولي الوظائف العامة إلا لأعضاء الحزب الشيوعي سابقاً. اما في ألمانيا الهتلرية فقد كان يشترط في كل مرشح للوظيفة العامة ان يكون عضواً في الحزب الوطني الاشتراكي. وان يقدم شهادة من الحزب تتضمن ولاءه للنظام السياسي القائم في بلاده . ولم يكن لهذا التنظيم صفة قانونية فقد كانت تطبقه الإدارة من تلقاء نفسها ، فلم يكن لأحد ان يعين دون تلك الشهادة(18). يشمل نشاط الموظف في الحياة العامة مجالات متعددة منها الانضمام إلى الأحزاب السياسية . ولا يعتبر الموظف في ممارسته لهذا الحق مواطناً من الدرجة الثانية ، فبصفته مواطن يتمتع بكافة الحقوق التي تكفلها دساتير الدول لمواطنيها. ولكن بصفته موظفاً يلتزم في ممارسته لهذا الحق ببعض القيود التي تقتضيها طبيعة الوظيفة التي يشغلها. ففيما يتعلق بهذه القيود التي يلتزم بها الموظف هناك اتجاهان أساسيان . الأول " ان الموظف العام يلتزم بمجرد التحاقه بخدمة الدولة ان تتوافق أعماله وأفكاره مع سياسة الحكومة فيخضع لسياستها بشكل مطلق ولا يتصرف إلا وفقاً لمقتضياتها . فصفته كمواطن تلزمه بان يكون مواطناً مخلصاً للسلطة ". ويذهب الاتجاه الثاني الى ان الدولة لا يمكنها ان تطلب من موظفيها إلا القيام بأعمال وظائفهم . وان صفته الوظيفية لا يمكن ان تفرض على الموظف أي قيد في ممارسته لحقوقه العامة كمواطن. وتأخذ الدول في غالبيتها بحل وسط بين هذين الاتجاهين (19). ولكن إذا كان الموظف العام حراً في أفكاره وآرائه والانتماء السياسي له ، مادام هذا الانتماء مشروعاً ولا يخالف النظام العام والنظام القانوني والدستوري الذي تنتهجه الدولة. إلا ان الوظيفة العامة تفرض بعض القيود على ممارسته للحقوق والحريات العامة ومن هذه القيود قيد الولاء للوطن فهو قيد على مواطني الدولة ، الموظفين وما دون ذلك . ويتمثل الولاء في الإخلاص في تنفيذ سياسة الحكومة باعتباره فرداً لهذه الحكومة ومطالباً بتنفيذ كل ما يوكل إليه من مهام بإخلاص ونزاهة. وكذلك يتمثل هذا الولاء في مساواة المنتفعين بالمرافق العامة وعدم التفرقة بينهم لأسباب ترجع إلى المعتقدات السياسية أو الدينية أو غيرها بما يخل بمبدأ المساواة بين المنتفعين بخدمات المرفق.
لقد كان الولاء ناحية الحكومة هو المعيار الأول للتعيين في الوظيفة العامة وطبق بصورة واسعة في ظل النظم الديكتاتورية التي كانت تحتم على الموظف ان تكون آراؤه وتصرفاته متطابقة تماماً مع آراء الحكومة ، كما حدث في فرنسا في ظل الحكومات الملكية وقلت حدته في العهود الجمهورية(20). لذلك يجب على الموظف احترام السياسة الحكومية وعدم المجاهرة بالعداء تجاه هذه السياسات . ذلك ان احترام سياسة الحكومة يعتبر من الولاء لها ولا يجوز التغاضي عنه. ويصل في بعض الأحيان إلى أداء الموظف قَسَماً ليؤكد هذا الولاء قبل التحاقه بالوظيفة العامة. ففي العراق يؤدي بعض شرائح الموظفين قسم الولاء مثل ضباط الجيش والشرطة والوزراء والمحافظين وكذلك الحال في مصر العربية. أما في فرنسا فلقد ظهر القسم السياسي بصدور قانون 15 إبريل 1892 ثم الغي ذلك القانون وأعيد النص على القسم في قوانين عديدة. ولم يعد له تطبيق في عالم اليوم بفرنسا(21).
______________________
1- د. سليمان الطماوي / النظم السياسية والقانون الدستوري ، دار الفكر العربي ، مصر ، 1988 ، ص258.
2- مجموعة أحكام المحكمة الدستورية العليا المصرية ، جـ 4 ، قاعدة رقم 16 في 7 مايو 1988 ، القضية رقم 44 سنة 7 ق دستورية ، ص98.
3- د. نبيلة عبد الحليم / الأحزاب السياسية في العالم المعاصر ، دار الفكر العربي ، مصر ، 1981 ، ص102.
4- د. سليمان الطماوي / السلطات الثلاث في الدساتير العربية المعاصرة وفي الفكر السياسي الإسلامي ، دار الفكر العربي ، مصر ، ص694.
5- وللمزيد حول هذا الموضوع يراجع
-د. محمد كاظم المشهداني /النظم السياسية ، كلية القانون ، جامعة الموصل ، 1991 ، ص273 وما بعدها.
-د. محمد انس قاسم جعفر / النظم السياسية ، دار النهضة العربية ، مصر ، 1999 ، ص210.
-المادة الأولى من قانون الأحزاب العراقي رقم 30 لسنة 1991.
-د.رعد البدة / التطورات الدستورية في العراق ، منشورات بيت الحكمة ، بغداد ، 2004 ، ص539.
6- د. سليمان الطماوي / القضاء الإداري – ك3 ، قضاء التأديب ، القاهرة ، دار الفكر العربي ، ص116-134.
7- المادة 4 من قانون الوظائف المدنية الكويتي المرقم 7 لسنة 1960.
8- المادة 59 من القانون الاتحادي المرقم 8 لسنة 1973 الخاص بالخدمة المدنية المعدل لسنة 1978.
9- د. سليمان الطماوي / القضاء الإداري ، ك3 ، قضاء التأديب ، دار الفكر العربي ، 1995 ، ص116-134.
10- د. علي عبد الفتاح محمد خليل / مصدر سابق ، ص175.
-11 Rger Gregoive : La fonction publique edition, 1954, p.166.
Silvera : La fonction publique et Ses problem’s ctuels, 1969.p143.
12- د. عزيزة الشريف / مبادئ علم الإدارة العامة ، دار النهضة العربية ، مصر ، 1986 ، ص72. ويراجع كذلك
د. محمود عاطف البنا / المصدر السابق ، ص180.
13- انظر قرار مجلس قيادة الثورة السابق المرقم 1357 في 10/11/1971 . حيث منع القيام بأي نشاط أو تنظيم سياسي داخل القوات المسلحة غير حزب البعث العربي الاشتراكي السابق.
14- موريس ديفورجيه / الأحزاب السياسية ، ط3 ، ترجمة علي مقلد ، دار النهار للنشر ، بيروت ، 1980 ، ص268.
15- د. علي عبد الفتاح محمد خليل / المصدر السابق ، ص178.
16- د. السيد عبدالحميد محمد عبدالقادر / ممارسة الموظف للحريات العامة في القانون الاداري والقانون الدولي ، دراسة مقارنة ، ر.د. حقوق عين شمس ، 2003 ، ص83. ود. عزيزة الشريف / مبدأ الحياد الوظيفي ، مصدر سابق ، ص68.
17- Alain Planty : Traite Pratique de la Fonction public 1963 1.1.p.87 suel.
18- د. محمد حامد الجمل / مصدر سابق ، ص640. وكذلك د. محمود عاطف البنا / مصدر سابق ، ص180
19- د. محمد حامد الجمل / مصدر سابق ، ص787.
20- د. علي عبد الفتاح محمد خليل / مصدر سابق ، ص419.
21- المصدر السابق نفسه ، ص420.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
خدمات متعددة يقدمها قسم الشؤون الخدمية للزائرين
|
|
|