أقرأ أيضاً
التاريخ:
3674
التاريخ: 20-4-2017
5551
التاريخ: 24-3-2016
9022
التاريخ: 1-7-2019
2143
|
ان السلوك المكون للركن المادي للجريمة اما ان يكون ايجابيا او ان يكون سلبيا وتبعا لذلك انقسمت الجرائم من حيث المظهر الذي يأخذه هذا السلوك. ويراد بالجرائم الايجابية، تلك الجرائم التي يكون السلوك المكون لركنها المادي ايجابيا ACTION أي ارتكاب. وتتحقق عندما يأتي الجاني عملا من الأعمال المحرمة قانونا ومثالها جريمة القتل والضرب والنصب وهتك العرض. وتكون هذه غلبية الجرائم. ويراد بالجرائم السلبية، تلك الجرائم التي يكون السلوك المكون للركن المادي فيها سلبيا أي امتناعا عن عمل يأمر القانون بالقيام به ويعاقب من يمتنع عن ذلك. تتحقق كلما امتنع المرء عن القيام بعمل يأمر القانون بالقيام به ويعتبر الامتناع عن ذلك لذاته جريمة معاقب عليها ومثالها جريمة امتناع الشاهد عن اداء الشهادة وجريمة الامتناع عن حلف اليمين القانونية وجريمة الامتناع عن تسليم طفل لمن له حق حضانته وجريمة الامتناع عن التبليغ عن الولادات او الوفيات او حصول اصابة بمرض وبائي. وتكون هذه الجرائم القلة بين الجرائم وتتحقق بمجرد حصول الامتناع. وليس للتفرقة بين الجرائم الايجابية والجرائم السلبية أهمية كبيرة من الناحية العلمية الا في موضوع الشروع حيث لا يتصور الشروع في الجرائم السلبية. ذلك ان هذه الجرائم اما ان تقع تامة او لا تقع. وقوع الجريمة الايجابية بطريق الامتناع قد يحدث ان يتوصل الجاني الى تحقيق غرضه الاجرامي (الجريمة) الذي يحتاج في العادة الى سلوك أي نشاط ايجابي من جانبه، بسلوك (نشاط) سلبي يقوم به. كالأم التي تريد قتل مولودها فتمتنع عمدا وبقصد القتل عن ارضاعه مما يؤدي الى وفاته جوعا، وكالسجان الذي يريد قتل سجينه فيمتنع عمدا ويقصد القتل عن تقديم الطعام له مما يؤدي الى وفاته وكمراقب خطوك سكة الحديد الذي يمتنع عمدا وبقصد القتل عن تحويل محول السكة مما يؤدي الى اصطدام القطار ووفاة عدد من الركاب. فهل في هذه الحالة يكون كل من الام والسجان والمراقب مسئولا عن جريمة قتل عمد؟ الاصل ان جريمة القتل العمد من الجرائم الايجابية حيث تقع بسلوك ايجابي وهو ضربة عصا او طعنة خنجر او اطلاق رصاصة. فهل تتحقق هذه الجريمة يا ترى بسلوك سلبي أيضاً؟ ان هذا السؤال في الواقع لا يخص جريمة القتل فقط بل انما يقار بالنسبة الى غيرها من الجرائم الايجابية كجريمة الايذاء والحريق والسرقة وغيرها كما لو شاهد حارس لصا يسطو على منزل لسرقته فامتنع عمدا عن القاء القبض عليه بقصد السماح له باتمام السرقة. فهل يعتبر شريكا له بطريق المساعدة في ارتكاب جريمة السرقة؟ من المسلم به ان الجريمة غير العمدية الايجابية قد تقع بسلوك ايجابي وقد تقع بسلوك سلبي. ولكن الجدل ثار والاختلاف ظهر حول الجرائم العمدية وامكانية ارتكابها بسلوك سلبي أي بالامتناع ومدى مسئولية مرتكبها بهذه الطريقة عنها. هل يسال عنها وكأنه ارتكبها بفعل (سلوك) ايجابي؟ ذهب القضاء الفرنسي في عهد القانون القديم (السابق للثورة) الى اعتبار ارتكاب الجريمة الايجابية بطريق الامتناع كارتكابها بفعل ايجابي يستوجب نفس المؤاخذة ونفس العقاب. وذهب كتاب القرن التاسع عشر الى ان الترك يعاقب عليه كالفعل متى كان الشخص الممتنع قد امتنع عن تنفيذ عمل هو مكلف بالقيام به. كامتناع الام عن الارضاع وامتناع الحارس عن اعطاء الغذاء وامتناع عامل سكة الحديد عن تحويلها (1). وذهب الفقه الحديث في فرنسا بانه لا يمكن ان تقوم الجريمة الايجابية بمجرد اتخاذ موقف سلبي ما لم ينص القانون على ذلك بنص صريح (2). وذهب قلة من الكتاب الى ان هذا الراي لا اعراض عليه في الأحوال التي لا يكون الجاني فيها ملتزما بواجب يتعارض مع الموقف السلبي الذي اتخذه والذي ترتب عليه النتيجة الجرمية. وقد اخذ بهذا الراي الأخير الفقه الالماني وكذلك التشريعات النكلوسكسونية والقوانين التي اشتقت منها كالقانون الهندي والقانون السوداني كما أخذ به جمهرة من الكتاب المصريين (3). اما اذا كان الشخص غير ملزم بواجب وكان موقفه السلبي يتعارض فقط مع ما تقتضي به الشهامة والمروءة فلا يعد مسئولا عن النتيجة التي تترتب على موقفه السلبي. اذا عاقبه القانون في هذه الحالة فانما يعاقبه على مجرد امتناعه عن بذل المساعدة بغير نظر الى النتيجة التي وقعت كما لو شاهد شخص عدوه ينازع الغرض فامتنع عمدا وبقصد القتل عن انقاذه من الغرق والمراد بالواجب هنا هو كل واجب يترتب على التزام قانوني سواء كان مصدره القانون او التعاقد او نشأ عن حالة انشأها الجاني نفسه. وقد حسم المشرع العراقي هذا الخلاف والجدل حيث نص في المادة (34) قائلا : (تكون الجريمة عمدية اذا توفر القصد الجرمي لدى فاعلها. وتعد الجريمة عمدية كذلك اذا فرض القانون او الاتفاق واجبا على شخص وامتنع عن ادائه قاصدا احداث الجريمة التي نشأت مباشرة عن هذا الامتناع). وبذلك يكون قد تبنى بالنسبة لهذه المسالة الراي الذي نادى به الفقه الالماني وكذلك التشريعات الانكلوسكسونية وهو الراي الذي تفضله. مما يترتب عليه انه عندنا في العراق يعتبر مرتكب الجريمة الايجابية بطريقة الامتناع مسئولا عنها وكأنه ارتكبها بفعل ايجابي فيما اذا كان امتناعه المحقق للجريمة قد وقع انتهاكا لالتزام واجب عليه.
_______________________________
1-انظر بوزا ص89 – دونديه ديفاير ن 116 هو س ج1 ص32 جارو ج1 ن99 ص206.
2-انظر ستيفاني وليفاسير، قانون العقوبات القسم العام، ن158 ص152.
3- من هذا الراي الدكتور السعيد مصطفى السعيد ص46، احمد امين شرح قانون العقوبات الاهلي ص314 – الدكتور مصطفى القللي، المسؤولية الجنائية ص65 جندي عبد الملك ج5 ص693 وغيرهم من الكتاب.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|