المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9100 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
ماشية اللحم في الولايات المتحدة الأمريكية
2024-11-05
أوجه الاستعانة بالخبير
2024-11-05
زكاة البقر
2024-11-05
الحالات التي لا يقبل فيها الإثبات بشهادة الشهود
2024-11-05
إجراءات المعاينة
2024-11-05
آثار القرائن القضائية
2024-11-05

تتوقف طاقة النهر على عدة عوامل - درجة انحدار المجرى
7/9/2022
نظرية الجسيمات corpuscular theory
30-5-2017
آداب الصلاة على الميت‌
7-11-2016
صفات الأصوات
30-7-2016
المهادنة
25-9-2018
كيف تتحرك اجنحة الحشرات؟
15-1-2021


الإباء عن الضيم عند ابي الاحرار  
  
6513   11:52 صباحاً   التاريخ: 16-3-2016
المؤلف : باقر شريف القرشي .
الكتاب أو المصدر : حياة الامام الحسين
الجزء والصفحة : ج1, ص113-117.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام الحسين بن علي الشهيد / مناقب الإمام الحسين (عليه السّلام) /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-3-2016 3279
التاريخ: 13-4-2019 2278
التاريخ: 2-04-2015 3860
التاريخ: 13-4-2019 2503

الصفة البارزة من نزعات الإمام الحسين (عليه السّلام) الإباء عن الضيم حتّى لقّب (بأبي الضيم) وهي من أعظم ألقابه ذيوعاً وانتشاراً بين الناس ؛ فقد كان المثل الأعلى لهذه الظاهرة فهو الذي رفع شعار الكرامة الإنسانية ورسم طريق الشرف والعزّة فلم يخنع ولم يخضع لقرود بني اُميّة وآثر الموت تحت ظلال الأسنة.

يقول عبد العزيز بن نباتة السعدي :

والحسينُ الذي رأى الموتَ في العـ     ـزِ حياةً والعيشَ في الذلِّ قتلا

 ووصفه المؤرّخ الشهير اليعقوبي بأنّه شديد العزّة ؛ يقول ابن أبي الحديد : سيّد أهل الإباء الذي علّم الناس الحميّة والموت تحت ظلال السيوف اختياراً على الدنيّة أبو عبد الله الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السّلام) عرض عليه الأمان هو وأصحابه فأنف من الذل وخاف ابن زياد أن يناله بنوع من الهوان مع أنه لا يقتله فاختار الموت على ذلك , وسمعت النقيب أبا زيد يحيى بن زيد العلوي يقول : كأنّ أبيات أبي تمام في محمد بن حميد الطائي ما قيلت إلاّ في الحسين :

وَقَد كانَ فَوتُ المَوتِ سَهلاً فَرَدَّهُ           إِلَيهِ الحِفاظُ المُرُّ وَالخُلُقُ الوَعرُ

وَنَفسٌ تَعافُ العارَ حَتّى كَأَنَّهُ            هُوَ الكُفرُ يَومَ الرَوعِ أَو دونَهُ الكُفرُ

فَأَثبَتَ في مُستَنقَعِ المَوتِ رِجلَهُ          وَقالَ لَها مِن تَحتِ أَخمُصِكِ الحَشرُ

تَرَدّى ثِيابَ المَوتِ حُمراً فَما بدا        لَها اللَيلُ إِلاّ وَهيَ مِن سُندُسٍ خُضرُ

لقد علّم أبو الأحرار الناس نبل الإباء ونبل التضحية يقول فيه مصعب ابن الزبير : واختار الميتة الكريمة على الحياة الذميمة ثمّ تمثّل :

وإن الألى بالطفِّ من آل هاشم          تآسوا فسنّوا للكرام التآسيا

وقد كانت كلماته يوم الطفِّ من أروع ما أثر من الكلام العربي في تصوير العزّة والمنعة والاعتداد بالنفس يقول : ألا وإنّ الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين ؛ بين السلّة والذلّة وهيهات منّا الذلّة يأبى الله ذلك ورسوله والمؤمنون وحجور طابت وطهرت واُنوف حميّة ونفوس أبّية من أن نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام , ووقف يوم الطفِّ كالجبل الأشم غير حافل بتلك الوحوش الكاسرة من جيوش الردّة الاُمويّة وقد ألقى عليهم وعلى الأجيال أروع الدروس عن الكرامة وعزّة النفس وشرف الإباء قائلاً : والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ولا أفرّ فرار العبيد إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ ؛ وألقت هذه الكلمات المشرقة الأضواء على مدى ما يحمله الإمام العظيم من الكرامة التي لا حدّ لأبعادها والتي هي من أروع ما حفل به تاريخ الإسلام من صور البطولات الخالدة في جميع الآباد.

وتسابق شعراء أهل البيت (عليهم السّلام) إلى تصوير هذه الظاهرة الكريمة فكان ما نظموه في ذلك من أثمن ما دوّنته مصادر الأدب العربي وقد عنى السّيد حيدر الحلّي إلى تصوير ذلك في كثير من روائعه الخالدة التي رثى بها جدّه الحسين يقول :

طمعتْ أن تسومَهُ القومُ ضيماً              وأبى الله والحسامُ الصنيعُ

كيف يلوي على الدنيةِ جيداً               لسوى اللهِ ما لواه الخضوعُ

ولديه جأشٌ أردُّ من الدرع                  لضمأى القنا وهنَّ شُروعُ

ولم تصوّر منعة النفس وإباؤها بمثل هذا التصوير الرائع فقد عرض حيدر إلى ما صممت عليه الدولة الاُمويّة من إرغام الإمام الحسين (عليه السّلام) على الذل والهوان وإخضاعه لجورهم واستبدادهم ولكن يأبى له الله ذلك وتأبى له نفسه العظيمة التي ورثت عزّ النبوة أن يقرّ على الضيم ؛ فإنّه سلام الله عليه لم يلو جيده خاضعاً لأيّ أحد إلاّ لله فكيف يخضع لأقزام بني اُميّة؟! وكيف يلويه سلطانهم عن عزمه الجبار الذي هو أرد من الدرع للقنا الضامئة وما أروع قوله :

وبه يرجعُ الحفاظُ لصدرٍ        ضاقت الأرضُ وهي فيه تضيعُ

وهل هناك أبلغ أو أدقّ وصفاً لإباء الإمام الحسين (عليه السّلام) وعزّته من هذا الوصف؟ فقد أرجع جميع طاقات الحفّاظ والذمام لصدر الإمام (عليه السّلام) التي ضاقت الأرض من صلابة عزمه وتصميمه بل إنّها على سعتها تضيع فيه ومن الحقّ أنّه قد حلّق في وصفه لإباء الإمام ويضاف لذلك جمال اللفظ فليس في هذا الشعر كلمة غريبة أو حرف ينبو على السمع ؛ وانظر إلى هذه الأبيات من رائعته الاُخرى التي يصف بها إباء الحسين (عليه السّلام) يقول :

لقد مات لكنْ ميتةً هاشميّةً            لهمْ عُرفت تحت القنا المتقصّدِ

كريمٌ أبى شمّ الدنيةِ أنفُهُ                فأشمَمهُ شوكَ الوشيج المُسدّدِ

وقال قفي يا نفسُ وقفةَ واردٍ          حياضَ الردى لا وقفة المتردّدِ

رأى أنّ ظهرَ الذلِّ أخشن مركباً      من الموتِ حيثُ الموتُ منه بمرصدِ

فآثر أن يسعى على جمرةِ الوغى       برجلٍ ولا يعطي المقادةَ عن يدِ

لا أكاد أعرف شعراً أدقّ ولا أعذب من هذا الشعر فهو يمثّل أصدق تمثيل منعة الإمام العظيم وعزّة نفسه التي آثرت الموت تحت ظلال الأسنة على العيش الرغيد بذلٍّ وخنوع ناهجاً بذلك منهج الشهداء من أسرته الذين تسابقوا إلى ساحات النضال واندفعوا بشوق إلى ميادين التضحية والفداء لينعموا بالكرامة والعزّة ؛ ومضى السيد حيدر في تصويره لإباء الإمام الشهيد فوصفه بأنّه أبى شمّ الدنيّة والضيم وعمد إلى شمّ الرماح والسيوف ؛ لأن بها طعام الإباء وطعم الشرف والمجد ؛ وعلى هذا الغرار من الوصف الرائع يمضي حيدر في تصويره لمنعة الإمام تلك المنعة التي ملكت مشاعره وعواطفه كما ملكت عواطف غيره ومن المقطوع به أنّه لم يكن متكلّفاً بذلك ولا منتحلاً وإنما وصف الواقع وصفاً صادقاً لا تكلّف فيه ؛ ويقول السيد حيدر في رائعة اُخرى يصف بها إباء الإمام وسموّ ذاته ، ولعلّها من أجمل ما رثى به الإمام (عليه السّلام) يقول :

وسامتهُ يركبُ إحدى اثنتينْ         وقد صرّت الحربُ أسنانَها

فإمّا يُرى مُذعناً أو تموت                 نفسٌ أبى العزُّ إذعانَها

فقال لها اعتصمي بالإباءِ                 فنفسُ الأبيّ وما زانَها

إنّ مراثي حيدر للإمام تعدّ بحقٍّ طغراء مشرقاً في تراث الاُمّة العربية فقد فكّر فيها تفكيراً جادّاً ورتّب أجزاءها ترتيباً دقيقاً حتّى جاءت بهذه الروعة وكان فيما يقول معاصروه ينظم في كل حول قصيدة خاصّة في الإمام (عليه السّلام) ويعكف طيلة عامه على إصلاحها ويمعن إمعاناً دقيقاً في كل كلمة من كلماتها حتّى جاءت بمنتهى الروعة والإبداع.




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.