المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9117 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
أنـواع اتـجاهـات المـستهـلك
2024-11-28
المحرر العلمي
2024-11-28
المحرر في الصحافة المتخصصة
2024-11-28
مـراحل تكويـن اتجاهات المـستهـلك
2024-11-28
عوامـل تكويـن اتـجاهات المـستهـلك
2024-11-28
وسـائـل قـيـاس اتـجاهـات المستهلـك
2024-11-28



وداع الحسين لعياله  
  
6544   03:58 مساءاً   التاريخ: 29-3-2016
المؤلف : باقر شريف القرشي .
الكتاب أو المصدر : حياة الامام الحسين
الجزء والصفحة : ج3, ص283-287.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام الحسين بن علي الشهيد / استشهاد الإمام الحسين (عليه السّلام) ويوم عاشوراء /

قفل الامام راجعا الى عياله ليودعهم الوداع الأخير وجراحاته تتفجر دما وقد أوصى حرم الرسالة وعقائل الوحي بلبس الأزر والاستعداد للبلاء وأمرهن بالخلود الى الصبر والتسليم لقضاء اللّه قائلا : استعدوا للبلاء واعلموا ان اللّه تعالى حاميكم وحافظكم وسينجيكم من شر الأعداء ويجعل عاقبة امركم الى خير ويعذب عدوكم بأنواع العذاب ويعوضكم عن هذه البلية بأنواع النعم والكرامة فلا تشكوا ولا تقولوا بألسنتكم ما ينقص قدركم , تزول الدول وتذهب الممالك وتفنى الحضارات وهذا الايمان الذي لا حد له أحق بالبقاء واجدر بالخلود من كل كائن في هذه الحياة أي نفس تطيق مثل هذه الكوارث وتستقبلها برباطة جأش ورضا وتسليم لأمر اللّه انه ليس هناك غير الحسين أمل الرسول الأعظم (صلى الله عليه واله) وريحانته والصورة الكاملة التي تحكيه , وذابت أسى ارواح بنات الرسول (صلى الله عليه واله) حينما رأين الامام بتلك الحالة يتعلقن به يودعنه وقد وجلت منهن القلوب واختطف الرعب الوانهن والتاع الامام حينما نظر إليهن وقد سرت الرعدة بأوصالهن يقول الامام كاشف الغطاء :

من ذا الذي يقتدر أن يصور لك الحسين (عليه السلام) وقد تلاطمت امواج البلاء حوله وصبت عليه المصائب من كل جانب وفي تلك الحال عزم على توديع العيال ومن بقي من الأطفال فاقترب من السرادق المضروب على حرائر النبوة وبنات علي والزهراء (عليه السلام) فخرجت المخدرات كسرب القطا المذعورة فاحطن به وهو سابح بدمائه فهل تستطيع أن تتصور حالهن وحال الحسين في ذلك الموقف الرهيب ولا يتفطر قلبك ولا يطيش لبك ولا تجري دمعتك.

لقد كانت محنة الامام في توديعه لعياله من أقسى وأشق ما عاناه من المحن والخطوب فقد لطمن بنات رسول اللّه (صلى الله عليه واله) وجوههن وارتفعت اصواتهن بالبكاء والعويل وهن يندبن جدهن الرسول (صلى الله عليه واله) والقين بأنفسهن عليه لوداعه وقد اثر ذلك المنظر المريع في نفس الامام بما لا يعلم بمداه الا اللّه , ونادى الرجز الخبيث عمر بن سعد بقواته المسلحة يحرضها على الهجوم على الامام قائلا : اهجموا عليه ما دام مشغولا بنفسه وحرمه فو اللّه ان فرغ لكم لا تمتاز ميمنتكم عن ميسرتكم , وحمل عليه الأخباث فجعلوا يرمونه بالسهام وتخالفت السهام بين اطناب المخيم وأصاب بعضها ازر بعض النساء فذعرن ودخلن الخيمة وخرج بقية اللّه في الأرض كالليث الغضبان على اولئك الممسوخين فجعل يحصد رؤوسهم الخبيثة بسيفه وكانت السهام تأخذه يمينا وشمالا وهو يتقيها بصدره ونحره ومن بين تلك السهام التي فتكت به:

1 ـ سهم اصاب فمه الطاهر فتفجر دمه الشريف فوضع يده تحت الجرح فلما امتلأت دما رفعه إلى السماء وجعل يخاطب اللّه تعالى قائلا : اللهم ان هذا فيك قليل .

2 ـ سهم أصاب جبهته الشريفة المشرقة بنور النبوة والامامة رماه به ابو الحتوف الجعفي فانتزعه وقد تفجر دمه الشريف فرفع يديه بالدعاء على السفكة المجرمين قائلا : اللهم انك ترى ما أنا فيه من عبادك العصاة اللهم احصهم عددا واقتلهم بددا ولا تذر على وجه الأرض منهم أحدا ولا تغفر لهم أبدا وصاح بالجيش : يا أمة السوء بئسما خلفتم محمدا في عترته أما انكم لا تقتلون رجلا بعدي فتهابون قتله بل يهون عليكم ذلك عند قتلكم اياي وأيم اللّه اني لأرجو أن يكرمني اللّه بالشهادة ثم ينتقم لي منكم من حيث لا تشعرون .

لقد كان جزاء الرسول (صلى الله عليه واله) الذي انقذهم من حياة البؤس والشقاء أن عدوا على ذريته فسفكوا دماءهم واقترفوا منهم ما تقشعر منه الجلود وتندى له الوجوه , وقد استجاب اللّه دعاء الامام فأنتقم له من اعدائه المجرمين فلم يلبثوا قليلا حتى اجتاحتهم الفتن والعواصف فقد هب الثائر العظيم المختار طالبا بدم الامام فأخذ يطاردهم ويلاحقهم وقد هربوا في البيداء وشرطة المختار تطاردهم حتى أباد الكثيرين منهم يقول الزهري لم يبق من قتلة الحسين أحد الا عوقب اما بالقتل أو العمى أو سواد الوجه او زوال الملك في مدة يسيرة .

3 ـ وهو من أعظم السهام التي فتكت بالامام , يقول المؤرخون : ان الامام وقف ليستريح بعد ما اعياه نزيف الدماء فرماه وغد بحجر أصاب جبهته الشريفة فسالت الدماء على وجهه فأخذ الثوب ليمسح الدم عن عينيه فرماه رجس بسهم محدد له ثلاث شعب فوقع على قلبه الشريف الذي يحمل العطف والحنان لجميع الناس فعند ذلك أيقن بدنو الأجل المحتوم منه فشخص ببصره نحو السماء وهو يقول : بسم اللّه وباللّه وعلى ملة رسول اللّه (صلى الله عليه واله) , الهي انك تعلم انهم يقتلون رجلا ليس على وجه الأرض ابن بنت نبي غيري ؛ وأخرج السهم من قفاه فانبعث الدم كالميزاب فأخذ يتلقاه بيديه فلما امتلأنا رمى به نحو السماء وهو يقول : هون ما نزل بي أنه بعين اللّه , وأخذ الامام من دمه الشريف فلطخ به وجهه ولحيته وهو بتلك الهيبة التي تحكى هيبة الأنبياء واندفع يقول : هكذا اكون حتى القى اللّه وجدي رسول اللّه (صلى الله عليه واله) وأنا مخصب بدمي .

4 ـ رماه الحصين بن نمير بسهم أصاب فمه الشريف فتفجر دما فجعل يتلقى الدم بيده ويرمي به نحو السماء وهو يدعو على الجناة المجرمين قائلا : اللهم احصهم عددا واقتلهم بددا ولا تذر على الأرض منهم أحدا .

وتكاثرت عليه السهام حتى صار جسده الشريف قطعة منها ؛ وقد أجهده نزيف الدماء واعياه العطش فجلس على الأرض وهو ينأ برقبته من شدة الآلام فحمل عليه وهو بتلك الحالة الرجس الخبيث مالك  ابن النسر فشتمه وعلاه بالسيف وكان عليه برنس فامتلأ دما فرمقه الامام بطرفه ودعا عليه قائلا : لا اكلت بيمينك ولا شربت وحشرك اللّه مع الظالمين , والقى البرنس واعتم على القلنسوة  فأسرع الباغي الى البرنس فأخذه وقد شلت يداه .

وكان مسلم بن رباح هو آخر من بقي من أصحاب الامام وكان معه وقد أصاب الامام سهم في وجهه الشريف فجلس على الأرض وانتزعه وقد تفجر دمه ولم تكن به طاقة فقال لابن رباح :

ادن يديك من هذا الدم , فوضع ابن رباح يديه تحت الجرح فلما امتلأنا دما قال له : اسكبه في يدي , فسكبه في يديه فرفعهما نحو السماء وجعل يخاطب اللّه تعالى قائلا : اللهم اطلب بدم ابن بنت نبيك , ورمى بدمه الشريف نحو السماء فلم تقع منه قطرة واحدة الى الأرض فيما يقول ابن رباح .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.