أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-2-2016
10388
التاريخ: 7-2-2016
2981
التاريخ: 6-2-2016
3179
التاريخ: 8-5-2017
4861
|
قد يكون الموصى له هو احد الورثة ،وعلى هذا فانه يجمع بين صفتين هنا ، صفة الموصى له ، وصفة الوارث ، بيد ان الفقهاء قد اختلفوا بصدد هذه الوصية وهل انها جائزة او لا ، وبالامكان جمع اراء الفقهاء بالاتجاهات الثلاثة الاتية :
1-الاتجاه الاول :
وهو اتجاه الظاهرية والشافعية- في غير الاظهر- والمالكية في المشهور عندهم (1). ومؤدى هذا الاتجاه ان الوصية لوارث لا تجوز اصلا سواء اجازها الورثة ام لم يجيزوا ، فان الوصية لوارث تقع باطلة غير منعقدة ، الا انه اذا اجازها الورثة فابتداء عطية من عند انفسهم في مالهم الذي آل اليهم من مورثهم تفتقر الى شروط الهبة من اللفظ والقبول والقبض . لا تنفيذا لوصية الموصي . وان اوصى لغير وارث فصار وارثا عند موت الموصي ، بطلت الوصية له ، وان اوصى لوارث ثم صار غير وارث لم تجز له الوصية ، لانه اذ عقدها كانت باطلة ، وسواء اجاز الورثة ذلك او لم يجيزوا .
وجه الاستدلال :
لقد استدل اصحاب هذا الاتجاه على رأيهم بالاتي :
1- ما رواه ابو امامة عن رسول الله (ص) انه قال : " ان الله قد اعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث" (2).
2- ان الله تعالى قد منح ذلك فليس للورثة ان يجيزوا ما ابطله الله تعالى على لسان رسول الله (ص) الا ان يبتدئوا هبة لذلك من عند انفسهم لانه مالهم (3).
الاتجاه الثاني :
وهو ما ذهب اليه الحنفية والشافعية والحنابلة في الاظهر من مذهبيهما والزيدية ،وقولٌ غير مشهور للمالكية (4). ومؤدى هذا الاتجاه أن الاصل في الوصية انها لا تكون لوارث ،فإن اوصى شخص لوارث توقفت صحة هذه الوصية على اجازة الورثة ، فإن اجاز الجميع نفذت وان اجازها البعض ولم يجزها البعض الاخر نفذت في حصة من اجاز وبطلت في حصة من لم يجز ، وتعد الاجازة من الوارث تنفيذا لما اراده الموصي ونزولا عن حقه المانع من نفاذ الوصية .
وجه الاستدلال :
لقد استدل هذا الفريق من الفقهاء على رأيه بالاتي :
1- ما ورد عن الرسول (ص) انه قال " لا وصية لوارث الا ان يجيز الورثة " (5).
2- ولان المنع كان لحقهم فتجوز باجازتهم لانه باجازتهم قد رضوا بأسقاط حقهم فارتفع المانع.
3- ولان في اجازة الوصية للوارث دون النظر الى اجازتهم فيه ايذاء لهم بإيثار الموصى له عليهم ، مما يسبب ايقاع العداوة والحسد وقطعية الرحم .لذلك كانت الاجازة من الورثة الباقين ضرورية لصحة هذه الوصية لدفع الضرر عنهم جميعا . وان وقت اعتبار الشخص وارثا او غير وارث انما يكون وقت الموت لا وقت الوصية لانها تمليك مضاف الى ما بعد الموت . فلو اوصى لأخيه وله ابن وقت الوصية ثم مات قبل موت الموصي ،ثم مات الموصي لم تصح الوصية لان الموصى له وهو الاخ صار وارث الموصي عند موته ، ولو اوصى لأخيه ولا ابن له وقت الوصية ثم ولد له ابن ،ثم مات الموصي صحت الوصية ، لان الاخ ليس بوارثه عند الموت بصيرورية محجوبا بالابن . اما وقت اجازة الورثة للوصية للوارث فان هذه الاجازة لا تصح ولا يترتب عليها اثرها وهو نفاذ الوصية الا اذا صدرت بعد وفاة الموصي ، وفي هذه الحالة تلزم ولا يصح الرجوع عنها لانها وقعت بعد ثبوت الملك حقيقةً لهم فتلزم ولا عبرة بردهم او اجازتهم في حياة الموصي ، لانها قبل ثبوت حقيقة الملك لهم ويجب اعادة الاجازة عند وفاة الموصي اذا ارادوا نفاذها والا بطلت (6).
3-الاتجاه الثالث :
وهو ماذهب اليه الشيعة الامامية (7).
ومؤدى هذا الاتجاه ان الوصية للوارث صحيحة ولا تتوقف على اجازة من الورثة ما دامت في حدود الثلث شانها شان الوصية لأجنبي .
وجه الاستدلال :
لقد احتج أصحاب هذا الاتجاه بالأدلة الاتية :
1- بعموم الآية الكريمة : ) كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكَمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ( (8).
2- بإطلاقات الروايات التي يفهم منها جواز الوصية للاجنبي وللوارث متى ما كانت في حدود الثلث .فضلاً عن وجود روايات صريحة بجواز الوصية للوارث ، ومنها ما رواه أبو بكير عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر قال :سألته عن الوصية للوارث ،فقال :تجوز ثم تلا هذه الآية " إن ترك خيراً الوصية للوالدين والأقربين .."(9).
3- هذا اضافةً الى الاجماع عندهم على جواز ذلك .
4- إن الوصية للوارث إحسانٌ إلى أقاربه وقد ندب الله سبحانه وتعالى إلى كل إحسان عقلاً وسمعاً ،ولم يخص بعيداً من قريب بذلك ،ولا فرق بين إعطائهم في حياته أو أن يوصي اليهم .
5- أما الأحاديث التي رواها الجمهور ، والدالة على خلاف ذلك ،فإنها لم تثبت عندهم ،وقالوا بأن هذه الأحاديث مع ضعفها فإنها تقتضي الظن دون العلم اليقين ،ولا يجوز أن ينسخ ما يوجب الظن، كتابَ الله الذي يوجب العلم اليقين ،بمعنى أنه عند التعارض فإن الكتاب أولى من إتباع الحديث ،إذ الحكم به على الأخبار، أولى من الحكم بالأخبار عليه .
6- وردوا القول بالنسخ ،أن النسخ إنما يكون إذا كان هنالك تعارضٌ وتنافي في العمل بموجبهما وفي هذا المقام لاتنافي بين آيات المواريث وآية الوصية ، والعمل بمقتضاهما جائزٌ وسائغ . ثم إن الآية لو كانت منسوخةً ، لما أكدها القرآن الكريم بألفاظٍ مثل "حقاً على المتقين " ،إذ لو كانت الآية ستُنسخ ،ما أستُعملت عباراتٍ مؤكدة هكذا . لقد اجاب اصحاب الاتجاه الثاني القائل بجواز الوصية بشرط اجازة الورثة ، على اصحاب الاتجاه الثالث القائل بالجواز مطلقا طالما كانت في حدود الثلث . بالقول ان الآية التي استندوا اليها منسوخة بقوله تعالى : ) لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ((10)، او بآيات المواريث . بيد ان اصحاب الاتجاه الثالث ردوا هذا الاشكال بالقول ان الذي رُفع في آية ) كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ…( انما هو الوجوب فقط ، واذا رفع الوجوب حل محله الجواز ، وهذا يعني ان نسخ الوجوب لا يستلزم نسخ الجواز وعلى هذا يمكن ان يُفهم قوله (ص) : " لا وصية لوارث " بانه يعني نفي الوجوب لا الجواز ، أي انها لم تبق واجبة كما كانت قبل نزول آيات المواريث .
مما تقدم يمكن أن نخلص الى الاتي :
1-ان الاتجاه الاول "الظاهرية والمالكية في المشهور والشافعية في غير الاظهر " لا يجيزون الوصية للوارث مطلقا ، واذا اجازها الورثة فانها تكون ابتداء هبة منهم فيشترط في المجيز والموصى له ما يشترط في الواهب والموهوب له من الشروط .
ونستنتج من ذلك ان شرط عدم كون الموصى له وارثا حسب هذا الاتجاه انما هو شرط صحة .
2-وبحسب الاتجاه الثاني "الحنفية والشافعية والحنابلة في الاظهر من مذهبيهما والمالكية في غير المشهور" فان الوصية للوارث صحيحة لكنها غير نافذة ، فهي موقوفة على اجازة الورثة ، فان اجازوها جازت ، وان لم يجيزوها بطلت . وهو ما يعني بطبيعة الحال ان شرط عدم كون الموصى له وارثا انما هو شرط نفاذ لا شرط صحة ، فالوصية صحيحة لكنها غير نافذة .
3-وبحسب الاتجاه الثالث "الشيعة الامامية " فان الوصية كما انها تصح لاجنبي فهي كذلك تصح لو كانت لوارث، وان لم يجزها الورثة ما دامت مقيدة في حدود الثلث ، ويترتب على ذلك ان الشرط المذكور انفا ليس شرط صحة ولا شرط نفاذ .
4-ان ثمرة الخلاف بين الاتجاهات المتقدمة ، هو ان الوصية بحسب الاتجاه الثاني اذا كانت صحيحة فأجازها الورثة فانها تكون تنفيذا لوصية الموصي ولا تحتاج الى توافر شروط الهبة ،وليس للمجيز الرجوع ولو قبل القبض ، اما بحسب الاتجاه الاول فانها تكون باطلة، فاذا اجازها الورثة فان الاجازة تعد هبة تفتقر الى شروط الهبة ، واما بحسب الاتجاه الثالث فان الوصية تعد صحيحة لا تحتاج الى اجازة الورثة ، ولا الى توافر شروط الهبة ، فهي بهذا الاعتبار تعد تنفيذا لوصية الموصي .
____________________
[1]- ينظر : ابن حزم ، المحلى "فقه ظاهري " ، ج9 ،ص316 الذي يقول في هذا الصدد : " ولا تحل الوصية لوارث اصلا فان اوصى لغير وارث وصار وارثا عند موت الموصي بطلت الوصية له ، فان اوصى لوارث ثم صار غير وارث لم تجز له الوصية لانها اذا عقدها كانت باطلة وسواء جوز الورثة ذلك ام لم يجوزوا " . الشربيني ، مغنى المحتاج "فقه شافعي " ، ج3 ، ص43 . الشيرازي ، المهذب ، ج2 ، ص451 ، الذي يقول : " واختلف قول الشافعي في الوصية للوارث قال في احد القولين لا تصح لقول النبي (ص) "لا وصية لوارث" . الدسوقي ، حاشية الدسوقي "فقه مالكي " ، ج4 ، ص427 . الخرشي ، شرح مختصر خليل ، ج8 ، ص171 ، الذي يذكر في هذا الصدد " تبطل الوصية للوارث بان يوصي بما يخالف حقوقهم او لبعضٍ دون بعض " .
2- رواه الخمسة الا النسائي ، ينظر : الشوكاني ، نيل الاوطار ، ج6 ،ص151.
3- ابن حزم : المحلى ، ج9 ،ص316 .
4- ينظر : الكاساني ، بدائع الصنائع "فقه حنفي" ، ج7 ، ص337 . السرخسي ، المبسوط "فقه حنفي" ، ج7 ،ص175 ،الشافعي ، الأم،ج4، ص121،الشربيني الخطيب ، مغني المحتاج "فقه شافعي" ، ج3 ، ص43 ، ابن قدامه ، المغني "فقه حنبلي " ، ج6 ، ص418 ، الدسوقي ، الحاشية "فقه مالكي " ، ج4 ، ص427 ، أحمد المرتضى ، البحر الزخار "فقه زيدي " ، ج6 ، ص309 .
5- رواه الدار قطني ، وذكر صاحب التلخيص ان اسناده واه . ينظر : الشوكاني ، نيل الاوطار ، ج6 ، ص151-152 .
6- ينظر : المصادر المشار اليها سابقا .
7- ينظر بصدد الفقه : المفيد ، المقنعة ،ص670 ، الذي يقول في هذا الصدد : "ولا بأس بالوصية للوارث ،قال الله عز وجل (كُتب عليكم إذا حضر ..الآية ) ،الشريف المرتضى ، الانتصار ،ص597-599 ،الذي يذكر في هذا الصدد : "إن الوصية للوارث جائزة وليس للوارث ردها " ، الطوسي ، المبسوط ، ج4،ص61 ، وج3 ،ص43 ،الذي يقول : "وعندنا يرث لان الوصية للوارث تصح " ،المحقق المحلي ، المختصر النافع ، ص189 ، الذي يذكر في هذا الصدد : "وتصح الوصية للوارث كما تصح للاجنبي " . الشهيد الثاني ، الروضة البهية ، ج2 ، ص55 ، الذي يقول في هذا الصدد: "وتستحب الوصية لذوي القرابة وارثا كان ام غير وارث لقوله تعالى ) كتب عليكم اذا حضر احدكم الموت ……( الآية ، ولان فيه صلة الرحم "، الخوئي ، منهاج الصالحين ،ج2 ،ص221 ،علي الحسيني ، منهاج الصالحين ،ج2 ،ص376 ، الطبعات المذكورة آنفاً ،جعفر السبحاني ،الوصية للوارث ،مؤسسة الإمام الصادق ،ط1 ،2002 م،ص5 وما بعدها وبصدد الحديث ينظر : الصدوق ، من لايحضره الفقيه ،ج4 ،باب الوصية للوارث ،طبعة النجف ،ص144،الطوسي ، الإستبصار ،ج4 ، باب الوصية للوارث ص126، الكليني ، الكافي ،ج7 ،باب الوصية للوارث ،ص9-10 ،الحر العاملي ،الوسائل ،ج19 ،باب جواز الوصية للوارث، ص287-289 ، الطبعات المذكورة آنفاً ،أبن شعبة الحراني ،تحف العقول ،مؤسسة الأعلمي ،ط5،1974،بيروت ،ص30 ،الذي يروي حديثاً عن الرسول (ص) في حجة الوداع أنه قال : "أيها الناس إن الله قسم لكل وارث نصيبه من الميراث ،ولا يجوز لوارث وصية في أكثر من الثلث ، والولد للفراش ،وللعاهر الحجر .." .
هذا وقد قيل أن الوصية للوارث جائزة عند الإمامية بالإجماع ، ينظر : عز الدين بحر العلوم ،بحوث فقهية ،دار الزهراء ،ط2 ،1973 ،بيروت ،ص314 .
8- سورة البقرة /الآية 180 .
9- ينظر: الصدوق ، مصدر سابق ،ج4 ،ص144،وكذا المصادر الذكورة آنفاً .
10- النساء/ الآية7.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|