مقا- أيي : وأصل آخر وهو التعمّد ، يقال : تآييت على تفاعلت ، وأصله تعمّدت آيته وشخصّه. قالوا وأصل آية : أءية بوزن أعية ، مهموز همزتين فخفّفت الأخيرة. قال سيبويه : موضع العين من الآية واو ، لأنّ ما كان موضع العين منه واوا والّلام ياء اكثر ممّا موضع العين والّلام منه ياءان. قال الأصمعي : آية الرجل شخصه. قال الخليل : خرج القوم بآيتهم أي بجماعتهم ، ومنه آية القرآن لأنّها جماعة حروف ، والجمع آي وإياة الشمس ضوءها ، وهو من ذاك لأنّه كالعلامة.

لسا- قال ابن برى : لم يذكر سيبويه أنّ عين آية واو ، وانّما قال أصلها ياء وهو أيّة ، فأبدلت الياء الساكنة ألفا.

والتحقيق‌

أنّ هذه الكلمة مأخوذة من مادّة أوى يأوي بمعنى التوجّه والقصد الى مقام ليستريح فيه ، فهي على وزان فعلة ، وهذه المادّة كثير استعمالها من اليأي [أيي] وإن كان معناه قريبا منها وهو التعمّد.

فالآية ما يكون موردا للتوجّه والقصد الى المقصود ووسيلة للوصول بها اليه ، وهذا المعنى منظور في جميع موارد استعمالها.

{وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا } [البقرة : 231].

فهي كلّ ما يكون موردا للقصد والتوجّه للوصول الى اللّه تعالى ومعرفته.

{تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ} [يونس : 1] *.

أي آيات من الكتاب الّذى عند اللّه تعالى من الحقائق والمعارف والعلوم الثابتة ، وهو الكتاب المبين والكتاب الحكيم ، والقرآن المبين- { تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ} [الحجر : 1] فانّ ذلك الكتاب باعتبار الضبط كتاب وباعتبار قرائته قرآن. راجع الكتاب والقرآن.

واطلاق كتاب والقرآن على هذه المجموعة باعتبار أنّها مظهر تامّ ومصداق كامل ومرتبة نازلة جامعة منه ، وهي في الحقيقة آيات منه.

{ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ} [آل عمران : 58] ... ، { تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ} [البقرة : 252] * ... ، {قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ} [الأنعام : 98] ... ، {وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ} [الحج : 16] ... ، {تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ} [النمل : 1]... ، {يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ} [الزمر : 71] ... ، {رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ } [الطلاق : 11] ... ، {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ } [ص : 29].

فأطلقت الآيات على مجموع أجزاء القرآن.

{بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ (21) فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ} [البروج : 21 ، 22]... ، {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ} [الإنسان : 23]... ، {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ } [الواقعة : 77 ، 78]... ، {الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ} [الرحمن : 1 ، 2].

فتدلّ على أنّ القرآن مرتبة نازلة من اللوح والكتاب المكنون.

{وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ } [الأنعام : 59] ... ، {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام : 38] ... ، { كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ} [الرعد : 43] ... ، {عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ} [الرعد : 43] ... ، {كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [هود : 6] ... ، {إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [الأنعام : 59] * ... ، {كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا } [الإسراء : 58] *.

فتدلّ على أنّ الكتاب المبين وأمّ الكتاب هو الّذى عند اللّه تعالى.

{وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا} [الأنعام : 25].

كلّ آية تكوينيّة أو تشريعيّة.

{هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً} [الأعراف : 73].

يتوجّه اليها ويسلك بها الى اللّه تعالى.

______________

• ‏- مقا = معجم مقاييس اللغة لابن فارس ، ٦ ‏مجلدات ، طبع مصر ١٣٩ ‏هـ .
• - لسا = لسان العرب لابن منظور ، 15 مجلداً ، طبع بيروت 1376 هـ .