أقرأ أيضاً
التاريخ: 21-4-2019
7067
التاريخ: 6-2-2016
3388
التاريخ: 7-2-2016
3171
التاريخ: 16-5-2022
1847
|
ينقسم الدين من حيث قوة اثباته على قسمين اثنين :
دين صحة ودين مرض .ولقد ذهب الفقهاء بصدد ذلك الى مذهبين : مذهب الحنفية ،ومذهب الجمهور . فالحنفية هم الذين يفرقون بين ديون الصحة وديون المرض . اما جمهور الفقهاء فتراهم لا يكادون يفرقون بينهما ، ولسوف يتضح ذلك كما يأتي :
1- مذهب الحنفية
لقد فرق فقهاء الحنفية بين ديون الصحة وديون المرض ولم يجعلوهما بمنزلة واحدة وحسب الاتي :
أ- ديون الصحة :
وهي التي يمكن اثباتها بحجةٍ لا شبهة فيها . اذ ليس المراد من ديون الصحة تلك التي نشأت حال صحة المدين ، أي قبل اصابته بمرض الموت ، بل المراد منها تلك الديون التي يمكن اثباتها بالبينة ، او بالاقرار الذي لا تحوم حوله شبهة . وعلى هذا فديون الصحة ، اما ان تكون قد نشأت حال صحة المتوفى ، أي قبل اصابته بمرض الموت ، وامكن اثباتها باقرار المدين قبل مرضه ، او بالبينة الثابتة او النكول عن اليمين . واما ان تكون قد نشأت في حال مرضه الاخير ، غير انه امكن اثباتها بالبينة . بأن كان سببها معروفاً للناس كأن يقترض مبلغاً من المال للعلاج ونحو ذلك من الاسباب الظاهرة امام الناس والتي من شأنها ان لا تخفى عليهم . وبكلمةٍ موجزة فان دين الصحة هو ما كان ثابتاً بالبينة مطلقاً وسواء كان ذلك في حال الصحة او المرض ، وما كان ثابتاً بالإقرار في حال الصحة . والمدار في ذلك هو امكان اثباته بحجةٍ لا شبهة فيها بغض النظر عن كونه نشأ في حال الصحة او المرض (1).
ب- ديون المرض :
وهي تلك الديون التي لا سبيل لا ثباتها الا باقرار المدين في مرض موته ، او فيما له حكم هذا المرض كأن يقر حال خروجه للقتل قصاصاً ، بمعنى ان المدين ، وهو في مرضه الاخير ، اقرّ بأن لفلان عنده مبلغاً من المال ، دون ان يكون هنالك دليل اخر يثبت هذا الدين ، فهذا الدين يعد من ديون المرض لانه نشأ بسببٍ غير معروف الا من جانب المقر وحده ، حال مرضه الاخير .
ومن هذا يمكن ان يفهم ان دين المرض هو ما ثبت باقرار المدين في حال المرض ، فألاقرار حجة قاصرة على المقر وحده وان فيه مظنّة التهمة بخلاف الاقرار في حال الصحة فليس فيه ذلك . وبعد هذه التفرقة بين الدينين نتساءل فيما اذا كانا في منزلةٍ سواءٍ في اخراجهما من التركة عند الحنفية او ان احدهما اولى من الاخر ؟ في الحقيقة يقول فقهاء الحنفية ان هذين الدينين ليسا في منزلة سواء ، بل دين الصحة اعلى من دين المرض ، فيقدم الوفاء به لانه اقوى ، فاذا اتسعت التركة لهذين النوعين كان خيراً ، والا وجب اداء النوع الاول اولاً ( دين الصحة ) وان بقي شيء منها يعطاه اصحاب النوع الثاني ( دين المرض ) كلٌ بنسبة دينه . ووجهة الحنفية فيما قالوا : ان ديون الصحة تتعلق بذمة المدين التي تتسع لها جميعاً . لانه وهو في صحته قادر على الاكتساب والوفاء بها ، فاذا جاء المرض واتصل الموت به صارت الديون التي تثبت باقرار المريض بها في هذه الحالة متعلقة بماله مع ذمته ، فيكون في جعلها بمنزلة ديون الصحة في الوفاء بها معها على قدم المساواة ضرر بغرماء الصحة حيث ساوى دين ضعيف لوجود التهمة فيه بدين قوي لا تهمة فيه مدفوع بالقاعدة الشرعية الفقهية ( لا ضرر ولا ضرار )(2).
ومن ناحية اخرى فان الاقرار بدين حال المرض من غير ما يؤيده من قرائن او شهود تبينت اسبابه الصحيحة فيه مظنّه محاباة المقرله ، بينما دين الصحة لا ريب في ثبوته وصحته ولا تهمة فيه ، ومن ثم وجب تقديمه على دين المرض في الوفاء به وبخاصة ان ماله حينئذ بعد كالمرهون في ديون الدائنين(3).
2- مذهب الجمهور :
لم يوافق جمهور الفقهاء على التقسيم المتقدم وضرورة التمايز بينهما ، حيث قالوا بأن ديون الصحة وديون المرض سواء في القوة ، فلا يقدم دين الصحة على دين المرض في الوفاء ، فأن لم يكن في التركة وفاء بها يكون لكل دائن حصة منها بنسبة مقدار دينه ، بلا تفرقة بين ما كان منها من ديون الصحة او ديون المرض . ووجهة نظر الجمهور : ان ديون المرض ان لزمت بنفقة او بيع مشاهد بالبيع او سبب معروف فهي ملحقة بديون الصحة على قول الحنفية ، فلم يبق من ديون المرض الا ما ثبت بالاقرار ،والاقرار حجة ملزمة للمقر ما لم يقم دليل على كذبه
ومن ناحية اخرى فأن المريض يكون ابعد عن الهوى وتهمة الكذب في اقراره هنا لانه يكون اقرب الى الله تعالى وتحري الحق والصدق منه في حال الصحة، ويكون في دور التوبة والانابة فتنتفي تهمة كذب اقراره ويكون الثابت باقراره كالثابت بالبينة (4) .
الترجيـح
يبدو ان الرأي الراجح هو ما ذهب اليه جمهور الفقهاء ، وهو القائل بالتسوية بين الدينين ، ذلك ان الاقرار حجة ملزمة لا تلغى الا اذا ثبت نقيضها ، وما لم يقم دليل على نقيضه فأن مضمونه ثابت . هذا من جهةٍ، ومن جهةٍ اخرى فاننا اذا ضيقنا الاقرار، او ضيقنا حدوده فأن في ذلك تضييقاً على المريض في سبيل ابراء ذمته وتبريد جلدته كما في الاحاديث السابقة ، وعلاوةً على ذلك كله فأن اقرار المريض يكاد لا يكون فيه تهمة ، ذلك ان الانسان في هذه الحالة ( حسب الغالب ) اقرب ما يكون الى الله تعالى والبعد عن الهوى لانه في مرحلة تصفية الحسابات وابراء الذمة ، وهي مرحلة الخروج من الدنيا والتأهب للاخرة.
_____________________
1- ابن عابدين ، الحاشية ، ج6 ، ص760 ،د. سعدي أبو حبيب، القاموس الفقهي،ص133.
2- لقد نصت المادة ( 19 ) من مجلة الاحكام العدلية على هذه القاعدة ، وغنيٌ عن البيان ان هذه القاعدة في اصلها هي حديث للرسول ( ص ) ،وقد رواه احمد وابن ماجه والبيهقي والداراقطني والحاكم وقد رووه عن ابن عباس، وعن عبادة بن الصامت، وابي سعيد الخدري ، ينظر : العسقلاني ، سبل السلام ، ج3 ، ص84 ، الشوكاني ، نيل الاوطار ، ج5 ، ص385 .
وكذا ورد بطرق الامامية ، ينظر : الصدوق ، من لا يحضره الفقيه ، ج3 ، ص103 ، و ج4 ص334 ، الكليني ، الكافي ، ج5 ، ص280 ، الطوسي ، تهذيب الاحكام ، ج7 ، ص147 ، الحر العاملي ، وسائل الشيعة ، ج18 ، ص32 ، وقد رووه عن الامام ابي جعفر الباقر ( ع ) والامام ابي عبدالله الصادق ( ع ) .
3- ينظر بصدد ما تقدم : السرخي ، المبسوط ، ج18 ، ص27-28 ، ابن عابدين ، حاشية رد المحتار ، ج6 ، ص760 ، الفتاوى الهندية ، ج6 ، ص447 ، الزيلعي ، تبيين الحقائق ، ج5 ، ص23-25 . د. محمد يوسف موسى ، التركة والميراث في الاسلام ،ص115-116.
4- ينظر : الامام مالك ، المدونة (فقه مالكي)، ج3 ، ص ، ابن قدامه ، المغني(فقه حنبلي) ، ج5 ، ص124 ، السرخي ، المبسوط (فقه حنفي)، ج18 ، ص27-28 ، الزيلعي ، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (فقه حنفي)، ج5 ، ص23-25 ، محمد ابو زهرة ، احكام التركات والمواريث ، ص33 ، د. محمد يوسف موسى ، التركة والميراث في الاسلام ، ص 116-117 ، د. احمد الغندور ، الميراث في الشريعة الاسلامية ، ص41 .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|