المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24

العلاقة بين الحرارة والحركة عند جابر بن حيان (القرن 3هـ/9م)
2023-04-30
The Inland North
2024-03-20
النحر بمنى
2024-11-11
نظريـات المـذهب الفـيزيوقراطـي (الناتـج الصافـي)
19-10-2019
رعاية بداري السمان
2023-04-21
Emissions and the Environment of sulfur
13-11-2018


المظاهر الأدبية لعصر الولاة في المغرب والأندلس  
  
15035   07:25 مساءاً   التاريخ: 10-2-2016
المؤلف : عمر فرّوخ
الكتاب أو المصدر : تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة : ج4، ص46-49
القسم : الأدب الــعربــي / الأدب / الشعر / العصر الاندلسي /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-02-25 898
التاريخ: 2-2-2023 1308
التاريخ: 2024-01-16 883
التاريخ: 2023-02-06 1501

حمل العرب لغتهم معهم إلى المغرب و الأندلس فكانت تنتشر بانتشار الإسلام؛ غير أن الحاجة ظلّت ملحّة إلى من يعلّم البربر في المغرب و المولّدين (المسلمين من الإسبان) في الأندلس أمور الدين و اللّغة العربية. أرسل عمر بن عبد العزيز عشرة من التابعين (من أهل الجيل الذي تلا جيل أصحاب رسول اللّه) إلى المغرب ليفقّهوا أهل المغرب في الدين؛ من هؤلاء حبّان بن أبي جبلة و عبد الرحمن بن نافع و سعد بن مسعود التجيبيّ. و نشأ في المغرب و الأندلس طبقة من المؤدّبين الذين كانوا يعلّمون أبناء الخاصّة في البيوت و يعلّمون أبناء العامّة في الجوامع و المساجد. و نحن نعرف أن الغازي بن قيس (1) - في مطلع شبابه، قبل دخول عبد الرحمن بن معاوية إلى الأندلس (١٣٨ه‍ -756 م) - كان ملتزما للتأديب (التعليم) في قرطبة. بعدئذ رحل إلى المشرق و لقي الإمام مالك بن أنس و نفرا من شيوخ اللغة و النحو كالأصمعيّ (الزبيدي 276-٢٧٧) .

أما النزر اليسير الذي وصل إلينا من النثر و الشعر في عصر الولاة (٩٣-١٣٨ه‍) فقد قاله مشارقة من الطارئين على المغرب و الأندلس. من ذلك مثلا أن عبيدة بن عبد الرحمن تولّى إفريقية و المغرب سنة ١١١(٧٢٩ م) بعد بشر بن صفوان فأخذ نفرا من عمّال بشر و أصحابه و أساء إليهم و نكّل بهم. و كان في هؤلاء أبو الخطّار بن ضرار الكلبي (2) - و كان شريفا في قومه مع فصاحة و براعة؛ و كان قد ولي في إفريقية ولايات كثيرة في أيام بشر-فعزله عبيدة و نكّل به، فكتب أبو الخطّار إلى الخليفة هشام بن عبد الملك بقصيدة منها (3) :

أفأتم، بني مروان، قيسا دماءنا... و في الله إن لم تنصفوا حكم عدل (4)

كأنّكم لم تشهدوا مرج راهطٍ... و لم تعلموا من كان ثمّ له الفضل (5)

تغافلتم عنّا كأن لم نكن لكم ... صديقا؛ و أنتم ما رعيتم لها فعل (6)

و مثل ذلك خبر عبيد اللّه بن الحبحاب (7) :

كان الحبحاب (والد عبيد اللّه) مولى لبني سلول، و قد أعتقه رجل اسمه الحجّاج السّلوليّ. و نشأ عبيد اللّه بن الحبحاب فكان رئيسا نبيلا و أميرا جليلا بارعا في الفصاحة و الخطابة حافظا لأيّام العرب و أشعارها و وقائعها. ثمّ ترقّت به الحال فأصبح، في ربيع الآخر من سنة 116(734 م) واليا على إفريقية و على المغرب كلّه، و على الأندلس أيضا فيما بعد. و هو الذي بني المسجد الجامع في تونس و دار الصناعة (لبناء السفن) فيها.

و ورد على عبيد اللّه بن الحبحاب، في ذلك العام نفسه، عقبة بن الحجّاج السلوليّ يهنّئه بالولاية فأكرمه عبيد اللّه. فغيظ أبناء عبيد اللّه لأنّ أباهم والي إفريقية و المغرب يبالغ في إكرام رجل من عرض الناس. فجمع عبيد اللّه بن الحبحاب الناس و قام فيهم خطيبا فقال:

أيّها الناس: إنّ بنيّ هؤلاء غرّتهم غرّة الشيطان لعزّة السلطان (8) فأرادوا أمرا أخرج به عن الحقّ، و أنكروا ما رأوا من برّي (9) لهذا الرجل. و إنّما أخبركم أنّه مولاي، و أنّ أباه أعتق (10) أبي! و أنا أكره كتمان أمر اللّه سبحانه شهيد عليّ به (11) !

و في سنة ١٣٧(754 م) ثار الحبحاب بن رواحة و عامر بن عمرو العبدريّ و حاصرا الصميل بن حاتم في سرقسطة و ضيّقا عليه الحصار. و اجتمع أقوام من أنصار الصميل لنجدته و لكن لم يجدوا سبيلا إلى الوصول إليه و الحصار مضروب عليه. و أرادوا أن يبشّروه بالنجدة و يشدّدوا من عزيمته فاحتالوا بأن رموا إليه، من فوق السور، بحجارة جعلوا مع كلّ حجر منها ورقة فيها هذان البيتان (12) :

أ لا ابشر بالسلامة، يا جدار... أتاك الغوث و انقطع الحصار (13)

أتتك بنات أعوج ملجماتٌ... عليها الأكرمون و هم نزار (14)

فقرئت الأبيات على الصميل-و كان أمّيّا لا يخطّ و لا يقرأ الخطّ-فقال لمن حوله: «أبشروا، يا قوم! فقد جاءكم الغوث، و ربّ الكعبة (15)» . ثمّ عرض على الصميل أن يناصر عبد الرحمن (الداخل) و يزوّجه ابنته (تمكينا للتحالف بينهما) فقال: أروّي (16) في أمري. بعدئذ رجع في قوله و قال: «تأمّلت الأمر فوجدته صعب المرام؛ فبارك اللّه لكما في رأيكما و مولاكما! فإن أحبّ غير السلطان (17) فله عندي أن يواسيه يوسف و يزوّجه و يحبوه. انطلقا راشدين! «و لمّا عزم عبد الرحمن بن معاوية على الحرب قال يوسف بن عبد الرحمن الفهريّ للصميل: «ما الرأي؟» فقال له الصميل: «بادره الساعة، قبل أن يستفحل أمره» (18) .

______________________

1) راجع ترجمته، تحت، ص 86.

2) القاموس ٢:٢٢؛ و في تاج العروس (الكويت)١١:١٩٩ «هو حسام بن ضرار بن سلامان بن خيثم بن ربيعة بن حصن بن ضمضم بن عديّ بن جناب شاعر ولي الأندلس (في خلافة) هشام (بن عبد الملك) و أظهر العصبية لليمانية على المضرية و قتله الصميل (بالتصغير) بن حاتم بن شمر (بفتح فكسر) بن ذي الجوشن (بالفتح) الضبابيّ» . راجع أيضا جذوة المقتبس ١٨٨؛ الحلّة السيراء 1:61-66؛ نفح الطيب ١:٢٣٨(قتل أبو الخطّار سنة ١٢٩) ،٢:٢٢-26؛ دائرة المعارف الإسلامية ١: 134-135؛ الأعلام للزركلي ٢:١٨٧(175) .  

3) الحلّة السيراء 1:64،65؛ راجع البيان المغرب 1:50.

4) يا بني مروان، لقد جعلتم دماءنا فيئا (غنيمة لبني قيس أعدائنا-سلّطتم أعداءنا علينا) .

5) كأنكم نسيتم أنّنا نحن (اليمانية من عرب الجنوب) كنّا حلفاءكم في معركة مرج راهط (86 ه‍) ، و هي المعركة التي وقعت قرب دمشق و انتصر فيها مروان بن الحكم و أحلافه اليمانية على الضحّاك بن قيس و قومه و كانوا من أتباع عبد. اللّه بن الزبير منافس الأمويّين في طلب الخلافة. في الأصل: «تمّ» (بالتاء بنقطتين من فوقها) و الأصحّ أن تكون «ثمّ» (بالثاء المنقوطة بثلاث نقط) -هناك (في تلك المعركة) .

6) ما رعيتم لنا فعل: لم تدركوا العمل الذي قمنا به في سبيلكم

7) البيان المغرب 1:51-5٣.

8) خدعهم الشيطان بما أصبح لهم من عزّة (قوة) السلطان (الحكم) .

9) البرّ: الطاعة و الإحسان.

10) أعتق: حرّر (أنقذ من العبودية) .

11) اللّه شهيد عليّ به: اللّه يعرفه و يوجب عليّ أن أكافئ فاعله.

12) أخبار مجموعة 6٨.

13) الجدار كناية عن الحصار. أبشر بالسلامة، يا جدار-ثق أن المحاصرين لم يخرقوك. الغوث: النجدة، المساعدة، الانقاذ من البأس و الضيق.

14) بنات أعوج: الخيل. كان أعوج حصانا أصيلا تنسب إليه الخيل الكريمة. نزار: عرب الشمال.

15) و ربّ الكعبة-أقسم (بصاحب) الكعبة: اللّه.

16) روّى في الأمر: قلّبه على وجوهه و تأمّله بأناة و صبر.

17) السلطان: الحكم. واساه: عزّاه؛ ساواه بنفسه. يوسف-يوسف بن عبد الرحمن الفهري أمير الأندلس (و كان الصميل وزيرا لعبد الرحمن الفهري) . يحبوه: يعطيه (مالا) .

18) بادره: اسبقه (إلى القتال) . استفحل الأمر (أصبح فحلا) شديدا تصعب معالجته. و كانت وفاة الصميل في سجن عبد الرحمن سنة 142 ه‍. و كذلك قتل يوسف الفهري في السجن أيضا سنة 142 ه‍.

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.