أ- التحقيق في اللغة  :مأخوذ من حققت الأمر ،إذا تيقنته  أو جعلته ثابتاً لازماً، وحقيقة الشيء منتهاه وأصله المشتمل عليهِ (1).ويقال حق الأمر حقاً: صح وثبت وصدق ويقال أحقهُ على الحق: غلبه وأثبته عليهِ(2).وقد ورد للحق أيضاً عدة معانٍ أخرى منها :المال والمِلك بكسر الميم  وبمعنى الموجود الثابت ، وبمعنى الصدق والموت والجزم ،ويقال تحقق الرجل الأمر  أي تيقنه ،ويقال تحقق عند الخبر أي صح ،والحق اليقين بعد الشك (3).والمعنى القريب لما يستخدم  حالياً هو التيقن من حقيقة الأمر  وثبوته بعد الشك.

ب- وفي إصطلاح الفقه الإسلامي عرف التحقيق بأنه: إثبات المسألة بدليلها (4).

ج- وفي إصطلاح شراح القانون  تعددت التعريفات الفقهية للتحقيق الإبتدائي الا انه على الرغم من تعددها فهي  لا تخرج عن تعريفه بأنه مجموعة من الإجراءات القضائية تمارسها سلطات التحقيق بالشكل المحدد قانوناً , بغية التنقيب عن الادلة فى شأن جريمة ارتكبت وتجميعها ثم تقديرها  لتحديد مدى كفايتها في إحالة المتهم إلى المحاكمة ، أو الأمر بألا وجه لإقامة الدعوى (5).وعرف أيضاً بأنه مجموعة من الإجراءات  تستهدف التنقيب عن الادلة  في شأن جريمة ارتكبت  وتجميعها ثم تقديرها  لتحديد مدى كفايتها  لإحالة المتهم  إلى المحاكمة(6). ومن هذا التعريف يتضح أن للتحقيق الجنائي بصفة عامة معنيان ، معنى عام أو واسع  ومعنى خاص أو ضيق :- 

التحقيق الجنائي بالمعنى الواسع :

يقصد به مجموعة من الإجراءات والوسائل التي تتخذها سلطة التحقيق بصدد واقعة إجرامية معينة للكشف عن غموضها والوصول إلى حقيقة مرتكبها ، وذلك بالتحري عنها وجمع الأدلة بشأنها توطئة لتقديم الدعوى الجزائية للمحكمة المختصة (7). وبمعنى اخر التحقيق بمعناه العام هو: اتخاذ جميع الإجراءات والوسائل المشروعة  التي توصل  إلى كشف الحقيقة وظهورها (8).

التحقيق الجنائي بالمعني الضيق :

 يقصد به تلك الإجراءات التي تباشرها سلطة التحقيق وحدها بشأن جمع الأدلة وكشف الجريمة أو ما يتخذه قاضي التحقيق إذا ما ندب لتحقيق قضية معينة ، وما يتم من إجراءات التحقيق التي يختص بها مأمور الضبط القضائي في أحوال معينة كما في أحوال التلبس والندب من إحدى سلطات التحقيق . وبذلك يتضح أن الفرق بين التحقيق بالمعنى الواسع والتحقيق بالمعنى الضيق أن الأخير يقصد به الإجراءات التي تختص بها سلطة التحقيق وحدها والتي تتميز عن أعمال جمع الاستدلات ، فإجراءات جمع الاستلالات التي تباشرها سلطة التحقيق القضائية لا يشملها مفهوم التحقيق بالمعنى الضيق لا باعتارها إجراءات تسبق التحقيق عادة وتمهد به  فالتحقيق بالمعنى الضيق يمثل المرحلة الوسطى بين مرحلة جمع الاستدلال وبين التحقيق النهائي في الدعوى الجزائية والذي تجريه المحكمة(9). ومرحلة التحقيق الإبتدائي بمعناها الضيق ليست لازمة في جميع أنواع الدعاوي الجزائية فإجراء التحقيق وجوبي في الجرائم الكبيرة وجوازي في غيرها ، ومن المعلوم أن مرحلة التحقيق الإبتدائي هي أكثر تعقيداً من مرحلة المحاكمة نظراً لتنوع إجراءاتها وتعدد الهيئات التي تقوم بها ، فضلاً عن كونها المرحلة التي تتعرض بها حقوق وحريات الأفراد بالمساس.

________________________

1.أحمد محمد الفيومي، قاموس اللغة "كتاب المصباح المنير"، نوبليس، الجزء الثاني ،.ص198.

2 .المعجم الوسيط ،مجمع اللغة العربية ،الجزء الاول، دار المعارف، مصر 1400هـ،ص194.

3 .لويس معلوف ،المنجد في اللغة ،مطبعة أميران ،بيروت ،الطبعة 37،ص144.

4 .علي محمد الجرجاني ،التعريفات ،عالم الكتب، القاهرة ،الطبعة الاولى،1407هـ،ص79.

5.أحمد فتحي سرور ،  الوسيط في قانون الاجراءات الجنائية ،القاهرة ،دار النهضة العربية ،1986، ص 563   مأمون سلامة ، الإجراءات الجنائية ،القاهرة ،دار الفكر العربي ، بدون سنة طبع  ، ص 499 . عوض محمد ، قانون الإجراءات الجنائية ، ( الإسكندرية ، دار المطبوعات الجنائية ، 1990م ) ، ج1/297  

6 .محمود نجيب حسني ،شرح قانون الاجراءات الجنائية ،دار النهضة  العربية القاهرة  ، الطبعة الثالثة ،1995،ص501.

7 . مدني عبد الرحمن تاج الدين ، أصول التحقيق الجنائي وتطبيقاتها في المملكة ،الرياض، معهد الادارة 1425هـ ، ص 16 .

8.محمد أنور عاشور، الموسوعة  في التحقيق الجنائي ،عالم الكتب ،القاهرة ، الطبعة الثانية، ص9.

9. جلال ثروت ، نظم الإجراءات الجنائية ، ( الإسكندرية ، دار الجامعة الجديدة للنشر ، 1997م ) ، ص 412