أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-7-2019
2441
التاريخ: 24-3-2016
4307
التاريخ: 22-3-2016
13602
التاريخ: 22-3-2016
5454
|
أساس الدفاع ومشروعيته :
ان دفاع الإنسان عن نفسه ضد ما يتهدده من الاخطار امر طبيعي توحي به الغريزة. ومن أجل ذلك اتفقت الشرائع في جميع العصور على اعتبار الدفاع سببا مانعا من العقاب، وان اختلفت في الأساس الذي يبنى عليه وفي حدوده وشروطه. والاعفاء من العقاب في الدفاع يقوم على احدى فكرتين : احداهما : ان الدفاع حق من شانه اباحة ما يرتكب فلا يوصف بانه جريمة. والثانية : انه عذر مانع من المسؤولية الجنائية لا يمحو صفة الجريمة عن الفعل وان كان يسقط المسؤولية عن الفاعل. وقد ترددت الشرائع المختلفة على مدى العصور بين الفكرتين. فمنها ما اعتبر الدفاع حقا كالقانون الروماني ومنها ما اعتبره مجرد عذر مانع من العقاب كالقانون الكنسي والقانون الفرنسي السابق للثورة الفرنسية. غير ان الفكرة الحديثة في الدفاع هي أنه حق، وهذا ما اخذ به المشرع العراقي حيث سماه بحق الدفاع الشرعي (1) على أن أساس كل من الفكرتين مختلف فيه، فاعتبار الدفاع الشرعي حقا يقوم في نظر بعض الكتاب، وخصوصا القدامى، على انه حق يقرره القانون الطبيعي، ومنهم من رده الى نظرية العقد الاجتماعي، وآخرون يعتبرون ان حق الإنسان في حماية نفسه هو الاصل وان حق الدولة في العقاب ليس الا ثانويا بالنسبة له يكمله اذا ثبت عدم كفايته ويمنع من التغالي فيه. ويرى أصحاب المذهب الواقعي ان الدفاع الشرعي حق لان دواعيه قانونية واجتماعية وان في الدفاع عن النفس دفاعا عن المجتمع. اما اعتبار الدفاع الشرعي مجرد مانع من المسؤولية فيرجعه بعض الكتاب الى فكرة تعارض المصالح وترجيح الاغلب منها. بمعنى انه اذا تعارضت مصلحتان بحيث كان الابقاء على احداهما يستلزم تضحية الأخرى فالمصلحة العامة توحي بتضحية اقلها قيمة والاعتداء بطبيعته مضعف لحق المعتدي ان لم يكن مهدرا له امام حق المعتدى عليه، وان أجل ذلك لا يسال هذا الأخير ويرجعه آخرون الى فكرة الاكراه الادبي. باعتبار ان الخطر الداهم يعدم حرية الارادة لدى من يتعرض له فتتحرك فيه غريزة المحافظة على النفس ويؤخذ عليها أنه صحيحا ان المهدد بالاعتداء يفقد حرية اختياره فإنه يحتفظ بها ويستطيع ان يتحمل الاذى ولا يدفعه بارتكاب الجريمة كما ان هذا الراي يؤدي الى نتائج لا يمكن التسليم بها وهي انه على هذا الأساس لا يجوز الدفاع الا اذا كان لدفع خطر الموت او خطر جسيم على الأقل، وانه يكون جائزا ضد كل فعل ولو كان مشروعا كما ان هذا الراي لا يصلح لتعليل الدفاع عن الغير (2). والرأي المفضل لدينا هو ما قال به أصحاب المذهب الواقعي وهو ان الدفاع الشرعي حق دواعيه قانونية واجتماعية وان في الدفاع عن النفس دفاعا عن المجتمع ذلك ان المصلحة الاجتماعية هي الأساس الذي يبرر قيام الشخص بالدفاع عن النفس والمال ضد الخطر الذي يهددهما على اعتبار ان التنازع بين مصالح المعتدى ومصالح المعتدي عليه يؤدي من الوجهة الاجتماعية الى تفصيل مصالح الأخير على مصالح الأول لان المعتدي باعتدائه قد بخس من قيمة مصالحه. ولذلك قيل ان المدافع في الواقع لا يستعمل حقا فقط وانما يمارس واجبا من واجبات العدالة (واجبا اجتماعيا)، لان من يصد اعتداء غير مشروع انما يكافح، في الحقيقة، من اجل الحق ويساهم بالنتيجة في الدفاع عن المجتمع حيث يعيد بدفاعه الحق الى نصابه. ولهذا السبب يتوافر حق الدفاع الشرعي ليس بالنسبة للمدافع فقط وانما بالنسبة للغير أيضاً (3). وقد عرف الفقه الجنائي حق الدفاع الشرعي بانه : (تولي الشخص بنفسه صد الاعتداء الحال بالقوة اللازمة لتعذر الاستعانة بالسلطة لحماية الحق المعتدى عليه). وحق الدفاع الشرعي حقا عاما (أي ليس ماليا ولا شخصيا) يقرره القانون في مواجهة الكافة ويقابله التزام الناس باحترامه. وبذلك يعيد غير مشروع كل فعل يعوق استعماله. وتحقق هذا الحق يجعل من الفعل المرتكب فعلا مباحا مشروعا لا يسأل مرتكبه عنه لا نه، وهو يقوم به، في كنف سبب من أسباب الإباحة هو الدفاع الشرعي. لقد نص قانون العقوبات العراقي على الدفاع الشرعي كسبب من أسباب الإباحة وبين احكامه في المواد من (42) الى (46) حيث تضمنت هذه المواد بيان شروط قيام حالة الدفاع الشرعي والقيود التي يتقيد بها هذا الدفاع والاثر المترتب على استعماله في حدوده القانونية وأخيراً حكم تجاوز هذه الحدود.
________________
1-انظر بهذا المعنى أيضاً قانون العقوبات الفرنسي وقانون العقوبات المصري وقانون العقوبات الليبي.
2-انظر جارسون، م328 ن2 وما بعدها – جارو ج2 ن438 – فيدال ومانيول، ج1 ن191 وما بعدها – دونديه ديفاير ن 393 وما بعدها – الدكتور محمد مصطفى القللي، المسؤولية الجنائية ص303 وما بعدها – الدكتور السعيد مصطفى السعيد، المرجع السابق ص183.
3-انظر الدكتور حميد السعدي، المرجع السابق ص334 – جندي عبدالملك ج1 84 ص517 – ويرى بعض كتاب الفقه الجنائي في الدول الاشتراكية ان مشروعية الدفاع الشرعي تبنى على أساس تغليب الصفة المشروعة فيه وذل كفي اطار الصراع مع المصلحة المتصارع معها. فاذا تبين ان المصلحة التي يدافع عنها لا تتعارض مع أهداف المجتمع او انها المصلحة الجديرة بالحماية، قياسا بالمصلحة المضحة بها فتقترن صفة المشروعية بالفعل. فلكي يعتبر الفعل عملا غير مشروع يتعين ثبوت تعارضه المادي مع نصوص القانون وذلك ببلوغه درجة معينة من الخطورة الاجتماعية من شأنها تهديد العلاقات الاجتماعية الاشتراكية. فالدفاع الشرعي، كما انه لا تتوافر فيه الخطورة الاجتماعية فهو فعل يقصد منه درئ العدوان والتصدي للجريمة. انظر درمانوف، مفهوم الجريمة ص96 – الدكتور سامي النصراوي المرجع السابق ص159.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|