أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-04-2015
2452
التاريخ: 14-08-2015
2400
التاريخ: 9-04-2015
2361
التاريخ: 2-9-2021
3297
|
هو أبو العبّاس خليل بن إسحاق بن ورد من أهل طرابلس (الغرب) و من أبناء الجند فيها. برع في عدد من وجوه العلم و أحاط بعدد من فنون الأدب. و صحب الصوفية مدّة. و يبدو أنّه كان رجلا صالحا، فمن أعماله أنّه أشرف على بناء الجامع الكبير الذي تمّ بناؤه سنة ٢٩٩(٩١٢ م) ثمّ زاد فيه المنارة (٣٠٠ ه) .
و في سنة ٢٩٩ ثار أهل طرابلس على الفاطميّين، فحاصر عبيد اللّه المهديّ- أول خلفاء الدولة الفاطمية-مدينة طرابلس حصارا شديدا ثمّ فتحها بعد مقاومة عنيفة، سنة ٣٠٣، و فرض عليها غرامة باهظة، قيل: أربعمائة ألف دينار! في هذه الأثناء كان خليل بن إسحاق قد مال إلى الدعوة الفاطمية و اعتنقها فولاّه عبيد اللّه المهديّ جمع تلك الغرامة، فاشتطّ في جمعها و عذّب الناس في تحصيلها. و تقلّب خليل ابن إسحاق في عدد من مناصب الدولة: تولّى جمع الضرائب كما تولّى قيادة فريق الخيّالة.
غير أنّ عبيد اللّه المهديّ عاد فغضب عليه و أهمله. فلمّا جاء القائم بأمر اللّه (٣٢٢-334 ه) ابن عبيد اللّه المهديّ أمّن خليل بن إسحاق و ولاّه على جزيرة صقلّية (325-٣٢٩ ه) فأكثر فيها من الظلم و سفك الدماء و كان يفتخر و يزعم أنّه قتل في صقلّية ألف ألف (مليون) نفس.
ثمّ إنّ القائم بأمر اللّه صرف خليل بن إسحاق عن صقلّية و ولاّه على جيش لقتال أبي يزيد مخلد بن كيداد الخارجيّ (316-336 ه) المعروف بلقب «صاحب الحمار» . و لكنّ أبا يزيد حاصره في مدينة القيروان ثمّ أخذه فقتله، سنة ٣٣٢ ه (943-944 م) و صلبه.
كان خليل بن إسحاق شديد التقلّب في حياته؛ و سبب انتقاله من الخير و الصّلاح إلى الظّلم و سفك الدماء و الانتقام يخفى علينا اليوم. و مع ذلك فإنّه كان شاعرا مجيدا عذب الألفاظ سهل التراكيب رقيق المعاني. و أكثر شعره مديح للفاطميّين.
مختارات من شعره:
- قال خليل بن إسحاق يمدح عبيد اللّه المهديّ بقصيدة منها:
قف بالمنازل و اسألن أطلالها... ما ذا يضرّك لو أردت سؤالها (1)
هل أنت أول من بكى في دمنةٍ... درست و غيّرت الحوادث حالها (2)
يا دار زينب، هل تردّين البكا... عن مقلة سفحت عليك سجالها (3)
بدّلت، بالأنس الخرائد كالدّمى... وحش الفلاة ظباءها و رئالها (4)
صلّى الإله على النّبيّ محمّدٍ... و على الإمام و زاده أمثالها
إنّ الإمام أقام سنّة جدّه... للمسلمين كما جذوت نعالها (5)
و هدى به اللّه البريّة بعد ما... طلب الغواة الظالمون ضلالها
إنّ الخلافة، يا ابن بنت محمّدٍ... حطّت إليك عن النبيّ رحالها (6)
و لقد عهدت لآل زينب حبرة... فيها و دنيا أقبلت إقبالها (7)
بيضاء ناعمة يجول وشاحها... و تهزّ دقّة خصرها أكفالها (8)
و كأنّ في فيها بعيد رقادها... عسلا أصاب من السماء زلالها (9)
و لقد عصيت عواذلي في حبّها... و النفس تعصي في الهوى عذّالها (10)
______________________
١) الطلل: مكان الخيمة بعد أن ينتزعها أهلها و يرحلوا عن المكان الذي كانوا فيه.
٢) الدمنة: الطلل. درس المنزل: امّحت آثاره.
٣) سفحت العين: سال دمعها. سفحت سجالها (السجل بفتح السين: الدلو العظيم) : بكت كثيرا.
4) في القاموس (٢:١٩٨) : الأنوس من الكلاب ضدّ العقور و جمعها أنس (بضمّ فضمّ) . و يقصد الشاعر بقوله بالأنس الخرائد: النساء الجميلات اللواتي يأنس بهنّ الرجل عادة. الدمية: التمثال، الصورة (المرأة الجميلة) . الرئال جمع رأل: ولد النعامة.
5) السنّة: الطريقة، المنهاج، نمط الحياة. جدّه: محمّد رسول اللّه (يعتقد الفاطميّون أنّ عبيد اللّه المهدي مؤسّس الدولة الفاطمية من نسل فاطمة بنت محمّد صلّى اللّه عليه[وآله] و سلم) . كما حذوت نعالها: كما فصّلت أديم إحدى النعلين على النعل الأخرى (يعني: يسلك كما كان يسلك رسول اللّه تماما) -و في هذه الاستعارة في هذا المكان قبح ظاهر.
6) يا ابن بنت محمّد: يا ابن فاطمة بنت محمّد: يا من أنت من نسلها. حطّت الخلافة إليك رحالها: وجدت فيه الخليفة الحقيقي (يعتقد الفاطميّون أن الإمام عليّا وحده كان خليفة، ثمّ بقي الناس بلا خليفة حتّى جاءت الدولة الفاطمية) .
7) الحبرة (بفتح الحاء) : السرور و النعمة (النضارة و الرونق، السعادة) . و دنيا أقبلت: خصب و نعيم و ازدهار.
8) يجول وشاحها: يتحرّك وشاحها على كتفيها (كناية عن أنّ جسمها أهيف رشيق غير ضخم) . الكفل (بفتح ففتح) : الردف (بكسر الراء) . -لعلّه يقصد: ضخامة أردافها تتعب خصرها النحيل الضعيف فتجعله يهتزّ بغير إرادته!
9) بعيد رقادها: بعد نومها بوقت قليل (عند استيقاظها) . الزلال: الماء الصافي. السماء المطر.
10) العذلة (بضمّ ففتح) و العذّال (بفتح فتشديد) اللائم (الذي يلوم المحبّ على حبّه) ، و الجمع منهما عذلة (بفتح ففتح) و عذّال و عذّل (بضمّ فتشديد فيهما) . و العواذل جمع عاذل: عرق يخرج منه دم الاستحاضة في المرأة (القاموس 4:١4) . و الشاعر يقصد بالعواذل جمع عاذلة (لائمة للمحبّ على حبّه) .
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|