ذكر شعيا وأصحاب الأخدود وإلياس واليسع ويونس وأصحاب الكهف والرّقيم |
1801
05:38 مساءاً
التاريخ: 5-2-2016
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-10-2014
1488
التاريخ: 18-11-2014
1503
التاريخ: 2023-03-28
1036
التاريخ: 5-2-2016
1802
|
1 ـ وبإسناده عن جابر ، عن الباقر عليه السلام قال : قال عليّ عليه السلام أوحى الله تعالى جلّت قدرته إلى شعياً عليه السلام أنّي مهلك من قومك مائة ألف ، اربعين ألفاً من شرارهم ، وستّين ألفاً من خيارهم ، فقال عليه السلام : هؤلاء الأشرار فما بال الأخيار ؟ فقال : داهوا أهل المعاصي ، فلم يغضبوا لغضبي (1).
2 ـ وبالإسناد المذكور عن وهب بن منبّه ، قال : كان في بني إسرائيل ملك في زمان شعيا وهم متابعون مطيعون لله ، ثمّ إنّهم ابتدعوا البدع ، فأتاهم ملك بابل ، وكان نبيّهم يخبرهم بغضب الله عليهم ، فلمّا نظروا إلى ما لا قبل لهم به من الجنود تابوا وتضرّعوا.
فأوحى الله تعالى إلى شعياً عليه السلام : إنّي قبلت توبتهم لصلاح آبائهم وملكهم كان قرحة بساقه ، وكان عبداً صالحاً ، فأوحى الله تعالى إلى شعيا أن مر ملك بني إسرائيل فليوص وصيّه وليستخلف على بني إسرائيل من أهل بيته ، فإنّي قابضه يوم كذا فليعهد عهده ، فأخبر شعياً عليه السلام برسالته عزّ وجل.
فلمّا قال له ذلك ، أقبل على التّضرع والدّعاء والبكاء ، فقال : اللّهم ابتدأتني بالخير من أوّل أمري وسبّبته لي وأنت فيما أستقبل رجائي وثقتي ، فلك الحمد بلا عمل صالح سلف منّي وأنت أعلم منّي بنفسي وأسألك أن تؤخّر عنّي الموت ، وتنسأ لي في عمري ، وتستعملني بما تحبّ وترضى.
فأوحى الله تعالى إلى شعياً عليه السلام : إنّي رحمت تضرّعه ، واستجبت دعوته ، وقد زدت في عمره خمس عشرة سنة ، فمره فيداو قرحته بماء التّين ، فإنّي قد جعلته شفاء ممّا هو فيه ، وإنّي قد كفيته وبني إسرائيل مؤونة عدوّهم.
فلمّا أصبحوا وجوداً جنود ملك بابل مصروعين في عسكرهم موتى لم يفلت منهم أحد إلاّ ملكهم وخمسة نفر ، فلمّا نظروا إلى أصحابهم وما أصابهم كرّوا منهزمين إلى ارض بابل ، وثبت بنو إسرائيل متوازرين على الخير ، فلمّا مات ملكهم ابتدعوا البدع ودعا كلّ إلى نفسه وشعياً عليه السلام يأمرهم وينهاهم ، فلا يقبلون حتّى أهلكهم الله (2).
3 ـ وعن أنس أنّ عبدالله بن سلام سألم النّبي صلى الله عليه واله عن شعياً عليه السلام فقال : هو الّذي بشّر بي وباخي عيسى بن مريم عليهما السلام (3).
4 ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا محمد بن موسى بن المتوكّل ، حدّثنا عبدالله بن جعفر الحميري ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن مالك بن عطيّة ، عن معروف بن خربوذ ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : أخبرنا أبي عليّ بن الحسين عليهما السلام حدّثني جابر بن عبدالله ، قال : سمعت سلمان الفارسي رضي الله عنه يحدّث أنّه كان في ملوك فارس ملك يقال له : روذين جبّار عنيد عات ، فلمّا اشتدّ في ملكه فساده في الأرض ، ابتلاه الله بالصّداع في شقّ رأسه الأيمن حتّى منعه من المطعم والمشرب ، فاستغاث وذلّ ودعا وزراءه ، فشكى إليهم ذلك فأسقوه الأدوية وآيس من سكونه.
فعند ذلك بعث الله نبيّاً فقال له : اذهب إلى روذين عبدي الجبّار في هيئة الأطّباء وابتدئه بالتّعظيم له والرّفق به ، ومنّه سرعة الشّفاء بلا دواءٍ تسقيه ولا كيّ تكويه ، وإذا رأيته قد أقبل وجهه إليك ، فقل : إنّ شفاء دائك في دم صبيّ رضيع بين أبويه يذبحانه لك طائعين غير مكرهين ، فتأخذ من دمة ثلاث قطرات فتسعط به في منخرك الأيمن تبرأ من ساعتك ، ففعل النّبي ذلك فقال الملك : ما أعرف في النّاس هذا ، فقال : إن بدّلت العطيّة وجدت البغية قال : فبعث الملك بالرّسل في ذلك ، فوجدوا جنيناً بين أبويه محتاجين ، فأرغبهما في العطيّة ، فانطلقا بالصّبي إلى الملك ، فدعا بطاس فضّة وشفرة ، وقال لأمه : امسكي ابنك في حجرك.
فانطلق الله الصّبيّ وقال : أيّها الملك كفّهما عن ذبحي فبئس الوالدان هما ، أيّها الملك : إنّ الصّبي الضّعيف إذا ضيم كان أبواه يدفعان عنه ، وأنّ أبويّ ظلماني ، فايّاك أن تعينهما على ظلمي. ففزع الملك فزعاً شديداً ، أذهب عنه الدّاء ، ونام روذين في تلك الحالة ، فرآى في النّوم من يقول له : الإله الأعظم أنطق الصّبيّ ، ومنعك ومنع أبويه من ذبحه ، وهو ابتلاك الشّقيقة لنزعك من سوء السّيرة في البلاد ، وهو الّذي ردّك إلى الصّحة ، وقد وعظك بما أسمعك. فانتبه ولم يجد وجعاً ، وعلم أنّ كلّه من الله تعالى ، فسار في البلاد بالعدل (4).
5 ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا محمد بن علي ماجيلويه ، عن عمّه محمد بن القاسم ، حدّثنا محمد بن عليّ الكوفي ، عن ابي جميلة ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : إنّ أسقف نجران دخل على أمير المؤمنين عليه السلام فجرى ذكر أصحاب الأخدود ، فقال عليه السلام : بعث الله نبيّاً حبشيّاً إلى قومه وهم حبشة ، فدعاهم إلى الله تعالى ، فكذّبوه وحاربوه وظفروا به وخدّوا ، وجعلوا فيها الحطب والنّار.
فلمّا كان حرّاً قالوا لمن كان على دين ذلك النّبي صلى الله عليه واله : اعتزلوا وإلاّ طرحناكم فيها ، فاعتزل قوم كثير ، وقذف فيها خلق كثير ، حتّى وقعت امرأة ومعها ابن لها من شهرين ، فقيل لها : إمّا أن ترجعي وإمّا أن تقذفي في النّار ، فهمّت أن تطرح نفسها في النّار ، فلمّا رأت ابنها رحمته ، فأنطق الله تعالى الصّبي ، وقال : يا اماه اُلق نفسك وإيّاي في النّار ، فانّ هذا في الله قليل (5).
6 ـ وتلا عند الصّادق عليه السلام رجل {قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ} [البروج : 4] فقال : قتل أصحاب الأخدود.
وسئل أمير المؤمنين عليه اسلام عن المجوس أيّ أحكام تجري فيهم ؟ قال : هم أهل الكتاب كان لهم كتاب ، وكان لهم ملك سكر يوماً ، فوقع على أخته وأمّه ، فلمّا أفاق ندم وشقّ ذلك عليه ، فقال للنّاس : هذا حلال فامتنعوا عليه ، فجعل يقتلهم وحفر لهم الأخدود ويلقيهم فيها (6).
7 ـ وعن ابن ماجيلويه ، حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار ، عن الحسين بن الحسن بن أبان ، عن محمد بن أورمة ، عن عليّ بن هلال الصّيقل ، عن شريك بن عبدالله ، عن جابر بن يزيد الجعفي ، عن الباقر عليه السلام قال : ولّى عمر رجلاً كورة من الشّام ، فافتتحها وإذا أهلها أسلموا ، فبنى لهم مسجداً فسقط ثمّ بناه فسقط.
فكتب إلى عمر بذلك ، فلمّا قرأ الكتاب سأل أصحاب محمد صلى الله عليه واله هل عندكم في هذا علم ؟ قالوا : لا ، فبعث إلى عليّ بن أبي طالب عليه السلام فأقرأه الكتاب فقال : هذا نبيّ كذّبه قومه ، فقتلوه ودفنوه في هذا المسجد ، وهو متشحطّ في دمه ، فاكتب إلى صاحبك فلينبشه ، فانّه سيجده طريّاً ليصلّ عليه وليدفنه في موضع كذا ، ثمّ ليبن مسجداً ، فانّه سيقوم ، ففعل ذلك ، ثمّ بنى المسجد فثبت.
وفي رواية : اكتب إلى صاحبك أن يحفر ميمنة أساس المسجد ، فانّه سيصيب فيها رجلاً قاعداً يده على أنفه ووجهه ، فقال عمر : من هو ؟ قال عليّ عليه السلام : فاكتب إلى صاحبك فليعمل ما أمرته ، فان وجده كما وصفت لك أعلمتك إنشاء الله ، فلم يلبث إذ كتب العامل أصبت الرّجل على ما وصفت ، فصنعت الّذي أمرت فثبت البناء ، فقال عمر لعليّ عليه السلام : ما حال هذا الرّجل ؟ فقال : هذا نبيّ اصحاب الأخدود (7).
وقصّتهم معروفة في تفسير القرآن (8).
8 ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا أبو عبدالله محمد بن شاذان بن أحمد بن عثمان البرواذي ، حدّثنا أبو علي محمد بن محمد بن الحارث بن سفيان الحافظ السّمرقندي ، حدّثنا صالح بن سعيد التّرمذي ، عن منعم بن إدريس ، عن وهب بن منبّه ، عن ابن عباس ( رض ) قال : إنّ يوشع بن نون بوّأ بني إسرائيل الشّام بعد موسى عليه السلام وقسّمها بينهم ، فصار منهم سبط ببعلبكّ بأرضها ، وهو السّبط الّذي منه إلياس النّبي صلى الله عليه واله فبعثه الله إليهم وعليهم يومئذ ملك فتنهم بعبادة صنم يقال له : بعل وذلك قوله تعالى : {وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (123) إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ (124) أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ (125) اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (126) فَكَذَّبُوهُ } [الصافات : 123 - 1267]. وكان للملك زوجة فاجرة يستخلفها إذا غاب فتقضي بين النّاس ، وكان لها كاتب حكيم قد خلص من يدها ثلاثمائة مؤمن كانت تريد قتلهم ، ولم يعلم على وجه الأرض أنثى أزنا منها ، وقد تزوّدت سبعة ملوك من بني إسرائيل حتّى ولدت تسعين ولداً سوى ولد ولدها.
وكان لزوجها جار صالح من بني إسرائيل وكان له بستان يعيش به إلى جانب قصر الملك ، وكان الملك يكرمه ، فسافر مرّة ، فاغتنمت امرأته وقتلت العبد الصّالح ، وأخذت بستانه غصباً من أهله وولده وكان ذلك سبب سخط الله عليهم ، فلمّا قدم زوجها أخبرته الخبر ، فقال لهم : ما أصبت.
فبعث الله إلياس النّبي صلى الله عليه واله يدعوهم إلى عبادة الله ، فكذّبوه وطردوه وأهانوه وأخافوه ، وصبر عليهم واحتمل أذاهم ، ودعاهم إلى الله تعالى فلم يزدهم إلاّ طغياناً ، فآلى الله على نفسه أن يهلك الملك والزّانية إن لم يتوبوا إليه ، وأخبرهما بذلك ، فاشتدّ غضبهم عليه وهمّوا بتعذيبه وقتله ، فهرب منهم ، فلحق بأصعب جبل ، فبقي فيه وحده سبع سنين ، يأكل من نبات الأرض وثمار الشّجر ، والله يخفي مكانه.
فأمرض الله ابنا للملك مرضاً شديداً حتّى يئس منه ، وكان أعزّ ولده عليه ، فاستشفعوا إلى عبدة الصّنم ليستشفعوا له فلم ينفع ، فبعثوا النّاس إلى حدّ الجبل الّذي فيه إلياس عليه السلام وكانوا يقولون : اهبط إلينا واشفع لنا ، فنزل إلياس من الجبل.
وقال : إنّ الله أرسلني إليكم وإلى من وراءكم ، فاسمعوا رسالة ربّكم يقول الله : ارجعوا إلى الملك ، فقولوا له : إنّي أنا الله لا إله إلاّ أنا إله بني إسرائيل الّذي خلقهم ، وأنا الذي أرزقهم وأحييهم واُمييتهم وأضرّهم وأنفعهم ، وتطلب الشّفاء لابنك من غيري ، فلمّا صاروا إلى الملك وقصّوا عليه القصّة امتلأ غيظاً.
فقال : ما الّذي منعكم أن تبطشوا به ؟ حين لقيتموه وتوثقوه وتأتوني به فانّه عدوّي ، قالوا : لمّا صار معنا قذف في قلوبنا الرّعب عنه ، فندب خمسين من قومه من ذوي البطش وأوصاهم بالاحتيال له وإطماعه في أنّهم آمنوا به ليفترّبهم فيمكّنهم من نفسه.
فانطلقوا حتّى ارتقوا ذلك الجبل الّذي فيه إلياس عليه السلام ثمّ تفرّقوا فيه ، وهم ينادونه بأعلى صوتهم ، يقولون : يا نبيّ الله ابرز لنا ، فانّا آمنّا بك ، فلمّا سمع إلياس مقالتهم طمع في إيمانهم وكان في مغار ، فقال : اللّهمّ إن كانوا صادقين فيما يقولون فأذن لي في النّزول إليهم ، وان كانوا كاذبين فاكفنيهم وارمهم بنار تحرقهم ، فما استتمّ قوله حتّى حصبوا بالنّار من فوقهم فاحترقوا.
فبلغ الملك خبرهم ، فاشتدّ غيظه ، فانتدب كاتب امرأته المؤمن وبعث معه جماعة إلى الجبل ، وقال له : قد آن أن أتوب ، فانطلق لنا إليه حتّى يرجع إلينا يأمرنا وينهانا بما يرضى ربّنا وأمر قومه فاعتزلوا الأصنام.
فانطلق كاتبها والفئة الّذين أنفذهم معه حتّى علا إلى الجبل الّذي فيه إلياس ، ثمّ ناداه فعرف إلياس صوته ، فأوحى الله تعالى إليه أن ابرز إلى أخيك الصّالح وصافحه وحيّه ، فقال المؤمن : بعثني إليك هذا الطّاغي وقومه وقصّ عليه ما قالوا.
ثمّ قال : وإنّي لخائف إن رجعت إليه ولست معي أن يقتلني ، فأوحى الله تعالى إلى إلياس عليه السلام : أنّ كلّ شيء جاءك منهم خداع ليظفروا بك وأنّي أشغله عن هذا المؤمن بأن اُميت ابنه فلمّا قدموا عليه شدّد الله الوجع على ابنه ، وأخذ الموت يكظمه ، ورجع إلياس سالماً إلى مكانه فلمّا ذهب الجزع عن الملك بعد مدّة سأل الكاتب عن الّذي جاء به فقال : ليس لي به علم.
ثمّ إنّ إلياس عليه السلام نزل واستخفي عند أمّ يونس بن متى ستّة أشهر ويونس عليه السلام مولود ثمّ عاد إلى مكانه فلم يلبث إلاّ يسيرا حتّى مات ابنها حين فطمته فعظمت مصيبتها فخرجت في طلب إلياس ورقت الجبال حتّى وجدت إلياس فقالت : إنّي فجعت بموت ابني وألهمني الله تعالى عزّ وجلّ الاستشفاع بك إليه ليحيي لي ابني ، فانّي تركته بحاله ولم أدفنه وأخفيت مكانه فقال لها : ومتى مات ابنك قالت : اليوم سبعة أيّام.
فانطلق إلياس وصار سبعة أيّام أخرى حتّى انتهى إلى منزلها ، فرفع يديه بالدّعاء واجتهد حتّى أحيى الله تعالى جلّت عظمته بقدرته يونس عليه السلام ، فلمّا عاش انصرف إلياس ، ولمّا صار ابن أربعين سنة أرسله الله تعالى إلى قومه ، كما قال : {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ } [الصافات : 147].
ثم أوحى الله تعالى إلى إلياس بعد سبع سنين من يوم أحيى الله يونس عليه السلام : سلني أعطك ، فقال : تميتني فتلحقني بآبائي ، فانّي قد مللت بني إسرائيل وأبغضتهم فيك ، فقال تعالى جلّت قدرته : ما هذا باليوم الّذي أعري منك الأرض وأهلها ، وإنما قوامها بك ، ولكن سلني أعطك ، فقال إلياس : فأعطني ثاري من الّذين أبغضوني فيك ، فلا تمطر عليهم سبع سنين قطرة إلاّ بشفاعتي ، فاشتدّ على بني إسرائيل الجوع ، وألحّ عليهم البلاء ، وأسرع الموت فيهم ، وعلموا أنّ ذلك من دعوة إلياس ، ففزعوا إليه وقالوا : نحن طوع يدك ، فهبط إلياس معهم ومعه تلميذ له اليسع وجاء إلى الملك فقال : أفنيت بني إسرائيل بالقحط ، فقال : قتلهم الّذي أغواهم ، فقال : ادع ربّك يسقهم.
فلمّا جنّ اللّيل قام إلياس عليه السلام ودعا الله ، ثمّ قال لليسع : انظر في أكناف السّماء ماذا ترى ؟ فنظر ، فقال : أرى سحابة ، فقال : أبشروا بالسّقاء فيحرزوا أنفسهم وامتعتهم من الغرق ، فأمطر الله عليهم السّماء وأنبت لهم الأرض ، فقام إلياس بين أظهرهم وهم صالحون.
ثمّ أدركهم الطّعيان والبطر ، فحجدوا حقّه وتمرّدوا ، فسلّط الله تعالى عليهم عدوّاً قصدهم ولم يشعروا به حتّى رهقهم فقتل الملك وزوجته وألقاهما في بستان الّذي قتلته زوجة الملك ، ثمّ وصّى إلياس إلى اليسع وأنبت الله لإلياس الرّيش وألبسه النّور ورفعه إلى السّماء وقذف بكسائه من الجّو على اليسع ، فنبّاه الله على بني إسرائيل ، وأوحى إليه وأيّده ، فكان بنو إسرائيل يعظّمونه ويهتدون بهداه (9).
9 ـ وبالإسناد المتقدّم عن الحسن بن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن أبي عبيدة الحذّاء ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : وجدنا في بعض كتب عليّ عليه السلام أنّه قال : حدّثني رسول الله صلى الله عليه واله أنّ جبرئيل عليه السلام حدّثه أنّ يونس بن متى بعثه الله تعالى إلى قومه ، وهو ابن ثلاثين سنة ، وأنّه أقام فيهم يدعوهم إلى الله تعالى فلم يؤمن به إلاّ رجلان.
أحدهما روبيل وكان من أهل بيت العلم والحلم ، وكان قديم الصّحبة ليونس عليه السلام قبل أن يبعثه الله بالنّبوة ، وكان صاحب غنم يرعاها ويتقوّت منها.
والثّاني ـ تنوخا : رجلٌ عابد زاهد ليس له علم ولا حكمة ، وكان يحتطب ويأكل من كسبه ، فلمّا رآى يونس أنّ قومه لا يجيبونه ، وخاف أن يقتلوه ، شكى ذلك إلى ربّه تعالى.
فأوصى الله تعالى إليه : أنّ فيهم الحبلى والجنين والطّفل الصّغير والشيخ الكبير والمرأة الضّعيفة ، أحبّ أن أرفق بهم وأنتظر توبتهم ، كهيئة الطّبيب المداوي العالم بمداواة الدّاء ، فانّي اُنزل العذاب يوم الاربعاء في وسط شوّال بعد طلوع الشّمس.
فأخبر يونس عليه السلام تنوخا العابد به وروبيل ليعلماهم ، فقال تنوخا : أرى لكم أن تعزلوا الأطفال عن الأمّهات في أسفل الجبل في طريق الأدوية ، فإذا رأيتم ريحاً صفراء أقبلت من المشرق ، فعجّوا بالصّراخ والتّوبة إلى الله تعالى جلّت قدرته بالاستغفار ، وارفعوا رؤوسكم إلى السّماء ، وقولوا : ربّنا ظلمنا أنفسنا فاقبل توبتنا.
ولا تملنّ من التّضّرع إلى الله جلّت عظمته والبكاء حتّى تتوارى الشّمس بالحجاب ويكشف الله عنكم العذاب ، ففعلوا ذلك فتاب عليهم ولم يكن الله اشترط على يونس أنّه يهلكهم بالعذاب إذا أنزله.
فأوحى الله جلّ جلاله إلى إسرافيل : أن اصرف عنهم ما قد نزل بهم من العذاب ، فهبط إسرافيل عليهم ، فنشر أجنحة فاستاق (10) بها العذاب حتّى ضرب بها الجبال الّتي بناحية الموصل ، فصارت حديداً إلى يوم القيامة ، فلمّا رآى قوم يونس أنّ العذاب صرف عنهم حمدوا الله وهبطوا إلى منازلهم وضمّوا إليهم نساءهم وأولادهم.
وغاب يونس عليه السلام عن قومه ثمانية وعشرين يوماً ، سبعة في ذهابه ، وسبعة في بطن الحوت ، وسبعة بالعراء ، سبعة بالعراء ، وسبعة في رجوعه إلى قومه ، فأتاهم فآمنوا به وصدّقوه واتّبعوه عليه السلام (11).
10 ـ وبإسناده عن ابن أرومة ، عن الحسن بن عليّ بن محمد ، عن رجل ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : خرج يونس عليه السلام مغاضباً من قومه لما رأى من معاصيهم ، حتّى ركب مع قوم في سفينة في اليمّ ، فعرض لهم حوت ليغرقهم ، فساهموا ثلاث مرّات ، فقال يونس : إيّاي أراد ، فاقذفوني ، فلمّا أخذت السّمكة يونس عليه السلام أوحى الله تعالى إليها : إنّي لم أجعله لك رزقاً ، فلا تكسري له عظماً ولا تأكلي له لحماً.
قال : فطافت به البحار : {فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء : 87]. وقال : لمّا صارت السّمكة في البحر الّذي فيه قارون سمع قارون صوتاً لم يسمعه ، فقال للملك الموكّل به : ما هذا الصّوت قال : هو يونس النّبي صلى الله عليه واله في بطن الحوت ، قال : فتأذن لي أن أكلّمه ، قال : نعم ، قال : يا يونس ما فعل هارون ؟ قال : مات فبكى قارون ، قال : ما فعل موسى ؟ قال : مات فبكى قارون ، فأوحى الله جلّت عظمته إلى الملك الموكّل به أن خفّف العذاب عن قارون لرقّته على قرابته.
وفي خبر آخر : أرفع عنه العذاب بقيّة أيّام الدّنيا ، لرقّته على قرابته.
وفي هذا الخبر شيء يحتاج إلى تأويل.
ثم قال أبو عبدالله عليه السلام : إنّ النبيّ صلى الله عليه واله يقول : ما ينبغي لأحد أن يقول : أنا خير من يونس بن متى عليه السلام (12).
11 ـ وبالإسناد المذكور عن ابن أورمة ، عن الحسن بن محمد الحضرمي ، عن عبدالله بن يحيى الكاهلي ، عن أبي عبد الله عليه السلام وذكر أصحاب الكهف ، فقال : لو كلّفكم قومكم ما كلّفهم قومهم : فافعلوا فعلهم. فقيل له : وما كلّفهم قومهم ؟ قال : كلّفوهم الشّرك بالله ، فأظهروه لهم وأسرّوا الإيمان حتّى جاءهم الفرج وقال : إنّ أصحاب الكهف كذبوا فآجرهم الله وصدقوا فآجرهم الله. وقال : كانوا صيارفة كلام ولم يكونوا صيارفة الدّارهم.
وقال : خرج أصحاب الكهف على غير معاد ، فلمّا صاروا في الصّحراء أخذ هذا على هذا وهذا على هذا العهد والميثاق ، ثمّ قال : أظهروا أمركم فأظهروه ، فاذا هم على أمر واحد.
وقال : إنّ أصحاب الكهف أسرّوا الإيمان وأظهروا الكفر ، فكانوا على إظهارهم الكفر أعظم أجراً منهم على إسرارهم الإيمان.
وقال : ما بلغت تقيّة أحد ما بلغت تقيّة أصحاب الكهف وإن كانوا ليشدّون الزّنانير ويشهدون الأعياد ، فأعطاهم الله أجرهم مرّتين (13).
12 ـ وعن ابن أورمة ، عن الحسن بن عليّ ، عن ابراهيم بن محمد بن عن محمد بن مروان ، عن فضيل بن يسار ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : إنّ أصحاب الكهف كذبوا الملك فاجروا ، وصدقوا فاجروا(14).
13 ـ وعن ابن أورمة ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى : {أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا} [الكهف : 9]. قال : هم قوم فقدوا فكتب ملك ذلك الزّمان أسماءهم وأسماء آبائهم وعشايرهم في صحف من رصاص (15).
14 ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا أبي ، حدّثنا سعد بن عبدالله ، حدّثنا أحمد بن محمد بن عيسى ، عن القاسم بن يحيى ، عن جدّه الحسن بن راشد ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : صلّى النبيّ صلى الله عليه واله ذات ليلة ، ثمّ توجّه إلى البنية (16) ، فدعا أبا بكر وعمر وعثمان وعليّاً عليهع السلام فقال : امضوا حتّى تأتوا أصحاب الكهف وتقرؤهم منّي السّلام ، وتقدّم أنت يا أبا بكر فانّك أسّن القوم ، ثمّ أنت يا عمر ، ثمّ أنت يا عثمان ، فان أجابوا واحداً منكم ، وإلاّ فتقدّم أنت يا عليّ كن آخرهم ، ثمّ أمر الرّيح فحملتهم حتّى وضعتهم على باب الكهف ، فتقدّم أبو بكر فسلّم فيم يردّوا عليه فتنحّى ، فتقدّم عمر فسلّم فلم يردّوا عليه وتقدّم عثمان فسلّم فلم يردّوا عليه.
فتقدّم عليّ عليه السلام وقال : السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته أهل الكهف الّذين آمنوا بربّهم وزادهم هدى وربط على قلوبهم ، أنا رسول رسول الله إليكم فقالوا : مرحباً برسول الله وبرسوله ، وعليك السلام يا وصيّ رسول الله ورحمة الله وبركاته.
قال : فكيف علمتم أنّي وصيّ النّبي صلى الله عليه واله ؟ فقالوا : إنّه ضرب على آذاننا أن لا نكلّم إلاّ نبيّاً أو وصيّ نبيّ ، فكيف تركت رسول الله صلى الله عليه واله وكيف حشمه وكيف حاله ؟ وبالغوا في السّؤال ، وقالوا : خبّر أصحابك هؤلاء إنّا لا نكلّم إلاّ نبيّاً ، أو وصيّ نبيّ ، فقال لهم : أسمعتم ما يقولون ؟ قالوا : نعم ، قال : فاشهدوا ثمّ حوّلوا وجوههم قبل المدينة فحملتهم الرّيح حتّى وضعتهم بين يدي رسول الله صلى الله عليه واله فأخبره بالذّي كان.
فقال لهم النبيّ صلى الله عليه واله : قد رأيتم وسمعتم فاشهدوا ، قالوا : نعم فانصرف النبيّ صلى الله عليه واله إلى منزله ، وقال لهم : احفظوا شهادتكم (17).
15 ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا أبو علي محمد بن يوسف بن عليّ المذكّر ، حدّثنا أبو علي الحسن بن علي بن نصر الطّرسوسي ، حدّثنا أبو الحسن بن قرعة القاضي بالبصرة ، حدّثنا زياد بن عبدالله البكّائي ، حدّثنا محمد بن إسحاق ، حدّثنا إسحاق بن يسار ، عن عكرمة ، عن ابن عبّاس ( رض ) قال : لمّا كان في عهد خلافة عمر أتاه قوم من أحبار اليهود ، فسألوه عن أقفال السماوات ما هي ؟ وعن مفاتيح السّماوات ما هي ؟ وعن قبر سار بصاحبه ما هو ؟ وعمّن أنذر قومه ليس من الجنّ ولا من الإنس ، وعن خمسة أشياء مشت على وجه الأرض لم يخلقوا في الأرحام ، وما يقول الدّراج في صياحه وما يقول الدّياك والفرس والحمار والضّفدع والقنبر ، فنكس عمر رأسه.
فقال : يا أبا الحسن ما أرى جوابهم إلاّ عندك ، فقال لهم عليّ عليه السلام : إنّ لي عليكم شريطة إذا أنا أخبرتكم بما في التّوراة دخلتم في ديننا ؟ قالوا : نعم.
فقال عليه السلام : أمّا أقفال السماوات فهو الشّرك بالله ، فانّ العبد والأمّة إذا كانا مشركين ما يرفع لهما إلى الله سبحانه عمل. فقالوا : ما مفاتيحها ؟ فقال عليّ عليه السلام : شهادة أن لا إله إلاّ الله ، وأنّ محمداً عبده ورسوله.
فقالوا : أخبرنا عن قبر سار بصاحبه قال : ذاك الحوت حين ابتلع يونس عليه السلام فدار به في البحار السّبعة.
فقالوا : أخبرنا عمّن أنذر قومه لا من الجنّ ولا من الإنس ، قال : تلك نملة سليمان إذ قالت : {يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ} [النمل : 18].
قالوا : فأخبرنا عن خمسة أشياء مشت على الأرض ما خلقوا في الأرحام. قال : ذاك آدم وحوّا وناقة صالح وكبش إبراهيم وعصا موسى :.
قالوا : فأخبرنا ما تقول هذه الحيوانات ؟ قال : الدّراج يقول : {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه : 5]. والدّيك يقول : اذكروا الله يا غافلين. والفرس يقول : اللّهمّ انصر عبادك المؤمنين على عبادك الكافرين. والحمار يلعن العشّار وينهق في عين الشّيطان ، والضّفدع يقول : سبحان ربّي المعبود المسبّح في لجج البحار. والقنبر يقول : اللّهمّ العن مبغضي محمد وآل محمد. قال : وكان الأحبار ثلاثة ، فوثب اثنان وقالا : نشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، وأنّ محمداً عبده ورسوله.
قال : وكانت الأحبار ثلاثة ، فوثب اثنان وقالا : نشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، وأنّ محمداً عبده ورسوله.
قال : فوقف الحبر الآخر ، وقال يا عليّ لقد وقع في قلبي ما وفع في قلوب أصحابي ، ولكن بقيت خصلة واحدة أسألك عنها ، فقال عليّ عليه السلام : سل ، قال : أخبرني عن قوم كانوا في أوّل الزّمان ، فماتوا ثلاثمائة وتسع سنين ، ثمّ أحياهم الله ما كان قصّتهم ؟ فابتدأ عليّ وأراد أن يقرأ سورة الكهف ، فقال الحبر : ما أكثر ما سمعنا قرآنكم ، فان كنت عالماً فأخبرنا بقصّة هؤلاء وبأسمائهم وعددهم واسم كلبهم واسم كهفهم واسم ملكهم واسم مدينتهم.
فقال عليّ عليه السلام : لا حول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم ، يا أخا اليهود حدّثني محمد صلى الله عليه واله أنّه كان بأرض الرّوم مدينة يقال لها : اُفسوس ، وكان لها ملك صالح ، فمات ملكهم ، فاختلفت كلمتهم ، فسمع ملك من ملوك فارس يقال له : دقيانوس فسار في مائة ألف حتّى دخل مدينة أفسوس ، فاتّخذها دار مملكته واتّخذ فيها قصراً طوله فرسخ في فرسخ ، واتّخذ في ذلك القصر مجلساً طوله ألف ذراع في عرض مثل ذلك من الزّجاج الممرد ، واتّخذ في ذلك المجلس أربعة آلاف أسطوانة من ذهب ، واتّخذ ألف قنديل من ذهب لها سلاسل من اللّجين تسرج بأطيب الأدهان ، واتّخذ في شرقي المجلس ثمانين كوّة ، وكانت الشمس إذا طلعت طلعت في المجلس كيف ما دارت ، واتّخذ فيه سريراً من ذهب له قوائم من فضّة مرصّعة بالجواهر وعلاه بالنّمارق ، واتّخذ من يمين السّرير ثمانين كرسيّاً من الذهب مرصّعة بالزّبرجد الأخضر فأجلس عليها بطارقته ، واتّخذ عن يسار السّرير ثمانين كرسيّاً من الفضّة مرصّعة بالياقوت الأحمر فأجلس عليها هراقلته ثم قعد على السّرير فوضع التّاج على رأسه.
فوثب اليهوديّ ، فقال يا عليّ : ممّ كان تاجه ؟ قال : من الذهب المشبّك ، له سبعة اركان ، على كلّ ركن لؤلؤة بيضاء كضوء المصباح في اللّيلة الظّلماء ، واتّخذ خمسين غلاماً من أولاد الهراقلة ، فقرطقهم بقراطن الدّيباج الأحمر ، وسرولهم بسراويلات الحرير الأخضر ، وتوّجهم ، ودملجهم ، وخلخلهم ، وأعطاهم أعمدة من الذّهب ، وأوقفهم على رأسه ، واتّخذ ستّة غلمة وزراءه ، فأقام ثلاثة عن يمينه وثلاثة عن يساره.
فقال اليهودي : ما كان اسم الثّلاثة والثّلاثة ، فقال عليّ عليه السلام : الّذين عن يمينه أسماؤهم : تمليخاً ، ومكسلمينا ، ومنشيلينا ، وأما الّذين عن يساره ، فأسماؤهم : مرنوس ، وديرنوس ، وشاذريوس. وكان يستشريهم في جميع أموره.
وكان يجلس في كلّ يوم في صحن داره والبطارقة عن يمينه والهراقلة عن يساره ، ويدخل ثلاثة غلمة في يد أحدهم جام من ذهب مملوّ من المسك المسحوق ، وفي يد الآخر جام من فضّة مملوّ من ماء الورد ، وفي يد الآخر طائر أبيض له منقار أحمر فإذا نظر الملك إلى ذلك الطّائر صفر به ، فيطير الطّائر حتّى يقع في جام ماء الورد فيتمرّغ فيه ، فيحمل ما في الجام بريشه وجناحه ، ثمّ يصفر به الثّانية ، فيطير الطّائر على تاج الملك ، فينفض ما في ريشه على رأس الملك.
فلمّا نظر الملك إلى ذلك عتا وتجبّر فادّعى الرّبوبيّة من دون الله ، ودعا إلى ذلك وجوه قومه ، فكلّ من أطاعه على ذلك أعطاه وحباه وكساه ، وكلّ من لم يبايعه قتله فاستجابوا له رأساً ، واتّخذ لهم عيداً في كلّ سنة مرّة.
فبينما هم ذات يوم في عيد ، والبطارقة عن يمينه ، والهراقلة عن يساره ، إذ أتاه بطريق ، فأخبره أنّ عساكر الفرس قد غشيته فاغتم لذلك حتّى سقط التّاج عن ناصيته ، فنظر إليه أحد الثّلاثة الّذين كانوا عن يمينه يقال له : تمليخاً وكان غلاماً ، فقال في نفسه : لو كان دقيوس إلهاً كما يزعم إذاً ما كان يغتم ولا يفزع وما كان يبول ولا يتغوّط وما كان ينام ، وليس هذا من فعل الإله.
قال : وكان الفتية السّتة كلّ يوم عند أحدهم وكانوا ذلك اليوم عند تمليخاً ، فاتّخذ لهم من أطيب الطّعام ، ثمّ قال لهم : يا إخوتاه قد وقع في قلبي شيء منعني الطّعام والشّراب والمنام ، قالوا : وما ذاك يا تمليخاً ؟ قال : أطلت فكري في هذه السّماء ، فقلت : من رفع سقفها مخفوظا بال عمد ولا علاقة من فوقها ؟ ومن أجرى فيها شمساً وقمراً آيتان مبصرتان ؟ ومن زيّنه بالنّجوم ؟ ثم أطلت الفكر في الارض فقلت : من سطحها على صميم الماء الزّخار ؟ ومن حبسها بالجبال أن تميد على كلّ شيء ؟ وأطلت فكري في نفسي من أخرجني جنيناً من بطن أميّ ؟ ومن غذاني ؟ ومن ربّاني ؟ أنّ لها صانعاً ومدبراً غير دقيوس الملك ، وما هو إلاّ ملك الملوك وجبّار السّماوات.
فانكبت الفتية على رجليه يقبّلونهما ، وقالوا : بك هدانا الله من الضّلالة إلى الهدى فأشر علينا ، قال : فوثب تمليخاً فباع تمراً من حائط له بثلاثة آلاف درهم وصرّها في ردنه ، وركبوا خيولهم وخرجوا من المدينة ، فلمّا ساروا ثلاثة أميال قال لهم تمليخاً : يا إخوتاه جاءت مسكنة الآخرة وذهب ملك الدّنيا ، انزلوا عن خيولكم وامشوا على أرجلكم لعلّ الله أن يجعل لكم من أمركم فرجاً ومخرجاً فنزلوا عن خيولهم ومشوا على أرجلهم سبعة فراسخ في ذلك اليوم ، فجعلت أرجلهم تقطر دماً.
قال : فاستقبلهم راع ، فقالوا : يا أيّها الراعي هل من شربة لبن أو ماء ؟ فقال الرّاعي : عندي ما تحبّون ، ولكن أرى وجوهكم وجوه الملوك ، وما أظنّكم إلاّ هراباً من دقيوس الملك ، قالوا : يا ايها الرّاعي لا يحلّ لنا الكذب ، أفينجينا منك الصّدق ؟ فأخبروه بقصّتهم ، فانكبّ الرّاعي على أرجلهم يقبّلها ، ويقول : يا قوم لقد وقع في قلبي ما وقع في قلوبكم ، ولكن أمهلوني حتّى أردّ الأغنام على أربابها ، وألحق بكم ، فتوقّفوا له ، فردّ الأغنام وأقبل يسعى فتبعه كلب له.
قال : فوثب اليهوديّ ، فقال يا عليّ : ما كان إسم الكلب ؟ وما لونه ؟ فقال عليّ عليه السلام : لا حول ولا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم أمّا لون الكلب ، فكان أبلق بسواد وأمّا اسم الكلب فقطمير ، فلمّا نظر الفتية إلى الكلب قال بعضهم : إنّا نخاف أن يفضحنا بنباحه فانحوا عليه بالحجارة فأنطق الله تعالى الكلب : ذروني أحرسكم من عدوّكم.
فلم يزل الرّاعي يسير بهم حتّى علاهم جبلاً ، فانحطّ بهم على كهف يقال له : الوصيد ، فإذا بفناء الكهف عيون وأشجار مثمرة ، فأكلوا من ثمارها وشربوا من الماء وجنّهم اللّيل ، فأووا إلى الكهف.
فأوحى الله عزّ وجلّ إلى ملك الموت بقبض أرواحهم ، ووكّل الله بكلّ رجلين ملكين يقلّبانهما من ذات اليمين إلى ذات الشّمال. وأوحى الله عزّ وجلّ إلى خزّان الشّمس ، فكانت تزاور عن كهفهم ذات اليمين وتقرضهم ذات الشّمال.
فلمّا رجع دقيوس من عيده سأل عن الفتية ، فاُخبر أنّهم خرجوا هراباً فركب في ثمانين ألف حصان ، فلم يزل يقفوا أثرهم حتّى علا فانحطّ إلى كهفهم ، فلمّا نظر إليهم إذا هم نيام ، فقال الملك : لو أردت أن أعاقبهم بشيء لما عاقبتهم بأكثر ممّا عاقبوا أنفسهم ، ولكن ائتوني بالبنّائين ، فسدّ باب الكهف بالكلس والحجارة ، وقال لأصحابه : قولوا لهم : يقولوا لإلههم الّذي في السّماء لينجيهم ، وأن يخرجهم من هذا الموضع.
قال عليّ عليه السلام : يا أخا اليهود ، فمكثوا ثلاثمائة سنة وتسع سنين ، فلمّا أراد الله أن يحييهم أمر إسرافيل أن ينفخ فيهم الرّوح ، فنفخ ، فقاموا من رقدتهم ، فلمّا بزغت الشّمس ، قال بعضهم : قد غفلنا في هذه اللّيلة عن عبادة إله السّماء ، فقاموا فإذا العين قد غارت وإذا الأشجار قد يبست ، فقال بعضهم : إنّ أمورنا لعجب مثل تلك العين الغزيرة قد غارت والاشجار قد يبست في ليلة واحدة ، ومسّهم الجوع فقالوا : {فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا } [الكهف : 19].
قال تمليخاً : لا يذهب في حوائجكم غيري ، ولكن ادفع أيّها الرّاعي ثيابك إليّ ، قال : فدفع الرّاعي ثيابه ومضى يؤمّ المدينة ، فجعل يرى مواضعاً لا يعرفها وطريقاً هو ينكرها حتى أتى باب المدينة وإذا علم أخضر مكتوب عليه : لا إله إلاّ الله عيسى رسول الله ، قال : فجعل ينظر إلى العلم وجعل يمسح به عينيه ، ويقول : أراني نائماً ، ثمّ دخل المدينة حتّى أتى السّوق ، فأتى رجلاً خبّازاً فقال : أيّها الخبّاز ما اسم مدينتكم هذه ؟ قال : أفسوس قال : وما اسم ملككم ؟ قال : عبد الرّحمن ، قال ادفع إليّ بهذه الورق طعاماً فجعل الخبّاز يتعجّب من ثقل الدّراهم ومن كبرها.
قال : فوثب اليهوديّ ، وقال يا عليّ : ما كان وزن كلّ درهم منها ؟ قال : وزن كلّ درهم عشرة دارهم وثلثي درهم.
فقال الخبّاز : يا هذا أنت أصبت كنزاً ؟ فقال تمليخاً : ما هذا إلاّ ثمن تمر بعتها منذ ثلاث وخرجت من هذه المدينة ، وتركت النّاس يعبدون دقيوس الملك.
قال : فأخذ الخبّاز بيد تمليخاً وأدخله على الملك ، فقال : ما شأن هذا الفتى ؟ قال الخبّاز : إنّ هذا رجل أصاب كنزاً ، فقال الملك : يا فتى لا تخف ، فإنّ نبيّنا عيسى عليه السلام أمرنا أن لا نأخذ من الكنز إلاّ خمسها ، فأعطني خمسها وامض سالماً ، فقال تمليخاً :
انظر أيّها الملك في أمري ما أصبت كنزاً أنا رجل من أهل هذه المدينة ، فقال الملك : أنت من أهلها ؟ قال : نعم ، قال : فهل تعرف بها أحداً ؟ قال : نعم. قال : ما اسمك ؟ قال اسمي تمليخاً قال : وما هذه الأسماء أسماء أهل زماننا.
فقال الملك : هل لك في هذه المدينة دار ؟ قال : نعم اركب أيّها الملك معي ، قال : فركب والنّاس معه فأتى بهم أرفع دار في المدينة قال تمليخاً : هذه الدّار لي ، فقرع الباب فخرج إليهم شيخ كبير قد وقع حاجباه على عينيه من الكبر ، فقال : ما شأنكم ؟ فقال الملك : أتانا هذا الغلام بالعجائب يزعم أنّ هذه الدّار داره ، فقال له الشيخ : من أنت ؟ قال : أنا تمليخاً بن قسطيكين ، قال : فانكب الشّيخ على رجليه يقبّلها ، ويقول : هو جدّي وربّ الكعبة.
فقال : أيّها الملك هؤلاء السّتة الّذين خرجوا هراباً من دقيوس الملك ، فنزل الملك عن فرسه ، وحمله على عاتقه ، وجعل النّاس يقبّلون يديه وجليه ، فقال : يا تمليخاً ما فعل أصحابك ؟ فأخبر أنّهم في الكهف وكان يومئذ بالمدينة ملك مسلم وملك يهوديّ.
فركبوا في اصحابهم ، فلمّا صاروا قريباً من الكهف قال لهم تمليخاً : إنّي أخاف أن تسمع أصحابي أصوات حوافر الخيول ، فيظنّون أنّ دقيوس الملك قد جاء في طلبهم ، ولكن أمهلوني حتّى أتقدم فأخبرهم ، فوقف النّاس.
فأقبل تمليخاً حتّى دخل الكهف ، فلمّا نظروا إليه اعتنقوه وقالوا : الحمد لله الّذي نجّاك من دقيوس ، قال تمليخاً : دعوني عنكم وعن دقيوسكم كل لبثتم ؟ قالوا : لبثنا يوماً أو بعض يوم قال تمليخاً : بل لبثتم ثلاثمائة وتسع سنين ، وقد مات وانقرض قرب بعد قرن ، وبعث الله نبيّاً يقال له : المسيح عيسى بن مريم ، ورفعه الله إليه ، وقد أقبل إلينا الملك والنّاس معه.
قالوا : يا تمليخاً أتريد أن تجعلنا فتنة للعالمين قال تمليخاً : فما تريدون ؟ قالوا : ادع الله جلّ ذكره وندعوه معك حتّى يقبض أرواحنا ، فرفعوا أيديهم ، فأمر الله بقبض أرواحهم ، وطمس الله باب الكهف على النّاس ، فأقبل الملكان يطوفان على باب الكهف سبعة أيّام لا يجدان للكهف باباً.
فقال الملك المسلم : ماتوا على ديننا أبني على باب الكهف مسجداً ، وقال اليهودي : لإبل ماتوا على ديني أبني على باب الكهف كنيسة فاقتتلا ، فغلب المسلم وبنى مسجداً عليه.
يا يهوديّ أيوافق هذا ما في توراتكم قال : ما زدت حرفاً ولا نقصت حرفاً وأنا أشهد أن لا إله إلاّ الله وأن محمّداً عبده ورسوله صلى الله عليه واله (18).
16 ـ وبإسناده عن سعد بن عبدالله ، عن إبراهيم بن مهزيار ، عن أخيه عليّ بن مهزيار ، عن عمرو بن عثمان ، عن المفضل بن صالح ، عن جابر بن يزيد ، عن عبد الرّحمن ابن الحارث البرادي ، عن ابن أبي أوفى ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه واله يقول : خرج ثلاثة نفر يسيحون في الأرض ، فبينما هم يعبدون الله في كهف في قلّة جبل حين بدت صخرة من أعلى الجبل حتّى التقيت باب الكهف ، فقال بعضهم : يا عباد الله والله لا ينجيكم ممّا دهيتم فيه إلاّ أن تصدقوا عن الله ، فهلمّوا ما عملتم خالصاً لله.
فقال أحدهم : اللّهم إن كنت تعلم أنّي طلبت جيّدة لحسنها وجمالها وأعطيت فيها مالاً ضخيماً حتّى إذا قدرت عليها وجلست منها مجلس الرّجل من المرأة ذكرت النّار ، فقمت عنها فرقاً منك ، فأرفع عنّا هذه الصّخرة قال : فانصدعت حتّى نظروا إلى الضّوء.
ثم قال الآخر : اللّهم إن كنت تعلم أنّي استأجرت قوماً كلّ رجل منهم بنصف درهم ، فلمّا فرغوا أعطيتهم اُجورهم ، فقال رجل : لقد عملت عمل رجلين ، والله لا اخذ إلاّ درهماً ، ثم ذهب وترك ما له عندي ، فبذرت بذلك النّصف الدّرهم في الأرض ، فأخرج الله به رزقاً وجاء صاحب النّصف الدّرهم ، فأراده فدفعت إليه عرشة آلاف درهم حقّه ، فان كنت تعلم أنّي إنّما فعلت ذلك مخافة منك ، فارفع عنّا هذه الصّخرة ، قال : فانفجرت حتّى نظر بعضهم إلى بعض.
ثمّ قال الآخر : اللّهمّ إن كنت تعلم أنّ أبي وأمّي كانا نائمين ، فأتيتهما بقصعة من لبن ، فخفت أن أضعه فيقع فيه هامّة وكرهت أن اُنبّههما من نومهما ، فيشقّ ذلك عليهما ، فلم أزل بذلك حتّى استيقظا فشربا ، اللّهم إن كنت تعلم أنّي فعلت ذلك ابتغاء لوجهك ، فارفع عنّا الصّخرة ، فانفرجت حتّى سهّل الله لهم المخرج ، ثمّ قال رسول الله صلى الله عليه واله : من صدق الله نجا (19).
____________
(1) بحار الأنوار ( 14/161 ) ، برقم : ( 1 ).
(2) بحار الأنوار ( 14/161 ـ 162 ) ، برقم : ( 2 ).
(3) نفس المصدر ص ( 162 ).
(4) بحار الأنوار ( 14/514 ـ 515 ) ، برقم : ( 3 ).
(5) بحار الأنوار ( 14/439 ) ، برقم : ( 2 ).
(6) نفس المصدر. قال في البحار هنا : بيان : لعلّ الصّادق عليه اسلام قرأ « قتل » على بناء المعلوم. فالمراد بأصحاب الأخدود الكفّار كما هو أحد احتمالي القراءة المشهورة ولم ينقل في الشّواذ. أقول : يحتمل عكس ما احتمله كما يحتمل التّأكيد وهذا أقوى فانّ الآية في البروج : ( 4 ) في مقام الدّعاء عليهم.
(7) بحار الأنوار ( 14/440 ) ، برقم : ( 3 و4 ). واثبات الهداة ( 2/364 ) ، برقم : ( 214 ) من الباب ( 11 ) الفصل ( 21 ).
(8) هذا من كلام الشّيخ الرّاوندي فإن كان مراده الإرجاع إلى تفسير نفسه فلم يصل إلينا ومن الأحسن الإرجاع إلى مجمع البيان ( 10/464 ـ 466 ).
(9) بحار الأنوار ( 13/393 ـ 396 ) ، برقم : ( 2 ).
(10) وفي النّسخ الخطيّة : فاستلقى. وهو غلط والصّحيح ما وضعناه في المتن عن البحار. أي دفع بأجنحته العذاب إلى الخلف. عكس : جزه بها.
(11) بحار الأنوار ( 14/399 ) مثله باختصار عن تفسير العيّاشي مطوّلاً ومفصّلاً.
(12) بحار الأنوار ( 14/391 ـ 392 ) ، برقم : ( 11 ). هكذا سياق الخبر وتركيبه في جميع النّسخ ولكنّ الظّاهر أنّ قوله : وفي هذا الخبر شيء يحتاج إلى تأويل ، مربوط بما بعده أي مرتبط بقول النّبي : ما ينبغي لأحد ... فكان موضعه بعد انتهاء الخبر فغيّر عن موضعه من قبل مستنسخ غير مطّلع وكونه من كلام الشّيخ الرّاوندي ايضاً غير معلوم ولذا ضرب عنه صفحاً في البحار وإنّما فسّر كلامه صلى الله عليه واله بما يصح تأويله به .راجعه واغتنم .
(13) بحار الأنوار ( 14/425 ـ 426 ) ، برقم : ( 5 ).
(14) بحار الأنوار ( 14/426 ) ، برقم : ( 6 ).
(15) بحار الأنوار ( 14/426 ) ، برقم : ( 7 ).
(16) في البحار : إلى البقيع. وفي إثبات الهداة : إلى الثّنيّة.
(17) بحار الأنوار ( 14/420 ـ 421 ) ، برقم : ( 2 ) واثبات الهداة ( 2/130 ) ، برقم : ( 564 ).
(18) بحار الأنوار ( 14/411 ـ 419 ) ، برقم : ( 1 ).
(19) بحار الأنوار ( 14/426 ـ 427 ) ، برقم : ( 8 ). أقول : والسّند فيه هكذا : الصّدوق عن أبيه عن سعد عن إبراهيم بن مهزيار عن أخيه عن أبان بن عثمان عن أبي جميلة ... وفيه سهو فإنّ أبان بن عثمان لم يرو عن أبي جميلة المراد به المفضّل بن صالح وأخو إبراهيم بن مهزيار المراد به : عليّ بن مهزيار لم يرو عن ابان بن عثمان لبعد الطّبقة. فالصّحيح ما هنا : علي بن مهزيار عن عمرو بن عثمان ... وأمّا عمرو بن عثمان هذا فينصرف إلى الثّقفيّ الخزّاز الأزدي فقد روى عن الأكابر وروى عنه الأًصاغر.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|