أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-5-2017
5177
التاريخ: 4-2-2016
6416
التاريخ: 2023-09-03
1428
التاريخ: 7-5-2017
2153
|
سنتناول في هذا الموضوع أحكام تزويج الأولياء أولاً ، ثم نبين موقف القانون من هذا التزويج ثانياً. على النحو الآتي:
أولاً- أحكام تزويج الأولياء.
ان الولاية شرعت للنظر في مصالح المولى عليه ، وإن الشارع قد أثبت هذه الولاية في الأصل للأقارب نظراً للشفقة الباعثة على رعاية مصالح ذويهم. ولما كان عنصرا الشفقة والحرص على المصلحة يختلفان من ولي الى آخر حسب درجة قرابته من المولى عليه وتبعاً لتفاوت رأي الولي كمالاً وقصوراً ، فقد إختلفت أحكام الزواج تبعاً لإختلاف الولي الذي تولاه. فقد يكون لازماً ، وقد يكون غير لازم، كما قد يكون غير صحيح أحياناً. لهذا قسم الفقهاء الأولياء في هذا الخصوص الى قسمين:
الأول: الأب والجد والإبن ، وهم بصورة عامة الأصول والفروع.
والثاني: من عداهم ، الأخ والعم وغيرهم من الأقارب ولو كانت الأم.
فإن كان الولي من النوع الأول ، ولم يعرف بسوء الاختيار ، انعقد عقده صحيحاً نافذاً لازماً لا يثبت معه خيار فسخ للمولى عليه عند زوال سبب الولاية عليه. فلا خيار بلوغ بالنسبة للصغير ، ولا يثبت خيار إفاقة بالنسبة للمجنون ، سواء كان الزواج من كفء وبمهر المثل أم لم يكن. وذلك لان وفور شفقة هؤلاء الأولياء وعدم اشتهارهم بما يتنافى مع حسن الرأي ، ورعاية المصلحة ، جعل تزويجهم غير مقيد بأي قيد(1).أما إذا كان الولي من النوع الأول معروفاً قبل العقد بسوء الإختيار مجانة وفسقاً ، فإن زوج بالكفء والمهر المناسب لزم العقد ، وان كان بغيرهما لم يصح العقد ، وقيل انه صحيح غير لازم. وهناك من ذهب الى ان العقد في هذه الحالة يكون موقوفاً على إجازة المولى عليه بعد تحقق أهليته سواء كان بالكفء ومهر المثل أو بغيرهما(2). وان كان الولي المزوج من النوع الثاني ، كالأخ أو العم ، فإن الزواج لا يصح الا بكفء وبمهر المثل. ذلك لان نقص الشفقة في هؤلاء إقتضى التقيد بالمصلحة الظاهرة ولو كان المزوج الأم ، لأنها وان كانت موفورة الشفقة الى أقصى حد ، فإن تدبيرها غير كامل. فإذا كان الزواج من كفء وبمهر المثل ، كان صحيحاً نافذاً ، لكنه غير لازم، فللمولى عليه الخيار في إمضاء هذا العقد أو فسخه متى زال عنه سبب الولاية عليه. وهناك من يرى بأنه لو زوج الصغيرة غير الأب والجد وقف على رضاها عند البلوغ ، وكذا الصغير(3). وقبل ان ننتقل الى بيان موقف القانون من تزويج الأولياء ، لابد من الإشارة الى مسألة إنتقال الولاية. فكما هو معروف ان ولاية الزواج تثبت للولي الأقرب فالأقرب ، فليس للبعيد مع وجود القريب صلاحية عقد العقد ، فإن فعل كان موقوفاً على إجازة الولي القريب. ولكن قد يوجد ما ينقل هذه الولاية من الولي القريب الى الولي البعيد ، كما لو غاب الولي القريب غيبة يخشى منها فوات الكفء إذا انتظر حضوره. فقد قال الفقهاء ، بإنتقال الولاية في مثل هذه الحالة الى من يليه في المرتبة من الأولياء ، ويكون عقده نافذاً ، وليس للولي الغائب إذا عاد بعد ذلك الحق في الإعتراض ، لأن ولاية التزويج صارت حقاً لمن يليه ، وأعتبر الغائب كالمعدوم(4). كذلك إذا عضل الولي القريب من تحت ولايته عن الزواج من الكفء وبمهر المثل دونما سبباً معقول ، إنتقلت الولاية عنه الى الولي الأبعد ، وهو القاضي دون غيره، وذلك لان العضل مادام بغير حق ، فهو ظلم يجب رفعه. والقاضي دون غيره ، هو المكلف برفع المظالم عن الناس(5). ويجدر التنبيه هنا، الى ان ولاية القاضي التي يتولاها باعتباره ولي الزواج ومرتبته آخر المراتب يثبت فيها خيار البلوغ أو الإفاقة. أما ما يتولاه القاضي من عقود رفعاً لظلم إمتناع الولي عن التزويج من غير مبرر شرعي، فهنا تتبع قوة ولايته ولاية الولي العاضل. فإن كان الممتنع الأب أو الجد أو الإبن لم يكن للمولى الفسخ عند زوال سبب الولاية عليه ، وان كان العاضل غير هؤلاء فللمولى الفسخ بخيار البلوغ أو الإفاقة(6).
ثانياً- موقف القانون من تزويج الأولياء.
بالنظر لخطورة الزواج لسريان آثاره على الإنسان مدى الحياة وعلى أولاده ، ومدى تبعاته الجسام. فقد قيدت أغلب قوانين الأحوال الشخصية الزواج بسن معينة. ففي مصر ، صدر سنة 1923 قانون تحديد سن الزواج ذي الرقم 56، الذي يقضي بمنع الموثقين من توثيق عقد الزواج إذا ثبت لديهم إن سن الزوجة تقل عن ست عشرة سنة ، أو إن سن الزوج تقل عن ثمان عشرة سنة ، كما منع القضاة من سماع دعوى الزوجية وما يتعلق بها إذا كانت سن الزوجين أو أحدهما وقت انشاء العقد دون هذه السن المحددة. ثم عدل هذا القانون سنة 1931، بأن قصر المنع من سماع الدعوى على حالة ما إذا كانت سن الزوجة تقل عن ست عشرة سنة أو سن الزوج تقل عن ثمان عشرة سنة وقت التقاضي، وذلك تيسيراً على الناس وصيانة للحقوق واحتراماً لآثار الزوجية(7). وتناول المشرع السوري ، موضوع الولاية في الزواج وما يتعلق بها في الفصل الثاني والثالث والرابع من قانون الأحوال الشخصية. حيث نص في المادة (15) منه على إن: (للقاضي الإذن بزواج المجنون أو المعتوه إذا ثبت بتقرير هيئة من أطباء الأمراض العقلية ان زواجه يفيد في شفائه). ونص في المادة (18) على إنه: (1-إذا إدعى المراهق البلوغ بعد إكماله الخامسة عشرة أو المراهقة بعد إكمالها الثالثة عشرة وطلبا الزواج يأذن به القاضي إذا تبين له صدق دعواهما واحتمال جسميهما. 2- إذا كان الولي هو الأب أو الجد أشترطت موافقته). كما نص في المادة (20) على إن: (الكبيرة التي أتمت السابعة عشرة إذا أرادت الزواج يطلب القاضي من وليها بيان رأيه خلال مدة يحددها له فإذا لم يعترض أو كان إعتراضه غير جدير بالإعتبار ياذن القاضي بزواجها بشرط الكفاءة). وجاء في المادة (27): (إذا زوجت الكبيرة نفسها من غير موافقة الولي فإن كان الزوج كفؤا لزم العقد وإلا فللولي طلب فسخ النكاح) (8). يتضح من هذه النصوص المتقدمة ، ان القانون السوري يشترط في زواج المولى عليه ان كان مجنوناً أو معتوهاً الحصول على إذن القاضي لتقدير ضرورة إجراء مثل هذا العقد ، على إن يكون إذن القاضي مقيدا برأي فني من هيئة أطباء مختصين يقررون فيما إذا كان في زواج هذا المريض عقلياً فائدة في شفائه أم لا. أما إذا كان المولى عليه مراهقاً قد أكمل الخامسة عشرة من العمر ، وبالنسبة للمراهقة بعد إكمالها الثالثة عشرة من العمر ، فقد إشترط القانون في هذا الزواج إذن القاضي أيضاً ، وللحصول على هذا الإذن لابد من تحقق أمرين: الأول ، ان يتحقق القاضي من البلوغ وان الحالة الصحية والجسمية بطالبي الزواج تسمح بذلك. والثاني ، موافقة الولي إن كان أباً أو جداً. فإذا أكمل المراهق تمام الثامنة عشرة من العمر أصبحت له الأهلية الكاملة للزواج. وبالنسبة للفتاة إذا أتمت السابعة عشرة من العمر ورغبت في الزواج أن تطلب من القاضي الإذن لها بذلك ، وعلى القاضي في هذه الحالة أن يطلب من وليها بيان رأيه خلال مدة يحددها له ، فإذا إنقضت المدة ولم يعترض الولي خلالها أو كان إعتراضه لا يستند الى مبرر شرعي معقول أجرى عقد الزواج ، على إن يتوافر في الزواج شرط الكفاءة(9). ومع ذلك فقد أجازت المادة (27) للفتاة الكبيرة ان تزوج نفسها من غير موافقة الولي، ولكن العقد لا يكون لازماً في هذه الحالة إلا إذا كان الزوج كفؤاً، فإن لم يكن الزوج كذلك، كان لولي الفتاة طلب فسخ النكاح(10). وقد سار المشرع الأردني على منوال نظيره السوري فيما يتعلق بتزويج المولى عليه للجنون أو العته ، فإشترط الحصول على إذن القاضي لإجراء مثل هذا العقد ، إذا ثبت بتقرير طبي ان في زواجه مصلحة له. وهو ما نصت عليه المادة (8) من قانون الأحوال الشخصية الأردني بقولها: (للقاضي ان يأذن بزواج من به جنون أو عته إذا ثبت بتقرير طبي عن في زواجه مصلحة له). كذلك منع المشرع الأردني زواج الصغير أو الصغيرة ، حيث إشترط في أهلية الزواج ان يكون كل من الزوجين بالغين عاقلين ، فنص في المادة (5) من قانون الأحوال الشخصية على إنه: (يشترط في أهلية الزواج ان يكون الخاطب والمخطوبة عاقلين وان يتم الخاطب السادسة عشرة وان تتم المخطوبة الخامسة عشرة من العمر)(11). كما إشترط المشرع الأردني في تزويج البكر التي أتمت الخامسة عشرة من عمرها رضا وليها ، فإن إمتنع الولي من غير الأب أو الجد من تزويجها بلا سبب مشروع أعتبر عاضلاً ، وللقاضي حينئذ أن يتولى العقد رفعاً للظلم. أما إذا كان العضل من قبل الأب أو الجد فلا ينظر في طلب الزواج إلا إذا كانت المولى عليها قد أتمت الثامنة عشرة من العمر وكان العضل بلا سبب مشروع. وعلى ذلك نصت المادة (6) من قانون الأحوال الشخصية الأردني بقولها: (أ- للقاضي عند الطلب حق تزويج البكر التي أتمت الخامسة عشرة من عمرها من الكفوء في حال عضل الولي غير الأب أو الجد من الأولياء بلا سبب مشروع. ب- أما إذا كان عضلها من قبل الأب أو الجد فلا ينظر في طلبها إلا إذا كانت أتمت ثمانية عشر عاماً وكان العضل بلا سبب مشروع). وقد أجازت المادة (13) من قانون الأحوال الشخصية الأردني للمرأة العاقلة المتجاوزة من العمر ثمانية عشر عاماً ، تزويج نفسها من غير رضا وليها ، إذا كانت ثيباً. أما إذا كانت بكراً فقد أجازت المادة (22) من القانون نفسه للمرأة العاقلة البالغة من العمر ثمانية عشر عاماً ، تزويج نفسها دون حاجة الى إذن وليها، ولكن بشرط الكفاءة في العقد. فإن زوجت نفسها من غير كفء ، كان لوليها طلب فسخ النكاح(12). وقد قيد القانون طلب الفسخ بعدم حمل الزوجة ، فإن حملت فلا مجال لطلب الفسخ حفاظاً على الولد. حيث جاء في المادة (23) من قانون الأحوال الشخصية الأردني، ما نصه: (للقاضي عند الطلب فسخ الزواج بسبب عدم كفاءة الزوج ما لم تحمل الزوجة من فراشه أما بعد الحمل فلا يفسخ الزواج). أما بالنسبة للقانون التونسي ، فقد إشترط في زواج من لم يبلغ سن الرشد القانوني(13). سواء كان ذكراً أم أنثى الحصول على موافقة الولي، فإن إمتنع الولي عن هذه الموافقة لزم رفع الأمر الى القاضي(14). فإن بلغ المولى عليه تمام العشرين سنة فلا تكون ثمة ولاية تزويج عليه، وله أن يتولى زواجه بنفسه ، وهو ما أشار إليه الفصل (9) من مجلة الأحوال الشخصية التونسية(15). ويلتقي القانون المغربي في بعض وجوهه مع القانون التونسي، فلا زواج قبل الخامسة عشرة للفتاة ، والثامنة عشرة للفتى. وبعد بلوغ هذه السن تكون الولاية للولي، ذكراً كان المولى عليه أم أنثى، حتى يبلغ الرشد ، فإن إمتنع الولي عن التزويج رفع الأمر الى القاضي. وبعد بلوغ الرشد تكون للفتى ولاية تزويج نفسه، وتكون الولاية الإختيارية على الفتاة. وقد نصت على ذلك المواد (8-12) من مدونة الأحوال الشخصية المغربية، حيث جاء في الفصل (8) منها ما نصه: (تكمل أهلية النكاح في الفتى بتمام الثامنة عشرة فإن خيف العنت رفع الأمر الى القاضي وفي الفتاة بتمام الخامسة عشرة من العمر). وجاء في الفصل الذي يليه ما يأتي: (الزواج دون سن الرشد القانوني متوقف على موافقة الولي فإن إمتنع عن الموافقة وتمسك كل برغبته رفع الأمر الى القاضي)(16). ونص الفصل (12/4) من المدونة على إنه: (لا يسوغ للولي ولو أباً أن يجبر إبنته البالغ ولو بكراً على النكاح إلا بإذنها ورضاها). وقد تعرض المشرع المغربي للكفاءة في الزواج فنص في الفصل (14) من المدونة على
إن: (أ- الكفاءة المشترطة في لزوم الزواج حق خاص بالمرأة والولي. ب- الكفاءة تراعى حين العقد ويرجع في تفسيرها الى العرف). والملاحظ على هذا النص، ان الكفاءة تثبت بالإشتراط، وأثرها أن تجعل العقد غير لازم بالنسبة للزوجة والولي إن تخلفت. وتفيد الفقرة الثانية منه، إن العبرة في الكفاءة بالعرف السائد في البلد. ويتفق قانوننا للأحوال الشخصية مع الإتجاه العام لأكثر تشريعات الدول العربية، برفع سن الزواج، نظراً لما يتطلبه هذا العقد من إستعداد وأهلية. فنص المشرع العراقي في المادة (7) من قانون الأحوال الشخصية(17). على إنه: (1- يشترط في تمام أهلية الزواج العقل وإكمال الثامنة عشرة). وبموجب هذا النص لابد لمريد الزواج أن يكون قد أتم الثامنة عشرة من العمر، فإن أتم هذه السن غير مصاب بعاهة عقلية، كان له مباشرة عقد زواجه بنفسه وان كان أنثى، أخذاً بما ذهب إليه الحنفية ، من إعتبار الفتاة البالغة العاقلة كاملة الأهلية بتزويج نفسها(18). ومع هذا فقد أجاز المشرع العراقي لمن أكمل الخامسة عشرة من العمر طلب الزواج، وللقاضي أن يجيبه الى ذلك بشرطين: 1- أن يتحقق القاضي من البلوغ وإن الحالة الصحية والبدنية لطالب الزواج تسمح بذلك. 2- موافقة الولي الشرعي، فإذا إمتنع الولي طلب إليه القاضي الموافقة خلال مدة يحددها له، فإن لم يعترض خلال هذه المدة، أو كان إعتراضه غير جدير بالإعتبار، اذن القاضي بإجراء العقد(19). أما بالنسبة لزواج المولى عليه بسبب المرض العقلي فقد أجاز المشرع العراقي للقاضي ان يأذن له بالزواج إذا توافرت الشروط الثلاثة الآتية: الأول – أن يثبت بتقرير طبي إن زواجه لا يضر بالمجتمع(20). والثاني – أن يكون الزواج في مصلحة المصاب عقلياً، فإن كان فيه ضرر عليه، كإن تعتل صحته أو تستغل ثروته فلا يؤذن له بالزواج. والثالث– أن يكون الطرف الآخر عالماً بحالة المصاب موافقاً على الزواج منه موافقة صريحة(21). وجدير بالذكر إن الشروط المذكورة في جميع قوانين الأحوال الشخصية العربية، وبضمنها القانون العراقي، هي شروط تنظيمية وليست شروطاً لإنعقاد الزواج، لأن الشريعة الإسلامية أجازت زواج الصغير والصغيرة إذا توافرت شروطه، وتلك القوانين لم تخالف هذه الشريعة الغراء، غير إنه في بعض الحالات إذا تخلف شرط السن يجوز لمن عمره دون السن المشترطة حق فسخ العقد(22).وقد سار القضاء في العراق على ما هو سائد في الفقه الإسلامي في هذا الخصوص، حيث قضت محكمة التمييز بأن: (الفقه الإسلامي أقر صحة عقد النكاح الجاري من الولي الإجباري للبنت القاصرة ولم يكن نص صريح في قانون الأحوال الشخصية يمنع ذلك)(23). كذلك قضت بأنه: (إذا زوج الأب إبنته الصغيرة صح الزواج ونفذ ولزم وليس للزوجة خيار الفسخ عند البلوغ)(24). أما إذا كان المزوج غير الأب، فقد قضت محكمة التمييز بأنه: (إذا زوج الصغيرة الولي غير الأب فلها أن تختار نفسها عند البلوغ)(25).ويسقط خيار البلوغ أو الإفاقة بالنسبة للمرأة الثيب والرجل، بكل ما يدل على الرضا بالزواج من قول أو فعل بعد البلوغ أو الإفاقة، كطلب الزفاف أو تسلم النفقة. أما البكر فإن كانت تعلم بالزواج وسكتت ولم تطلب الفسخ فور بلوغها أو إفاقتها، كان ذلك دلالة على رضاها بالزواج وليس لها بعد ذلك خيار. أما إذا كانت لا تعلم بالزواج فإن إختيارها لا يبطل ما دامت لا تعلم فإن علمت بعد ذلك وسكتت فور علمها سقط حقها(26). وقد قضت محكمة التمييز في هذا الخصوص، بأن: (الدخول واستمرار الحياة الزوجية مدة أكثر من سنتين يعتبر موافقة من الزوجة على عقد الزواج وإسقاط لخيارها بالتفريق بموجب الفقرة 3 من المادة 40 من قانون الأحوال الشخصية)(27).
____________________________
[1]-ويرى بعض الفقهاء ، ان العقد لا يكون لازماً عند انعدام الكفاءة أو الغبن في المهر ، لان الولاية مقيدة بشرط النظر لمصلحة المولى عليه، فإن فات الشرط ، فات كون العقد لازماً. في حين يرى من قال بلزوم العقد في مثل هذه الحالة، ان الأب والجد والإبن ، يتوفر لديهم الشفقة على من تحت ولايتهم ، فإن تساهلوا في الكفاءة أو المهر ، فذلك لاعتبارات أخرى كإختيار من يحسن العشرة ولا ينتظر منه أذى ، أو من لا يشح بالإنفاق على الزوجة مثلاً. أنظر: ابن نجيم- البحر الرائق 3/128 ، الشيرازي- المهذب- 2/38 ، الحلي- الأحكام الجعفرية/ 12 ، د. احمد الكبيسي- الأحوال الشخصية في الفقه والقضاء والقانون- الجزء الأول- الزواج والطلاق وآثارهما- مطبعة الإرشاد- بغداد- 1395- 1975- ص 78.
2-محمد زيد الابياني- مصدر سابق- ص 73 ، الحلي- الأحكام الجعفرية/ 12 ، د. أحمد الكبيسي-الأحوال الشخصية في الفقه والقضاء والقانون-مصدر سابق- ص78.
3-ابن نجيم- البحر الرائق 3/128 ، الشيرازي- المهذب 2/38 ، الحلي- الأحكام الجعفرية/ 12. وسبب إشتراط الفقهاء الكفاءة في العقد هو الحيلولة دون إفتراق الزوجين ما أمكن الى ذلك سبيلا. لان عدم الإنسجام والتفاوت الكبير بين الزوجين في الأخلاق والصفات وغيرها من الأمور سرعان ما يؤدي الى الشقاق والتفرقة بين الزوجين. لذا فقد تشدد الفقهاء المسلمون في أمر الكفاءة لئلا يتركوا للشقاق المؤدي الى الفراق سبباً ومبرراً. وليست عناصر الكفاءة كما حددها الفقهاء من نسب ومال وحرفة وإسلام وتدين فحسب ، بل هي كل ما يؤدي وجوده بين الزوجين الى عدم الإنسجام من فوارق إجتماعية تحول غالباً دون التوافق والإنسجام. ولهذا فإن أمر هذه العناصر متروك للعرف السائد في كل زمان ومكان، والفقهاء حين ذكروا هذه العناصر ، ذكروها على انها كانت في عصرهم معياراً للتوافق والإنسجام . أما في عصرنا الحاضر فلم يعد لتلك العناصر المكانة نفسها التي كانت عليها آنذاك ، فضلاً عن ان متطلبات الحياة العصرية قد أوجدت عناصر أخرى يمكن اعتبارها أيضاً من ضمن عناصر الكفاءة. فلو تعارف الناس على ان المثقفة لا يجوز لها ان تتزوج جاهلاً أمياً للتفاوت الكبير بين العقليتين ، فتعتبر الثقافة من عناصر الكفاءة. أنظر: د. محمد مصطفى شلبي- مصدر سابق- ص 319.
4-ويرى الشافعية وكذلك المالكية ان الولاية تنتقل في هذه الحالة الى القاضي ، كما لو عضل الولي القريب. أنظر: ابن نجيم- البحر الرائق 3/135 ، الحلي- الأحكام الجعفرية/ 11 ، الشيرازي- المهذب2/37 ، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 2/230 ، ابن رشد- بداية المجتهد 2/14.
5-وعند الإمامية انه لو عضل الأب أو الجد وإمتنع من تزويج الصغيرة فليس لغيرهما من الأقارب ، أو الحاكم ولاية تزويجها ولو كان العضل لسبب غير مقبول ، فلو زوجها الحاكم والحالة هذه ، كان موقوفاً على إجازتها بعد البلوغ. أنظر: ابن نجيم- البحر الرائق 3/136 ، الشيرازي- المهذب 2/37، الحلي- الأحكام الجعفرية/ 11.
6-أنظر: محمد أبو زهرة- الأحوال الشخصية- مصدر سابق- ص 116.
7-أنظر: المادة (99) من المرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931- مجموعة القوانين المصرية المتعلقة بقضاء الأحوال الشخصية- المطبعة الأميرية- القاهرة- 1956. ويرى الشراح في مصر ، ان هذا القانون وان كان قد قيد من حرية الأولياء في تزويج صغارهم ، إلا إنه لا يوجد هناك ما يمنع الأولياء شرعاً من حق تزويج الصغار بعقود عرفية وبحضرة الشهود ، مع إستيفاء باقي شروط النكاح الشرعية. فعدم سماع الدعوى إذا كانت سن أحد الزوجين أقل من السن المحددة قانوناً ، انما شرع لحث الأولياء على تسجيل عقود الزواج وعدم الإسراع في تزويج أبنائهم في سن لا يستطيعون فيها ان يتحملوا أعباء الحياة الزوجية بقدرة ومهارة. محمد أبو زهرة- الأحوال الشخصية- مصدر سابق- ص 118 ، احمد الحصري- مصدر سابق- ص 22.
8 -أنظر: المواد (15-27) من قانون الأحوال الشخصية السوري رقم 59 لسنة 1953 المعدل.
9-أنظر: د. عبد الرحمن الصابوني- شرح قانون الأحوال الشخصية السوري- ج1- مصدر سابق- ص 221.
0[1]-وقد اعتبر المشرع السوري ، العرف السائد في البلد معياراً لتحديد كون الزوج كفؤاً أم لا. وهذا ما نصت عليه المادة (28) من قانون الأحوال الشخصية السوري بقولها: (العبرة في الكفاءة لعرف البلد).
1[1]-أنظر: المواد (5 ، 8) من قانون الأحوال الشخصية الأردني رقم 61 لسنة 1976.
2[1]-أنظر: المواد (13 ، 22) من قانون الأحوال الشخصية الأردني رقم 61 لسنة 1976. وأنظر: د. محمود السرطاوي- شرح قانون الأحوال الشخصية الأردني- القسم الأول- عقد الزواج وآثاره- دار العدوي- عمان – الأردن- 1402هـ-1981م- ص 54 وما بعدها.
3[1]-وسن الرشد حدده الفصل (153) من مجلة الأحوال الشخصية التونسية بقوله: (يعتبر محجوراً للصغر من لم يبلغ سن الرشد وهي عشرون سنة كاملة).
4[1]-وقد نص على ذلك الفصل (6) من مجلة الأحوال الشخصية التونسية بقوله: (زواج الرجل أو المرأة اللذين لم يبلغا سن الرشد القانوني يتوقف على موافقة الولي، فإن امتنع من هذه الموافقة وتمسك كل برغبته لزم رفع الأمر للمحاكم).
5[1]-وبهذا يتفق المشرع التونسي مع رأي أبي حنيفة الذي رفع الولاية عن المرأة بعد بلوغها سن الرشد ، إلا إن أبا حنيفة إحتاط للأولياء فجعل لهم الحق في طلب الفسخ إذا زوجت المرأة نفسها بأقل من مهر المثل أو بغير كفء، بينما ليس في القانون التونسي ذلك الإحتياط لحق الأولياء.
6[1] -وقد حدد الفصل (137) من مدونة الأحوال الشخصية المغربية سن الرشد بإحدى وعشرين سنة. وهذا نصه: (يعتبر محجورا للصغر من لم يبلغ سن الرشد. سن الرشد القانوني إحدى وعشرون سنة شمسية كاملة).
7[1] –رقم 188 لسنة 1959 المعدل.
8[1] -أنظر: د. احمد الكبيسي – الوجيز في شرح قانون الأحوال الشخصية – مصدر سابق – ص44.
9[1] -أنظر: المادة (8) من قانون الأحوال الشخصية العراقي المعدلة بموجب قانون التعديل الثاني رقم (21) لسنة 1978. وقد أضيفت إليها فقرة (2) بموجب قانون التعديل الثاني عشر رقم 90 لسنة 1987 والمنشور في الوقائع العراقية– عدد– 3167– تاريخ– 14/9/1987. والتي نصها: (1- إذا طلب من أكمل الخامسة عشر من العمر الزواج، فللقاضي أن يأذن به إذا ثبت له أهليته وقابليته البدنية، بعد موافقة وليه الشرعي، فإذا امتنع الولي طلب القاضي منه موافقته خلال مدة يحددها له، فإن لم يعترض أو كان اعتراضه غير جدير بالاعتبار اذن القاضي بالزواج. 2- للقاضي ان يأذن بزواج من بلغ الخامسة عشر من العمر إذا وجد ضرورة قصوى تدعو إلى ذلك. ويشترط لإعطاء الإذن تحقق البلوغ الشرعي والقابلية البدنية). ومن الأسباب التي دعت المشرع إلى هذا التعديل هو إن كثيراً من الحالات يكون فيها طالب الزواج مؤهلاً للزواج غير إن الذي يحول دون ذلك هو عدم إكمال طرفي العقد أو أحدهما الثامنة عشر من العمر، رغم تحقق البلوغ الشرعي والقابلية البدينة. ولغرض معالجة مثل هكذا حالات، يتعين أن يترك للقاضي المختص الإذن بزواج من أكمل أو بلغ الخامسة عشر من العمر إذا وجد ضرورة قصوى تدعو الى هذا الزواج وذلك بعد التحقق من البلوغ الشرعي والقابلية البدنية لطالب الزواج. ويعتبر إذن القاضي شرطاً جوهرياً في مثل هذا العقد، لأن انعدام هذا الإذن يجيز التفريق بموجب المادة (40/3) من قانون الأحوال الشخصية. أنظر: أستاذنا د. مصطفى ابراهيم الزلمي– تعليق على التعديل رقم 21 لسنة 1978 لقانون الأحوال الشخصية– مجلة القانون المقارن– س7– ع10– 1979– ص127، علي محمد ابراهيم الكرباسي– شرح قانون الأحوال الشخصية- رقم 188 لسنة 1959 المعدل– دار الحرية– بغداد– 1989– ص19.
20-وقد أطلق المشرع العراقي التعبير في (التقرير الطبي) ولم يقيده بكونه صادراً من هيئة طبية معينة كما فعل نظيره السوري، الذي جعل إذن القاضي بزواج المريض عقلياً مقيداً برأي فني من هيئة أطباء مختصين بالأمراض العقلية. راجع في ذلك المادة (15) من قانون الأحوال الشخصية السوري رقم 59 لسنة 1953 المعدل.
[1]2-أنظر: د. احمد الكبيسي– الوجيز في شرح قانون الأحوال الشخصية– مصدر سابق– ص50، محسن ناجي– شرح قانون الأحوال الشخصية– مطبعة الرابطة– بغداد– 1962– ص133. وانظر: المادة (7/2) من قانون الأحوال الشخصية العراقي رقم 188 لسنة 1959 المعدل.
22-وهذا ما أكدت عليه محكمة التمييز في قرارها المرقم 32/شرعية/ 74 – تاريخه: 2/7/1974. حيث جاء فيه: (إن ما ورد في مواد الفصل الثالث من الباب الأول من قانون الأحوال الشخصية هو أحكام تنظيمية في عقد الزواج التي تجري في المحاكم الشرعية وفيما عداها يقتضي الرجوع إلى الشريعة الإسلامية). النشرة القضائية – س5 – ع3 – 1975 – 1976 – ص98. وأنظر: علي محمد ابراهيم الكرباسي – مصدر سابق – ص 20.
23-قرار رقم 236/شخصية /63 – تاريخه: 6/10/1963 – قضاء محكمة تمييز العراق – المجلد الأول – 1963- ص179.
24-قرار رقم 3178 / شرعية /70 – تاريخه: 23/2/1971 – النشرة القضائية – س2 – ع1 – 1973 – ص77.
25-قرار رقم 389/ شرعية /72 – تاريخه: 23/4/1973 – النشرة القضائية – س4 –ع1 – 1975- ص179. وأنظر في هذا المعنى أيضاً: القرار رقم 515/شرعية/ 71 – تاريخه: 10/3/1971 – النشرة القضائية – س2 –ع4 – 1973 – ص92. وكذلك القرار رقم: 995/شخصية/79- تاريخه: 13/9/1979- ابراهيم المشاهدي– المباديء القانونية في قضاء محكمة التمييز– ص159.
26-خيار البلوغ ، هو الحق الذي يثبت للصغير والصغيرة إذا بلغا وكان قد زوجهما غير الأب والجد، أما خيار الإفاقة، فهو الحق الذي يثبت للكبير المجنون أو المعتوه أو الكبيرة المجنونة أو المعتوهة عند الإفاقة. أنظر: د. أحمد الكبيسي- الأحوال الشخصية في الفقه والقضاء والقانون– مصدر سابق – ص79.
27-قرار رقم 2374 / شخصية / 85 – 86 – تاريخه: 24/12/1986 – ابراهيم المشاهدي–المبادىء القانونية في قضاء محكمة التمييز – ص164.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|